موقع اقرا » إسلام » عبادات » ما هو فضل صيام يوم عرفة

ما هو فضل صيام يوم عرفة

ما هو فضل صيام يوم عرفة


فضل صيام يوم عرفة

اتّفق الفقهاء جميعاً على استحباب وفضل صيام يوم عرفة، ولم يقل أحدٌ منهم بخِلاف ذلك، وصيامه أفضل من صيام غيره من الأيّام باستثناء صيام فريضة رمضان، ولصيامه فضل عظيم يترتّب عليه؛ فهو يُوجِب مغفرة الله -تعالى- للعبد، كما يُستحَبّ في هذا اليوم الإكثار من الأعمال الصالحة، كالحرص على أداء النوافل، والإكثار من ذِكر الله -تعالى-، ومن الصدقة في سبيل الله -تعالى-، فللأعمال الصالحة في هذا اليوم فضل عظيم.[١]

ويتفضلّ الله -سبحانه- على عباده في يوم عرفة بعدد من الفضائل؛ إذ يعتق فيه رقاب العباد من النار، ويغفر لهم،[٢] وتجتمع في يوم عرفة عدّة خصائص من شأنها أن تجعل له مكانة عظيمة، ومنها ما يأتي:[٣]

  • يُعَدّ من أيّام شهر ذي الحجّة الذي هو من الأشهر الحرم، كما أنَّ شهر ذي الحجّة من أشهر الحجّ، ويوم عرفة من الأيّام التي أثنى الله -تعالى- عليها في القرآن الكريم واصفاً إيّاها بالأيّام المعلومات؛ فقد قال: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ).[٤]
  • يُعَدّ من الأيّام العَشر التي أقسم الله -تعالى- بها في سورة الفجر؛ قال -تعالى-: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ)،[٥] وهذا دليل على شرفها وعظمها.
  • يُعَدّ من الأيّام التي لها فضل وميّزة على باقي أيام السنّة، وفيه أتمّ الله نعمته على الأمّة الإسلاميّة، وأكمل لهم دينهم، قال -تعالى-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا).[٦]

ملخّص: فضل صيام يوم عرفة عظيم، ومكانة هذا اليوم عظيمة واردٌ في فضله نصوص قرآنية، ويُستحبّ فيه الإكثار من الأعمال الصالحة والتقرّب إلى الله تعالى.

أدلّة من السنّة على فضل يوم عرفة

هناك العديد من الأحاديث النبويّة التي تبيّن فضل يوم عرفة العظيم، وهي:

  • تكفير ذنوب سنة قبله وسنة بعده، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث صيام يوم عرفة: (صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ).[٧][٨]
  • فضل العمل الصالح فيه عظيم: قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما مِن أيَّامٍ العمَلُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللَّهِ مِن هذهِ الأيَّامِ العَشر فقالوا: يا رسولَ اللَّهِ ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ إلَّا رجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ).[٩]
  • العتق من النار: قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما مِن يومٍ أَكْثرَ من أن يُعْتِقَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ فيهِ، عبدًا أو أمةً منَ النَّارِ، مِن يومِ عرفةَ، وأنَّهُ ليَدنو، ثمَّ يُباهي بِهِمُ الملائِكَةَ).[١٠]
  • عِظم رحمة الله تعالى فيه: قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث: (ما رُئِيَ الشَّيطانُ يَومًا هو فيه أصغَرُ، ولا أدحَرُ، ولا أحقَرُ، ولا أغيَظُ منه يَومَ عَرَفةَ، وما ذاك إلَّا لِمَا يَرى مِن تَنزُّلِ الرَّحمةِ، وتَجاوُزِ اللهِ عنِ الذُّنوبِ العِظامِ).[١١][٢]
  • مباهاة الله -تعالى- ملائكته بالحُجّاج؛ قال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (نَّ اللهَ يُباهِي بِأهلِ عَرَفَاتٍ أهلَ السَّماءِ ، فيقولُ لهُمْ : انظُروا إلى عِبادِي جَاءُونِي شُعْثًا غُبْرًا).[١٢]
  • يُعَدّ يوماً للتكبير، وهو رُكن الحَجّ؛ قال -عليه الصلاة والسلام-: (الحجُّ عرفةَ).[١٣]
  • يُعَدّ من أيّام العيد بالنسبة إلى حُجّاج البيت الحرام؛ قال -عليه الصلاة والسلام-: (يومُ عرفةَ ويومُ النَّحرِ وأيَّامُ التَّشريقِ عيدَنا أَهلَ الإسلامِ ، وَهيَ أيَّامُ أَكلٍ وشربٍ).[١٤]

ملخّص: توجد عدّة أحاديث شريفة تبيّن فضل يوم عرفة وصيامه، كتكفير الذنوب، والعتق من النار، وتنزّل الرحمات الإلهية، وهو يوم عيد للحجاج، ويوم تكبير، وهو أحبّ الأيام إلى الله.

حُكم صيام يوم عرفة للحاجّ وغيره

تجدر الإشارة في البداية إلى أنّ شروط الصيام واحدة، سواء صيام الفريضة أو النافلة، ولا يوجد ما يسمّى بـ “شروط صيام يوم عرفة”، أمّا حكم الصيام يوم عرفة فبيانها فيما يأتي:

حكم صيام يوم عرفة للحاج

صيام يوم عرفة للحاجّ للفقهاء فيه تفصيل كما يأتي:[١٥]

  • الحنفية والمالكية: ذهبوا إلى كراهة الصوم للحاجّ في يوم عرفة، وقيَّد الحنفيّة الكراهة بشرط أن يُضعِف الصومُ الحاجَّ.
  • الشافعية: ذهبوا إلى جواز صيام عرفة للحاجّ، واشترط الشافعية أن يكون الحاجّ مُقيماً في مكّة، وذهب إلى عرفة في الليل، أمّا إن كان ذهابه إلى عرفة من مكّة في النهار فصيامه مُخالف للأولى، بينما يُسَنّ الفِطْر للمسافر مُطلقاً عند الشافعية.
  • الحنابلة: يُستحَبّ عندهم أن يصوم الحاجّ يوم عرفة، إلّا أنّهم اشترطوا أن يكون وقوفه في عرفة في الليل، وليس في النهار؛ فإن وقف فيه في النهار فصومه مكروه.

ويُشار إلى أنّ السبب في استحباب الفِطر في يوم عرفة لِمَن كان واقفاً في عرفة أنّ الحاجّ بفِطره يقوى على الطاعة والدعاء؛ فالصوم قد يُتعِب الحاجّ ويُضعِفه عن الدعاء، والإكثار من الصلاة، والذِّكر؛ فيوم عرفة يوم ذكر ودعاء،[١٦] وقد أفطر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يوم عرفة، قالت لبابة بنت الحارث: (أنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَومَ عَرَفَةَ في صَوْمِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: هو صَائِمٌ، وقالَ بَعْضُهُمْ: ليسَ بصَائِمٍ، فأرْسَلَتْ إلَيْهِ بقَدَحِ لَبَنٍ وهو واقِفٌ علَى بَعِيرِهِ، فَشَرِبَهُ).[١٧][١٨]

ملخّص: كرِه بعض الفقهاء صيام يوم عرفة للحاجّ؛ وذلك حتى يقوى على الطاعة، واستحبّه آخرون إذا كان وقوفه في عرفة ليلاً لا نهاراً، والحكمة من كون الصيام خلاف الأولى للحاجّ؛ حتى لا يضعف ويتعب عن أداء الطاعات والعبادات المستحبّة في هذا اليوم.

حكم صيام يوم عرفة لغير الحاج

يُندَب لغير الحاجّ صيام يوم عرفة، وهو سنّة مؤكدة في حقّه، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ).[٧][١٩]

حكم صيام يوم أو أكثر قبل يوم عرفة

يستحبّ صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة باتّفاق الفقهاء، والتي تسبق عرفة، سواء للحاج أو غيره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما مِن أيَّامٍ العمَلُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللَّهِ مِن هذهِ الأيَّامِ العَشر).[٩][٢٠]

المراجع

  1. “فضل صيام يوم عرفة والعمل الصالح فيه”، www.islamweb.net، 25-1-2005، اطّلع عليه بتاريخ 3-4-2020. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ابن الجوزي (1995م)، مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن (الطبعة الأولى)، -: دار الراية، صفحة 246،248، جزء 1. بتصرّف.
  3. د. راشد بن معيض العدواني، “فضل يوم عرفة”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-4-2020. بتصرّف.
  4. سورة الحج، آية: 28.
  5. سورة الفجر، آية: 2.
  6. سورة المائدة، آية: 5.
  7. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم: 1162، صحيح.
  8. محمود عبداللطيف عويضة، الجامع لأحكام الصيام (الطبعة الثانية)، صفحة 168. بتصرّف.
  9. ^ أ ب رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 757، صحيح.
  10. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3003، صحيح.
  11. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج شرح السنّة، عن طلحة بن عبيدالله، الصفحة أو الرقم: 1930، إسناده صحيح، لكنّه مرسل.
  12. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 1152، صحيح.
  13. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبدالرحمن بن يعمر الديلي، الصفحة أو الرقم: 3016، صحيح.
  14. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم: 773، صحيح.
  15. عبد الرحمن الجزيري (2003م)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 505-506، جزء 1. بتصرّف.
  16. المُغني (1968م)، موفق الدين ابن قدامة، -: مكتبة القاهرة، صفحة 179-180، جزء 3. بتصرّف.
  17. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن لبابة بنت الحارث أم الفضل، الصفحة أو الرقم: 1988، صحيح.
  18. أ.د. سعيد بن وهف القحطاني (2010م)، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنّة (الطبعة الثانية)، القصب: مركز الدعوة والإرشاد، صفحة 357، جزء 1. بتصرّف.
  19. “ما حكم صيام يوم عرفة لغير الحاج والحاج؟”، www.ar.islamway.net، 1-12-2006، اطّلع عليه بتاريخ 1-8-2021. بتصرّف.
  20. “استحباب صيام الثمانية من ذي الحجة للحاج وغيره”، www.islamqa.info، 30-11-2008، اطّلع عليه بتاريخ 19-5-2020. بتصرّف.






اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب