X
X



حقوق أهل الذمة

حقوق أهل الذمة


أهل الذمة

هو مفهوم يطلق على من عاشوا في بلاد الإسلام مسالمين وهم على غير الدين الإسلاميّ، ورضوا بحكم الشريعة الإسلامية عليهم وسيادة المسلمين في البلاد، فيكون بينهم وبين الدولة الإسلامية اتفاق، فحقوق أهل الذمة تكون واجبة على المسلمين اذا قاموا بواجبهم اتجاه المسلمين، ويُعدُّ اليهود والنصارى من أهل الذِّمة، وقد أطلق الله -عزَّ وجلّ- عليهم في كتابه العزيز اسم أهل الكتاب،[١] وقد سمّى أطلق على كل من هو على غير الدين الإسلامي باسم أهل الأرض؛ لأن المسلمين فتحوا البلاد وأقروا لغير المسلمين عمل الأرض.[٢]

واجبات أهل الذمة

تم تبيين في هذا المقال من هم أهل الذمة وأن بينهم وبين الدولة الإسلامية اتفاق أو عهد؛ ليضمن قيام كل منهما بواجبه تجاه الآخر فهي ملزمة لطرفين وعليه فيجب على أهل الذمة الالتزام بعدة أُمور ليتم لهم بذلك حفظ حرية معتقدهم وأنفسهم وأموالهم، وتتلخص هذه الواجبات بالآتي:[٣]

  • القبول بالعيش في ديار الإسلام، والرضوخ لسيادة الدولة التي يعيشوا بها.
  • دفع الجزية، حيث قال الله تعالى: {حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ }،[٤] مقابل حماية المسلمين لهم من أي اعتداء خارجي وضمان أمنهم الداخلي، وهنا لا بد من التنويه أنه يحرم قتال من ارتضى دفع الجزية بدليل قول الله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}.[٥]
  • أن يكونوا مسالمين، وأن لا يتعرضوا بالأذى أو القتل لأهل الإسلام.
  • أن لا ينشئوا كنائس، صوامع، دور عبادة جديدة، ولا يرمموا دور العبادة القديمة.

الجزية

تدفع الجزية مقابل حماية المسلمين لأهل الذمة، ويكون مقدار الجزية بحسب الوضع الاقتصادي للدولة؛ لذلك تختلف باختلاف المكان والزمان والبلاد، وفقط الإمام أو نائب الإمام من يستطيع تحديد مقدار الجزية وتجب الجزية على كل ذكر، كافر، حرّ، صحيح قادر على العمل، وبناءً عليه لا تجب الجزية على الصبي، المرأة، العبد. ولا تجب أيضًا على الذكر البالغ غير الصحيح ‘ المجنون’ ،المريض، الهرم، وأيضًا الراهب وكل من لا قدرة له على العمل وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على سماحة الإسلام.[٦][٧]، ويجدر الذكر هنا أن عمر بن الخطاب كان يسير يومًا في الطريق فرأى رجلًا يتسول فقال له ما لك يا شيخ ؟ فقال الرجل أنا يهودي وأتسول لأدفع الجزية .فقال عمر والله ما أنصفناك نأخذ منك شابًا ثم نعطيك شيخًا .والله لأعطينك من مال المسلمين وأعطاه عمر -رضي الله عنه- من مال المسلمين.[٨]

حقوق أهل الذمة

وبعد توضيح بعض واجبات أهل الذمة، لا بدّ من معرفة حقوق أهل الذمة حقوق التي تثبت لهم بعد التزامهم بالواجبات، والتي يجب على المسلمين الالتزام بها، ومن جملة حقوق أهل الذمة ما يأتي: [٩]

  • الحماية والأمن الداخلي والخارجي لأنهم يصبحون جزءًا من الدولة الإسلامية وفي عصرنا الحالي هم أشبه ما يكون بمن يعطى الجنسية لبلد غير بلده الأصلي وهذا أول حق من حقوق أهل الذمة.
  • أن يحصلوا على حرية العبادة وارتياد معابدهم من كنائس وصوامع ودور عبادة، وهنا أيضًا نؤكد أنه يمنع التعرض لما يقوموا به مع تعارضه لعقيدة المسلمين ما دام غير معلن، ومثالًا على ذلك خمورهم وتربية الخنازير وما شابه ذلك.
  • احترامهم وعدم إهانتهم أو الإساءة لهم ولا مانع من عيادتهم ، وتعزيتهم من باب التعامل بالمعروف فهذا حق من حقوق أهل الذمة.
  • ومن حقوق أهل الذمة أن لهم الحرية في العمل والتجارة وكسب الرزق ولكن بالقيود الشرعية، ولكن الفقهاء اتفقوا على عدم جواز استيطانهم في مكة المكرمة والمدينة لوجود خبر عن ابن عمر، قال: أجلى عمر المشركين من الجزيرة العربية، وقال لا يجتمع في جزيرة العرب دينان، وعلى خلاف وتفصيل فيما سواهما.

ويجب التنويه الى أن الله عظم قتل ذمي تعظيمًا شديدًا ودليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً”،[١٠] ولقد ضرب لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفضل تصوير للرحمة والرأفة بمن هم على غير دين الإسلام ففي الخبر: “أن سهل بن حنيف وقيسّ ابن سعد كانا قاعدين بالقادسيّة ، فمروا عليهما بجنازة فقاما، فقيل لهما : أنها من أهل الأرض، أي من أهل الذمة فقالا: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرت به جنازة فقام فقيل له : أنها جنازة يهودي، فقال أليست نفساً ؟”.[١١]

العقيدة وأهل الذمة

إن عقيدة التوحيد تلزم المسلم بالبراء من أهل الذمة من الناحية العقدية لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أولئك بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حتى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا على قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ* وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}،[١٢] حيث يرتبط أمر الله -عز وجل- بالبراء من أهل الذمة بعدم موالاتهم أيضًا وفي هذا المقام قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ والنصارى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.[١٣]فإنّ مسألة الولاء والبراء أمر بالغ الأهمية والحديث عنه يطول وشرحه، لذلك لا بد أن يؤخذ من علماء موثوقين؛ لأن عدم اتباعه يعد من نواقض الإسلام[١٤] ومع ذلك أوجب الله -تعالى- على المسلمين دعوة أهل الذمة إلى الإسلام، وأمرنا ان ندعوا بالحكمة والموعظة الحسنة وقد قال: الله عز وجل: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}،[١٥] مع مراعاة حقوق أهل الذمة، وتعامل معهم بالمعروف وبالاحترام، فقد قال الله تعالى: {لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، [١٦] فإنّ مواطنين الدولة الإسلامية على اختلاف أديانهم من مسلمين وأهل الذمة يتمتعوا بحقوق العدل؛ والعدل إعطاء كلّ مواطن ما يستحقه، فإنّ الإسلام يأمرنا بالعدل، كما أن المساواة بين المواطنين في الدولة الإسلامية يختلف باختلاف الواجبات والحقوق، فواجبات وحقوق أهل الذمة تختلف عن حقوق وواجبات المسلمين.

المراجع[+]

  1. “أهل الذمة والولايات السياسية”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-10-2019. بتصرّف.
  2. إبن حجر العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 157، جزء الثالث. بتصرّف.
  3. د. وسيم فتح الله، الوجيز في أحكام أهل الذمة، صفحة 8،9.
  4. سورة التوبة، آية: 29.
  5. سورة التوبة، آية: 29.
  6. ابن قيم الجوزية (1997)، أحكام أهل الذمة (الطبعة الأولى)، الدّمام- المملكة العربية السعودية: رمادي للنشر، صفحة 149/151، جزء الأول. بتصرّف.
  7. “الجزية في الإسلام “، www.ar.islamway.net اطّلع عليه بتاريخ 30-10-2019. بتصرّف.
  8. “قصة عمر مع اليهودي المتسول هل هي صحيحة”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-10-2019.
  9. علي بن نايف الشحود، الخلاصة في أحكام أهل الذمة والمستأمنين (الطبعة الأولى)، صفحة 18/19/21. بتصرّف.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 3166، صحيح.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن حنيف ووقيس بن سعد، الصفحة أو الرقم: 1312، صحيح.
  12. سورة الأنفال، آية: 72/73.
  13. سورة المائدة، آية: 51.
  14. “هل جميع النواقض العشرة التي ذكرها الإمام محمد بن عبد الوهاب مجمع عليها ؟ “، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 30-10-2019. بتصرّف.
  15. سورة النحل، آية: 125.
  16. سورة الممتحنة، آية: 8.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب