X
X


موقع اقرا » صحة » صحة نفسية » هل التعبير عن المشاعر حرام؟

هل التعبير عن المشاعر حرام؟

هل التعبير عن المشاعر حرام؟


حكم التعبير عن المشاعر

إن المتأمل في نصوص الشرع يلحظ أن الإسلام دين الرحمة والمودة، وأنه حثّ على التعبير عن المحبة في كثير من نصوصه الشريفة، فإن فيما يرويه النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ربه، قوله -سبحانه وتعالى- في الحديث القدسي: (حقَّت محبَّتي للمُتحابِّين فيَّ ، وحقَّت محبَّتي للمُتواصلين فيَّ ، وحقَّت محبَّتي للمُتزاوِرين فيَّ ، وحقَّت محبَّتي للمُتباذلين فيَّ).[١]

فإنّ في هذا الحديث ترغيبًا في المحبة بين المؤمنين في الله ولله، وأن هذه من صفات المؤمنين، فإن محبة الله توهب للمتحابين فيه، والذين يبتغون وجهه.[٢]

وأما حكم المحبة والتعبير عن هذه المحبة فإنه يختلف باختلاف نوع هذه المحبة، وبيان ذلك من خلال ما يلي:

حكم التعبير عن المشاعر بين الزوجين

إن الأساس الذي تقوم عليه الحياة الزوجية المحبة والرحمة والمودة بين الزوجين، يقول تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)،[٣] فإن الله -سبحانه وتعالى- يؤلف بين الزوجين، حتى إنهما يلتقيان لا يعرفان بعضهما البعض، ثم يصبح كل واحد منهما وهو يحب الآخر حبًا لا مثيل له، وهذه كما فسرها العلماء هي المودة.[٤]

وأما عن حكم التعبير عن المشاعر بين الزوجين؛ فإنه يستحب لكل من الزوجين أن يتحبب إلى الآخر بأطيب الكلام، بل وبأكثر مما يجده في قلبه، فإن ذلك أدعى لحفظ الرابطة الزوجية، حتى وإن لم يكن الشخص معتادًا على التعبير عن مشاعره، فإن التطبع مع الوقت يتحول إلى طبع في الإنسان.[٥]

حكم التعبير عن المشاعر بين أفراد الأسرة

إن من أهم ما ينبغي أن يدركه الآباء أن جميع أفراد الأسرة يحتاجون إلى المحبة كحاجتهم إلى الطعام والشراب، حتى إن الطفل يبحث طوال مراحل عمره عن علاقات اجتماعية تشبع لديه هذه الحاجة الملحة، كما أن بعض تصرفات الطفل المرضية قد تعود إلى الإهمال الأسري، وقلة التعبير عن المحبة داخل الأسرة.[٦]

لذا فإنه يستحب التعبير عن المشاعر بين أفراد الأسرة، سواء بين الأب والأم أمام الأبناء، أو بين الآباء وأبنائهم؛ لأن ذلك أدعى لأن يحفظ الأجواء الأسرية المستقرة، ويخرج أفرادًا معتدلين في الرغبات والتصرفات، ومستقرين نفسيًا، وقادرين على ملئ المجتمع بالمحبة، لا بالعدوانيّة والبغضاء.[٦]

حكم التعبير عن المشاعر بين الأصدقاء

إن المحبة بين الأصدقاء، والاجتماع على الخير والطاعات مما رغب الشرع به، يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أحبَّ الرجلُ أخاه فلْيخبره أنه يحبُّه)،[٧] فإن في هذا الحديث دعوة إلى التودد والتآلف بين المؤمنين.[٨]

فإن الرجل إذا أخبر أخاه أنه يحبه؛ استمال قلبه، واجتلب بذلك المودة بينهما، وبذلك فإنه يقبل نصحه، وهذا مما يقوي الروابط بين المؤمنين في المجتمع.[٨]

حكم التعبير عن المشاعر بين الجنسين

إن مما ينبغي الإشارة إليه ابتداء أن الإنسان لا يؤاخذ بما يغلب على قلبه من عاطفة تكون بين الجنسين من غير المحارم، فإن الحب إذا دخل إلى قلب الرجل أو المرأة من دون تسبب في ذلك بالنظر الحرام، أو تعدي حرمات الله، أو الخلوة؛ فإن هذا مما لا يؤاخذ به، ويستحب له الزواج ممن يحبه دفعًا لضرر الحب عليه.[٩]

أما إن كان هذا الحبّ بين الرجل والمرأة مما قد استجلب بكثرة النظر، والخلوة والمراسلات المحرمة؛ فإن هذا مما يأثم الإنسان عليه، حتى ولو كان بنية الزواج بعده، فإن للعشق خطرًا كبيرًا قد يؤدي بالمرء لارتكاب الكبائر دون أن يدرك ذلك.[٩]

المراجع

  1. رواه المنذري ، في الترغيب والترهيب، عن عبادة بن الصامت ، الصفحة أو الرقم: 4/82، خلاصة حكم المحدث إسناده صحيح .
  2. الصنعاني محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني (2011)، التنوير شرح الجامع الصغير (الطبعة 1)، الرياض:مكتبة دار السلام، صفحة 14، جزء 8. بتصرّف.
  3. سورة الروم، آية:21
  4. مجموعة من المؤلفين، موسوعة التفسير المأثور، بيروت:دار ابن حزم، صفحة 433، جزء 17. بتصرّف.
  5. المقدم محمد أحمد إسماعيل (2005)، عودة الحجاب (الطبعة 1)، القاهرة:دار ابن الجوزي، صفحة 402، جزء 2. بتصرّف.
  6. ^ أ ب سالم عبد الرشيد عبد العزيز (1982)، طرق تدريس التربية الإسلامية نماذج لإعداد دروسها (الطبعة 3)، صفحة 40. بتصرّف.
  7. رواه أبو داود، في صحيح أبي داود، عن المقدام بن معدي كرب ، الصفحة أو الرقم:5124 ، خلاصة حكم المحدث صحيح .
  8. ^ أ ب القاري علي بن سلطان محمد (2002)، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (الطبعة 1)، بيروت:دار الفكر، صفحة 3140، جزء 8. بتصرّف.
  9. ^ أ ب مركز الفتوى (8/6/2009)، “التفصيل في حكم الحب بين الرجل والمرأة الأجنبية”، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 26/4/2022. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب