X
X


موقع اقرا » الآداب » كتب وروايات ومؤلفات » نبذة عن رواية الجريمة والعقاب

نبذة عن رواية الجريمة والعقاب

نبذة عن رواية الجريمة والعقاب


مؤلف رواية الجريمة والعقاب

الأديب الروسي الشهير فيودور دوستويفسكي، كاتب وروائي وفيلسوف وصحفي روسي، ولدَ دوستويفسكي في موسكو عام 1821م، وانكبَّ على قراءة الكتب الأدبية منذ صغره، حيثُ قرأ قصصًا خيالية وأساطير للكثير من الكتاب، عندما بلغ 15 سنة توفيت والدته فتركَ المدرسة ليلتحق بمعهد للهندسة العسكرية، تخرج منه وعمل مهندسًا مستمتعًا بحياة فيها شيء من البذخ، وعمل في الترجمة أيضًا في الفترة نفسها، في عام 1846م نشر أول رواية له وهي رواية المساكين.[١]

كان دوستويفسكي قد تأثر بعدد كبير من الفلاسفة والكتاب مثل: غوغول، شكسبير، ليرمنتوف، بوشكين، كانت وغيرهم، كما أثر فيما بعد بالكثير من الكتاب منهم: جان بول سارتر، تشيخوف، فريدريك نيتشه وغيرهم، لذلك يعدُّ واحدًا من أعظم الكتاب العالميين، تحمل رواياته في طياتها تحليلًا عميقًا وفهمًا واسعًا للنفوس البشرية، وتعطي صورة واضحة للجوانب الاجتماعية والروحية والسياسية في روسيا في القرن 19، ومن أشهر أعماله: الإخوة كارامازوف، الأبله، الشياطين، ويبلغ ميراثه الأدبي 11 رواية طويلة و3 روايات قصيرة و17 قصة قصيرة، وبعض الأعمال والمقالات، وترجمت أعماله إلى 170 لغة من لغات العالم، يعدُّه النقاد من أعظم الكتاب الذين يخوضون في علم النفس، وهو واحد من مؤسسي المذهب الوجودي، توفي في عام 1881م.[١]

شخصيّات رواية الجريمة والعقاب

يضمّ الأدب الروسي عددًا كبيرًا من الأعمال الأدبية المُذهلة على وجه من التحديد في مجالي: الشعر والرواية، كُتِبَت معظم تلك الأعمال في القرن التاسع عشر، ومن أشهرها: رواية الأم لمكسيم غوركي، الحرب والسلام للأديب ليو تولستوي، الأنفس الميتة لنيقولاي غوغول، لكن من أهم تلك الأعمال رواية “الجريمة والعقاب” للكاتب “فيودور دوستويفسكي”.[٢]

  • رودي ون روما نوفتش راسكو لينكوف (روديون): يمثّل الشخصيّة الأساسيّة للرواية فهو (بطل رواية الجريمة والعقاب) حيث يمثّل فئة الشعب المضغوط الذي يطحنه الفقر والحرمان، فقد وصف[١]دوستوفيسكي مظهره مرّتين في الرواية كان أولّها في بداية العمل؛ قدّمَ راسكولينكوف على أنّه طويل القامة ونحيل يمتلك عيون داكنة جميلة. طبّق الكاتب “طريقة تصوير مزدوجة” للبطل مثلما استخدمها لوصف بعض الشخصيّات الأُخرى في الرواية.[٣]
  • إيلينا إيفانوفنا: تمثّل إيلينا في الرواية شخصيّة العجوز المرابية الشريرة التي تمتص دماء الناس الفقراء والضُعفاء وتقتّص منهم بأساليبها الملتوية. رسم الكاتب المشاهد الخاص ّة بإيلينا إيفانوفنا تحت تأثير الانطباعات الشخصيّة، وذلك بسبب الانتشار الواسع في القرن التاسع عشر لفكرة الحصول على المال مقابل تأمين أشياء ثمينة.[٤]
  • سيميون زاخاروفيتش مارميلادوف: يمثّل مارميلادوف شخصيّة المستشار الفخري، شخص أبله شتّت عائلته بسبب بؤسه وإدمانه على الكحول، فهو يرمز إلى السقوط من أعين المجتمع. يعتقد النقّاد الأدبيون أنّ صورة شخصيّة مارميلادوف تراجعت في ذهن الكاتب دوستويفسكي بسبب شخصيّات تركت أثرًا في حياته.
  • كاترينا إيفانوفنا: هي إحدى الشخصيّات الثانويّة التي تمثّل زوجة سيميون زاخاروفيتش المسكينة، والتي تتأرجح طوال الوقت داخل الرواية ما بين ندب حظها كونها متزوجة أول مرّة برجل من طبقتها النبيلة، ثمّ هَوت في قاع الفقر بهذا الرجل معًا، الذي لم يستطع مواجهة شقاء الحياة في الخارج.
  • سونيا سيميون مارميلادوف: تمثّل الابنة الكبرى لسيميون، فتاة خجولة، بريئة على الرغم من أنّها تضطر للتضحية بسُمعتها ونفسها لتنقذ أسرتها، يلتقي بها بطل الرواية لاحقًا ويرى بها ما لم يره بغيرها. تتوحّد هي وبطل الرواية في المصير المُشترك ألا وهو وقوعهم ضحية للمجتمع نتيجة ارتكابهما أفعالًا لا تتناسب مع شخصياتهما.
  • أركادي إيفانوفيتش سفيدركانالوف: صاحب عمل استغلالي، يسمع محادثة اعتراف راسكولينكوف بجريمة قتله للمرأة العجوز، إذ تلعب هذه الشخصيّة؛ شخصيّة مزدوجة بين الصلاح والرذيلة، فهي تمثّل صورة من صور التناقض الرهيب، إذ يمكن اعتبارها أكثر تعقيدًا وغموضًا من الآخرين.
  • بيتر بيتورفيتش لوزين: شخصية عبثيّة، طائشة ونرجسيّة إلى حد ما، أراد دوستويفسكي عند إنشاء الصورة النفسيّة لبيتر إبراز صفات مثل “التفاهة والنميمة”. اكتشفت الناقدة الأدبية “ناتاليا دولينينا” تشابهًا معيّنًا بين لوزين والأمير بيوتر فالكوفسكي من فيلم ذل وإهانة: “كلا هذين الشخصين لن يتوقف عند أي شيء لتحقيق هدفهما”. ولقد فقد حبّه الوحيد بسبب نرجسيّته وتعاليه.
  • أفدوتيا (دونيا) راسكولينكوفا: هي أخت بطل الرواية وهي تشبهه في الصفات إلى حد ما، أهم ما يميّزها أنّها ذكية فخورة جميلة وقوية الإرادة. ومن ناحيةأخرى، فهي مغايرة لأخيها تمامًا وهذا يتضح حينما التزمت بمعتقداتها على النّقيض من شقيقها الذي فقد إيمانه: دينًا وخلقًا، ولكن تستند العلاقة بينها وأخيها دائمًا على الحب والاحترام المتبادلين.[٥]
  • بورفيري بتروفيتش: “قاضي شؤون التحقيق” هو الشخصيّة الوحيدة من الشخصيات الرئيسة التي لم يعطهادوستويفسكي عائلة واكتفى بذكر نسبه للأب، أهم ما يميّزه أنّه رجل لا يهدر المال العام، يعتني بنفسه، يبتعد عن الآخرين ولا يؤذيهم بالرغم من اكتشافه الجرائم التي ارتكبها بطل الرواية راسكولينكوف.
  • رازوميخين: هي شخصيّة ثانويّة، صديق راسكولينكوف، متواضع، اجتماعي، ودود. يتولى مسؤوليّة أخت راسكولينكوف ووالدته عندما يتركهما.
  • بلخريا: أم راسكولينكوف وأفدوتيا، وصفها الكاتب أنها امرأة ناعمة حساسّة صادقة بشكل استثنائي، وأشار الكاتب نيكولاي ناسيدكين أنّها “لم تُدرك كارثة ابنها راسكولينكوف حتى النهاية”،وتمثّل رمزًا للأُم المُحبّة التي تدعم ابنها وتؤمن به.

قراءة تحليليّة في رواية الجريمة والعقاب

ينقسم القرّاء إزاء هذه الرواية إلى قسمين: بين المتعاطف واللوّام. في البداية لِمَ اختار الكاتب اسم راسكولينكوف؟؛ اختار الكاتب هذا الاسم وهو اسم بطل الرواية، إذ يعني في اللغة الروسيّة “المنفصم” لأنّه كان يعاني من صراعات داخليّة.[٦]

منذ بداية الرواية نلحظ أنّ البطل كان يمتلك الرغبة بارتكاب جريمة مزدوجة. تبدأ الرواية بعرض الحالة النفسيّة التي كان يمر بها راسكولينكوف، “حالة من التوتر والعصبيّة” كان يعيش في فقر وبؤس، فقد قدّم دوستويفسكي مقاربة للجريمة والعقاب من منظور نفسي لشخصيّة البطل راسكولينكوف، ولم يكن هذا البُعد النفسي بمعزل عن التغيّرات الاجتماعيّة والاقتصاديّة التي شهدها المجتمع الروسي، والتوترّات التي نشأت بين الفرد والمجتمع نتيجة التغيّرات المتسارعة.[٦]

إنّ الموضوع الرئيسي الذي يعالجه الكاتب في روايته هذه هو: الاغتراب والتفكّك الاجتماعي والنفسي الناتج عن التحوّلات الثقافيّة والاقتصاديّة السريعة، وقد استطاع الكاتب أن يتنبّأ بردود الأفعال التي ستنتج بسبب هذه التحوّلات إلى سياسات العنف وارتكاب الجرائم. فمن خلال قراءتنا للرواية يتضح لنا أنّه لم يكن هنالك أي نوع من العداء بين راسكولينكوف والعجوز، فيبقى السؤال الذي يطرح نفسه، ما الأسباب التي دفعته للتفكير بقتلها؟ إنّ الدوافع كانت دوافع نفسيّة مختلطة لإثبات وجوده في المجتمع.[٦]

تتضح لنا هذه الصورة في خضمّ الفكرة التي كانت تراوده وهي أنّ الرجال العظماء عبرالتاريخ لم يستطيعوا أن يحققوا ذواتهم إلا بعد تخطيهم “الحواجز” وقتلهم كل من كان يقف عثرة في طريقهم، إنهم يتخطّون القواعد الأخلاقيّة التي تحكُم الإنسان.[٧]

هنا أخذ راسكولينكوف يسأل نفسه: “هل أنا قملة أم رجل عظيم؟”. ما إن يرتكب راسكولينكوف جريمة القتل تلك، حتى يدخل في نوبات من الذعر والاضطراب التي تتملك نفسيّة القاتل؛ فقد أصبح أسير هواجسه وكوابيسه. حينها تيقّن أنّه ليس بالإنسان الأعلى الذي ظنّ أنّه يمثلّه، فيتخبّط ما بين مشاعر الندم تارة والخوف تارة أخرى.[٧]

 

المراجع[+]

  1. ^ أ ب “فيودور دوستويفسكي”، ويكيواند، اطّلع عليه بتاريخ 03-12-2019. بتصرّف.
  2. “روائع الأدب الروسي التي على الجميع قراءتها”, أفكار, Retrieved 8/7/2021.
  3. فيودور دوستويفسكي، الجريمة والعقاب (الطبعة 1)، بيروت_لبنان:دار ابن رشد للطباعة والنشر، صفحة 8-14، جزء 1.
  4. “شخصيات الجريمة والعقاب”، الأساليب لأدبية، اطّلع عليه بتاريخ 16/2/2021. بتصرّف.
  5. “الجريمة والعقاب”، إضاءات، اطّلع عليه بتاريخ 16/2/2021. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت “ثمانية أشياء لا تعرفها عن الجريمة والعقاب'”, رحلة الثقافة, Retrieved 8/7/2021.
  7. ^ أ ب فيودور دوستويفسكي، الجريمة والعقاب، بيروت-لبنان:دار ابن رشد للطباعة والنشر، صفحة 1-100.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب