X
X


موقع اقرا » الآداب » مفاهيم ومصطلحات أدبية » تعبير عن المولد النبوي الشريف

تعبير عن المولد النبوي الشريف

تعبير عن المولد النبوي الشريف


المقدمة: مولد النبي نور على نور

وُلد سيد الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين في يوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل، حيث أضاء بحسنه مكة المكرمة التي ولد فيها فكان بشرى لأمه آمنة بنت وهب، وخير خلف لأبيه الهاشمي المتوفى عبد الله بن عبد المطلب ومصدر فخر وسرور لجدّه عبد المطّلب الذي تبنّاه بعد وفاة أمه، ثم ولّى أمره لعمه أبي طالب من بعده، فعاش الرسول الكريم أربعين سنة قبل البعثة، وثلاثة عشر سنة بعدها في مكّة المكرّمة، فيما قضى العشرة الباقية من عمره في المدينة المنوّرة. قال الشاعر أحمد شوقي:[١]

وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ

وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ

الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ

لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ

العرض: فاض الشوق إليك فماذا نقدم في ميلادك

نبينا العظيم، فاض الشوق إليك فماذا عسانا أن نقدّم لك في يوم ميلادك العظيم، فأنتَ أشرف الخلق والمرسلين وسيد الكونين والثقلين، وأنت من يتجلى النور بوجهه وتنحني جلالة الذكرى لك، طبت حيًا وميتًا يا سيدنا ونبينا ومولانا، وطابت ذكراك المعطرة بنور الله.

الشوق إليك وإلى رؤية وجهك الكريم في المنام أولًا وفي الجنة ثانيًا هو شوقٌ لا مثيل له، وكلّ دعواتنا أن تتحقق هذه الأمنية العظيمة، وأن نظفر ولو قليلًا برؤية نور وجهك الذي لا تستطيع العين أن تزيح الوجه عنه أبدًا، فهنيئًا لكلّ من عاش في زمنك وهنيئًا لكلّ من رأى جلال وجهك وبهائه وروعته التي لا تنطفئ، فأنت النور في القلوب المعتمة، وأنت البهاء والجمال الذي جعل الكون أكثر هدوءًا وأمانًا وسكينة، وأنت الخير كله.

نبينا العظيم، صلّى عليك الله في عليائه، وبك تنزلت آيات القرآن الكريم، والروح ابتهجت لأنك نبيها وسيدها، ولا يوجد من هو أعظم منك في الوجود، ولا يوجد أحدٌ توازي مكانته مكانتك العظيمة، أنت خير نبي وأعظم إنسان، وفي يوم ميلادك يستعيد المسلمون كلّ تفاصيل سيرتك العطرة المليئة بالعبر والتضحيات والمواقف الرائعة التي دافعت بها عن الإسلام ووقفت في وجه كلّ من حاول أن يعتدي على هذا الدين العظيم.

ميلادك يا نبي الله ليس يومًا عاديًا ولن يكون، إنما هو يومٌ لميلاد أمة وهي أمة الإسلام التي فضلها الله تعالى على كلّ الأمم، وجعل شعارها التوحيد وشهادة أنّ لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويا له من نورٍ وشرف عظيم ينتمي فيه المسلم إلى أعظم نبي.

في يوم ميلادك يا نبي الله يقف المسلمون صفًا واحدًا موحدين متحابين ينتمون إلى نبيهم العظيم الذي اصطفاه الله تعالى من بين جميع العباد ليكلفه حمل الرسالة وتبليغ الأمانة، وليس غريبًا أن يشعر المسلمون في كل عام تمر فيه ذكرى ميلاد النبي أنّ هذا اليوم هو خاص ٌ بهم جميعًا لأنه يملأ قلوبهم بالصفاء والبهجة وحب الحياة.

ولادة نبي الأمة كانت مليئة بالعبر والدروس الكثيرة، ويكفي أنّ الله تعالى جعل هلاك من أرادوا هدم الكعبة في العام الذي ولد فيه النبي العظيم، وأمطرهم بحجارة من سجين، وفي يوم مولده أشرقت الأرض بنور ربها وفاض النور في جميع مكة وما حولها ابتهاجًا بقدومه، لقد كان يومًا عظيمًا يشهد له كل من حضر، وهذا دليلٌ على أنه ميلاد خير البشر.

في يوم مولد النبي العظيم يقدم المسلمون له صلواتهم وحبهم ودعاءهم بأن ينالوا شفاعته يوم القيامة، وأن ينالوا شرف رؤية وجهه الكريم، فالنبي الأعظم يرتوي من يرى وجهه بالخير والإيمان والطمأنينة، ويشعر القلب بالخير يملأ جنباته لمجرد أن يتذكره، لهذا فإنّ اتباع سيرته وسنته هي أعظم ما يمكن أن يقدمه المسلمون في يوم ميلاده العظيم الملهم لهم جميعًا.

يترقب المسلمون يوم ميلاد سيدهم المصطفى؛ فتتعدّد مظاهر السعادة والبهجة في الدول العربية والإسلامية عند حلوله، رغم أنّه ليس من أعياد المسلمين المُشرّعة؛ إلا أنّ رغبة لا تبارح قلوبهم في تعظيم هذا اليوم الذي جاء فيه حامل نبراس الهدى للبشرية، يدفعهم للفرح بهذا اليوم والابتهاج فيه، وكأنّ الشوارع تزدان في ذكرى ميلاد الحبيب، فتفتوح روائح البخور والطِّيب من بعض البيوت.

وتُعقد حلقات الذكر في المساجد، فيما تعلو بعض الترنيمات بالمدائح النبوّية العذبة، وتُنصبُ الخيام التي تعجُّ بأصناف الحلويات والسكاكر، ويُرى الخلق متزاورين حاملين أصنافاً شتى منها كلٌ وفقاً لعاداته وتقاليده المتعارف عليها، فهذا (المشبّك) ببهجة ألوانه وحلاوة طعمه يبهج الناظر ويسرُّ الآكِل، وتلك الرشتة والسمسمية اللتان يتبعهما احتساء كأس من الشاي ليلاً على نور الشموع وسط جلسة من الأهل والأصدقاء لا يحلو اليوم إلا بهما، وأصناف عديدة أخرى تتنوّع وتتلوّن باختلاف البلدان وطبائع الناس فيها.

وفي هذا اليوم العظيم يُستحسن الذكر، والإكثار من الصلاة على الشفيع لنيل شفاعته يوم الدين، كما يجب أن تُستغل هذه الذكرى بكل ما هو مفيد من عمل الخير على اختلافه فتقدّم الصدقات وتُستذكر الأحاديث النبوية الشريفة والسنن، ويُجمع الأطفال على فيضٍ من المواقف النبويّة السمحة ليتعرفوا على نبيِّهم وهادي أمتهم أكثر، ويتلمَّسون حلاوة أخلاقه بقلوبهم، ويتمثلون بطباعه الزكيّة في معاملاتهم؛ فلا ينقطعون عنه وعن سِيره، ولا يُغيَّبون عن محاسنه ومناقبه.

الخاتمة: غاب الربيع لكن زهره لم يذبل

توفي رسول الله محمد في شهر ربيع الأول من العام الحادي عشر للهجرة وترك فينا شوقاً متجدداً للقائه لا يخبو، فلنسعى ليكون دافعاً لنا لعمل الخير، واستحضار الرقابة الإلهية والنبويّة لنا كما قال الله في عزيز كتابه {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[٢]، ولنعتصم بحبل الله وسنة رسوله لئلا نضل أبداً، ولنلحق بمراكب الغانمين بشفاعته وحلاوة جواره يوم الدين.

المراجع

  1. “ولد الهدى فالكائنات ضياء”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 14/10/2021.
  2. سورة التوبة، آية:105






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب