موقع اقرا » الآداب » مفاهيم ومصطلحات أدبية » العبثية في أدب ألبير كامو

العبثية في أدب ألبير كامو

العبثية في أدب ألبير كامو


العبثية في الأدب

تمثِّلُ العبثية في الأدب مَذهبًا يقوم بالتركيز على التجارب الإنسانية في ظروف لا يستطيع فيها الإنسان أن يجدَ هدفًا أصيلًا في حياته، وتتجسّد هذه الظروف بأفعال أو أحداث لا معنى لها أبدًا، وتلجأ العبثية إلى استخدام أسلوب الكوميديا السوادء والسخرية والاستهزاء بالمنطق والتناقض والجدل، ورغم أن بعضها يحمل روح الفكاهة إلا أنها غايتها دراسة سلوك الإنسان تحت الظروف التي تظهر كأنها دون هدف ومجرد عبثية فلسفية سواءً كانت الظروف واقعية أم خيالية، وكُتبت كثير من الروايات والقصص والقصائد بهذا الأسلوب، من أشهر ما كتب في مدرسة العبث: “المسخ” لكافكا، “الغريب” لألبير كامو، “ست شخصيات تبحث عن مؤلف” للكاتب لويجي بيرانديلو، وهذا المقال سيتحدث عن ألبير كامو.

ألبير كامو

يعدُّ ألبير كامو من أشهر الكتاب العالميين، هو كاتب فرنسي جزائري ولدَ عام 1913م في مدينة موندافي في الجزائر في فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر، كانت عائلته من المستوطنين الفرنسيين الفقراء، توفي والده في الحرب العالمية الأولى وبقيت والدته الأُمية مصابة بالصمم الجزئي تعملُ في تنظيفِ البيوت لأصحاب الدخل المحدود، بدأ دراسته في مدرسة محلية، حيث كان طالبًا ذكيًّا، وتابع في دراسة الثانوية حتى قُبل في جامعة الجزائر في قسم الفلسفة، وتابع تحصيله الأكاديمي حتى حصل على الدراسات العليا في الفلسفة عام 1936م، وفي أثناء دراسته في الجامعة دخل عالم السياسة وانضم للحزب الشيوعي ثم حزب الشعب الجزائري، وكان ممن وقفوا ضد الاستعمار الفرنسي مدافعًا عن حقوق الجزائريين في العمل والدخول في السياسة.

انضمّ كامو في الحرب العالمية الثانية للمقاومة الفرنسية لتحرير فرنسا من النازيين، كان من الأقلية الذين أدانوا استخدام الولايات المتحدة القنبلة الذرية في هيروشيما وكان ناقدًا للنظرية الشيوعية، اشتهر بعد ذلك في كتاباته ضمن مذهب المدرسة العبثية، حيث كتب سلسلة من الكتب في هذا المجال أسست لمبادئه في هذه الفلسفة، وحصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1957م وكان ثاني أصغر شخص يحصل على هذه الجائزة وهو في عمر 43 عامًا فقط، توفي بحادث سيارة في الرابع من كانون الثاني عام 1960م في مدينة بورغندي في فرنسا. [١]

العبثية في أدب ألبير كامو

عُرفَ عن ألبير كامو بأنّه من أشهر روّاد المدرسة العبثية ويُصنَّف أحيانًا من أعلام التيار الوجودي إلى جانب سارتر، لكنَّ معظم كتاباته جسدت مفهوم العبثية الذي اتبعه في معظم ما كتب، ولم يكن هذا المفهوم سخيفًا في تفكير كامو بل على العكس لقد وضع ألبير كامو في مفهوم العبثية كثيرًا من المسؤوليات والتي تنبثق عنها الكثير من النتائج الهامة، فهو يحاول أن يوظِّف العبثية للوصول لحياة فاضلةٍ تحملُ معنى حقيقيًّا، وعند ذلك يجب على الإنسان أن يحياها بالقيم السامية التي لا غنى للإنسان عنها، فلم تكن عبثية الكون هي سبب نشوء مذهب كامو بل قصور هذا الكون عن المعايير العقلانية هو ما سبب ذلك النشوء، ومن الأفكار التي نصّت عليها فلسفة ألبير كامو: “إنَّ عدم الوصول إلى الرضى الكامل في الفهم يسرع في عملية المخاض”، حيثُ يعبر عن هذه العبثية في أسطورة سيزيف والغريب والطاعون، فهو يرى أن الحياة تتجه إلى المجهول بلا جدوى على ذات الوتيرة المضجرة، وعلى الجهة النقيضة يقف الموت كماردٍ أبدي، والزمن الفاصل بينهما هو الذي يدفع بالإنسان لبذل أقصى الجهود المهدورة بلا جدوى وكلّ ذلك يصرخ بالعبثية، فيقول: “أصرخُ قائلًا: إنّني لا أؤمن بشيء وأنَّ كل شيء عبث”.

وكذلك فإن العبثية والتمرّد في نظر ألبير كامو يسيران في خطّين متوازيين، لأنَّه يؤمن بالعبثية ويرى أنها واقع مفروض لا مجال للفرار منه ثم يحاول أن يتمرد عليها حتى يخرج من ذلك المأزق، وقد عارضه سورين كيركجارد في “الانتحار” الذي رآى كامو أنه المخرج من مأزق الحياة، وأشار أيضًا إلى حل آخر وهو أن يتمرد المرء على السائد والمألوف. وأما الموت فهو عقدة وجود الإنسان وهذا أكثر ما يخشاه ألبير كامو، فيطلق عليه الموت السعيد والموت الواعي، ولكنه في النهاية يرى أن الموت وحده الحقيقة المطلقة والتي تقف على النقيض من الكون العبثي، والعدم والموت هما السبب وراء نظرية كامو بعدم جدوى الحياة؛ لأن الموت سيقضي عليها عاجلًا أم آجلًا. فيقول: “نتجه صوب الموت كسهم يتجه إلى هدفٍ لا يضيِّعه أبدًا، الموتُ هو يقيننا الوحيد”. [٢]

مؤلفات ألبير كامو

تركَ الكاتب الفرنسي ألبير كامو الكثير من المؤلّفات والتي يندرج العديد منها في مذهب المدرسة العبثية، وتنوّعت أعماله بين روايات وقصص قصيرة ومقالات، وفيما يأتي سيتمُّ ذكر أهم مؤلفات الكاتب الشهير ألبير كامو: [٣]

  • الغريب: من أشهر روايات ألبير كامو، والتي تدورُ حول شخصيّة رجل غريب عن بلده تموت والدته ويعيش حياةً بلا جدوى، ويتصف باللامبالاة إلى أبعد حدودها، فهو لا يرفض شيئًا ولا يريدُ شيئًا، والموت والحياة عنده سيان، ومستعد أن يقتل بدون أي سبب. وهي من روايات مدرسة العبث.
  • الطاعون: من روايات العبث أيضًا، تتناول الرواية قصة واقعية في الجزائر، حيث تصف طبيعة الجزائر وعادات وتقاليد ونضال الشعب الجزائري ضدّ الفرنسيين، وصراعه العنيف مع الجوع والتخلف والطاعون الذي كان ينال من آلاف الضحايا يوميًّا.
  • إسطورة سيزيف: يتناول ألبير كامو في أسطورة سيزيف العلاقة بين الانتحار والعبث، وينظر في مشكلة فلسفية مهمة وهي المقياس الذي يحدد بدقة متى يمكن اعتبار الانتحار حلًّا ومخرجًا للعبثية، حيث يشعر الإنسان في هذا الكتاب أنه غريب وهذا المنفى الذي يعيش فيه ليس له مخرج لأنه مجرد من ذكرى الوطن المفقود أو الأمل في الجنة الموعودة.
  • الصيف: تتناول رواية الصيف للكاتب ألبير كامو قصصًا غنائية الطبع، حيث يقول في أحد النصوص: “أدركت أخيراً، في وسط الشتاء، أن في قلبي دومًا صيفًا لا يزول”، وقد انطلق في حديثه بَدْءًا من الجزائر ووهران إلى شواطئ اليونان، مرورًا ببعض معالم الأساطير الإغريقية القديمة خاص ّة أسطورة بروميثيوس.
  • الموت السعيد: وصلت هذه الرواية حين صدورها قائمة الكتب الناجحة في باريس، يتناول فيها الكاتب موضوع البحث عن السعادة بكلّ الوسائل والإمكانيات ولو كلف ذلك ارتكاب جريمة مثلًا، وهي تجربة شاب يعيش في مصاعب كثيرة من فقر ومرض وحب وسفر وهو في حالة صراع نفسيّ أبدع ألبير كامو في تصويرها.

المراجع[+]

  1. من هو ألبير كامو, ، “www.arageek.com”، اطُّلع عليه بتاريخ 11-2-2019، بتصرف
  2. ألبير كامو, ، “www.wikiwand.com”، اطُّلع عليه بتاريخ 11-2-2019، بتصرف
  3. ألبير كامو, ، “www.abjjad.com”، اطُّلع عليه بتاريخ 11-2-2019، بتصرف






اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب