X
X


موقع اقرا » الآداب » مفاهيم ومصطلحات أدبية » مفهوم الرؤية السردية

مفهوم الرؤية السردية

مفهوم الرؤية السردية


الفن السردي

لقد تعدّدت معاني السرد في المعاجم العربية، إلّا أنّ الأصل اللغويّ للسرد هو التتابع،[١] وسرد الكتاب أي قرأهُ بالتتابع، والفنّ السرديّ هو أحد الفنون الهامّة التي تُعنى بكلّ ما يخصّ الخطاب السردي كالإخبار عن الأحداث ونقلها، ويتمُّ ذلك من خلال استعمال أحد وسائل التعبير كاللغة أو التصوير أو غيرهما، ومن المعروف أنّ هذا الفنّ يقوم بتنظيم سلسلة من الأحداث وفقًا لشكلٍ فنيٍّ مُنتظمٍ، بحسب ما تستدعيه قواعد العمل السردي، بالإضافة إلى عدم إغفال إمكانية اشتمال النص السردي على مغزًى صريح ضمن وحدة موضوعيّة تُنظّم الأحداث وترتبها ترتيبًا زمنيًا، بحيث لا تكون معزولة عن بعضها البعض، وستحاول هذه السطور الإطلالة على أهم مكوّنات الخطاب الروائي، ألا وهي الرؤية السردية، وذلك من خلال الكشف عن مفهومها وتياراتها ومكوناتها وأنواعها كما عرفت في العديد من الخطابات النقدية الحديثة.[٢]

مفهوم الرؤية السردية

يتّفق معظم النقاد والدارسين على أنّ الرؤية السردية أحد أهم المصطلحات النقدية الحديثة، وأحد مكونات الخطاب الروائي التي تقوم بدورها بتوضيح الأسلوب الذي يتبعه الخطاب السردي، أو أهمّ الطرق التي ينتهجها الكاتب ليسرد أحداث عمله، كما ويندرج ضمن مفهوم الرؤية السردية للنص أنواع عديدة من النصوص؛ كالقصة والرواية والحكاية والخرافة والتاريخ والخبر الصحفي، بالإضافة إلى اهتمام هذه الرؤية بأساسيّات ومُكوّنات النصّ المسرود كشخصيّاته وأحداثه، والحبكة التي يدور حولها محور العمل، حيث أنّه لا بُدّ من توافر بعض الأمور في النص السرديّ، وتشتمل على وجود حادثة أو مجموعة من الحوادث المتسلسلة التي تكون مُرتّبة ترتيبًا مُتعاقبًا، بحيث لا تنعزل الوقائع عن بعضها البعض، بالإضافة إلى وجود بعض التغيرات التي يُمكن للشخصيّات أن تقوم بها من خلال الأحداث، أضف إلى ذلك أيضًا الوحدة الموضوعية للحدث واشتمال النص السردي على مغزًى صريح وذلك باحتوائه على عبرة أخلاقية كانت أم سياسية أو غيرها والتي بدورها تُبرّر الغاية من وجوده.[٢]

ويدل مفهوم السرد على جمال الحديث وسبكه وتزويقه، سواء أكان المسرود صحيحًا أو مُختلقًا، حيث يمكن تعريفه اصطلاحًا: هو الكيفية التي تُروى بها القصة، حيث يقوم به الراوي أو السارد الذي يعمل على إنتاج القصة، وهو فعل حقيقي أو خيالي، يتمظهر في الخطاب السردي الذي يعبر عن طريقة التناول والعرض، وهو شبيه بعملية الإنتاج يمثل فيها الراوي دور المنتج، والمروي له يمثل دور المستهلك، والخطاب يمثل دور السلعة المنتجة، بحيث تكون بذلك القصة أو الحكاية المكون الأساسي الذي يستخدم فيه الراوي أدواته الفنية.[٣]

تيارات الرؤية السردية

لقد حظي مصطلح السرد بعناية فائقة من قبل العديد من النقاد الأوروبيين والعرب، حيث انقسموا فيه إلى تيارين أساسيين، أحدهما السردية الدلالية التي تدل على النصوص المروية والمدونة في الكتب الموروثة، والتيار الثاني من تيارات الرؤية السردية وهو الأكثر حداثة والارتباط بالنصوص الروائية وهو تيار السردية اللسانية، وفي يأتي سيتم الحديث عن هذه التيارات بنوع من التفصيل:[٤]

  • السردية الدلالية: ويهتم هذا التيار بالنصوص الحكائية بما تحتويها من أفعال وأحداث والتي تكون مروية عن طريق المشافهة وقد تمّ توارثها في الكتب الشعبية الحكائية.
  • السردية اللسانية: وهذا التيار هو الأكثر حداثة من التيار الأول والذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالنصوص الروائية وكل ما يتعلق بها من أساليب ورؤى طبيعية،، ومن أبرز النقاد الفرنسيين الذين اعتنوا بهذا التيار وانتموا له؛ ستيفان تودروف وجيرار جينيت ورولان بارت وغاستون باشلار وجوليا كريستيفا، وغير هؤلاء من هذا التيار الذي يشير إلى الدلالة اللسانية استطاع عدد من النقاد أن يفيدوا من علم اللسانيات وأن يربطوا نظرية الشعر الحديثة بالمنهج البنيوي الشكلي.

مكونات الرؤية السردية

من المعروف أنّ السرد هو عبارة عن نشاط زمني يوضح طريقة إدراك السارد للوقائع والأحداث على مرّ الزمن، وعند الحديث عن الرؤية السردية لا بُدّ من تمييز بعض المفاهيم المتداخلة المهمة في عملية السرد التي تُشكّل أحد مكوناتها الأساسية وهي:[٢]

  • الكاتب: وهو الشخص الذي يعمل على تأليف النص والإبداع فيه، كما يوجد اسمه على غلاف العمل الأدبي، وبالرغم من أهمية الكاتب إلّا أنّه قد يختفي في النص السردي ولا يُبين حقّه في السرد.
  • الشخصية: وهي أحد أهمّ مكونات الرؤية السردية، حيث يقوم المؤلف بابتداعها حتى تُعايش وقائع الحكاية الأدبية وتعاني تفاصيلها، حيث تتصرف داخل الحكاية وتقوم بدورها المهم في الحكاية.
  • السارد: يُعدّ السارد من أهم مكونات الرؤية السردية، فهو من يقوم برواية الحكاية وقصها وغالبًا هو شخص يختلف عن الكاتب، إلّا أنّه في بعض الأنواع السردية يكون الكاتب نفسه، كالسيرة الذاتية، ويختفي السارد خلف أقنعة تروي الأحداث، بحيث يكون أحد شخصيات النص السردي يتحدث بألسنتها ويشعر بعواطفها، كما ينقل المشاهد كما هي ويعرض الأحداث ويحركها.

أنواع الرؤية السردية

وبعد الحديث عن مفهوم الرؤية السردية وتياراتها ومكوّناتها وتعريف السرد بشكل عام يمكن في هذا السياق الحديث بإيجاز حول أشكال السرد والتمييز بينها، وأول أشكاله السرد المتسلسل الذي يقوم على نظام واحد، والسرد المتقطع الذي يعتمد على العديد من التقنيات كالحذف والإرجاع والسرد التناوبي الذي يحكي مجموعة من القصص بالتناوب، كما لا بدّ في هذا السياق إلى الإشارة لأنواع الرؤية السردية، حيث أنها تأخذ ثلاثة أنواع مختلفة، تتلخّص بما يأتي:[٥]

  • الرؤية من الخلف: وهذا النوع من الرؤية السردية يكون عندما يكون السارد عالمًا بكل ما يخصّ شخصيات الحكاية، ولا يكون هنالك أيّ أسرار مخفية.
  • الرؤية من الخارج: وهذه النوع من الرؤية تكون إذا كان السارد عالمًا بشيء أقلّ ممّا تعرفه شخصيات الحكاية.
  • الرؤية المصاحبة: وتكون هذه الرؤية عندما يكون السارد يمتلك معرفة مُساوية لمعرفة الشخصية الحكائية، بحيث لا يستطيع تفسير الأحداث.

المراجع[+]

  1. “سرد”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-4-2020. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت “النص السردي”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-4-2020. بتصرّف.
  3. د. حميد الحمداني (1991)، بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي (الطبعة 1)، بيروت: مركز الثقافة العربية للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 45، جزء 1. بتصرّف.
  4. “السرد الروائي”، darfikr.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-4-2020. بتصرّف.
  5. “نص سردي (أدب)”، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 21-4-2020. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب