ما هو علم النحو

ما هو علم النحو


اللغة العربية

اللّغة العربيّة هي لغة القرآن الكريم، ولغة الشّعر العربيّ، ولغة أفصح العرب النّبيّ محمّد، صلّى الله عليه وسلّم، وقد تكلّم بها العرب قبل الإسلام بطلاقة ودون لحن أو تحريف، فكانت الكلمات تنطلق على ألسنتهم طيّعة، ودون أيّ تكلّف، إذ هي اللّغة الدّارجة بين القبائل العربيّة، وكان فصحاء العرب وأدباؤهم يجتمعون في كلّ عام في سوق عكاظ، ليدلي كلّ منهم بما لديه من شعر أو نثر، إلى أن جاء الإسلام، وبُهر المسلمون بكتاب العربيّة الأوّل والأعظم، وهو القرآن الكريم، ثمّ جاءت الفتوحات الإسلامية، واحتكّ العرب بالأعاجم، ودخل الكثيرون منهم في الإسلام، فدخل اللّحن إلى اللّغة العربيّة، وخاف العرب على لغتهم، فتوجّهوا إلى علم يحفظ لهم لغتهم، وهو علم النحو، والذي مدار هذا المقال حوله.[١]

ما هو علم النحو

النّحو: هو القصد والطّريق والجهة والمِثْلُ، وعلم النحو: هو علم يُعرف به أحوالُ أواخرِ الكلمِ من حيث الإعراب والبناء، أوهو علم يبحث في قواعد الإعراب، وفي الجمل من حيث تكوينها، فيهدف إلى تحديد أساليب تكوين الجمل، ومواضع الكلمات فيها ووظيفتها، وكذلك خصائص الكلمة التي تكتسبها من حيث موقعها في الجملة أو حركتها، سواء أكانت هذه الخصائص نحويّة، كالفاعليّة والمفعوليّة والابتداء، أم كانت أحكامًا نحويّة، كالتّقديم والتأخير، والإعرابِ والبناءِ، فعلم النحو يدرس الكلمة من حيث وجودها وتركيبها في الجملة، والنحوُ عندَ بعض علماء العربيّة هو مشابهة العرب في كلامِهم لتجنّب اللّحن ولتمكين المستعربِ من أن يكونَ كالعربيِّ في سلامةِ لغتِه وفصاحتِه عندَما يتكلّم، فمن خصائص علم النحو: التّمييز بين الاسم والفعل والحرف، والتّمييز بين الاسم المرفوع والمنصوب والمجرور، وكذلك التّمييز بين المعرب والمبنيّ.[٢]

أسباب وضع علم النحو

كما سبق ذكره فإنّ اللّغة العربيّة بقيت سليمة من أيّ شائبة تشوبها إلى أن جاء الإسلام وبدأ المسلمون بالفتوحات الإسلاميّة، واحتكّ العرب بالأعاجم، واختلط الحابل بالنّابل، ودخل النّاس من الأعاجم بالإسلام، فوقع في اللّغة العربيّة اللّحن، ولذلك كان لنشأة علم النحو روايتان هما كالآتي.[٣]

الرواية الأولى

أنّ أبا الأسود الدؤلي مر يومًا برجل يقرأ القرآن فقرأ قوله تعالى: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ}، فقرأ الرّجل كلمة “رسولهِ” مجرورة ويكون بذلك عطفها على “المشركين” فغير المعنى المقصود من الآية؛ والصواب أن يقرأ “رسولُه” مرفوعةً لوقوعها مبتدأ لجملة محذوفة تقديرها “ورسولُه كذلك بريءٌ”، أو “رسوله” منصوبة بالعطف على اسم الجلالة “الله”، فأسرع أبو الأسود إلى عليّ بن أبي طالب-رضي الله عنه- وأخبره بالخطر الذي تتعرّض له اللّغة العربيّة – فتناول عليّ رقعة ورقيّة وكتب عليها : بسم الله الرحمن الرحيم..الكلام اسم وفعل وحرف.. الاسم ما أنبأ عن المسمى.. والفعل ما أنبأ عن حركة المسمّى .. والحرف ما أنبأ عن ما هو ليس اسماً ولا فعلاً. ثم قال لأبي الأسود: انحُ هذا النّحو.

الرواية الثانية

يروى أن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- سمع جاريته تقول: “ما أجملُ السّماءِ”، فقال لها: “النّجومُ”، فقالت له ما هذا أردت، إنّما أردت أن أتعجّب، فقال لها: قولي إذًا: ما أجملَ السّماءَ! ثمّ دخل أبو الأسود الدّؤلي على علي، فوجده يقرأ في رقعة، فقال له: ما هذه؟ فقال علي: إنّي رأيت كلام العرب قد فسد بمخالطة الأعاجم، ولذلك أردت أصنع مرجعًا يرجعون إليه، ويعتمدون عليه، ثمّ دفع بها إلى أبي الأسود وقال له: انحُ هذا النّحو.

المدارس النحوية

كما سبق ذكره بأنّه من أسباب وضع علم النحو العربيّ بواعث مختلفة، منها الدّينيّ ومنها غير الدّيني، أمّا الباعث الدّينيّ، فيرجع إلى الحرص الشّديد على الحفاظ على نصوص الذّكر الحكيم كما نزلت، وأداؤها بشكل فصيح سليم، وخصوصًا بعد شيوع اللحن على الألسنة، وغبر الدّينيّ كالحفاظ على اللّغة العربيّة من باب التّعصّب لها، ولذلك ظهرت في ذلك مدارس نحويّة عدّة، وهي:[٤]

مدرسة البصرة

وهي المدرسة النّحويّة الأولى التي وقفت لحماية اللّغة العربيّة من الضياع، ووضعت نقط الإعراب في القرآن الكريم، ووضع نقط الإعجام، وكذلك وضع الأنظار النّحوية والصّرفيّة الأولى، ومكانها في البصرة، وأشهر علمائها: ابن أبي اسحق الملقّب بسيبويه وعيسى بن عمر الثقفي وأبو عمرو بن العلاء ويونس بن حبيب والخليل بن أحمد الفراهيدي.[٤]

مدرسة الكوفة

تركت مدرسة الكوفة العمل في علم النحو في بادئ الأمر لمدرسة البصرة، بسبب انشغالها في الفقه وأصوله والقراءات، ثم بعد ذلك التفتت إلى علم النحو، وكان من أشهر علمائها: الكسائي وهشام بن معاوية الضّرير والفرّاء وثعلب والأنباري.[٤]

المدرسة البغداديّة

اتبع أصحابها في القرن الرّابع الهجريّ نهجًا جديدًا بانتخاب ما يروه مناسبًا من آراء المدرستين، وكان السّبب الذي هيأ لذلك أنّ أوائل نحاتها تتلمذوا للمبرد وثعلب، كابن كيسان والزّجاجي وأبو علي الفارسي وابن جنّي والزّمخشري.[٤]

المدرسة الأندلسيّة

نشأ في الأندلس طبقة من المؤدبين، راحوا يعلمون الشّباب العربيّة من خلال مدارسة النّصوص والأدب، وكانت غايتهم من ذلك الحفاظ على اتقان تلاوة كتاب الله وسلامة لغته، وأول نحاة الأندلس جودي بن عثمان المَوْروري وهناك أيضًا: ابن مضاء وابن عصفوروابن مالك الطائي الجياني وأبو حيّان.[٤]

المدرسة المصريّة

نشأت المدرسة المصريّة في تعلّم علم النّحو مبكّرة حفاظًا على كتاب الله ومدارسته، ولذلك برز هناك جماعة من المؤدّبين يعلّمون الشّباب علوم العربيّة أسوة بالمدرسة الأندلسيّة، ومن أقدمهم عبد الرحمن بن هرمز تلميذ أبي الأسود الدّؤلي، وكان فيها أيضًا: ابن الحاجب وابن هشام والسّيوطي.[٤]

النحاة المتأخرون

نشط علم النّحو في مصر نشاطًا واسعًا منذ عصر ابن هشام، ووضع النّحاة الشّروح والتّعليقات والحواشي على مصنّفاته ومصنّفات ابن مالك، ومن بين هؤلاء النّحاة البارزين عبد الله بن عبد الرّحمن المعروف بابن عقيل، المتوفّى في 769 هـ، ويعد من تلامذة ابن حيّان، وكان عالمًا بالقراءات والتّفسير والفقه وأصوله، وعمل بالقَضاء، ودرّس الطّلاب في حلقات المساجد في القاهرة، وشرحه على ألفية ابن مالك ذائع الصّيت، وله شرح على التّسهيل لابن مالك، ويمتاز شرحه على الألفية بسهولة العبارة ووضوحها، وقربها من أذهان طلّاب العلم، ويصور فيه آراء النّحاة وخاص ة عندما يخالفهم ابن مالك، حيث كان ابن مالك كثيرًا ما يخالف البصريّين وإمامهم سيبويه، بينما ينحاز ابن عقيل إلى رأي البصريّين وإمامهم سيبويه.[٥]

المراجع[+]

  1. “تقرير عن نشأة علوم اللغة العربية”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-12-2019. بتصرّف.
  2. الإمام الزمخشري، القاسم بن الحسين، الخوارزمي، شرح المفصّل في صنعة الإعراب، بيروت-لبنان: جار الكتب العلمية، صفحة 3-5، جزء 1. بتصرّف.
  3. “علم النحو”، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 28-12-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث ج ح “المدارس النحوية وأبرز علمائها”، www.ahlalhdeeth.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-12-2019. بتصرّف.
  5. أحمد شوقي عبد السلام ضيف الشهير بشوقي ضيف، المدارس النحوية، القاهرة – مصر: دار المعارف، صفحة 355-356. بتصرّف.






اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب