X
X


موقع اقرا » إسلام » تعاليم الإسلام » كيفية صلاة التوبة

كيفية صلاة التوبة

كيفية صلاة التوبة


كيف تُصلّى صلاة التوبة؟

وردت صلاة التوبة في حديث صحيح عن الصحابي الجليل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فتصح توبة العبد ما لم يكن هناك أي مانع من موانع الاستجابة،[١] وأما كيفيتها فقد بيَّنها العلماء وفق ما يأتي:[٢]

  • يحسن المسلم الوضوء.[٢]
  • يصلي ركعتين، كما يصلِّي أيَّة صلاة نافلة، ويقرأ ما تيسير من القرآن الكريم، فلا يشترط قراءة آيات معينة من القرآن الكريم.[٢]
  • يذكر الله بعد الانتهاء من الصلاة، وذكر الله يشمل التسبيح والتحميد والاستغفار، فمثلًا: يستغفر الله تعالى بعد الانتهاء من صلاته، كأن يقول: اللهم اغفر لي فإني ظلمت نفسي، وله أن يدعو دعاء سيد الاستغفار وهو: (اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي، لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ)،[٣]فالاستغفار عدا عن كونه سنة بعد الصلاة فهو لتفكير الذنوب والخطايا، ويدعو الله أن يتوب عليه.[٤]

هل صلاة التوبة منفردة؟

يشرع التائب في الصلاة منفردًا، لأنها من النوافل التي لم يشرع لها صلاة جماعة، حيث تؤدى بعد صدور الذنب خوفًا وطمعًا،[٥] سواء كانت الصلاة بعد صدوره فورًا أم على التراخي، توبةً على ما كان قد بدر منه، وتكون بتأدية ركعتين بنية الاستغفار والتوبة، وسميت بهذا الاسم لاشتمالها على التوبة والاستعفار من الذنب، ولذلك تسمى صلاة التوبة أو صلاة الاستغفار،[٦] فمن رحمة الله أن فتح لعباده باب التوبة والرجوع إليه، قال-تعالى-: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا)[٧][٨]

وقد وردت في السنة النبوية الكثير من الأحاديث التي ثبتت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يتعلق بصلاة التوبة،[٨] كما ورد العديد من أقوال العلماء حول صلاة التوبة، منها قول الإمام الْغَزالِي -رحمه الله- عندما تحدَّث عن بعض الأمور التي يمكن أن يقوم بها المسلم بعد الذنب ويُرجى بها العفو والغفران، إذ قَالَ: “أَن تصلي عقيب الذَّنب رَكْعَتَيْنِ ثمَّ تستغفر الله تَعَالَى بعدهمَا سبعين مرَّة، وَتقول: سُبْحَانَ الله الْعَظِيم وَبِحَمْدِهِ مائَة مرّة، ثمَّ تَتَصَدَّق بِصَدقَة، ثمَّ تَصُوم يَوْمًا”.[٩]

ماهو حكم صلاة التوبة؟

صلاة التوبة من الأمور المستحبَّة في الإسلام باتفاق بالمذاهب الأربعة،[١٠] حيث أجمع أهل الْعلم على مَشْرُوعِيَّة صَلَاة التَّوْبَة،[١١] وقد ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن الأحاديث التي ثبتت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واستند عليها الفقهاء في هذا الحكم ما يأتي:[٢]

  • عن عبد الله بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه- رَضِي الله عَنهُ- قَالَ: أصبح رَسُول الله يَوْمًا فَدَعَا بِلَالًا، فَقَالَ: (يابلال بِمَ سبقتني إِلَى الْجنَّة؟ إِنِّي دخلت البارحة الْجنَّة فَسمِعت خشخشتك أَمَامِي” فَقَالَ بِلَال: “يَا رَسُول الله مَا أذنبت قطّ إِلَّا صليت رَكْعَتَيْنِ، وَمَا أصابني حدث قطّ إِلَّا تَوَضَّأت عِنْدهَا)[١٢]
  • عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب- رَضِي الله عَنهُ- عَن النَّبِي -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- قَالَ: (مَا مِنْكُم من أحد يتَوَضَّأ فَيبلغ- أَو فيسبغ- الْوضُوء، ثمَّ يَقُول: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أنّ مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، إِلَّا فتحت لَهُ أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية، يدْخل من أَيهَا شَاءَ).[١٣]
  • عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان بن عَفَّان -رَضِي الله عَنهُ- أَنه تَوَضَّأ لَهُم وضوء النَّبِي -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله يَقُول: (من تَوَضَّأ نَحْو وضوئي هَذَا ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ لَا يحدث فيهمَا نَفسه غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه).[١٤]
  • عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: سمِعتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يقولُ: (مَن توضَّأَ، فأحسَنَ وُضوءَهُ، ثمَّ قام فصلَّى ركعتين، أو أَربعًا -شكَّ سَهْلٌ- يُحسِنُ فيهما الذِّكْرَ والخُشوعَ، ثمَّ استَغفرَ اللهَ عزَّ وجلَّ، غُفِرَ له).[١٥]

ماذا يقرأ في صلاة التوبة؟

لم يرد في كتب الفقه والسنة النبوية دليلٌ صريحٌ على تحديد قراءة سورة أو آية محددة من كتاب الله تعالى في صلاة التوبة، كالآية التالية من سورة آل عمران وهي قوله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّه)،[١٦] ويجوز للمسلم أن يقرأ ما تيسر من القرآن الكريم، لأنَّه لم يرد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيء في ذلك.[١٧]

ما هو وقت صلاة التوبة؟

يستحب أداء صلاة التوبة أو الاستغفار عند عزم المسلم على توبته من الذنب الذي اقترفه سواء أكان الذنب حديث الوقوع أم قديم الوقوع، لأن التوبة تحدث ما لم يحدث أي مانع من موانع القبول، وهي[١٨]:

  • حضور الموت وقدوم الأجل، قال -تعالى-: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ).[١٩]
  • نزول العذاب على الناس بأمر الله، قال -تعالى-: (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ)[٢٠]
  • طلوع الشمس من المغرب، وهي إحدى علامات يوم القيامة الكبرى،[٢١] عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تَابَ من قبل أَن تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا تَابَ الله عَلَيْهِ).[٢٢]

هل تُصلّى صلاة التوبة قبل التوبة أم بعدها؟

وعليه يصلِّي المسلم صلاة التوبة في أي وقت عزم فيه على التوبة، وندم على ما كان قد بدر منه، فقبل وقوع تلك الموانع يكون باب التوبة والرجوع إلى الله تعالى مفتوحًا،[١٨] واختلف أهل العلم في وقت صلاة التوبة أتكون بعد التوبة أم قبل التوبة؟ وفق الآتي:

  • الرأي الأول: أن يصلي المسلم قبل التوبة.[٢٣]
  • الرأي الثاني: أن يصلي المسلم بعد التوبة.[٢٤]
  • الرأي الثالث: له أن يصليها قبل التوبة أو بعد التوبة.[٢٥]

والرَّاجِح هو القَوْل بالصلاة قبل التوبة؛ لاستناده على دليل قوي، فعن أبي بكر -رضي الله عنه- أنه قال: سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: (مَا من عبد يُذنب ذَنبا فيُحسِنُ الطّهُور ثمَّ يقوم فَيصَلي رَكْعَتَيْنِ ثمَّ يسْتَغْفر الله إِلَّا غفر الله لَهُ” ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّه )،[٢٦] فَحَدِيث أبو بكر الصّديق – رَضِي الله عَنهُ- صريح في أنَّ هذه الصلاة تؤدى قبل التوبة، لا بعدها، حيث ذكرت فيه الصلاة ثم عطف عليها الاستغفار بحرف ثم الذي يدل على الترتيب.[٢٧]

هل تجوز صلاة التوبة وقت الكراهة؟

اختلف أهل العلم في جواز صلاة التوبة في وقت النهي عن الصلاة، لكن الراجح في الأقوال هو جواز الصلاة في وقت الكراهة، فقد ذهب ابن تيمية إلى أنَّ صلاة التوبة من ذوات الأسباب التي توجد بوجود السبب، فبحصول الذنب وجدَ السبب، والتوبة واجبة على الفور، أي فور صدور الذنب، فيأت بصلاة التوبة بعد الذنب مباشرة دون النظر لوقت الكراهة..[٢٨]

هل تكفي صلاة توبة واحدة عن كل الذنوب أم يلزم لكل ذنب صلاة؟

يكفي أداء صلاة توبة واحدة عن كل الذنوب، بشرط صدق نية التائب وصدق عزمه على ذلك، فيغفر له جميع ذنوبه، فتكون صلاة التوبة بمثابة بداية عهد جديد أقبل فيه المسلم على الله تعالى وعلى امتثال أوامره وأوامر الرسول -صلَّى الله عليه وسلم- واجتناب نواهيه، وما دلَّ على أنَّ صلاة التوبة تجزئ عن كل الذنوب المقترفة، عموم دلالة الأحاديث النبوية التي ثبتت عن النبيِّ وهي:[٢٩]

  • حديث عثمانَ -رضي الله عنه- أنَّهُ توضَّأَ ثلاثًا ثلاثًا ثمَّ قالَ إنَّ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- توضَّأَ نحوَ وضوئي هذا ثمَّ قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: (من توضَّأَ نحوَ وضوئي هذا ثمَّ رَكعَ رَكعتينِ لا يحدِّثُ نفسَه فيهما إلَّا بخيرٍ غفرَ لَه ما تقدَّمَ من ذنبِه).[٣٠]
  • حديث أبي الدَّرداءِ -رضي الله عنه- قال: سمِعتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يقولُ: (مَن توضَّأَ، فأحسَنَ وُضوءَهُ، ثمَّ قام فصلَّى ركعتين، أو أَربعًا -شكَّ سَهْلٌ- يُحسِنُ فيهما الذِّكْرَ والخُشوعَ، ثمَّ استَغفرَ اللهَ عزَّ وجلَّ، غُفِرَ له).[٣١]

وممَّا نقل عن ابن تيمية رحمه الله تعالى، فتواه في هذا الأمر، وهي أنَّه من تاب توبة عامة، كانت هذه التوبة مجزئة لجميع الذنوب السالفة، حتى وإن لم يستحضر ما كان قد أذنبه من قبل، إلا أن يكون قد استحضر في توبته ذنبًا لم يتب منه، فلا تُجزئ التوبة حينها عن جميع الذنوب.[٣٢]

فيديو عن كيفية صلاة التوبة

من باب رحمة الله تعالى ألّا يغلق باب التوبة حتى قيام الساعة، وفي الفيديو يتحدث الدكتور بلال إبداح عن كيفية صلاة التوبة وأحكامها ومشروعيتها:

المراجع[+]

  1. عبدالله بن عبدالعزيز، صلاة التوبة والأحكام المتعلقة بها، صفحة 161.
  2. ^ أ ب ت ث عبد الله بن عبد العزيز الجبرين، كتاب صلاة التوبة والأحكام المتعلقة بها في الفقه الإسلامي، صفحة 160-166. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح بخاري، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم:6323.
  4. عبدالله بن عبدالعزيز، صلاة التوبة والأحكام المتعلقة بها، صفحة 172. بتصرّف.
  5. عبدالله البسام، توضيح الأحكام من بلوغ المرام، صفحة 75. بتصرّف.
  6. نورالدين الملا الهروي، مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، صفحة 366. بتصرّف.
  7. سورة الزمر، آية:53
  8. ^ أ ب عبدالله بن عبدالعزيز، صلاة التوبة والأحكام المتعلقة بها، صفحة 160. بتصرّف.
  9. محيي الدين الغزالي، أحياء علوم الدين، صفحة 49، جزء 4.
  10. محمد عابدين، حاشية ابن عابدين، صفحة 462، جزء 1.
  11. عبدالله بن عبدالعزيز، صلاة التوبة والأحكام المتعلقة بها في الفقه الإسلامي، صفحة 160. بتصرّف.
  12. رواه بريدة بن الحصيب الأسلمي، في تخريج لمسند، عن بريدة الأسلمي، الصفحة أو الرقم:22996، صحيح لغيره.
  13. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم:385، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم:159، صحيح.
  15. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم:27546، حسن.
  16. سورة آل عمران، آية:135
  17. عبدالله بن عبدالعزيز، صلاة التوبة والاحكام المتعلقة بها، صفحة 178. بتصرّف.
  18. ^ أ ب عبدالله بن عبدالعزيز، صلاة التوبة والأحكام المتعلقة بها، صفحة 165. بتصرّف.
  19. سورة النساء، آية:80
  20. سورة غافر، آية:85
  21. سورة الأنعام، آية:158
  22. رواه مسلم بن الحجاج، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2703، صحيح.
  23. أبو بكر المالكي، عارضة الأحوذي، صفحة 197، جزء 2.
  24. علي بن بلبان، الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان، صفحة 10، جزء 2. بتصرّف.
  25. عبدالحميد الشرواني، حاشية الشرواني، صفحة 238، جزء 2.
  26. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم:385.
  27. عبدالله بن عبدالعزيز، صلاة التوبة والاحكام المتعلقة بها، صفحة 169. بتصرّف.
  28. عبدالله بن عبدالعزيز، صلاة التوبة والاحكام امتعلقة بها، صفحة 170.
  29. ابن تيمية، مجموع الفتاوى، صفحة 328.
  30. رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم:280، رجاله وثقوا.
  31. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم:27546، حسن.
  32. ابن تيمية، مجموع الفتاوى، صفحة 328. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب