موقع اقرا » إسلام » تعاليم الإسلام » حقوق الزوجة على زوجها

حقوق الزوجة على زوجها

حقوق الزوجة على زوجها


الزواج في الإسلام

الزواج في اللغة هو اقتران بين شيئين، أي أصبح كلٌّ من هذين الشيئين زوجًا للآخر بعد أن كان بمفرده، وأمّا الزواج كما عرّفه الفقهاء فهو العقد الذي صار بوساطته لكلّ من الزوجين حقّ أن يستمتع بالآخر على الوجوه المشروعة في التّشريع الإسلاميّ، وقد عرّف العلامة ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- الزواج بأنّه تعاقد يحصل بين رجل وامرأة، ويعطي لكلّ منهما حقّ الاستمتاع بالآخر، ليكوّنا أسرةً صالحةً، ومجتمعًا سليم العقيدة، ويختلف حكم الزواج من شخصٍ لآخر وذلك بحسب استطاعته الجنسيّة والماليّة، وسيتحدث هذا المقال عن حقوق الزوجة على زوجها.[١]

شروط صحة الزواج

قبل الحديث عن حقوق الزوجة على زوجها، لا بدّ من ذكر الشروط الخمسة الأساسيّة التي لا يصحّ الزواج إلّا بها، والتي جاء الحديث عنها مفصّلًا في كتب الفقه الإسلاميّ، وإن اختلت إحدى تلك الشروط في عقد الزواج فهو باطل ولا يصحّ، والشروط هي على النحو الآتي:[٢]

  • الشرط الأول: هو تحديد الزوجين أي ذكر كلّ منهما باسمه في لفظ عقد الزواج، فمثلًا لا يصحّ لوليّ المرأة أن يقول زوجتك ابنتي بدون ذكر اسمها وله من البنات غيرها، بل عليه تمييزها بذكر الاسم.
  • الشرط الثاني: هو القبول والرضا من كلا الزوجين، فلا يجوز غصب المرأة على الزواج ممن لا توافق عليه بكامل إرادتها.
  • الشرط الثالث: هو وجود ولي المرأة، وقد جاء ذلك في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “أيُّما امرأةٍ نُكحتْ بغيرِ إذنَ وليّها، فنكاحُها باطلٌ، فنكاحُها باطلٌ، فنكاحُها باطلٌ”،[٣]وأحق من يولّى أمر تزويج المرأة هو والدها ثم جدها ثم ابنها، وبعدهم يأتي أخوها الشقيق، والأقرب فالأقرب من أسرتها، ومن الفقهاء من قدم الابن البالغ على الأب في ولاية عقد الزواج.
  • الشرط الرابع: هو الشهادة على الزواج، وقد جاء في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لا نكاحَ إلَّا بوليٍّ وشاهدَيْ عَدلٍ”،[٤]
  • الشرط الخامس: من شروط الزواج هو عدم وجود أي موانع في الزوجين تمنعها من الزواج، مثل السبب أو النسب كمصاهرة أو رضاع أو اختلاف في العقيدة أو الدين كأن يكون الزوج مسلمًا والزوجة وثنية، أو قد تكون هي مسلمة وهو من ديانة أخرى غير الإسلام، وذلك باستثناء أن يتزوج المسلم من الكتابية التي تدين بدين سماويّ والشرط أن تكون عفيفة، والله أعلم.

حكم الزواج في الإسلام

لا بدّ من ذكر حكم الزواج في الإسلام قبل الحديث عن حقوق الزوجة على زوجها، ويختلف الحكم باختلاف أوضاع الرجال وأحوالهم، فالزواج واجب على كلّ قادر عليه، وفي نفسه الرغبة فيه، وخشي على نفسه الوقوع في الزنا، فإعفاف النفس عن الحرام واجب، وذلك لا يكون إلا بالزواج، فإن تاقت نفس الرجل للزواج ولم تتوفر لديه القدرة المادية لينفق على زوجه، فيسعه قول الله -عزّ وجلّ- في سورة النور: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ}،[٥]كما عليه أن يُكثر من الصيام، وقد جاء في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “يا معشرَ الشبابِ مَنِ اسْتطاع منكمُ الباءةَ فليتزوجْ فإنَّه أغضُّ للبصرِ وأحصنُ للفرجِ ومَن لم يستطعْ فعليه بالصومِ فإنه له وِجاءٌ”،[٦]والناظر إلى هذا العصر وما فيه من ألوان الفتن والإغراءات والفجور يعرف تمام المعرفة أن الزواج أصبح واجبًا أكثر وبصورة أشدّ من كلّ العصور الماضية، والله أعلم.[٧]

حقوق الزوجة على زوجها

هناك حقوق أوجبها الإسلام على الزوج لزوجته، وكذلك أوجب على الزوجة حقوقًا لزوجها، وهناك حقوق واجبة للزوجين معًا، وسيتم ذكر حقوق الزوجة على زوجها استئناسًا بما يتعلق بهذه الحقوق في القرآن الكريم والسّنّة النبويَّة الشريفة، وأقوال العلماء:[٨]

الحقوق المالية

من حقوق الزوجة على زوجها الحقوق الماليّة كالمهر وما يتعلق به، وكذلك النفقة الواجبة على الزوج اتجاه زوجته، والسكن الواجب تأمينه من قبل الزوج، وهي تفصيلًا مع الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي جاءت فيها كالآتي:

  • المهر: من حقوق الزوجة على زوجها المهر؛ هو المال الذي وجب للزوجة من زوجها بعد أن تمّ عقده عليها، ودخوله بها، وقد جاء ذكر المهر في قوله تعالى في سورة النساء: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}،[٩]وقد شرّع الله المهر تنبيهًا لخطر هذا العقد والميثاق الغليظ بين الزوجين، وللتأكيد على إكرام المرأة وتقديرها، والمهر ليس من شروط صحة الزواج عند جمهور أهل العلم، وإنّما هو من الآثار المترتبة على عقد الزواج، أي أنَّ العقد بدون تسمية المهر هو عقد صحيح، وعند تسميّة العقد وجب على الزوج أن يُسمي المهر، وإن لم يفعل يتم تسميّة مهر المِثل أي كمهر مثيلاتها من النّساء.
  • النفقة: وقد كان إجماع أهل العلم من المسلمين على أنّ نفقة الزوجة هي من حقوق الزوجة على زوجها، وهي واجبة عليه، بشرط أن تُمكّن الزوجة نفسها لزوجها، فإن منعت نفسها عنه، أو نشزت لم تعد تستحق النفقة، وفي أمر النفقة حكمة بالغة وهي أنَّ الزوجة قد أصبحت محبوسة على زوجها بما يقضيه عقد الزواج، لا خروج لها من بيت الزوجيّة إلا بإذن زوجها ولوكان هذا الخروج بقصد التكسّب، فمن الواجب عليه أن ينفق عليها، وأن يكفيها، وذلك أيضًا مقابل أن تمكّنه من نفسها، والنفقة تشمل كلّ ما تحتاجه هذه الزوجة من طعام وشراب ومسكن، وهذا الأمور واجبة على الزوج حتّى لو كانت زوجته غنية، وقد جاء ذلك في قوله تعالى في سورة الطلاق: {نفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ}،[١٠]وكذلك جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: “فاتَّقوا اللهَ في النِّساءِ فإنَّكم أخَذْتُموهنَّ بأمانِ اللهِ واستحلَلْتُم فروجَهنَّ بكلمةِ اللهِ ولكم عليهنَّ ألَّا يُوطِئْنَ فُرشَكم أحدًا تكرَهونَه فإنْ فعَلْنَ ذلك فاضرِبوهنَّ ضربًا غيرَ مُبرِّحٍ ولهنَّ عليكم رزقُهنَّ وكسوتُهنَّ بالمعروفِ”،[١١]
  • السكنى: والسكنى من حقوق الزوجة على زوجها، وهي أن يهيأ لها السكن على قدر قدرته وسعته، وقد جاء ذلك في قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ}.[١٢]

الحقوق غير المالية

ومن حقوق الزوجة على زوجها الحقوق غير الماليّة كالعدل في القسم بين زوجاته في حال كان للزوج أكثر من زوجة واحدة، وكذلك أن يُعاشرها بالمعروف، وعدم إلحاق الضرر بها، وفيما يأتي سيتم التفصيل في الحديث عن هذه الحقوق:

  • العدل بين الزوجات: من حقوق الزوجة على زوجها أن يعدل بينها وبين سواها من زوجاته، في حال تعدد الزوجات، والعدل يكون في السكن والنفقة.
  • حسن معاشرتها: من حقوق الزوجة على زوجها أن يكون حَسن الخُلق معها وأن يرفق بها، وأن يقدّم لها كلّ من ما يستطيع حتّى يؤلف قلبها، وقد جاء ذلك في قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}،[١٣]كما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قوله: “اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ، فإنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أعْوَجَ شيءٍ في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أعْوَجَ، فاسْتَوْصُوا بالنِّساءِ”.[١٤]

حقوق الزوج على زوجته

بعد ذكر حقوق الزوجة على زوجها لا بدّ من التعريج على حقوق الزوج على زوجته، ومن هذه الحقوق طاعته في المعروف، وكذلك عدم عصيان الزوجة لزوجها في الجماع وفي الخدمة إن كانت هي من أهل الخدمة، كذلك لا يجوز للزوجة أن تخرج من بيتها دون إذن زوجها، فالواجب عليها طاعته في كلّ الأمور التي ليس فيها معصية لله تعالى، وقد جاء في هذا الباب الكثير من الأحاديث النبويّة التي تأمرها بأن تسمع وتطيع لزوجها، ومنها قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: “إذا دَعا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلى فِراشِهِ، فأبَتْ أنْ تَجِيءَ، لَعَنَتْها المَلائِكَةُ حتَّى تُصْبِحَ”،[١٥]فكما على الزوج معاشرتها بالمعروف وبطيب الكلام والأخلاق الحميدة والنفقة التي تجب عليه، على الزوجة أن تسمع وتطيع زوجها في المعروف وتجيب لحاجاته، وتقوم بخدمته في بيته، وأن تحذر معصية زوجها في خروج من البيت أو غير ذلك، فإن قام كلٌّ من الزوجين بواجبه استقام أمر الأسرة، واستمرت العشرة الطيبة بين الزوجين.[١٦]

تعدد الزوجات والحكمة منه

بعد الحديث عن حقوق الزوجة على زوجها، والتي كان منها حق العدل بين الزوجات في حال تعدد الزوجات، من الجيد ذكر حكم تعدد الزوجات في الإسلام والحكمة منه، وقد جاءت الإباحة في تعدد الزوجات بنصٍّ قرآني صريح، بأنّه يجوز للرجل في التشريع الإسلاميّ أن يتزوج من امرأة واحدة أو اثنتين أو ثلاثًا أو أربعًا، أي يكون له هذا العدد من الزوجات في الوقت ذاته، ومن غير الجائز له أن يزيد عدد زوجاته على أربعة، وهذا ما اجتمع عليه رأي المفسرين، وكان ذلك في قوله تعالى في سورة النساء: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا}،[١٧]وهذه الإباحة مشروطة بعدد من الأمور كالعدل المادي بين الزوجات، والقدرة على الإنفاق عليهن، والحكمة من هذا التعدد هي لتكثير الأمة الإسلاميّة أولًا، وهذا التكثير لن يحدث إلا بالزواج، وكذلك لأن أعداد النساء أكثر من الرجال، ولو اكتفى كلّ رجل بامرأة واحدة لبقيت الكثيرات بلا زواج، والتعدد ليس في التشريع الإسلامي فقط بل هو موجود في الأمم السابق وقد كان للعديد من الأنبياء أكثر من زوجة كنبيّ الله سليمان -عليه السلام- فقد كان له تسعون زوجة، والله أعلم.[١٨]

فوائد الزواج في الإسلام

من الممكن ذكر فوائد الزواج في الإسلام بعد الحديث عن حقوق الزوجة على زوجها، ومن هذه الفوائد موافقة سنة أنبياء الله -عليهم السلام-، وسنة الصالحين والأولياء، وكذلك في الزواج موافقة لفطرة الإنسان السليمة التي خلقها الله تعالى عليها، وتلبية حاجة الإنسان في قضاء الوطر في حلال الله وبعيدًا عن ما حرّم، وبوساطة الزواج سينجب الإنسان الأولاد الصالحين، ويلبي رغبته الملحّة في ذلك، فالمال والبنون زينة هذه الحياة، والزواج أحصن للفرج، وأغض لبصر الإنسان، والزواج في الإسلام هو عبادة وطريقًا لكسب الحسنات، وفيه يحصل تكثير أمة المسلمين، وقد جاء في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “تزوَّجوا الوَدُودَ الوَلُودَ؛ فإنِّي مكاثِرٌ بكم الأُمَمَ”،[١٩]والزواج يحصّن المرأة ويساعد على الاستقرار النفسي، كما أنّه يساعد علة التقدم، ويقوي المسلم على إقباله على الله تعالى، وفي الزواج سكن ومودة ورحمة لكلّ من الزوجين، وفيه يتم تحصيل السعادة، وخاص ة إذا كان الزوج والزوجة من الصالحين، والله أعلم.[٢٠]

سن الزواج في الإسلام

بعد التفصيل في حقوق الزوجة على زوجها، من الجيد توضيح أمر سِن الزواج في الإسلام، والشرع الإسلاميّ لم يحدد سِنًا معينًا يجب على الرجل أو المرأة الزواج به، وقد ثبت أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تزوّج السيدة عائشة -رضي الله عنها-، وذُكر هذا الزواج في حديث طويل يتحدث عن زواج رسول الله بالسيدة عائشة: “…فدَعَتْه فزوَّجَها إيَّاهُ وعائِشةُ يومَئذٍ بنتُ ستِّ سِنينَ…”،[٢١]وقد ورد عن ابن قدامة -رحمه الله- في كتاب الشرح الكبير أنّه يمكن للأب أن يزوج ابنته البكر التي تبلغ من السن تسع سنوات إذا كانت لها الكفاءة، وإذا كان لزوجها الكفاءة أيضًا، كما جاء عن ابن تيمية -رحمه الله- أنّه لا ينبغي ولا يصح تزويج المرأة بغير إذنها وذلك بأمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فإن كانت كارهة لهذا الزواج فلا يجوز إجبارها، إلا البكر الصغيرة فيستطيع الوالد تزويجها إن كان في ذلك خيرًا لها ولا إذن لها، وخلاصة الأمر أنّه من الأفضل للشباب وللفتيات أن يبادروا بالزواج لتحقيق المقاصد العظيمة التي وضعها الله -عزّ وجلّ- في الزواج، وتحصينًا للفرُوج من الوقوع في الحرام، وسترًا للعورات، وصونًا لأعراض المسلمين، والله أعلم.[٢٢]

ظاهرة عزوف الشباب عن الزواج

بعد الحديث عن حقوق الزوجة على زوجها فمن الجيد الوقوف على أسباب ونتائج عزوف الشباب عن الزواج، فقد شرع الله سبحانه وتعالى الزواج ورغّب به الرجال والنساء، جعل الأمور والوسائل التي تساعد على تحقيقه، وقد جاء ذلك في قوله تعالى في سورة الروم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}،[٢٣]وجاء هذا التشريع للزواج لضمان الاستقرار النفسي لدى الشباب والفتيات، وتحقيق الأنس والمودة بين الأزواج، وتقوية أواصر المحبة بين الأسر، وغيرها من الحكم العظيمة، ومما لا شكّ فيه أنّ عزوف الشباب عن الزواج، وتفضيلهم لحياة العزوبيّة الكثير من المفاسِد، ويترتب عليها تعرضهم للفتن والفواحش، كما ستنتشر العنوسة في صفوف الفتيات، وستنتشر المنكرات، وسيختل أمن المجتمع، وقد جاء في حيث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إذا خطب إليكم من ترضوْن دينَه وخُلقَه فزوِّجوه، إلَّا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ”،[٢٤]وقد يعزف الشباب عن الزواج لأسباب كثيرة منها الزهد في الحياة، وتفضي الآخرة وثوابها على الدنيا وملذاتها، وفي هذا التفكير خطأ كبير، ومخالفة لمنهج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسنّته، وفي هذه الفعل رهبانيّة ولا رهبانيّة في الدين الإسلاميّ.[٢٥]

كما أنّه من الممكن أن يكون المانع من الزواج مانعًا عضويًا، أو داءً نفسيًا يمنع الشاب من الإقبال على الزواج، وفي هذه الحالة فالشابّ العازف عن الزواج له عذره الشرعيّ، لكن من الواجب عليه السعي وراء إزالة ما يمنعه عن الزواج، وقد حث النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على ذلك بقوله: “يا عبادِ اللهِ تداوُوا، فإن اللهَ لم يضعْ داءً إلا وضعَ له شِفاء – أو دواء – إلا داءً واحدًا، فقالوا: يا رسولَ اللهِ وما هُوَ؟ قال: الهرمُ”،[٢٦]فيجب الأخذ بالأسباب والتوكل على الله تعالى، والسعي لعلاج المرض في سن الشباب حتّى لا تستفحل نتائجه في الكبر، وقد تكون الموانع ماديّة أو فكريّة، والخلاصة أنّه يجب حثّ الشباب وإعانتهم عليه ماديًا ومعنويًا بحب القدرة والاستطاعة، وفي ذلك أجر عظيم.[٢٥]

حكم طاعة الأم في الزواج من مطلقة

بعد الحديث عن حقوق الزوجة على زوجها، فمن الجيد المرور على أمر شاع في العصر الحاليّ بشكلٍ واسع، وهو رفض الأب أو الأمّ زواج ابنهم من امرأة مُطلقة، لأسباب ليس لها أساس شرعيّ، خاصةً إذا كانت هذه المرأة على خُلقٍ ودين، فليس هناك ما يضرها من كونها مطلقة، وليس في الشرع الإسلاميّ ما يُحرّم الزواج منها، مع التأكيد على أنّ طاعة الأم واجبة، وأدلتها واضحة في القرآن الكريم والسّنة النبويّة الشريفة، وغضبها يستوجب غضب الله تعالى، لذلك فعلى الشابّ المقبل على هذا الزواج أن يُحاول ويتبع الوسائل الممكنة لإقناع أمّه بزواجه، وأن يبين لها أسباب رغبته في الزواج من هذه المرأة المطلقة، ولكنّ إن استمرّ الرفض القاطع من الأم بدون أسباب موجبة أو شرعيّة، فلا حرج على الشاب من أن يتزوج بدون رضا والدته، والله تعالى أعلم.[٢٧]

المراجع[+]

  1. “تعريف الزواج وحكمه”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-09-2019. بتصرّف.
  2. “خمسة شروط لصحة النكاح”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-09-2019. بتصرّف.
  3. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1102، حسن.
  4. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عائشة، الصفحة أو الرقم: 4075، أخرجه في صحيحه.
  5. سورة النور، آية: 33.
  6. رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبدالرحمن بن يزيد، الصفحة أو الرقم: 6/53 ، إسناده صحيح.
  7. “متى يجب الزواج على الرجل”، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 26-09-2019. بتصرّف.
  8. “ما هي حقوق الزوج وما هي حقوق الزوجة”، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 26-09-2019. بتصرّف.
  9. سورة النساء، آية: 4.
  10. سورة الطلاق، آية: 7.
  11. رواه شعيب الأرناؤوط ، في تخريج صحيح ابن حبان، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 3944، إسناده صحيح على شرط مسلم.
  12. سورة الطلاق، آية: 6.
  13. سورة الطلاق، آية: 19.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3331 ، صحيح.
  15. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم: 5193، صحيح.
  16. “حق الزوج على زوجته”، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 26-09-2019. بتصرّف.
  17. سورة النساء، آية: 3.
  18. “حكم تعدد الزوجات والحكمة منه”، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 26-09-2019. بتصرّف.
  19. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن معقل بن يسار، الصفحة أو الرقم: 2050، سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح].
  20. “ما فوائد الزواج في الإسلام؟”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-09-2019. بتصرّف.
  21. رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن أبو سلمة و يحيى بن عبدالرحمن بن حاطب ، الصفحة أو الرقم: 9/228، أكثره مرسل وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وثقه غير واحد‏‏ وبقية رجاله رجال الصحيح.
  22. “هل هناك سن محددة للزواج في الإسلام”، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 26-09-2019. بتصرّف.
  23. سورة الروم، آية: 21.
  24. رواه البخاري، في العلل الكبير ، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 154، رواه الليث بن سعد مرسلا ولم يعد حديث أبي هريرة محفوظا وعبد الحميد بن سليمان صدوق إلا أنه ربما يهم في الشيء.
  25. ^ أ ب “ظاهرة عزوف الشباب عن الزواج”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-09-2019. بتصرّف.
  26. رواه الترمذي ، في سنن الترمذي ، عن أسامة بن شريك، الصفحة أو الرقم: 2038 ، حسن صحيح .
  27. “الأم ورفض الزواج من المطلقة”، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-09-2019. بتصرّف.






اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب