موقع اقرا » الآداب » مفاهيم ومصطلحات أدبية » قصيده للشاعر فتحى سعيد

قصيده للشاعر فتحى سعيد

قصيده للشاعر فتحى سعيد


قصيدة: قافية الفصول

قال الشاعر فتحي سعيد في قصيدته “قافية الفصول”:

مرّ الشتاء فلم تَمِلْ قيثاري

وأتى الربيع فلم تبُح أوتاري

ومشيتُ في روض الخريف عشيةً

حذرَ الضحى فتناثرت أزهاري

وسكبتُ في الصيف المودّع دمعةً

هطلت برغم شُواظها أمطاري 

ولهثتُ في إثْر الفصول وفي الربا

خبّأت خابيتي بذات قرار

ووقفت أنتظر الصباح لعله

تخضرّ فيه سقيفتي وجداري

وتركت أغنيتي على شفة الذرا

عذراءَ لـمّا تختمرْ بخِمار 

عذراءَ خلف نوافذ الليل الذي 

شبَّت نوافذه على الأسوار 

ناحت على الفنن النحيل حمامةٌ 

أحمامةٌ تبكي على أشعاري!

من نبّأ الورقاء في غسق الدّجى 

أن الأليف غدا غريب الدار؟

كنا إذا نام الرقيب وسافرت 

عنا عيونُ الشمس والأقمار

نحبو على هدْي الهديل وننثني 

ونشدّ شدَّ العصبة السّمار 

ونُريق من دمنا على درَج المنى 

ونجود بالفِلْذات والأعمار

إن تأتنا نُنزلْك بين قلوبنا 

في خير ناحيةٍ وحسن جوار 

ونفضَّ مختوم الدنان عن التي 

تُزري بكل شكيمةٍ ووقار 

بِكْرٌ تُزَفّ لكلّ حُرٍّ عاشقٍ 

غطّى هواك به على الأبصار

واليومَ ننتحل الصبابة والجوى

ونسوق آلافًا من الأعذار! 

مال الغبيطُ فمن يقول لشاعرٍ 

ما زال يجهل لعبة الأفكار؟ 

إنزلْ فقد عُقِر البعير ولم يعد 

في البيد إلا كلّ ذي أظفار

واقرأْ كتابك لستَ أولَ قارئٍ 

يتلو الكتاب ولست آخر قاري 

صرنا بأسواق الكلام بضاعةً 

راجت قوافلها بلا تُجّار 

زعموا التسكّعَ في المواكب رايةً

حمراءَ تُسقى من دم الثوار 

وتواثبوا فوق المقاعد وامتطوا 

نُوقَ السِّباق ومُهرة السمْسار

جثموا على صدر القصائد عُنوةً 

يتستّرون وراء كلّ شعار

مالوا فما ملنا ومن ذا يدّعي؟ 

أنا نهزنا دلونا في القار؟

شرُفَتْ ضمائرنا وجلّ يراعنا 

أن يرتدي يومًا ثيابَ العار 

بيضُ الصحائف لا يشوب كتابنا

إلا الذي في الكُتْب للأبرار

يا شعرُ إني قد مهرت قصيدتي

بدمٍ غمست نقيعَه في النار[١]

قصيدة: يا والدًا

قال الشاعر فتحي سعيد في قصيدته “يا والدًا”:

أبكيكَ حتى آخرِ الأبدِ 

يا والدًا أغلى من الولدِ

يا صاحبًا قد كان لي مددًا 

فغدوتُ بعدك دونَ ما مدد 

لو تاجرُ الأرواح ساومني 

لدفعتُ فيك حشاشةَ الكبد 

لدفعت فيك بقيةً خفيتْ 

من عمريَ المخبوء في الرصَد 

فرضاك وحدَك كان معتمدي 

وهواك وحدك كان معتقدي

وعليك وحدك طال بي حذري

لم يبقَ لي حذرٌ على أحد! 

يا صاحبًا جمّاً بمفرده 

ليس الصحابُ بكثرة العدد

تهدّ فيّ بقيّة العمد 

وتخطّفتك سفينةٌ مخرتْ 

قلبَ العُباب وقبّةَ الزبدغابت فعيني موجةٌ سبحت

عن رحلة الربّان لم تَحِد 

فعجبتُ كيف الصبحُ مؤتلقٌ؟ 

والشّمسُ! كيف الشمس لم تَمِد؟ 

جالدتُ فيك وجيعةً عظُمتْ 

جلّت عن الكتمان والجَلَد 

وذرفت فيك دموعَ ساقيةٍ 

دارت ولم تحفل بمنتقد 

لم يبقَ في عينيَّ مضطجعٌ 

للدمع كي يرقا ولا السُّهُد 

ولطالما استجديتُ ساكبةً 

عبرَ الضحى سكبًا فلم تجُد 

ثمل الدجى من طول ما هطلتْ

الليلُ بعدك صار مقبرةً 

تقتات من روحي ومن جسدي 

أنكرتُ صمتَك حينما دهمت 

فرأيت صمتك غاية الرشَد 

وبمِحْجريك تلفُّتٌ قلقٌ 

يتواتران كخفق مُرتعد

ولأنت منه ذبالةٌ شهقت 

فوق الفِراش صبيحةَ الأحد 

سُؤْلُ الصغار عليك أرهقني 

وحنينهم قد فتَّ في عضدي 

إن كان غادرَ أين مربعُه 

فلمن أبوح وكنت منطلقي؟ 

فتّشتُ بعدك عنك لم أجد! 

وبمن ألوذُ وكنت مدَّخري

قوَّمتَ من شعري ومن أودي؟

ولكم عهدتك خير متّئدٍ 

فلِمَ رحيلك غير متّئِد!؟

يا والدًا أغلى من الولدِ 

أبكيك حتى آخر الأبد[١]

قصيدة: إلا الشعر يا مولاي

قال الشاعر فتحي سعيد في قصيدته “إلّا الشعر يا مولاي”:

كان السلطان الجالس في قصرهْ
يغتبق فقال لشاعر عصرهْ
والشمسُ بقايا تنحدر رويدًا خلف الأشجارْ
شفَّت كالكأس مزاجٌ من كافورٍ ولُـجينٍ ونُضارْ
قال السلطان وقد حفّ السمّارْ
عَلِّمني يا ربَّ الأشعارْ
عَلِّمني الحكمة والصمتْ
وفنَّ اللعب على هاتيك الأوتارْ
علّمني الفطنة واللغوْ
وتاريخ الفُلْك وفنَّ الإبحارْ
علّمني فنَّ العوم مع التيارِ
وضدَّ التيارْ
علّمني المنطق والجبرْ
وأصل العائلة وفلسفة التيجانْ
علّمني الموسيقا
كي أعزف أغنيةً حين يجنّ الليلُ
وتدركني الأشجارْ
علِّمني الرقصَ
لأعقدَ خصر حبيبي بالكفينْ
نكاد نذوب مع الألحانْ
علِّمني الرسمَ
لأرسمَ وجه حبيبي
حين يطلّ وتأسرني العينانْ
قال الشاعر للسلطانْ
ذلك ميسورٌ «يا مولايْ»
اغرفْ من نبع المعرفة كما شئتَ
فلا حرجٌ على الملك النعمانْ
أن يتقنَ فنّ العزف على مختلف الألوانْ
كان السلطان الجالس في قصرهْ
يغتسل فقال لشاعر عصرهْ
وفتاتُ المسك يضوعُ
وعبقُ العنبر يعبق في البستانْ
والشمسُ شعاعٌ يحبو كالطفلْ
يتسلّق سور الشرفة والأغصانْ
قال السلطان وقد ثمل الندمانْ
عَلِّمني يا شيخَ الكهانْ
عَلِّمني الشعرَ
فإن الشعر خلود الأزمانْ
نَفَسٌ قد قيل من الرحمنْ
عَلِّمنيهِ
فإنك أدرى بالقافية وبالخافية من الأوزانْ
علِّمني كيف أصوغ من الكلماتِ
عقودَ اللؤلؤ والمرجانْ
وأتوِّج جيدَ حبيبي
بقلادة درٍّ ولجينٍ وجمانْ
وأطرِّز بالنظم الذهبيِّ
قوائمَ عرشي والأركانْ
اجعلني فارس هذا الميدانْ
وسيّد كلّ الفرسانْ
لا تجعلْ في الشعر ولا في الشعراء سوايْ!
قال الشاعر للسلطانْ
علمتك كلّ فنون الإنسانْ
وحكيتُ بألسنة الطيرِ
وألسنة الجِنة والإنسِ
وألسنة الحيوانْ
أما الشعرُ فعذرًا يا مولايْ[١]

المراجع

  1. ^ أ ب ت “فتحي سعيد”، المعجم، اطّلع عليه بتاريخ 15/5/2022.






اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب