X
X


موقع اقرا » إسلام » حياة الرسول والصحابة » صبر السابقين الأولين في الدعوة إلى الله

صبر السابقين الأولين في الدعوة إلى الله

صبر السابقين الأولين في الدعوة إلى الله


صور صبر السابقين الأولين في الدعوة إلى الله 

إنّ كلّ موقف وكلّ حركة وكلّ قصة من سيرة صحابة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لها عبرة وفائدة مرجوّة من ذكرها، وفيها من الدروس ما فيها، وفيها من القدوات ما فيها، فالأجدر بنا قياس حياتنا على حياتهم؛ لنحقّق السعادة والهناء في الدنيا والآخرة، بالتطبيق وحسن العمل.[١]

وفيما يأتي ذكر بعض القصص من سيرة بعض الصّحابة -رضوان الله عليهم- نوضّح فيها شدّة صبرهم وصمودهم في الدّعوة إلى الله -تعالى-.

صبر بلال على عذاب أمية بن خلف

كان أميّة بن خلف سيّد بلال بن رباح -رضيَ الله عنه-، ولمّا عَلِم عن إسلامه كان يُخرجه إلى الصّحراء عندما تشتدّ الشمس وتَحمى الرّمال، فيلقيه على ظهره عليها، ويأتي بصخرة كبيرة؛ ليضعها على صدره، ويهدّده بأن تبقى عليه حتى يموت أو يكفر بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فما كان يردد إلّا: “أحدٌ أحد”، فمرّ أبو بكر الصديق -رضيَ الله عنه- فاشتراه من أميّة وأعتقه، وخلّصه من ذاك الجحيم.[٢]

فهذا بلال بن رباح -رضيَ الله عنه- عندما تشرّبت نفسه بـ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)،[٣] أخذ يردّد: أحد أحد، معلناً أنشودة الكفاح الأولى، مُسَطراً أروع التضحيات، ابتدأت حكايته بصخرة لكنّه لم يجعلها عائقاً، وإنّما جعلها منارة صعد بنفسه التواقة إليها، وخلّص ضميره من الرق والعبودية.[٤]

ووقف بوجه الجبروت والظلم، فسما بلا نسب، وعلا من غير جاه، واعتزّ بعز الإسلام، وأثبت لجلادي العالم أجمع أنّ سياط الظلم ومشانق الحق لا تلغي المبادئ والقيم الصادقة، وأنّ التعذيب حين لا يُميت يخلق لنا القادة.[٤]

صبر علي عند تقديم نفسه فداءً عن للنبي

عليّ بن أبي طالب -رضيَ الله عنه- ابن عمّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأوّل مَن أسلم من الصّبيان، جعل نفسه فداءً للنبيّ حين اجتمعت قريش وتآمرت على قتله يوم الهجرة، فأعلمه الله بذلك، فترك لقريش مفاجأة في فراشه، جعلهم ينتظرون خروجه وهم يظنون أنّه نائم.[٥]

فترك الشاب الفتي البطل عليّ بن أبي طالب -رضيَ الله عنه- الذي تحدّى الخوف وتهديد القتل، لأنّ الأعداء قد ينقضّون على الفراش بأيّ لحظة، دون التفريق بينه وبين النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-،[٥] وكان النبيّ قد أمره بالبقاء بمكة المكرمة حيناً من الزمن؛ حتى يردّ الودائع والأمانات إلى أهلها، فرضيَ الله عن علي وأرضاه.[٥]

صبر أبي دجانة أثناء تلقيه الطعنات دفاعاً عن النبي

لقد عُرف أبو دجانة -رضيَ الله عنه- بقوته وشجاعته، فقد كان يُروى عنه في ساحات معارك العدو وحروبها أنّه كان يمشي متكبراً؛ احتقاراً وتصغيراً لشأن العدو، وقد ذُكر عنه يوم أحد أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أخذ سيفاً ونادى بأصحابه: “من يأخذ هذا السيف بحقه؟” فقام أبو دجانة يسأله: وما حقّه؟ فأخبره النبيّ أن يقاتَل به حتى ينحني العدو، فأخذه أبو دجانة من بين الصّحابة الكرام، وعصب رأسه بعصابة، وأدّى حقّه.[٦]

ولمّا اشتدّت المعركة وبدأ المشركون بالاقتراب من النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، قام أبو دجانة وجعل من نفسه درعاً حامياً للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فأخذ يتلقّى السهام في ظهره، وهو صامد لا يهمّه ما أصابه؛ افتداءً للنبي، وحمايةً له، فأظهر شجاعته ومدى حبه وأصحابه للنبيّ، فرضيَ الله عنهم جميعاً.[٧]

صبر أبي بكر على ضرب قريش  

رُوي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ أشد ما وقع من المشركين على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يوم جاء مشرك اسمه عقبة بن أبي معيط، وقد مسك رداءً فلفّه حول عنق النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وهو يصلّي يريد أن يخنقه به، فلحق به أبو بكر الصّديق -رضيَ الله عنه- ودفعه مستنكراً لفعله ولشدّة جحود الكفار على النبيّ الذي جاء يدعوهم إلى توحيد الله -تعالى-.[٨]

فهذا الصّديق الذي لم تأخذه بالله لومة لائم، كان ينتصر لله ولرسوله، حتى لو كان الثمن حياته، فهو في سبيل الدعوة قد دَفَعَ الغالي والنفيس، وفي سبيل نداء الحق، نداء لا إله إلّا الله محمّد رسول الله؛ مرضاة لله -سبحانه-.[٩]

صبر آل ياسر على عذاب قريش

لمّا علمت بنو مخزوم من قريش بإسلام آل ياسر، جاءوا إلى دارهم، وأشعلوا فيها النّار، وقيّدوهم بشدّة، وأخذوا يتفنّنون بتعذيبهم؛ ظنّاً منهم أنّ ذلك سيرجعهم عن دينهم، فتارة بالسياط، وتارة بالخناجر والرماح، وتارة بالحجارة، حتى طلبوا منهم كلمة الكفر.[١٠]

فأبت سميّة والدة عمار، فلقيت حتفها بطعنة من أبي جهل -عليه من الله ما يستحق- فكانت أول شهيدة في الإسلام،[١٠] ثمّ قُتل ياسر زوجها، وقد نال من الاضطهاد والتعذيب ما نال، فكان المسلمون يتحمّلون كل هذه الآلام، وكل هذا الأذى في سبيل دين الإسلام.[١١]

أسماء السابقين الأولين 

فيما يأتي ذكر بعض الصّحابة الذين سبقوا في الإسلام، وكانوا أوّل من صدّق بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وآمن به:[١٢]

  • أبو بكر الصّديق -رضيَ الله عنه-.
  • عليّ بن أبي طالب -رضيَ الله عنه-.
  • خديجة بنت خويلد -رضيَ الله عنها-.
  • زيد بن حارثة -رضيَ الله عنه-.
  • قيس بن حذاقة القرشي -رضيَ الله عنه-.[١٣]
  • الزّبير بن العوام -رضيَ الله عنه-.[١٤]
  • عامر بن فهيرة -رضيَ الله عنه-.[١٥]
  • عثمان بن عفان -رضيَ الله عنه-.[١٦]
  • طلحة بن عبيد الله -رضيَ الله عنه-.[١٦]
  • الخباب بن الأرت -رضيَ الله عنه-.[١٧]
  • آل ياسر: وهم عمّار بن ياسر، وأمّه سمية بنت الخياط، وأبوه ياسر-رضيَ الله عنهم جميعاً-.[١٨]

صفات السابقين الأولين 

نُقل إلينا القرآن الكريم والسنّة النبويّة عدداً من المواقف والأحداث التي نستخلص منها صفات جيل النّصر من الصّحابة -رضوان الله عليهم-، وسورة الحشر خير دليل على ذلك، وفيما يأتي ذكر لبعض صفاتهم هذه:[١٩]

  • صبرهم على الأذى والجوع والعطش.
  • التضحية بالمال والنفس والولد؛ إعلاءً لكلمة التوحيد.
  • حملوا الدين والدعوة على أكتافهم، وكانوا على قدر هذه الأمانة، حتى نقلوها إلينا.

المراجع

  1. راغب السرجاني، السيرة انبوية، صفحة 7. بتصرّف.
  2. سعيد القحطاني، أنواع الصبر ومجالاته، صفحة 69. بتصرّف.
  3. سورة الإخلاص، آية:1
  4. ^ أ ب عائض القرني، سلسلة القمم لأهل الهمم، صفحة 7. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت سعيد القحطاني، الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى، صفحة 235. بتصرّف.
  6. حسن مشاط، إنارة الدجى في مغازي خير الورى صلى الله عليه وآله وسلم، صفحة 258-259. بتصرّف.
  7. موسى العازمي، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 638. بتصرّف.
  8. محمد حسن، فضائل الصحابة، صفحة 8. بتصرّف.
  9. محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 366. بتصرّف.
  10. ^ أ ب خالد الراشد، دروس الشيخ خالد الراشد، صفحة 7-8. بتصرّف.
  11. راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 8. بتصرّف.
  12. سعيد القحطاني، الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى، صفحة 235. بتصرّف.
  13. ابن الأثير، أسد الغابة، صفحة 398. بتصرّف.
  14. عبد الشافي عبد اللطيف، أوائل المؤلفين في السيرة النبوية، صفحة 21. بتصرّف.
  15. السهيلي، الروض الأنف، صفحة 37. بتصرّف.
  16. ^ أ ب ابن سعد، الطبقات الكبرى، صفحة 55. بتصرّف.
  17. محمد النجار، القول المبين في سيرة سيد المرسلين، صفحة 123. بتصرّف.
  18. سعد المرصفي، الجامع الصحيح للسيرة النبوية، صفحة 1006. بتصرّف.
  19. ياسر برهامي، دروس الشيخ ياسر برهامي، صفحة 1. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب