X
X


موقع اقرا » الآداب » أشعار وأدباء » شرح قصيدة الخنساء في رثاء أخيها

شرح قصيدة الخنساء في رثاء أخيها

شرح قصيدة الخنساء في رثاء أخيها


شرح قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر

شرح المقطع الأول

قَذىً بِعَينِكِ أَم بِالعَينِ عُوّارُ

أَم ذَرَفَت إِذ خَلَت مِن أَهلِها الدارُ

كَأَنَّ عَيني لِذِكراهُ إِذا خَطَرَت

فَيضٌ يَسيلُ عَلى الخَدَّينِ مِدرارُ

تَبكي لِصَخرٍ هِيَ العَبرى وَقَد وَلَهَت

وَدونَهُ مِن جَديدِ التُربِ أَستارُ

تَبكي خُناسٌ فَما تَنفَكُّ ما عَمَرَت

لَها عَلَيهِ رَنينٌ وَهيَ مِفتارُ

تَبكي خُناسٌ عَلى صَخرٍ وَحُقَّ لَها

إِذ رابَها الدَهرُ إِنَّ الدَهرَ ضَرّارُ

لا بُدَّ مِن ميتَةٍ في صَرفِها عِبَرٌ

وَالدَهرُ في صَرفِهِ حَولٌ وَأَطوارُ[١]

في هذا المقطع نجد أنّ الخنساء تفتتح قصيدتها بإعلانها البكاء وانهمار الدموع من عينيها، فهاتان العينان ذرفتا كثيرًا من الدموع، حتى أصبحت تتساءل هل هذا البكاء كان بفعل إصابتها بالقذى، ودخول الغبار والأتربة فيها، أم أنّهما احمرّتا بسبب البكاء على فقيد ترك الديار خاليةً من بعده.

ونراها تصف حال هاتين العينين بأنّهما مدرارتان إذا ذُكِر الفقيد أمامها، فهذا الفقيد هو أخوها صخر، الذي مات وغطّاه التراب، فالشاعرة الخنساء في مرثيتها هذه نراها تخالف سنن العرب في الافتتاح بالمقدمة الطللية، وتدخل باب الرثاء مباشرة، فهذا يدل على عمق مصيبتها.

شرح المقطع الثاني

قَد كانَ فيكُم أَبو عَمروٍ يَسودُكُمُ

نِعمَ المُعَمَّمُ لِلداعينَ نَصّارُ

صُلبُ النَحيزَةِ وَهّابٌ إِذا مَنَعوا

وَفي الحُروبِ جَريءُ الصَدرِ مِهصارُ

يا صَخرُ وَرّادَ ماءٍ قَد تَناذَرَه

أَهلُ المَوارِدِ ما في وِردِهِ عارُ

مَشى السَبَنتى إِلى هَيجاءَ مُعضِلَةٍ

لَهُ سِلاحانِ أَنيابٌ وَأَظفارُ

وَما عَجولٌ عَلى بَوٍّ تُطيفُ بِهِ       

لَها حَنينانِ إِعلانٌ وَإِسرارُ

تَرتَعُ ما رَتَعَت حَتّى إِذا اِدَّكَرَت

فَإِنَّما هِيَ إقبال وإدبار

لا تَسمَنُ الدَهرَ في أَرضٍ وَإِن رَتَعَت

فَإِنَّما هِيَ تَحنانٌ وَتَسجارُ

يَوماً بِأَوجَدَ مِنّي يَومَ فارَقَني

صَخرٌ وَلِلدَهرِ ‘حلاء وإمرار

وَإِنَّ صَخراً لَوالِينا وَسَيِّدُنا

وَإِنَّ صَخراً إِذا نَشتو لَنَحّارُ

وَإِنَّ صَخراً لَمِقدامٌ إِذا رَكِبوا

وَإِنَّ صَخراً إِذا جاعوا لعقّار

وَإِنَّ صَخرًا لتأتم الهُداة به

كَأَنَّهُ علمٌ في رأسه نار

جَلدٌ جَميلُ المُحَيّا كامِلٌ وَرِعٌ

وَلِلحُروبِ غَداةَ الرَوعِ مِسعارُ

حَمّالُ أَلوِيَةٍ هَبّاطُ أَودِيَةٍ

شَهّادُ أَندِيَةٍ لِلجَيشِ جَرّارُ

نَحّارُ راغِيَةٍ مِلجاءُ طاغِيَةٍ

فَكّاكُ عانِيَةٍ لِلعَظمِ جَبّارُ

فَقُلتُ لَمّا رَأَيتُ الدَهرَ لَيسَ لَهُ

مُعاتِبٌ وَحدَهُ يُسدي وَنَيّارُ[١]

في هذا المقطع الشعري نجد أنّ الخنساء تتغنّى بأخيها صخر ومآثره، فتخاطب سادة قومها، وتذكرهم بشيمه وأفعاله، فقد كان من الشجعان في الحرب، وكريمًا يشبه في كرمه مورد الماء، فالشاعرة تعلن فجعها وحزنها على أخيها سيد قبيلته في الكرم والشجاعة.

ونراها تؤكّد على كون أخيها كان سيدًا وولي أمر القبيلة، فهو يتقدمها في الحرب، ويسبق الناس في إطعام الفقراء والجائعين، فهو معروف ومشهور بين العرب، فنراها تشبهه بالجبل العظيم، وفوق هذا الجبل نارٌ مشتعلة، فهي بذلك تحاول أن تعمق المعنى القائل بأنّ صخرًا رجل معروف، فهو يلفت الأنظار مثل الجبل الشاهق، وزيادة في ذلك قمة هذا الجبل مشتعلة لزيادة فرصة رؤية هذا الجبل ومعرفته.

شرح المقطع الثالث

لَقَد نَعى اِبنُ نَهيكٍ لي أَخا ثِقَةٍ

كانَت تُرَجَّمُ عَنهُ قَبلُ أَخبارُ

فَبِتُّ ساهِرَةً لِلنَجمِ أرقيُهُ

حَتّى أَتى دونَ غَورِ النَجمِ أَستارُ

لَم تَرَهُ جارَةٌ يَمشي بِساحَتِها

لِريبَةٍ حينَ يُخلي بَيتَهُ الجارُ

وَلا تَراهُ وَما في البَيتِ يَأكُلُهُ

لَكِنَّهُ بارِزٌ بِالصَحنِ مِهمارُ

وَمُطعِمُ القَومِ شَحماً عِندَ مسغبهم

وَفي الجدوبِ كَريمُ الجَدِّ ميسارُ

قَد كانَ خالصتي مِن كُلِّ ذي نَسَبٍ

فَقَد أُصيبَ فَما لِلعَيشِ أوطارُ

مِثلَ الرديني لَم تَنفَذ شَبيبَتُهُ

كَأَنَّهُ تَحتَ طَيِّ البُردِ أُسوارُ

جَهمُ المُحَيّا تُضيءُ اللَيلَ صورَتُه

آباؤُهُ مِن طِوالِ السَمكِ أَحرارُ

مُوَرَّثُ المَجدِ مَيمونٌ نَقيبَتُهُ

ضَخمُ الدسيعة في العزّاءمِغوارُ

فَرعٌ لِفَرعٍ كَريمٍ غَيرِ مُؤتَشَبٍ

جَلدُ المريرة عِندَ الجَمعِ فَخّارُ

في جَوفِ لَحدٍ مُقيمٌ قَد تَضَمَّنَهُ

في رَمسِهِ مُقمطرات وَأَحجارُ

طَلقُ اليَدَينِ لِفِعلِ الخَيرِ ذو فجر

ضَخمُ الدسيعة بِالخَيراتِ أَمّارُ

لَيَبكِهِ مُقتِرٌ أَفنى حَريبَتَهُ

دَهرٌ وَحالَفَهُ بُؤسٌ وَإِقتارُ

وَرِفقَةٌ حارَ حاديهِم بِمُهلِكَةٍ

كَأَنَّ ظُلمَتَها في الطِخيَةِ القارُ

أَلا يَمنَعُ القَومَ إِن سالوهُ خُلعتهُ

وَلا يُجاوِزُهُ بِاللَيلِ مُرارُ[١]

في هذا المقطع نجد أنّ الشاعرة تصف حالها وما أصابها من حزن وأسى على أثر وصول خبر موت أخيها صخر، فصارت تعاني من الأرق وقلة النوم، فذكرى أخيها تؤرقها، وتثير حزنها، فنراها تستحضر مرّة أخرى صفات أخيها الحسنة من كرم وإيثار، ونراها تصف وجهه فهو وجه ممتلئ مكتنز، ينبض حيوية وقوة، فقد كان صخر عظيم البنية حسن الوجه، لا تفارق صورته بال الشاعرة.

المراجع

  1. ^ أ ب ت “قذى بعينك أم بالعين عوار”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2/2/2022. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب