X
X


موقع اقرا » الآداب » مفاهيم ومصطلحات أدبية » شرح قصيدة قوة العلم

شرح قصيدة قوة العلم

شرح قصيدة قوة العلم


شرح قصيدة قوة العلم

كيف ربط الشاعر عدل الأمة وحضارتها بالعلم؟

محمود سامي بن حسن البارودي المصري (1839م – 1904)، شاعر مصري من شعراء العصر الحديث، له الكثير من القصائد في ديوانه الشعري ومنها قصيدة قوة العلم، [١] والتي يقول في مطلعها:[٢]

بِقُوَّةِ الْعِلْمِ تَقْوَى شَوْكَةُ الأُمَمِ

فَالْحُكْمُ فِي الدَّهْرِ مَنْسُوبٌ إِلَى الْقَلَمِ

يبدأ الشاعر القصيدة بذكر أهمية العِلم، وأنّ الأمم لا تتقدم وتتطور إلا بوجود العِلم وتطوره، فالأمة الأقوى هي الأمة التي تتمسك بعلمها فتبني حضارتها بالعِلم والقلم، فيُعمم الشاعر بأن كل شيء في هذا الدهر هو منسوب إلى القلم، أي: إلى العِلم.

كَمْ بَيْنَ مَا تَلْفِظُ الأَسْيَافُ مِنْ عَلَقٍ

وَبَيْنَ مَا تَنْفُثُ الأَقْلامُ مِنْ حِكَمِ

يُفرق الشاعر في البيت السابق بين الأمم المتقدمة والأمم الراكدة، فيقول إنّ الفرق شتان بين أمة تسعى إلى إراقة الدماء والقتل دون أي حق، وبين أمة أخرى تسعى إلى العِلم ولا تكتب أقلامها سوى الحكمة والعدل.

لَوْ أَنْصَفَ النَّاسُ كَانَ الْفَضْلُ بَيْنَهُمُ

بِقَطْرَةٍ مِنْ مِدَادٍ لا بِسَفْكِ دَمِ

يستمر الشاعر في هذا بالحديث عن حضارات الأمم وتقدمها، فيضيف بأن الناس لو أنصفوا وعدلوا فيما بينهم، لكانت نقطة التفاضل الفارقة هي بما تنتجه الأقلام من عِلم وثقافة وتقدم، وليس بما تسفكه السيوف من دماء وقتل.

فَاعْكِفْ عَلَى الْعِلْمِ تَبْلُغْ شَأْوَ مَنْزِلَةٍ

فِي الْفَضْلِ مَحْفُوفَةٍ بِالْعِزِّ وَالْكَرَمِ

يخاطب الشاعر الناس بكافة فئاتهم وأعمارهم، فيقول إنّ الاعتكاف والإقبال على العلم هو الذي سيجعل العالم يصل إلى مبتغاه، والعلم هو الذي يُساند الشخص في الوصول إلى الغاية والعز والكرم.

فَلَيْسَ يَجْنِي ثِمَارَ الْفَوْزِ يَانِعَةً

مِنْ جَنَّةِ الْعِلْمِ إِلَّا صَادِقُ الْهِمَمِ

يُعبّر الشاعر في البيت السابق عن كيفية نيل العِلم ورفعته، وذلك بأن الفوز بالعِلم لا يحدث إلا بصدق النية والعزيمة والإصرار، فالصادق في طلب العِلم لا بد أن يجني في النهاية ثمار جهد وتعبه.

فَاسْتَيْقِظُوا يَا بَني الأَوْطَانِ وَانْتَصِبُوا

لِلْعِلْمِ فَهْوَ مَدَارُ الْعَدْلِ فِي الأُمَمِ

يخاطب الشاعر أبناء الأوطان بأكملهم، إذ يطلب منهم الاستيقاظ والاستعداد من أجل السعي لطلب العلم، فالعِلم هو الذي يجلب الحق والعدل والسعادة للوطن، كما أنه عماد الأمم القوية والثابتة والناجحة.

شِيدُوا الْمَدَارِسَ فَهْيَ الْغَرْسُ إِنْ بَسَقَتْ

أَفْنَانُهُ أَثْمَرَتْ غَضًّا مِنَ الْنِّعَمِ

يستمر الشاعر بمخاطبة أبناء الوطن، إذ يطلب منهم بناء المدارس والتي هي بمثابة البذور التي ستنضج أطيب الثمار وأجملها، فتلك المدارس هي التي ستجلب العِلم والتقدم والحضارة للوطن، وبها سينعم بالنعم.

مَغْنَى عُلُومٍ تَرَى الأَبْنَاءَ عَاكِفَةً

عَلَى الدُّرُوسِ بِهِ كَالطَّيْرِ فِي الْحَرَمِ

يمتدح الشاعر المدارس ودور العِلم، فيشير إلى أنّ هذه المدارس هي غنية بالعلوم والثقافة، والأبناء حين ينصرفون لأخذ العِلم منها، فهم كما الطيور التي تلتزم الحرم فلا تفارقه أو تغادره، فكلاهما يجد مؤنس روحه في مكان توجهه.

يَجْنُونَ مِنْ كُلِّ عِلْمٍ زَهْرَةً عَبِقَتْ

بِنَفْحَةٍ تَبْعَثُ الأَرْوَاحَ فِي الرِّمَمِ

ينتقل الشاعر هنا إلى وصف أبناء المدارس وطلابها، فيشير إلى أنّهم يجنون أنفع العِلم وأحسنه، فهذا العِلم يبعث داخلهم السعادة والفرح، كما تبعث الأزهار الروائح العطرة في العظام البالية.

قَوْمٌ بِهِمْ تَصْلُحُ الدُّنْيَا إِذَا فَسَدَتْ

وَيَفْرُقُ الْعَدْلُ بَيْنَ الذِّئْبِ وَالْغَنَمِ

يستمر الشاعر بمدح طالبي العلم ووصفهم، فيضيف إلى أنّه على أيديهم يتحقق العدل والصلاح في البلاد، فالعِلم هو الذي يحفظ الوطن من الاضطراب والفساد، فينتشر العدل لتصبح الأمة قوية وثابتة لا يُستهان بها.

وَكَيْفَ يَثْبُتُ رُكْنُ الْعَدْلِ فِي بَلَدٍ

لَمْ يَنْتَصِبْ بَيْنَهَا لِلْعِلْمِ مِنْ عَلَمِ

يبدأ الشاعر البيت السابق بأسلوب استفهام غرضه التعجب، فيتساءل كيف يُمكن أن يتحقق العدل في وطن لا يسوده العِلم، فالعِلم هو ركيزة كل تطور واطمئنان في كافة الأوطان، ولولا العِلم لانتشر الظلم والفساد.

لَوْلا الْفَضِيلَةُ لَمْ يَخْلُدْ لِذِي أَدَبٍ

ذِكْرٌ عَلَى الدَّهْرِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَدَمِ

يضيف الشاعر في البيت السابق فضل العِلم وقيمته، وأنّه لولا هذا العِلم لفني الأدباء وأخبارهم وتاريخهم، فالعِلم هو الذي يُخلد الأدباء والعلماء، وهو الذي يُحافظ على ذكرهم بعد الموت والفناء.

معاني المفردات في قصيدة قوة العلم

  • شوكة الأمم: قوة الأمم.[٣]
  • العلق: الدم الغليظ أو الجامد.[٤]
  • تنفث الأقلام: تكتب الأقلام.[٥]
  • أنصف: عَدَل.[٦]
  • المداد: الحبر.[٧]
  • اعكف على العلم: أقبل عليه والتزم به.[٨]
  • شأو: الغاية والشأن.[٩]
  • محفوفة بالعلم: محاطة به.[١٠]
  • يانعة: ناضجة.[١١]
  • الهمم: العزيمة.[١٢]
  • المدار: المحور ومركز الاهتمام.[١٣]
  • شيدوا: ابنوا.[١٤]
  • بسقت: ارتفعت وطالت.[١٥]
  • أفنانه: الغصن المستقيم من الشجرة.[١٦]
  • عاكفة: المقيم والمنصرف لطلب العلم.[١٧]
  • يجنون: من الفعل جنى بمعنى يقطفون.[١٨]
  • الرمم: البالي من كل شيء.[١٩]
  • ينتصب: يقف ويُرفع عاليًا.[٢٠]
  • يخلد: يبقى ويدوم.[٢١]
  • العدم: الفناء.[٢٢]

الصور الفنية في قصيدة قوة العلم

كيف ربط الشاعر بالتشبيه بين السيف والقلم؟

  • كَمْ بَيْنَ مَا تَلْفِظُ الأَسْيَافُ مِنْ عَلَقٍ
وَبَيْنَ مَا تَنْفُثُ الأَقْلامُ مِنْ حِكَمِ

شبّه الشاعر في البيت السابق الدماء التي تسيل من السيوف بالكلام الذي يُخرج من الفم، كما شبّه القلم بفم الشاعر الذي ينفث الشعر بإلهامه وعباراته، وهنا ذكر الشاعر المشبه وهو لفظ الدماء ونفث الأقلام، بينما حذف المشبه به في الصورتين وهو الكلام الخارج من الفم، والألفاظ التي تنفث من فم الشاعر، والاستعارة هنا هي استعارة مكنية.

  • فَلَيْسَ يَجْنِي ثِمَارَ الْفَوْزِ يَانِعَةً
مِنْ جَنَّةِ الْعِلْمِ إِلَّا صَادِقُ الْهِمَمِ

شبّه الشّاعر السعي في طلب العِلم، بجناء الثمار الناضجة وقطفها، وهنا حذف الشاعر المشبه وهو طلب العلم، بينما صرّح بالمشبه به وهو ثمار الفوز، فالاستعارة هنا هي استعارة تصريحية.

  • شِيدُوا الْمَدَارِسَ فَهْيَ الْغَرْسُ إِنْ بَسَقَتْ
أَفْنَانُهُ أَثْمَرَتْ غَضّاً مِنَ الْنِّعَمِ

شبّه الشاعر بناء المدارس وتأسيسها، بالبذور التي تغرس فتنضج أطيب الثمار وأنضجها، وهنا الشاعر صرّح بالمشبه وهو بناء المدارس، كما صرّح بالمشبه به وهو أغصان الغرس المثمر، والتشبيه هنا هو تشبيه بليغ.

  • مَغْنَى عُلُومٍ تَرَى الأَبْنَاءَ عَاكِفَةً
عَلَى الدُّرُوسِ بِهِ كَالطَّيْرِ فِي الْحَرَمِ

شبّه الشاعر الأبناء وهم يذهبون من أجل طلب العِلم بالطيور التي تمضي إلى الحرم، وهنا صرّح الشاعر بالمشبه به والمشبه، كما أنه أضاف أداة التشبيه ووجه الشبه، فالتشبيه هنا هو تشبيه مفصل.

  • يَجْنُونَ مِنْ كُلِّ عِلْمٍ زَهْرَةً عَبِقَتْ
بِنَفْحَةٍ تَبْعَثُ الأَرْوَاحَ فِي الرِّمَمِ

شبّه الشاعر السعي بطلب العَلم، بقطف الزهور العطرة، فكلاهما يبعث السعادة والروح الطيبة والخيرة في النفس، وهنا حذف المشبه وهو السعي للعلم، بينما صرّح بالمشبه به وهو قطف الزهر، فالاستعارة هنا هي استعارة تصريحية.

تحليل قصيدة قوة العلم

إنَّ هذه القصيدة قدَّمت رؤيةً حَداثيّة للواقع العربي المعاصر الذي كان يعيشه الشاعر في القرن التاسع حيث عاش البارودي وأثبت أنَّ ميزان القوة في العالم اختلفَ في عقول الناس من السيف إلى اليراع، ولها يمكن اعتبار نصَّ البارودي هذا استشرافًا للمستقبل القريب، فاليوم وبعد مرور ما يزيد على مئة عام من موت البارودي، تحققت نبوءته وأصبحَ العلمُ أساسَ التفاضل بين الناس دون شكَّ، وهذا ما أشار إليه وما بيَّنه شرح قصيدة قوة العلم للشاعر، حين قال:

لَوْ أَنْصَفَ النَّاسُ كَانَ الْفَضْلُ بَيْنَهُمُ

بِقَطْرَةٍ مِنْ مِدَادٍ لا بِسَفْكِ دَمِ

ثمَّ أكَّد في قصيدته على معنى من معاني الحياة وهو الذكر بعد الموت، ولإقامة الحجة على من يعارض رأيه، جاء الشاعر بمثالٍ حيٍّ ومباشر، وهو أهرامات مصر، وكيف أنَّ الفراعنة فنوا واندرست رسومهم ولكنَّ أعمالهم العظيمة لم تزل شاهدة عليهم، يقول:

كَمْ أُمَّةٍ دَرَسَتْ أَشْبَاحُهَا وَسَرَتْ

أَرْوَاحُهَا بَيْنَنَا فِي عَالَمِ الْكَلِمِ

فَانْظُرْ إِلَى الْهَرَمَيْنِ الْمَاثِلَيْنِ تَجِدْ

غَرَائِبًا لا تَرَاهَا النَّفْسُ فِي الْحُلُمِ

ومن هذه المعاني العظيمة أخذ نصُّ البارودي قيمتَه الكبيرة، وأوصل حكمة بالغة الأهمية، نبغي على كلِّ الأمم أن تعمل بها كي تصل إلى أعلى المراتب وأرفع المنازل في هذه الحياة.

المراجع[+]

  1. “محمود سامي البارودي”، مكتبة نور، اطّلع عليه بتاريخ 17/02/2021م. بتصرّف.
  2. ” بقوة العلم تقوى شوكة الأمم”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 17/02/2021م. بتصرّف.
  3. “تعريف و معنى شوكة في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/02/2021م. بتصرّف.
  4. “تعريف و معنى العلق في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/02/2021م. بتصرّف.
  5. “تعريف و معنى تنفث في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/02/2021م. بتصرّف.
  6. “تعريف و معنى انصف في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/02/2021م. بتصرّف.
  7. “تعريف و معنى المداد في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/02/2021م. بتصرّف.
  8. “تعريف و معنى اعكف في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/02/2021م. بتصرّف.
  9. “تعريف و معنى شأو في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/02/2021م. بتصرّف.
  10. “تعريف و معنى محفوفة في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/02/2021م. بتصرّف.
  11. “تعريف و معنى يانعة في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/02/2021م. بتصرّف.
  12. “تعريف و معنى الهمم في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/02/2021م. بتصرّف.
  13. “تعريف و معنى مدار في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/02/2021م. بتصرّف.
  14. “تعريف و معنى شيدوا في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/02/2021م. بتصرّف.
  15. “تعريف و معنى بسقت في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/02/2021م. بتصرّف.
  16. “تعريف و معنى افنانه في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/02/2021م. بتصرّف.
  17. “تعريف و معنى عاكف في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/02/2021م. بتصرّف.
  18. “تعريف و معنى جنى في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/02/2021م. بتصرّف.
  19. “تعريف و معنى الرمم في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/02/2021م. بتصرّف.
  20. “تعريف و معنى ينتصب في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/02/2021م. بتصرّف.
  21. “تعريف و معنى يخلد في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/02/2021م. بتصرّف.
  22. “تعريف و معنى العدم في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/02/2021م. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب