موقع اقرا » الآداب » مفاهيم ومصطلحات أدبية » شرح قصيدة جمال الريف

شرح قصيدة جمال الريف

شرح قصيدة جمال الريف


صاحب قصيدة جمال الريف

الشاعر محمود غنيم (1902م- 1972م)، كاتب قصيدة جمال الريف، شاعر مِصريّ من شعراء العصر الحديث، ولدَ في قرية مليج التابعة لمحافظة المنوفية عام 1902م، بدأ بتلقّي تعليمه في مدرسة قريته، وأكمل حفظَ القرآن الكريم فيها، وأكمل دراسة الثانوية في المعاهد الدينية عام 1924م، عملَ في التدريس في المدارس الأولية، وعام 1924م دخل إلى كليّة العلوم إلى أن تخرَّجَ فيها بعد 4 سنين، وعملَ بعد ذلك مدرسًا في مدينة كوم حمادة لمدة تسع سنين كتب فيها أروع قصائده، ثمَّ انتقل إلى القاهرة وتمَّ اختياره كمدير لمدرسة الأورمان، وتمَّت ترقيتُه ليعملَ مفتِّشًا في اللغة العربية، ثمَّ عَميدًا للغةِ في وزارةِ التربية والتَّعليم، وتوفي عام 1972م، وفي هذا المقال سيتمُّ تناول قصيدته في جمال الريف بالشرح والتحليل.[١]

شرح قصيدة جمال الريف

كيف استطاع الشاعر أن يُجسد الطبيعة ويخاطبها؟

للشاعر غنيم الكثير من القصائد التي ضُمنت في دواوينه، وهي من قصائد العصر الحديث، ومن ضمنها قصيدة جمال الريف التي تُعد من شعر الطبيعة[٢] التي يقول فيها:[٣]

زعموكَ مرعًا للسَوام وليتَهم

زعموكَ مرعًا للعقولِ خَصيبَا

يبدأ الشاعر قصيدته بأسلوب الخطاب، إذ يخاطب الشاعر الطبيعة والريف ويقول لها: إنّ الناس ظنوا بها أنّها لرعي الماشية فقط، بيد أن هذه الطبيعة هي رعي لكل العقول، فهي تربيها وتجعل العقل يُدرك جمالها من خلال التمعن بها، وبجمال الخالق في إبداع تفاصيلها.

فهيَ القرائحُ أنتَ مصدرُ وحيها

كم بتَّ تُلهِم شاعرًا وخطِيبا

يستمر الشاعر بمخاطبة طبيعة الريف ويقول لها: إنّها كانت السبب في إبداع الشعراء وكتاباتهم، فهي سبب الإلهام لهم، إذ كانت بمثابة المكان الذي يوحي للشعراء بإبداعهم، ويبث بهم مصدر قول الشعر ونظمه.

حيَّيتُ فيكَ الثابتين عقائدًا

والطَّاهرينَ سرائرًا وقُلوبا

ينتقل الشاعر هنا من مخاطبة الريف إلى مخاطبة أهل الريف، والسكان الذين هناك فهو يعتز بهم، ويفخر بعقائدهم الثابتة، وطيبة قلوبهم وصفائها، إضافة إلى طهارة نفوسهم، وهذه الصفات هي التي ميّزت سُكان الريف وجعلت الشاعر يُعجب بهم.

والذَّاهبات إلى الحقول بواكرًا

يمشي العفافُ ورائهنَّ رقيبا

يستمر الشاعر بمدح الريف وجمال أهلها، ومنهن الفتيات اللواتي يستيقظن باكرًا للعمل في الحقول، إذ تفوح منهن ريحة عفافهن وقمة أخلاقهن وطهارتن، وأنّ هذه الأخلاق والعفة تمشي من خلفهنّ وكأنها تراقب خطواتن الخلوقة.

سلبتْ عذاراكَ الزهورَ جمالَها

فبكَتْ تريدُ جمالَها المسلوبا

يستمر الشاعر هنا بمدح فتيات الريف وجمال أخلاقهن، ويضيف أنّهن أخذن جمالهن من زهور الطبيعة، فأصبحت هذه الزهور تبكي تريد إعادة جمالها من الفتيات، ذلك لأن الفتيات تجاوزن جمال الزهور فأصبحن أجمل من كل شيء.

كسَت الطَّبيعة وجهَ أرضِكَ سُندسًا

وحبَتْ نسيمَك إذ تضوَّع طيبا

يعود الشّاعر هنا ليخاطب الريف فيقول لها: إنّ الطبيعة قد غطّت أرضك بالجواهر والحرير الرقيق، ومنحتك الرائحة الجميلة والرقيقة، فأصبحت النسائم تحمل الريح العطرة والتي تفوح من هذه الأرض الطيبة.

بسطٌ تظلِّلها الغصون كما انحنَت

أمٌّ تقبِّل طفلَها المحبوبا

يستمر الشاعر هنا بالتغزل بطبيعة الريف وجمالها، فيقول إنّ هذه الأرض الخضراء هي كما البساط المفروش، والذي يظلله الغصون، وتلك الغصون عندما تنحني على الأرض فهي كما الأم تنحني لتقبل أطفالها بكل رقة وجمال.

وبدا النخيلُ غصونُه فيروزجٌ

يحملنَ من صافِي العقيقِ حبوبا

ينتقل الشاعر هنا إلى مدح أشجار هذه الطبيعة وجمالها، إذ يشير إلى أنّ أغصان هذه الأشجار هو كما الفيروز بجمالها، وأن تلك الأشجار هي لا تحمل أوراق الشجر فقط، بل هي كأنها تحمل الأحجار الكريمة والصافية.

سربانِ من بطٍّ وبيضٍ خرَّدٍ

يتباريانِ سباحةً ووثوبا

يستمر الشاعر بوصف جمال الطبيعة في الريف، وما يراه هناك، فيقول إنّ أسراب البط وأسراب هذه الفتيات العفيفات، يتباريان ويتسابقن في السباحة والقفز، وكلاهما هما يضيفان الشيء الجميل للطبيعة، فيزدن من جمالها.

في الرّيف فتيانٌ تسيل جباههُم

عرقًا فيصبحُ لؤلؤًا مثقوبَا

ينتقل الشاعر من وصف الفتيات إلى وصف الفتيان، فيشير إلى شجاعتهم وأنّهم فتيان حقيقيّون، وذلك يظهر في قدرتهم على القيام بعملهم الشاق والذي يستدعي إلى العرق بأن يسيل من جباههم، وكأنه اللؤلؤ الصافي.

لا فتيةٌ مردٌ بأيدٍ بضَّةٍ

في كلِّ يومٍ يلبسونَ قشِيبا

يقول الشاعر إنّ هذه الريف الجميلة لا يوجد فيها فتية أياديهم بيضاء، كما لا يوجد فتية يلبسون الملابس الناصعة والجديدة، بل ملابسهم هي فاسدة، وذلك لأنهم يعيشون من أجل العمل وليس الرفاهية، إذ يظهر الكد والجهد على أثوابهم وأيديهم.

الأفكار الرئيسة في قصيدة جمال الريف

تحملُ قصيدة جمال الريف للشاعر محمود غنيم العديد من الأفكار رغم أنَّ فكرة القصيدة الأساسية هي التغني بجمال الريف وطبيعته الغناء، وفيما يأتي أهمُّ الأفكار التي تناولتها القصيدة:

  • نقدُ الفكرة الشائعة عن الريف بأنَّه مكان لرعي المواشي فقط.
  • الريف مكان يلهمُ الشعراء والخطباء ومنبعٌ للقرائح النقية.
  • توجيهُ تحيَّة من الشاعر لأهل الريف، لأنَّهم ثابتون على طبيعتهم ومبادئهم النقية.
  • التغنِّي بجمال الريف وطبيعته الساحرة وما فيه من نباتات وأشجار وطيور.
  • وصف عفَّة فتيات الريف وجمالهن.
  • وصفُ فتيان الرِّيف وما يتميزونَ به من قوة وعزيمة.

معاني المفردات في قصيدة جمال الريف

  • السوام: من المصدر سام، وهي تعني أن الراعي ترك الماشية ترعى كيفما شاءت.[٤]
  • خصيبًا: كثيرة النماء، وتُقال للأرض كثيرة العشب.[٥]
  • القرائح: جمع قريحة وهي الملكة ارتجال الكلام وقوله.[٦]
  • حييت: هي مجموعة من تعابير المودة والاحترام.[٧]
  • العفاف: الامتناع عن الفعل السيء، وعن كل ما لا يحل ولا يليق.[٨]
  • سلبت: ما يؤخذ ويُسلب قهرًا.[٩]
  • سندسًا: هو نوع من الثياب الفاخرة والجميلة.[١٠]
  • نسيمك: الريح اللينة واللطيفة.[١١]
  • فيروزج: هو حجر كريم غير شفاف معروف بجمال لونه القريب إلى اللون الأخضر.[١٢]
  • العقيق: نوع من أنواع الخرز التي يقترب لونه إلى اللون الأحمر.[١٣]
  • بيض خرّد: المقصود بهن الفتيات العفيفات.[١٤]
  • وثوبًا: القفز.[١٥]
  • بأيدٍ بضّة: الأيادي الناعمة والصافية.[١٦]
  • قشيبا: الثوب المهتئ والفاسد.[١٧]

الصور الفنية في قصيدة جمال الريف

كيف استطاع الشاعر التشبيه بين أغصان الطبيعة وحنان الأم؟

  • فهيَ القرائحُ أنتَ مصدرُ وحيها
كم بتَّ تُلهِم شاعرًا وخطِيبا

يُشبه الشاعر في البيت السابق الطبيعة بأنّها مصدر الوحي، فهي بمثابة الوحي الملهم للإنسان، وذلك بسبب ما تؤثره في الشاعر وتبعث به الإبداع والجمال، وهنا صرّح الشاعر بالمشبه به وهو الوحي، ولكنه حذف المشبه وهي الطبيعة، ونوع الاستعارة هنا هي استعارة تصريحية.

  • والذَّاهبات إلى الحقول بواكرًا
يمشي العفافُ ورائهنَّ رقيبا

شبّه الشّاعر في البيت السابق عفة وأخلاق الفتيات اللواتي يعشن في الريف، بالرقيب الذي يذهب خلف الآخرين مراقبًا أخطائهم، وهنا صرّح الشاعر بالمشبه وهو العفاف والأخلاق، كما صرّح بالمشبه به وهي كلمة “رقيبًا”، والتشبيه هنا هو تشبيه بليغ لاحتوائه على المشبه والمشبه به.

  • سلبتْ عذاراكَ الزهورَ جمالَها
فبكَتْ تريدُ جمالَها المسلوبا

شبّه الشاعرجمال الفتيات بجمال الزهور، إذ يُشبه الزهور بالإنسان الذي يبكي بسبب فقدانه من أُخذ منه، فذكر المشبه وهو الزهور، بينما حذف المشبه به وهو الإنسان، والاستعارة هنا هي استعارة مكنيّة.

  • بسطٌ تظلِّلها الغصون كما انحنَت
أمٌّ تقبِّل طفلَها المحبوبا

يُشبّه الشاعر في البيت السابق الغصون عندمل تميل لتظلل أراضي الريف الخضراء، فهي كما الأم بميلها عندما تنحني لتقبل طفلها المحبوب، والشاعر هنا صرّح بالمشبه والمشبه به، والتشبيه هو تشبيه بليغ.

  • وبدا النخيلُ غصونُه فيروزجٌ
يحملنَ من صافِي العقيقِ حبوبا

شبّه الشاعر أغصان شجر النخيل بالفيروز، كما شبه أوراق هذه الأشجار التي تحملها الغصون بالعقيق، فصرّح الشاعر هنا بالمشبه وهي الأغصان، كما صرّح بالمشبه به وهو الأحجار الكريمة، والتشبيه هنا هو تشبيه بليغ، وذلك كناية عن شدة جمال كل منهن.

  • في الرّيف فتيانٌ تسيل جباههُم
عرقًا فيصبحُ لؤلؤًا مثقوبَا

شبّه الشاعر العرق الذي يسيل من جباه الفتيان وهم يقومون بأعمالهم في الريف، وكأنه اللؤلؤ الصافي والمثقوب، وهنا صرّح الشاعر بالمشبه وهو عرق جباه الفتيان، كما صرّح بالمشبه به، فالتشبيه هو تشبيه بليغ.

المراجع[+]

  1. “القضايا الأساسية والصور البيانية في شعر محمود غنيم من خلال ديوان “صرخة في واد”(2)”، ألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 17/2/2021. بتصرّف.
  2. “محمود غنيم”، بوابة الشعراء، اطّلع عليه بتاريخ 16/02/2021م. بتصرّف.
  3. “الريف”، بوابة الشعراء، اطّلع عليه بتاريخ 16/02/2021م. بتصرّف.
  4. “تعريف و معنى السوام في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 16/02/2021م. بتصرّف.
  5. “تعريف و معنى خصيبا في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 16/02/2021م. بتصرّف.
  6. “تعريف و معنى القرائح في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/2/2021. بتصرّف.
  7. “تعريف و معنى حييت في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 16/02/2021م. بتصرّف.
  8. “تعريف و معنى العفاف في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/2/2021. بتصرّف.
  9. “تعريف و معنى سلبت في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 16/02/2021م. بتصرّف.
  10. “تعريف و معنى سندس في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/2/2021. بتصرّف.
  11. “تعريف و معنى نسيم في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/2/2021. بتصرّف.
  12. “تعريف و معنى فيروز في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 16/02/2021م. بتصرّف.
  13. “تعريف و معنى العقيق في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 16/02/2021م. بتصرّف.
  14. “تعريف و معنى خرّد في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 16/02/2021م. بتصرّف.
  15. “تعريف و معنى وثوبا في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 16/02/2021م. بتصرّف.
  16. “تعريف و معنى بضة في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 16/02/2021م. بتصرّف.
  17. “تعريف و معنى قشيبا في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 16/02/2021م. بتصرّف.






اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب