شرح قصيدة البردة

شرح قصيدة البردة


شرح قصيدة البردة 

من صاحب قصيدة البردة؟

قصيدة البُردة هي من تأليف الشاعر كعب بن زهير بن أبي سلمى المزي، الذي يُعدُّ واحدًا من فحول الشعراء المخضرمين، فقد شهد العصر الجاهلي وعصر صدر الإسلام[١]، وفيما يأتي شرح لقصيدته التي كتبها في عصر صدر الإسلام واشتهرت باسم البُردة:[٢][٣]

بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ

مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُجزَ مَكبولُ

يستهلّ الشّاعر بردته ببيتٍ ذكر فيه فراقه عن امرأته، حتى أصبح رجلًا متبولًا مُتيّمًا ومُقيّدًا بالحبّ، فقد كان سبب فرقته هذه هروبه من النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعدما وصله الوعيد منه، ويرى كعب أنّه استهلّ قصيدته بالغزل فقد ذكر في مقدمتها سعاد وهي امرأته وابنة عمّه وذكر فراقه وابتعاده عنها، وأنّ قلبه لا زالَ مرتهنًا عندها، فليس يرى له خلاص، ولعلّ كعبًا في غزله هذا قد تأثّر بشكلٍ لافتٍ بوالده زهير بن أبي سلمى في بعض قصائده الغزليّة، وتظهر في هذا البيت عاطفة الشّاعر الحزينة فهي تسيطر على نفسه حتى صار قلبه في غاية الضّنى والسّقم.

وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا

إِلّا أَغَنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ

هَيفاءُ مُقبِلَةً عَجزاءُ مُدبِرَةً

لا يُشتَكى قِصَرٌ مِنها وَلا طولُ

تَجلو عَوارِضَ ذي ظَلمٍ إِذا اِبتَسَمَت

كَأَنَّهُ مُنهَلٌ بِالراحِ مَعلولُ

شُجَّت بِذي شَبَمٍ مِن ماءِ مَحنِيَةٍ

صافٍ بِأَبطَحَ أَضحى وَهُوَ مَشمولُ

تَجلو الرِياحُ القَذى عَنُه وَأَفرَطَهُ

مِن صَوبِ سارِيَةٍ بيضٍ يَعاليلُ

يا وَيحَها خُلَّةً لَو أَنَّها صَدَقَت

ما وَعَدَت أَو لَو أَنَّ النُصحَ مَقبولُ

لَكِنَّها خُلَّةٌ قَد سيطَ مِن دَمِها

فَجعٌ وَوَلعٌ وَإِخلافٌ وَتَبديلُ

فَما تَدومُ عَلى حالٍ تَكونُ بِها

كَما تَلَوَّنُ في أَثوابِها الغولُ

وَما تَمَسَّكُ بِالوَصلِ الَّذي زَعَمَت

إِلّا كَما تُمسِكُ الماءَ الغَرابيلُ

كَانَت مَواعيدُ عُرقوبٍ لَها مَثَلًا

وَما مَواعيدُها إِلّا الأَباطيلُ

أَرجو وَآمُلُ أَن يَعجَلنَ في أَبَدٍ

وَما لَهُنَّ طِوالَ الدَهرِ تَعجيلُ

فَلا يَغُرَّنَكَ ما مَنَّت وَما وَعَدَت

إِنَّ الأَمانِيَ وَالأَحلامَ تَضليلُ

في هذا المقطع يذكر الشّاعر امرأته ويبدأ بتعداد أوصافها ظاهرها وباطنها، فقد وصف جسمها بالصورة الماديّة الحسيّة، ومثال ذلك: غضيض الطرف وكحيل والهيفاء والعجزاء والقصر والطول والابتسام، بالإضافة إلى أنّه يصف أحوالها الباطنة كإظهاره لأخلاقها؛ كالصدق والوعد والفاجع والولع والخالف وغيرها من الأوصاف، ولزيادة التأثير عند قارئ وسامع القصيدة، أخذ كعب بن زهير أسلوب استخدام التعبير بالتشبيه المعروف في اللغة العربية، كما يظهر بقوله: كأنه منهل بالراح، وكما تلوّن في أثوابها الغول، وغيرها من صور التشبيه.

لم يزلْ الشّاعر في هذه الأبيات يُظهر شعوره بالحزن وتعلقه بالحبّ لامرأته، فكأنّه يقول: يا رسول الله، عندما فارقت امرأتي أكاد أسمعها تئن أنينًا كأنين الظبي الذي يوجد في صوته غنّة، وسعاد امرأة كاملة الجسم بدون نقص، وإذا ما ابتسمت فإنّها تزهر عوارضها جليّة صفيّة، كحال الذي يشرب الخمر مرّة تلو الأخرى وهي صديقة كريمة، ولو أنّها صدقت وعدها وقبلت النّصح لكان حالها أفضل، إلّا أنّها مع الأسف أصبحت متّصفة بالولع ومخالفة الوعد حتى أصبحت مواعيدها كمواعيد عرقوب الباطلة وتغيّر حالها حتى أصبحت كالثور الذي تلون بألوان، ومع ذلك كلّه فإنّي لا زلت أرجو مودّتها ولم أيأس من وصلها والرجوع إليها.

أَمسَت سُعادُ بِأَرضٍ لا يُبَلِّغُها

إِلّا العِتاقُ النَجيباتُ المَراسيلُ

وَلَن يُبَلِّغها إِلّا عُذافِرَةٌ

فيها عَلى الأَينِ إِرقالٌ وَتَبغيلُ

مِن كُلِّ نَضّاخَةِ الذِفرى إِذا عَرِقَت

عُرضَتُها طامِسُ الأَعلامِ مَجهولُ

تَرمي الغُيوبَ بِعَينَي مُفرَدٍ لَهَقٍ

إِذا تَوَقَدَتِ الحُزّانُ وَالميلُ

ضَخمٌ مُقَلَّدُها فَعَمٌ مُقَيَّدُها

في خَلقِها عَن بَناتِ الفَحلِ تَفضيلُ

حَرفٌ أَخوها أَبوها مِن مُهَجَّنَةٍ

وَعَمُّها خَالُها قَوداءُ شِمليلُ

يَمشي القُرادُ عَلَيها ثُمَّ يُزلِقُهُ

مِنها لَبانٌ وَأَقرابٌ زَهاليلُ

عَيرانَةٌ قُذِفَت في اللَحمِ عَن عُرُضٍ

مِرفَقُها عَن بَناتِ الزورِ مَفتولُ

كَأَنَّ ما فاتَ عَينَيها وَمَذبَحَها

مِن خَطمِها وَمِن اللَحيَينِ بَرطيلُ

تَمُرُّ مِثلَ عَسيبِ النَخلِ ذا خُصَلٍ

في غارِزٍ لَم تَخَوَّنَهُ الأَحاليلُ

قَنواءُ في حُرَّتَيها لِلبَصيرِ بِها

عِتقٌ مُبينٌ وَفي الخَدَّينِ تَسهيلُ

تَخدي عَلى يَسَراتٍ وَهيَ لاحِقَةٌ

ذَوابِلٌ وَقعُهُنُّ الأَرضَ تَحليلُ

سُمرُ العُجاياتِ يَترُكنَ الحَصى زِيَمًا

لَم يَقِهِنَّ رُؤوسَ الأُكُمِ تَنعيلُ

يَوماً يَظَلُّ بِهِ الحَرباءُ مُصطَخِماً

كَأَنَّ ضاحِيَهُ بِالنارِ مَملولُ

كَأَنَّ أَوبَ ذِراعَيها وَقَد عَرِقَت

وَقَد تَلَفَّعَ بِالقورِ العَساقيلُ

وَقالَ لِلقَومِ حاديهِم وَقَد جَعَلَت

وُرقُ الجَنادِبِ يَركُضنَ الحَصى قيلوا

شَدَّ النهارُ ذِراعًا عَيطلٍ نَصَفٍ

قامَت فَجاوَبَها نُكدٌ مَثاكيلُ

نَوّاحَةٌ رَخوَةُ الضَبعَين لَيسَ لَها

لَمّا نَعى بِكرَها الناعونَ مَعقولُ

تَفِري اللِبانَ بِكَفَّيها وَمِدرَعِها

مُشَقَّقٌ عَن تَراقيها رَعابيلُ

يَسعى الوُشاةُ بِجَنبَيها وَقَولُهُم

إِنَّكَ يَا بنَ أَبي سُلمى لَمَقتولُ

وَقالَ كُلُّ خَليلٍ كُنتُ آمُلُهُ

لا أُلفِيَنَّكَ إِنّي عَنكَ مَشغولُ

ينتقل الشاعر في هذا المقطع بعد تعداده لأوصاف امرأته إلى تعداده لأوصاف ناقته، وقد اختلف هنا طريقة تعبيره لأوصاف ناقته عن طريقته وأسلوبه في تعداده لأوصاف امرأته، فيصفها بالصورة الماديّة الحسيّة، ويأخذ الأوصاف الدّالة على معانٍ كريمةٍ عظيمةٍ وقوية لناقته، كالعتاق والعذافرة والضحم والعيرانة وغيرها من الأوصاف، وكأنّ كعبًا في وصفه لناقته ينتهي لكمال أوصافها فلا يتأخّر منها شيء سواء من جسمها أم جلدها أم سيرها أم حتى نسبها وأحوالها، فيفصّل كلّ ذلك بتفصيل محدّد ومُبيّن، كما نحا الشاعر في تأدية هذه الأوصاف منحى استخدام أسلوب التشبيه، الذي يريد أن يترك به أثرًا بعيدًا وقويًّا لدى السامعين لقصيدته، كما في قوله: “كأن أوب” و”كأنما فات” وغيرها، ومن الواضح أنّ وصف الشاعر في قصيدته هذه كان مرآة للسلوك الذي يسلكه مجتمعه باستخدامه للناقة على أنّها حيوان مهمّ في حياتهم الاجتماعية.

فَقُلتُ خَلّوا طَريقي لا أَبا لَكُمُ

فَكُلُّ ما قَدَّرَ الرَحمَنُ مَفعولُ

كُلُ اِبنِ أُنثى وَإِن طالَت سَلامَتُهُ

يَومًا عَلى آلَةٍ حَدباءَ مَحمولُ

أُنبِئتُ أَنَّ رَسولَ اللَهِ أَوعَدَني

وَالعَفُوُ عِندَ رَسولِ اللَهِ مَأمولُ

مَهلًا هَداكَ الَّذي أَعطاكَ نافِلَةَ ال

قُرآنِ فيها مَواعيظٌ وَتَفصيلُ

لا تَأَخُذَنّي بِأَقوالِ الوُشاةِ وَلَم

أُذِنب وَلَو كَثُرَت عَنّي الأَقاويلُ

ثمّ ينتقل الشاعر في هذا المقطع من وصفه لامرأته وناقته إلى شيء جديد وغرض آخر وهو الغاية من إلقاء هذه القصيدة، فقد ذكر في هذا المقطع أصدقاءه وقومه المتغيرين الذين كانوا مدافعين عنه وأصبحوا مُعاندين له كالأعداء، وكأنّه هنا يصف للنبي -صلى الله عليه وسلم- حالته النفسية الهائمة من تلقّي وعيده وسلوك امرأته تجاهه ومن حوله من القوم المتغيرين من دافعين إلى معاندين، فهو يفزع ويخاف من أحوال المُحيطين به، وكأنّ الأرض الواسعة الرّحبة أصبحت ضيقة لا ترضى له أن يعيش حياته فوقها دون صاحبة وقوم، ويظهر من خلال هذه الأبيات استسلامه للرسول -عليه السلام- وتوبته، لأنّ طريق الرسول هو الطريق القويم في حقيقته، وإنّما رحمة الرسول وعفوه هو رجاؤه الوحيد، فيتوب عما قبل ويؤمن حياته فيما بعد، بأنّه رضي بمحمد رسول الله.

لَقَد أَقومُ مَقامًا لَو يَقومُ بِهِ

أَرى وَأَسمَعُ ما لَو يَسمَعُ الفيلُ

لَظَلَّ يُرعَدُ إِلّا أَن يَكونَ لَهُ

مِنَ الرَسولِ بِإِذنِ اللَهِ تَنويلُ

ما زِلتُ أَقتَطِعُ البَيداءَ مُدَّرِعًا

جُنحَ الظَلامِ وَثَوبُ اللَيلِ مَسبولُ

حَتّى وَضَعتُ يَميني لا أُنازِعُهُ

في كَفِّ ذي نَقِماتٍ قيلُهُ القيلُ

لَذاكَ أَهَيبُ عِندي إِذ أُكَلِّمُهُ

وَقيلَ إِنَّكَ مَسبورٌ وَمَسؤولُ

مِن ضَيغَمٍ مِن ضِراءَ الأُسدِ مُخدِرَةً

بِبَطنِ عَثَّرَ غيلٌ دونَهُ غيلُ

يَغدو فَيَلحَمُ ضِرغامَين عَيشُهُما

لَحمٌ مِنَ القَومِ مَعفورٌ خَراذيلُ

إذا يُساوِرُ قِرنًا لا يَحِلُّ لَهُ

أَن يَترُكَ القِرنَ إِلّا وَهُوَ مَفلولُ

مِنهُ تَظَلُّ حَميرُ الوَحشِ ضامِرَةً

وَلا تُمَشّي بِواديهِ الأَراجيلُ

وَلا يَزالُ بِواديِهِ أخَو ثِقَةٍ

مُطَرَّحُ البَزِّ وَالدَرسانِ مَأكولُ

إِنَّ الرَسولَ لَسَيفٌ يُستَضاءُ بِهِ

مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللَهِ مَسلولُ

في هذا المقطع يظهر كعب مادحًا ومستعطفًا للرسول -عليه الصلاة والسلام-، ويذكر خصوصية النبي محمد -عليه السلام-، الذي نزل عليه القرآن الكريم المليء بالحكم والمواعظ، كما ذكر إفساد مَن حوله من القوم من أحواله وذكر خوفه وفزعه، إلا أنّ قلبه سكن بين يدي رسول الله وثبتت نفسه، ثّم علل خوفه كأنه يقوم أمام من هو أهيب من السباع، وقد اتبع الشاعر في هذا المقطع استخدام أسلوب المدح الجيد للنبي، بالإضافة إلى ذكره لأبيات استعطاف مؤثرة كقوله مثلًا: “مهال هداك الذي أعطاك نافلة القرآن” وقوله: “وحتى وضعت يميني ما أنازعه”.

في عُصبَةٍ مِن قُرَيشٍ قالَ قائِلُهُم

بِبَطنِ مَكَّةَ لَمّا أَسَلَموا زولوا

زَالوا فَما زالَ أَنكاسٌ وَلا كُشُفٌ

عِندَ اللِقاءِ وَلا ميلٌ مَعازيلُ

شُمُّ العَرانينِ أَبطالٌ لَبوسُهُمُ

مِن نَسجِ داوُدَ في الهَيجا سَرابيلُ

بيضٌ سَوابِغُ قَد شُكَّت لَها حَلَقٌ

كَأَنَّها حَلَقُ القَفعاءِ مَجدولُ

يَمشون مَشيَ الجِمالِ الزُهرِ يَعصِمُهُم

ضَربٌ إِذا عَرَّدَ السودُ التَنابيلُ

لا يَفرَحونَ إِذا نالَت رِماحُهُمُ

قَومًا وَلَيسوا مَجازيعًا إِذا نيلوا

لا يَقَعُ الطَعنُ إِلّا في نُحورِهِمُ

ما إِن لَهُم عَن حِياضِ المَوتِ تَهليلُ

يختتم الشاعر قصيدته بمدح الرسول -عليه السلام- وأنصاره، فهو صاحب نور الهدى الساطع ولم يزل سيفه المهند مسلولًا لحماية هذا النور الإلهي، ثمّ يشرع في تعداد الصفات التي تدلّ على البطولة ومعانيها والنصارى في الحرب، ولا يغفل ذكر نسبهم وسؤددهم ووقارهم، كما ظهر في الأبيات: في عصبة من قريش، والكشف عند اللقاء، وشم العرانين أبطال، وما لهم عن حياض الموت تهليل، كما استخدم الشاعر التشبيه والكناية بكثرة في هذا المقطع، والشجاع من وجهة نظره هو الذي يتلقى الطعن في صدره، أما الذي يهرب من المعركة فهو الجبان الذي تصيبه الطعنة في ظهره.

بعد هذه الجولة حول شرح قصيدة البردة، يمكن استخلاص الحالة النفسية العميقة في شعر كعب، فقد صدرت عاطفته من تجربته الدينية والشعرية وغيرت حياته من الحياة الجاهلية إلى دين الإسلام.

معاني المفردات في قصيدة البردة

  • البين: الفراق.[٤]
  • الأغنّ: صوت الظبي من خيشومه.[٥]
  • شبم: الماء البارد.[٦]
  • أبطحَ: الأماكن المتسعة في الوديان بين الجبال.[٧]
  • الخلة: الصداقة والصحبة.[٨]
  • الغرابيل: مفردهاغربال، هو أداة دائرية يغربل بها الطحين وما إلى ذلك، تشبه الدف ويشد محيطها جلد أو معدن به ثقوب صغير تنقي المادة المغربلة.[٩]
  • العتاق: القديمة والأصيلة.[١٠]
  • النجيبات: نجائب الأشياء لبابها وخالصها.[١١]
  • عذافرة: النَّاقَةُ الشَّدِيدَةُ الْأَمِينَةُ الْوَثِيقَةُ الظَّهِيرَةُ.[١٢]
  • الذفرى: العظم الموجود خلف الأذن.[١٣]
  • اللهق: الأبيض.[١٤]
  • فعم: الممتلئ.[١٥]
  • الأطوم: حيوان بحري، مؤخره كمؤخر السمك، له يدان وليس له رجلان.[١٦]
  • الزهاليل: جمع زهلول وهو الأملس.[١٧]
  • برطيل: حجر طويل صلب.[١٨]
  • الزيم: المتفرقة.[١٩]
  • القور: جَمْع قارَة وَهِيَ الجَبل.[٢٠]
  • العساقيل: السراب.[٢١]
  • رعابيل: قطع، والرعبولة القطعة من الشيء.[٢٢]
  • حدباء: نعش.[٢٣]
  • البيداء: الصحراء.[٢٤]
  • الغيل: موضع الأسد.[٢٥]
  • العرانين: ما صَلُبَ من عَظْم الأنف حيث يكون الشَّمَمُ.[٢٦]
  • القفعاء: حشيشةٌ ينبُتُ فيها حَلَقٌ كحَلَقِ الخواتم، إِلاَّ أَنها لا تلتقي أَطرافُها.[٢٧]

الصور الفنية في قصيدة البردة

  • تَجلو عَوارِضَ ذي ظَلمٍ إِذا اِبتَسَمَت
كَأَنَّهُ مُنهَلٌ بِالراحِ مَعلولُا

يصف الشاعر محبوبته ويُشبهها عندما تظهر ضحكتها وأسنانها الجميلة بالخمر الذي يشربه الإنسان فيُذهب عقله ويُنسيه مرضه، فهي أيضًا عندما تضحك وتظهر عوارضها تُذهب عقله وتنسيه مرضه تمامًا كالخمر، كما شبّه الراح وهو اسم من أسماء الخمر بماء العين الذي تشرب منه الإبل، فالمشبه زوجته والمشبه به الخمر ووجه الشبه ذهاب العقل.

  • فَما تَدومُ عَلى حالٍ تَكونُ بِها
كَما تَلَوَّنُ في أَثوابِها الغولُ

يشبه الشاعر زوجته في هذا بالبيت بالغول، وهو حيوان خرافي كان مرعبًا عند العرب قديمًا، والغول هو كل ما يغتال الإنسان، فيصف المرأة التي يحبها يتغير حالها وتتبدل وتتلون تمامًا كحيوان الغول الذي كانوا يعرفون أنه لا يوجد حيوان حقيقي بهذا الاسم، فالمشبه هنا زوجته والمشبه به الغول ووجه الشبه التبدل والتلون.

  • وَما تَمَسَّكُ بِالوَصلِ الَّذي زَعَمَت
إِلّا كَما تُمسِكُ الماءَ الغَرابيلُ

يصف الشاعر زوجته في هذا البيت الشعري ويقول إنّه لا يمكن الوثوق بها لأنها لا تبقى على عهدها معه، ويشبهها بالغربال الذي تُصفى به الأشياء، ويوضع به الماء، وبلا شك لا يمكن للماء أن يبقى به، فقد شبّه زوجته باالغربال في عدم بقائها على العهد، فالمشبه هنا زوجته والمشبه به الغربال ووجه الشبه عدم الوثوق بهما.

  • كَانَت مَواعيدُ عُرقوبٍ لَها مَثَلًا
وَما مَواعيدُها إِلّا الأَباطيلُ

شبّه الشاعر وعود زوجته الباطلة بمواعيد عرقوب، وعرقوب هو رجل من العمالقة مشهور عند العرب، واسمه عرقوب بن معبد كان يخلف المواعيد ولا يأتي لها أصلًا، فالمشبه هنا زوجته والمشبه به عرقوب ووجه الشبه مخالفة الوعود.

  • كَأَنَّ ما فاتَ عَينَيها وَمَذبَحَها
مِن خَطمِها وَمِن اللَحيَينِ بَرطيلُ

يصف الشاعر ناقته في هذا البيت، ويشبه منحرها وهو مكان الذبح وأنفها وعظمات شعر اللحية للناقة بالبرطيل وهو الحجر الذي يستخدم في سلاح المنجنيق، للدلالة على أنّ رأس الناقة كان كبيرًا، فالمشبه هو رأس الناقة والمشبه به البرطيل ووجه الشبه كبر الحجم.

  • يَومًا يَظَلُّ بِهِ الحَرباءُ مُصطَخِمًا
كَأَنَّ ضاحِيَهُ بِالنارِ مَملولُ

يصف الشاعر في هذا البيت الأماكن والطرق التي تسير بها ناقته دون أي خوف أو رهبة في الوقت المشمس شديد الحرارة والشمس تحرق الأرض كأنما هي كرات من نار، فقد شبّه الشمس بكرات النار التي تحرق المكان الذي يستقبلها، فالمشبه الشمس والمشبه به كرات النار الحارقة ووجه الشبه الحرارة الشديدة.

  • كَأَنَّ أَوبَ ذِراعَيها وَقَد عَرِقَت
وَقَد تَلَفَّعَ بِالقورِ العَساقيلُ

يصف الشاعر في هذا البيت ناقته ويصف رجوع أطرافها للخلف حين مشيها وقد عرقت عرقًا شديدًا من الحر الشديد بالعساقيل وهو السراب، فكمية العرق الذي تساقط من أطرافها حين ترجعها بسرعة شديدة للخلف كأنه السراب الذي يحسبه المسافر ماءً، فالمشبه هو عرق الناقة والمشبه به السراب ووجه الشبه تساقط الماء.

  • بيضٌ سَوابِغُ قَد شُكَّت لَها حَلَقٌ
كَأَنَّها حَلَقُ القَفعاءِ مَجدولُ

يشبه الشاعر في هذا البيت دروع الفرسان المهاجرين من المسلمين بالدروع المصقولة اللامعة بالنبات المتشابك الذي ينمو على وجه الأرض، ويقول عن الدروع إنّها متصلة وتتداخل في بعضها البعض كنبات القفعاء الذي يحتوي على حلقات متشابكة تشبه الدروع، فالمشبه هنا دروع الفرسان والمشبه به نبات القفعاء المتشابك ووجه الشبه الشك وإدخال الشيء في الآخر.

  • إِنَّ الرَسولَ لَسَيفٌ يُستَضاءُ بِهِ
مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللَهِ مَسلولُ

يُشبّه الشاعر الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذا البيت بالسيف وهذا السيف يضيء الطريق لجميع الناس، فالمشبه الرسول والمشبه به السيف ووجه الشبه النور، كما شبّه السيف بالضوء في بث النور فالمشبه هنا السيف والمشبه به محذوف وهو الضوء، أمّا وجه الشبه بث النور وذلك على سبيل الاستعارة التصريحية.

المراجع[+]

  1. جمال الدين النحوي، شرح قصيدة بانت سعاد، صفحة 13. بتصرّف.
  2. “كعب بن زهير يمدح الرسول عليه السلام”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م. بتصرّف.
  3. “بانت سعاد فقلبي اليوم متبول”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 19/2/2021.
  4. “معنى كلمة البين”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.
  5. “معنى كلمة الأغن”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.
  6. “معنى كلمة شبم”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.
  7. “معنى كلمة أبطح”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م. بتصرّف.
  8. “معنى كلمة الخلة”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.
  9. “معنى كلمة غرابيل”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.
  10. “معنى كلمة العتاق”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.
  11. “معنى كلمة النجيبات من معجم اللغة العربية المعاصرة”، عرب ديكت، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.
  12. “معنى عذفر في معجم اللغة العربية لسان العرب”، المعجم، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.
  13. “معنى الذفرى في قاموس معاجم اللغة”، المعاجم، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.
  14. “معنى كلمة اللهق في معجم الصحاح في اللغة”، المعاجم، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.
  15. “معنى كلمة فعم في معجم لسان العرب”، الجواب، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.
  16. “معنى كلمة الأطوم”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.
  17. “معنى كلمة زهاليل من معجم مقاييس اللغة”، الترجمان، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.
  18. “معنى كلمة برطيل”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.
  19. “تفسير كلمة زيم”، لسان العرب، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.
  20. “معنى كلمة قور”، موسوعة رواة الحديث، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.
  21. “معنى كلمة عساقيل”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.
  22. “معنى كلمة رعابيل”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.
  23. “معنى كلمة حدباء”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.
  24. “معنى كلمة البيداء”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.
  25. “معنى كلمة الغيل”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.
  26. “معنى كلمة العرانين”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.
  27. “معنى كلمة القفعاء”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/02/2021م.






اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب