X
X


موقع اقرا » الآداب » مفاهيم ومصطلحات أدبية » شرح الاستعارة التصريحية

شرح الاستعارة التصريحية

شرح الاستعارة التصريحية


تعريف الاستعارة التصريحية

كيف تُنعت وتتصف الكلمات والألفاظ بالتزيّن؟

يقصد من الاستعارة باللغة بأنّها هي الشيء المُتداول بين الناس، واستعار الشيء أي طلب أن يُعيطه إياها على أن يرده إليه ثانية[١]، أمّا عن الاستعارة اصطلاحًا فقد توزّعت مفاهيم البلاغيون بذلك، وقد عرّفها القاضي الجرجاني وقال: “بأنها هي أحد أعمدة الكلام، وعليها المعول في التوسّع والتّصرف، وبها يتوصّل إلى تزيين اللفظ، وتحسين النظم والنثر”، وعرّفها ابن الأثير بأنّها: “الاستعارة نقل المعنى من لفظ إلى لفظ لمشاركة بينهما مع طيّ ذكر المنقول إليه”[٢]، أما عن التعريف الدقيق للاستعارة التصريحيّة

فهي تعتمد على مفاهيم ما سبق، ولكنّها تقتصر على أركان التشبيه، فهي ما صُرّح فيها بلفظ المشبه به وحُذف لفظ المشبه، أي ما استعير فيه لفظ المشبه به للمشبه.[٣]

ما الفرق بين أنواع الاستعارة؟ الإجابة في هذا المقال:الفرق بين الاستعارة المكنية والتصريحية.

شرح الاستعارة التصريحية

كيف تخرج العبارة عن أصلها في جملة الاستعارة؟

إنّ الاستعارة التصريحيّة هي من أقسام علم البلاغة، سُميت كذلك لأنّه صُرح بالمشبه به وهو (الركن الثاني) في جملة التشبيه، وهو المستعار منه في جملة الاستعارة، بيد أنّه حُذف المشبه وهو (الركن الأول) المستعار له، إضافة لوجود قرينة تربط بين المشبه والمشبه به، وتُشير إلى المشبه المحذوف، كما فرّق اللغويون بين الاستعارة والتشبيه، ومنهم الرماني، فقال: “التشبيه بأداة التشبيه في الكلام، وهو على أصله لم يغير في الاستعمال، وليس ذلك في الاستعارة؛ لأن مخرج الاستعارة مخرج ما العبارة ليست له في أصل

اللغة”، أي أن التشبيه هو المقاربة بين شيئين دون حذف المشبه أو المشبه به، وفي حين حُذفت أحد الأركان تخرج العبارة عن أصلها، وتُصبح استعارة[٤]، مثال ذلك:

  • في المدرسة نجوم نسير على هديها: تتضح الاستعارة التصريحيّة في الجملة السابقة من خلال حذف المشبه، وهم المعلمون، مع التصريح بوجود المشبه به وهي كلمة نجوم، إذ شُبّه المعلمون بالنجوم، والقرينة هنا أنّ كلاهما ينيران الطريق الصائب للوصول.
  • أطربنا البلبل الرائع بصوته في احتفال الأمس: إنّ الجملة السابقة جاء المشبّه به محذوفًا، بيد أنه صُرّح بالمشبه به وهو البلبل، والمشبه هنا هو المغني، إذ شُبه المغني بالبلبل وذلك لشدة جمال صوته، والقرينة هنا أن كلا المغني والبلبل لديهما صفة الصوت الجميل.
  • رأيت القمر يخرج في الصباح: إنّ الاستعارة في الجملة السابقة يتّضح أنّها تصريحيّة، وذلك لأنّه صُرّح بالمشبه به وهو القمر، وحُذف المشبه وهو الفتاة، والتشبيه بين الفتاة والقمر هو شدة جمال كل منهما، والقرينة الدالة هنا أن القمر لا يخرج في الصباح وإنما بالليل.

أمثلة عن الاستعارة التصريحية

كيف يُمكن أن يتمثل الطباق من خلال العلاقة بين صُور الاستعارة؟

تعتمد الاستعارة التصريحية على حذف المشبه والتصريح بالمشبه به، ولبيان هذا النوع، هناك طائفة من الأمثلة التي تُوضح وتُسهل كيفيّة استخراج الاستعارة التصريحية.

أمثلة عن الاستعارة التصريحية من القرآن الكريم

  • قال الله سبحانه وتعالى: َ”مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً ۚ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ”.[٥]

إنّ الاستعارة التصريحيّة في الآية الكريمة السابقة اتّضحت من خلال تشبيه الكفار والظالمين بالصم أي: الذين لا يسمعون، إضافة إلى تشبيههم بالبكم أي: الذين لا ينطقون، ومن ثم تشبيههم بالعمي الذين لا يرون، إذ حُذف المشبه وصُرح بالمشبه به، مع وجود قرينة دالة وهي صفة الكُفر والتي تدل على الكفار.[٦]

  • قال الله سبحانه وتعالى: “اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولئِك أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ”.[٧]

ظهرت الاستعارة التصريحيّة في الآية الكريمة السابقة من خلال تشبيه وُصف بأنّه من أحسن التشبيهات، وهو تشبيه الكفر بالظلمات وتشبيه الإيمان بالنور، وهنا حُذف المشبه أي الكفر والإيمان، ولكنَّه صُرّح بالمشبه به وهو الظلمات والنور، والعلاقة بينهما أن الكُفر كالظلمة التي يتخبط بها الفرد ويضل مقصده، أما الإيمان فهو كالنور الذي يهتدي إليه الحائر والضائع، وبين صورتي التشبيه يتضح الطباق.[٦]

  • قال الله سبحانه وتعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ۖ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ”.[٨]

جاءت الاستعارة التصريحيّة في الآية السابقة، في قوله تعالى “إلا أن تغمضوا فيه”، ولكن بداية الآية هي التي تُكسب هذه الجملة صفة الاستعارة، فعملية الإغماض تتم حول رزق الإنسان بالطيبات من الله تعالى، وحول الرزق المُستخرج من الأرض، وهنا شُبه تجاوز المؤمنين عن الشيء الجدير بالمؤاخذة وهو الشيء المشبه المحذوف، بالمرء الذي يُغمض عينيه ليتفادى رؤية ما يكره وهو المشبه به المذكور.[٦]

  • قال الله سبحانه وتعالى: “فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا”.[٩]

في الآية السابقة جاءت الاستعارة التصريحيّة من خلال تصوير الجدار بأنّه إنسان من خلال صفة الإرادة والتي لا يمتلكها سوى الإنسان العاقل، وهنا إذ تمت استعارة صفة الإرادة للجدار وهو الشي الجماد وغير العاقل، وهنا حُذف المشبه وهي إرادة الإنسان العاقل، وصُرح بالمشبه به وهو الجدار الذي يتماسك من الوقوع، والعلاقة هنا بين ميل الجدار للسقوط وبين من يريد هذا السقوط من العقلاء.[١٠]

أمثلة عن الاستعارة التصريحية من الشعر

  • وأَمْطَرَتْ لُؤْلُؤًا مِنْ نَرْجِسٍ وَسَقَتْ
وَرْدًا وَعَضَّت عَلَى العُنَّابِ بِالْبَرَدِ

جاءت الاستعارة التصريحيّة في البيت الشعري السابق في خمسة مواضع، حيث شبّه الشاعر الدموع باللؤلؤ وذلك لعلاقة اللون والشكل بينهما، كما شبّه العيون بالنرجس وذلك لعلاقة الجمال والذبول، وشبّه الخدود بالورد لتقارب النضارة واللون، كما شبّه الأنامل وهي أطراف الأصابع بالعناب وذلك لما يجمع بينهما من طراوة، وشبّه الأسنان بحبات البرد إشارة إلى شدة البياض والصفاء، وفي هذه المواضع الخمسة حُذف المشبه وصُرح بالمشبه به.[١١]

  • أَما تَرى ظَفَرًا حُلوًا سِوى ظَفَرٍ
تَصافَحَت فيهِ بيضُ الهِندِ وَاللِمَمُ

إنّ المتنبي في البيت الشعري السابق كان يمتدح سيف الدولة الحمداني، إذ يقول إنّ الانتصار في المعركة أدّى إلى تصافح السيوف مع الرؤوس، وفي الحقيقة عكس ذلك أي أن السيوف لا تُصافح الرؤوس بل تلقي بهم أرضًا، وهنا شبّه الشاعر تلاقي السيوف بالررؤوس بتصافح الأيدي، فالمشبه محذوف وهو كلمة تلاقت، فصُرح بالمشبه به وهو تصافحت، والقرينة هي بيض الهند (السيوف) باللمم (الرؤوس).[١٢]

  • وَأَقبَلَ يَمشي في البِساطِ فَما دَرى
إِلى البَحرِ يَمشي أَم إِلى البَدرِ يَرتَقي

جاءت الاستعارة التصريحيّة في البيت السابق من خلال المجاز اللّغوي في كلمة البحر والبدر، إذ شبّه المتنبي سيف الدولة بالبحر وذلك لرحابة صدره واتساعه، كما شبّهه بالبدر بالرفعة وعلو مكانته، والمشبه محذوف وهو سيف الدولة، بينما صُرّح بالمشبه به وهما البحر والبدر.[١٣]

  • وَأَلقى الشَرقُ مِنها في ثِيابي
دَنانيرًا تَفِرُّ مِنَ البَنانِ

شبّه الشاعر في البيت السابق دوائر الضوء التي تسلل إليه عبر أوراق الشجر بفِعل رياح الشرق، بالدنانير الزئبقيّة والتي يصعب الإمساك بها، إذ صُرح بالمشبه به وهو الدنانير الزئبقيّة، وحُذف المشبه وهو الدوائر الضوئيّة، والقرينة هنا هي ألقى الشرق، والعلاقة بين الدنانير والدوائر الضوئيّة هي البياض والاستدارة.[١٤]

  • شَيَّعوا الشَمسَ وَمالوا بِضُحاها
وَاِنحَنى الشَرقُ عَلَيها فَبَكاها

إنّ الشاعر أحمد شوقي في البيت السابق يرثي سعد زغلول زعيم مصر، وهنا شبّهه بالشمس التي تُشرق وتغيب، وهنا الشاعر صرّح بالمشبه به وهو الشمس، ولكنه حذف المشبّه وهو سعد زغلول، والعلاقة بين طرفي التشبيه هي شدة الحاجة لكل منهما، وقوة النفع بوجودهما.[١٥]

جمل عن الاستعارة التصريحية

  • رأيت بحرًا يتصدّق على الفقراء: تظهر الاستعارة التصريحيّة في الجملة السابقة بحذف المشبه والتصريح بالمشبه به، والمشبه المحذوف هو الرجل الكريم صاحب الجود والعطاء، أمّا المشبه به فهو البحر، والقرينة الدالة هي التصدق على الفقراء، أما العلاقة فهي المُشابهة بين الطرفين بالكرم والعطاء اللامتناهي.[١٦]
  • رأيت أسدًا في المعركة: تتّضح الاستعارة التصريحيّة في الجملة السابقة من خلال التصريح بالمشبّه به وهو الأسد، وحذف المشبه وهو الرجل الشجاع، والقرينة الدالة هي خوض المعركة، أمّا عن العلاقة فهي المُشابهة بالقوة بين طرفي التشبيه.[١٦]
  • خَطَبَ الأسدُ فوق المنبر: إنّ الاستعارة التصريحيّة في الجملة السابقة تتّضح بالمجاز اللّغوي في الجملة، أي بين كلمتي الأسد وخطب، فيستحيل أن يخطب الأسد، ولكنّها على سبيل الاستعارة التصرحيّة فهي ممكنة، والمشبّه هنا محذوف وهو الخطيب الذي يقوم بالخطبة بالناس، وقد صُرّح بالمشبّه به وهو الأسد، والقرينة الدالة هي الخطبة فوق المنبر، أمّا عن العلاقة فهي قوة وقع الكلمة ومشابهتها بقوة أثر الأسد.[١٦]

الفرق بين الاستعارة والتشبيه

مع أن الاستعارة في تعريفها هي تشبيه إلا أنه لا بد من فارق بينهما، وهذا ما وضحه الجرجاني عندما قال عن الاستعارة أنها تقوم على إلغاء ذكرالمشبه؛ كي لا يُفهم من ظاهر الحال إرادته، ومن ذلك قول أحدهم: “رأينا البحر” وهو يريد أن يمدح رجلًا بكرمه، ومن خلال استعمالها يتبين للسامع أن المراد ليس المعنى اللغوي للاسم، بل المراد الاستعمال المجازي وهذا يتضح من خلال القرائن، مثل دليل الحال، أو من خلال سياق الكلام، ومن دون وجود القرائن سينصرف الذهن إلى المعنى الأصلي للاسم ولن يتضح المراد.[١٧]

أما التشبيه فيقوم على ذكر الطرفين المتعلق بهما التشبيه، وهنا يكون المعنى أوضح وأيسر فعندما يقول أحدهم: “الملك بحر” سيكون الشبه واضحًا بين الملك وهو المشبه، وبين البحر وهو المشبه به، ولن يخطر ببال السامع أن يفكر بالمعنى اللغوي الأصلي لكلمة البحر، بل إنه سيفهم مباشرة أن القصد هو عطاء البحر وكرمه؛ إذا لا يمكن أن يتخيل عاقل أن يكون الرجل والبحر كالشيء الواحد، إنما هو يتمتع بصفة من صفات البحر، ولذلك شُبه به.[١٧]

المراجع[+]

  1. “تعريف و معنى استعار في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2020. بتصرّف.
  2. عبد العزيز عتيق، علم البيان، صفحة 175. بتصرّف.
  3. عبد العزيز عتيق، علم البيان، صفحة 176. بتصرّف.
  4. أكرم علي معلا، فاعلية الاستعارة في التركيب اللغوي للأدب، صفحة 19. بتصرّف.
  5. سورة البقرة، آية:171
  6. ^ أ ب ت ثناء عائشة خان، الاستعارة في آيات الإيمان والكفر في سورة البقرة، صفحة 115-116. بتصرّف.
  7. سورة البقرة، آية:257
  8. سورة البقرة، آية:267
  9. سورة الكهف، آية:77
  10. “الاستعارة في القرآن.. معناها.. وأمثلة عنها”، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2020. بتصرّف.
  11. فلاح حسن محمد، قطوف دانية في علوم البلاغة، صفحة 14. بتصرّف.
  12. عبد العزيز عتيق، علم البيان، صفحة 177. بتصرّف.
  13. عبد العزيز عتيق، علم البيان، صفحة 176. بتصرّف.
  14. محمد أحمد قاسم، علوم البلاغة، صفحة 200. بتصرّف.
  15. “منصة قلم”، الاستعارة التصريحية، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2020. بتصرّف.
  16. ^ أ ب ت “الاستعارة التصريحية والمكنية”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2020. بتصرّف.
  17. ^ أ ب “تعريف الاستعارة والفرق بينها وبين التشبيه”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-10-2019. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب