X
X


موقع اقرا » إسلام » الكبائر في الإسلام » رأي الفقهاء في جريمة الشرف

رأي الفقهاء في جريمة الشرف

رأي الفقهاء في جريمة الشرف


رأي الفقهاء في جريمة الشرف

جاء الإسلام ليبين ويؤكد على قدسية النفس البشرية وكرامتها، ورعاية الشريعة الإسلامية لهذه النفس بكافة الأحكام التي شرعها الخالق -جل جلاله-، وهذا مما لا يخفى على أي باحث في العلوم الشرعية؛ إذ يظهر له الاعتناء بالنفس كمقصد أولي من مقاصد الشريعة الإسلامية.[١]

وبالحديث عن جريمة الشرف، فإنه يمكننا ابتداء تعريف المقصود بها: وهي الجريمة التي يرتكبها أحد أفراد العائلة في حق فتاة قريبة له كزوجته أو ابنته أو غير ذلك، وذلك على خلفية حماية شرف العائلة،[٢] وقد تصدر هذه الجرائم في حالات نادرة عن المرأة بحق زوجها الزاني.

كما أن هذه الجرائم قد تصدر في حال ثبوت الزنا على الفتاة المقتولة، أو في حال مجرد الشكِّ دون ثبوت الزنا، وبناء على ذلك فإن بيان الحكم يظهر من خلال تفصيل ذلك من خلال العناوين الآتية:

رأي الفقهاء في جريمة الشرف إن ثبت على الفتاة الزنا

إن ثبوت الزنا على الفتاة يعني وجود إحدى ثلاثة أشياء: أولها: وجود أربعة شهود قد رأوا جريمة الزنا بتفصيلها، وثانيها: الاعتراف بالزنا والإقرار به دون التراجع عنه، والثالث: الحمل للفتاة إذا ثبت أنها لم تكن متزوجة أو كان من غير الزوج،[٣] وفي هذه الحالة فإن الحكم في جريمة الزنا يظهر من خلال الآتي:

  • الحالة الأولى: أن تكون الفتاة غير محصنة شرعًا

إن الزنا من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله، كما أن له مفاسد كبيرة تعود على المجتمع بكل شر، وبالنظر إلى عقوبة زنا الشخص غير المحصن، بمعنى أنه غير المتزوج؛ فقد قرر الفقهاء أن العقوبة هي الجلد مائة جلدة، وذلك لقوله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ).[٤]

كما يجب التنبه إلى أن هذا الحد قد يدرأ ببعض الشبهات كالنكاح بلا موافقة الولي، كما أن هناك شروطًا يثبت بها حد الزنا، وهي كالآتي:[٣]

  • أن يكون المرتكب للزنا بالغًا عاقلًا، فلا يقام الحد على المجنون.
  • أن لا يكون الحاصل مقدمات الزنا، بل الزنا نفسه وهو يحصل بتغييب الحشفة كلها في فرج المرأة.
  • انتفاء الشبهة عن الحد، والشبهات كثيرة فصلها الفقهاء في كتبهم.
  • ثبوت الزنا بإحدى البينات الثالثة المذكورة سابقًا.
  • عدم الإكراه، بأن لا تكون الفتاة مكرهةً على الزنا، وهو ما يعرف حاليًا بالاغتصاب.

وبناء على ما سبق؛ فإن القتل بذريعة الشرف للشخص غير المحصن يدخل فيه محذوران شرعيان: الأول: أن فيه إزهاقًا للنفس البشرية بغير الحق؛ لأن الشرع قرر العقوبة بالجلد باتفاق الفقهاء، والزيادة على مقدار الحد غير جائزة، والثاني: أن ترك الأمر للأولياء لتطبيق مثل هذه الحدود أو القتل فيه اعتداء على سلطة القضاء في الدولة، وسبب لانتشار الفوضى.[٥]

  • الحالة الثانية: أن تكون الفتاة محصنة شرعًا

أما في حال ثبوت الزنا على المحصن شرعًا، ويقصد بالمحصن أي المتزوج، فقد ثبت أنّ الحدّ عليه شرعًا هو الرجم حتى الموت، رجلًا كان أو امرأة، وهذا يعني أن الزنا من قبل المحصن شرعًا يستوجب القتل، كما أن الشروط التي سبق ذكرها، والتي تشترط لثبوت الزنا تنطبق أيضًا على هذه الحالة.[٣]

وبالنسبة لحكم جرائم الشرف في هذه الحالة، فإن الأصل أن من دخل على زوجته فوجدها تزني؛ فإن كان معه أربعة شهود فيذهب بهم إلى القضاء ليشهدوا معه، وبذلك يطبق الحكم من قبل القضاء على الزوجة الزانية، وذلك بعد إقامة البينة الكاملة دون وجود ما يدرأ الحد، بثبوت الزنا بالبينة القطعية.[٦]

وأما إن لم يجد الرجل أربعة شهود، فقد شرع الله له الملاعنة كوسيلة لإثبات جريمة الزنا على الزوجة، وذلك لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ* وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ)،[٧] وذلك بأن يحلف بالله أربعة مرات بأنه صادق في ادعائه، ثم الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان يكذب في ذلك.[٨]

وأما حكم قتل الرجل لزوجته في حال رآها متلبسة بالزنا فقد اتفق الفقهاء على جواز ذلك من باب تغيير المنكر لا إقامة للحد، كمن يدخل عليها وهي تزني ويتملكه الغضب، ويمتلك بينة قطعية على إثبات الزنا،[٦] وقد اتفقوا على أن الزوج إذا امتلك بينة قطعية تثبت قتله لها بدافع الزنا؛ فإن البينة تسقط القصاص أو الدية عنه.[٢]

رأي الفقهاء في جريمة الشرف إن لم يثبت على الفتاة الزنا

إن الشك في سلوك شخص ما أو الاشتباه به؛ لا يعد بينة تبيح إقامة الحد أو القتل على شخص ما، بل إن الشك يفسر غالبًا لصالح المتهم كشبهة تدرأ الحد عنه، إذ لا بد من ثبوت بينة شرعية،[٥] وقد اختلف الفقهاء في حكم الزوج الذي يشك في زوجته فيقتلها بدافع الشرف، وبيان أقوالهم كالآتي:[٢]

  • ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الزوج الذي يقتل زوجته دون وجود بينة، فإنه لا يعفى من القصاص، ولا من المسؤولية الجنائية، وذلك لأن تطبيق العقوبة ليس من واجباته، وسدًا للذرائع، كما أن من شروط تطبيق الحد ثبوت البينة القطعية.
  • يرى الحنفية وبعض المالكية وابن تيمية من الحنابلة أنه يجوز للرجل أن يقتل زوجته إذا وجدها متلبسة بالزنا، سواء أقام البينة أم لا، وذلك لأن في ذلك دفاعًا عن عرضه.

رأي الفقهاء في جريمة الشرف بحجة صون شرف القريبة من العائلة

إن قيام الشخص بقتل قريبته بدعوى حماية شرف العائلة غير جائز شرعًا، وهو فعل محرم، وجريمة يحاسب عليها أمام القانون، فإن القرابة لا تكون عذرًا مخففًا عنه أيضًا، كما أن القضاء هو من يتولى مثل هذه الجرائم، ويتولى إصدار الأحكام ويتابع تنفيذها.[٥]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، صفحة 1470، جزء 6. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت غير محدد، القتل بدافع حماية الشرف دراسة فقهية مقارنة، صفحة 1 – 6. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة 1)، صفحة 120 – 127، جزء 5. بتصرّف.
  4. سورة النور، آية:2
  5. ^ أ ب ت لجنة الإفتاء (1/12/2016)، “حكم ما يُعرَف بالقتل من أجل الشرف”، دائرة الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 28/4/2022. بتصرّف.
  6. ^ أ ب “حكم قتل الزوج لزوجته وعشيقها إذا ضبطهما متلبسين بالزنا”، الإسلام سؤال وجواب، 20/12/2014، اطّلع عليه بتاريخ 28/4/2022. بتصرّف.
  7. سورة النور، آية:6 – 7
  8. مجموعة من المؤلفين (2015)، موسوعة محاسن الإسلام ورد شبهات اللئام (الطبعة 1)، صفحة 95، جزء 10. بتصرّف.






مقالات ذات صلة

X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب