X
X


موقع اقرا » الآداب » مفاهيم ومصطلحات أدبية » دور الطبيعة في الشعر الرومنطيقي

دور الطبيعة في الشعر الرومنطيقي

دور الطبيعة في الشعر الرومنطيقي


المدارس النقدية الأدبية

ازدهرت الحركات النقدية الأدبية في الغرب، وتعدّدت الرؤى النقديّة، وتفرّعت فظهر ما يسمى بالمدارس أو المذاهب النقدية استجابة لحاجات جمالية ونفسية في واقع تاريخي محدد وتعني وجود مجموعة من الأدباء تشابهت أساليبهم الفنية والمعنوية إلى أن ألفت مدرسة[١]، وهي على اختلافها تسعى للنهوض بالعملية الفكرية الأدبية وتحفيز الإبداع وتوجيهه، ولعل تنوع هذه المدارس واختلافها كان انعكاسًا للطبيعة الفكرية التي تقوم على الاستمرارية والمغايرة والمخالفة محققة نتائج إبداعية أكثر تجددًا، ومن هذه المدارس النقدية: المدرسة الكلاسيكية والرمزية والتفكيكية و الواقعية والرومنطيقية التي اعتمدت على تفعيل دور الطبيعة في الشعر الرومنطيقي.

المدرسة الرومنطيقية

المدرسة الرومنطيقية أو الرومانسية وظهرت في أواخر القرن الثامن عشر و أوائل القرن التاسع عشر و جاءت ردًا على نظيرتها المدرسة الكلاسيكية وثورة على قيمها القائمة على المثالية، فشددت على العواطف القوية التي قد تضمن الهلع والرهبة والرعب كتجارب جمالية والخيال الفردي كسلطة ناقدة فبذلك تعلن ثورة على المدرسة الكلاسيكية وتتحرر من قيودها الشكلية[٢]، وقد فزع الأدباء والشعراء المنتمون لهذه المدرسة إلى نفوسهم ووجدانهم يلوذون بتجاربهم الباطنة ويهتمون بمشاهد الجمال والطبيعة، إفقد كان دور الطبيعة في الشعر الرومنطيقي بارزًا فهم يلجأون إليها يخلعون عواطفهم ووجدانهم عليها، وهم يميلون إلى الأصالة والابتكار والتجديد متحررين في أفكارهم وأساليبهم من قيم المثالية التي طالما نادت بها المدرسة الكلاسيكية ويتصف شعرهم بالغنائية والوجدانية النفسية العميقة ويسمى أصحاب هذه المدرسة بالرومانسيين أو الابتداعيين وهي تسمية أطلقها ستندال في كتابه راسين وشكسبير[٣].

المدارس الرومنطيقية في الشعر العربي

لقد بدت الرومنطيقية حالة ثورية لم تُصِب الأدب وحده وإنما عمت العصر بأكمله حتى باتت سمة من سماته، ولم تظل الرومنطيقية حكرًا على الغرب، فقد امتد أثرها ليتغلغل في أعماق الأدب العربي، حيث ظهرت مدارس نقدية رومنطيقية عديدة منها ما يأتي.

مدرسة المهجر

مدرسة المهجر هي أولى المدارس النقدية العربية تأثرًا بالرومنطيقية الغربية، إذ اتخذته مذهبًا أدبيًا تسعى من خلاله لتغيير المسار العربي التقليدي في الشعر الأدب، وقد نادت هذه المدرسة بما نادت به الرومنطيقية من نبذ للمدنية وما تقوم عليه من شرائع وتقاليد، وَدَعت لتفعيل دور الطبيعة في الشعر الرومنطيقي، كما غمرتها الرموز الصوفية والنزعات السوداوية ودعت للاهتمام بالمضمون دون الشكل.[٤].

مدرسة الديوان

التي تأسست على يدي العقاد وإبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري الذي كان أول من أخرج ديوانه المنتمي لهذه المدرسة، وحيث عالجت قصائده معان إنسانية عامة صادقة المشاعر، كما بدا دور الطبيعة في الشعر الرومنطيقي بارزًا في قصائده هذا بالإضافة إلى ما نقلته من آلام ومعاناة يسودها الحس التشاؤمي وهي أبرز سمات المدرسة الرومنطيقية.[٥].

مدرسة أبولو

مدرسة أبولو هي جمعية فكرية أدبية عمل أحمد زكي أبو شادي على إنشائها، حيث أعلن عن ميلادها في القاهرة سنى 1932، وصدرت عنها مجلة تحمل اسمها وتنشر أدبها وتذيع أفكارها وهي مجلة أبولو، وتولى أحمد شوقي رئاستها ثم تبعه من بعده خليل مطران، وعلى الرغم من أنها عُدّت جمعية لا مدرسة أدبية لتنوع المناهج الأدبية فيها، إلا أنها كانت رومنطيقية الانتماء والفكر، فقد دعت إلى الأعمال الأدبية الصادقة التي تعبر عن التجارب الشعورية في صور موحية وإلى اليسر في التعبير عن الأفكار والأخيلة والتغني بالطبيعة والريف الساحر، فقد بدا دور الطبيعة في الشعر الرومنطيقي بارزًا من خلال ما قدمه شعراء جمعية أبولو.[٦]

خصائص الشعر الرومنطيقي

نظرًا لأن ظهور المدرسة الرومنطيقية قد كان بمثابة ثورة على المدرسة الكلاسيكية ودعوة لتحرير الأدب والفن من قيودها فقد تميز شعرها بميزات وخصائص مغايرة لتلك التي تلتمس في الأدب الكلاسيكي ومن هذه الخصائص:[٧]

  • الاحتجاج على سلطان العقل والاتجاه إلى القلب وما يجيش به من المشاعر والأحاسيس.
  • التمرد على جميع القوانين والقواعد الاجتماعية والفنية والشكليات الأدبية.
  • العزوف عن الأساطير اليونانية والرومانية والتوجه نحو الدين الذي شكل الملاذ الآمن لأرواحهم المعذبة.
  • العودة إلى الطبيعة واتخاذها إطارًا للمشاهد القصصية، فقد كان دور الطبيعة في الشعر الرومنطيقي بارزًا إذ اتخذها الرومنطيقيون ملجأً لمشاعرهم وأحزانهم ووجدوا فيها متسعًا للتعبير عن عواطفهم.
  • الولع بالغرائب والفرار إلى عوالم جديدة احتجاجًا على الواقع واستبدالًا به.
  • الحزن والسوداوية إذ أن البطل في الأدب الرومنطيقي والشعر الملحمي لا بد أن يكون جياش العاطفة مرهف الحس معذب بهما لينقل صورة الظلم المجتمعي على أرض الواقع.
  • اختلاف الرومنطيقيين الشعراء في نظرتهم للمرأة فبينما يراها بعضهم مصدر الحب والإلهام يراها الآخرون مصدر الحزن والشقاء.
  • التأمل الشاعري والتوجه نحو المفارقات والمتناقضات.
  • المبالغة في التوجه للخيال فالخيال عند الرومنطيقيين أساس الإبداع والتصوير الفني.
  • التوجه نحو اللغة العفوية السهلة والواضحة بدلًا من اللغة المثالية المتعالية التي استخدمها الكلاسيكيون من قبل.

دور الطبيعة في الشعر الرومنطيقي

برز دور الطبيعة في الشعر الرومنطيقي، إذ عني بها الشعراء الرومنطيقيون، وتعدّت نظرتهم للطبيعة ما وراء المحسوسات وحاولوا الامتزاج بها، كما وجدوا فيها متسعًا لعواطفهم ومشاعرهم، وملجأًلهم يفرون إليه من واقعهم الأليم، وهي عندهم مثالًا للحرية المنشودة والعفوية المطلقة والتحرّر من قيود الشكل والمادة، إذ إنّ الطبيعة تكون على سجيتها وفطرتها الأولى، كما تتيح الطبيعة للرومنطيقيين الفرصة لنسج أخيلتهم والامتداد بها على نحو مطلق يحاكي طلاقة الطبيعة وبعدها اللامنتهي، وهم بذلك يتمردون على الواقع الإنساني الذي بدا بعيدًا عن الطبيعة بما أقيم عليه من تصنع وتخلق خارج عن المألوف الفطري حيث أصبح المجتمع في نظرهم مجرد زخرفة إنسانية مكونة من طبقات اقتصادية تقوم على نشد المثالية العليا التي تتنافى والطبيعة الإنسانية، وهي أيضًا إعلان للتحلل من المجتمعات المدنية الصناعية التي تعادي الطبيعة وتحاول إتلافها وتحويلها لمصانع مادية، كما أسهمت الطبيعة في خلق حس الذاتية والفردية التي كان لها دور بالغ في تنميق القيمة الإبداعية وإفساح المجال للتنوع الفكري والفني والاختلاف الذي يمنح الأدب روحًا خالدة تسير به نحو التجدد والتطور.[٨]

المراجع[+]

  1. عواطف آدم رزق الله سعد (02-12-2018)، “مدارس الأدب في العصر الحديث دراسة تأصيلية”، المجلة العلمية، العدد 37، المجلد 1، صفحة 681. بتصرّف.
  2. “رومانسية”، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 07-12-2019. بتصرّف.
  3. محمد عبد المنعم خفاجي (1995)، مدارس النقد الأدبي الحديث (الطبعة الأولى)، القاهرة : الدار المصرية اللبنانية ، صفحة 155. بتصرّف.
  4. سامية قريني (2017)، تجليات الرومانسية في رواية “ماجدولين” تحت ظلال الزيزفون أنموذجًا (الطبعة د.ط)، الجزائر: جامعة محمد بوضياف بالمسيلة، صفحة 30. بتصرّف.
  5. عبد الله بريمة فضل (د.ت)، رائد مدرسة الديوان التجديدية، دراسة أدبية نقدية تحليلية (الطبعة د.ط)، السودان: جامعة أم درمان الإسلامية، صفحة 53. بتصرّف.
  6. “جمعية أپولو”، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 08-12-2019. بتصرّف.
  7. “خصائص الرومانسيّة”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 08-12-2019. بتصرّف.
  8. أسامة خليل عبد الحافظ (2009)، التيار الرومانسي في الشعر العربي الحديث (الطبعة د.ط)، السودان: جامعة النيلين، صفحة 116. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب