X
X


موقع اقرا » إسلام » منوعات إسلامية » حكم نقض الايمان بعد توكيدها

حكم نقض الايمان بعد توكيدها

حكم نقض الايمان بعد توكيدها


حكم نقض الايمان بعد توكيدها هو ما سوف يتم التعرف عليه في هذا المقال، فقد تناول الشرع الإسلامي الحنيف مختلف مفاصل الحياة ولم يترك أمرًا دون توضيح وتنظيم، فوضع الله تعالى قواعد للإنسان يسير عليها في حياته وتجعله من السعداء في الدنيا والآخرة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وسوف يقدم موقع اقرا لزواره الكرام تفصيلًا حول الأيمان والنذور في الإسلام، ويوضح حكم نقض الأيمان بعد توكيدها وما هو مفهوم الايمان والنذور بالتفصيل وغير ذلك من الأحكام والمعلومات المتعلقة بالموضوع.

ما هي الأيمان والنذور

تعرَف الأيمان في اللغة بأنها جمع كلمة يمين، وهو القسم أو الحَلِف، وسميَ الحلف والقسم باسم يمين، لأنَّ الناس كانوا إذا تحالفوا وأقسموا على أمر معين ضرب كل واحد منهم بيده اليمنى على يمين صاحبه، وفي الشرع الإسلامي تعرَف الأيمان بأنها توكيد على الشيء المحلوف عليه بذكر اسم الله سبحانه وتعالى أو ذكر صفة من صفاته العلية، وقد أوجب الله تعالى في كتابه العزيز وفي سنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم الوفاء بالأيمان والنذور والعهود وجعلها من الواجبات الشرعية، وخصوصًا تلك العهود والأيمان التي يأخذها المسلم على نفسه مع الله سبحانه ويشهده عليها، والوفاء بالأيمان والعهود والصدق مع النّاس مرتبطٌ بالعهد مع الله سبحانه وتعالى، ولا يجوز أن يتقرَّب المسلم من الله سبحانه وتعالى وهو يخلف أيمانه مع الناس، وقد ورد في القرآن الكريم التأكيد على ضرورة أداء العهود والمواثيق وعدم خيانتها في سورة النحل إذ قال تعالى: “وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا ۚ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ”،[1] وتوجد صيغ عديدة لليمين مثل أن يقول القائل: والله، بالله، تالله، والذي رفع السماء بلا عمد، ورب محمد، ورب العالمين، والحي الذي لا يموت، وما إلى هنالك من الألفاظ التي تندرج تحت اليمين والقسم في الإسلام.[2]

حكم نقض الايمان بعد توكيدها

إنَّ حكم نقض الأيمان بعد توكيدها حرام في الشرع وغير جائز، وفي ذلك عصيان لأمر الله تعالى ومخالفة لآياته الكريمة وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد ورد في صريح الآية الكريمة السابقة وجوب الوفاء بالأيمان والعهود والنذور، إذ قال تعالى: “وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا ۚ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ”،[1] وفي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدلُّ على ذلك، فقد أمر الله تعالى المسلمين أن يوفوا بما عاهدوا الله تعالى عليه، وألا يعصوه في ما أمرهم به، وعليهم أن يحفظوا دينهم وشريعتهم التي أكرمهم الله بها، فمن عاهد الله تعالى على طاعةٍ وجب عليه الوفاء بهذا العهد، وإنَّ العهد يعدُّ يمينًا أو حلفًا، وخلف اليمين وعدم أدائه يعدّ نقضًا للأيمان، ونقض الأيمان كما سبق هو إفساد ما قامت به، ولذلك حكم نقض الايمان بعد توكيدها غير جائز وحرام في الإسلام، وجاء القول في بعد توكيدها للزيادة في التحذير والإنذار لحرمة ذلك الأمر شرعًا.[3]

كفارة نقض الأيمان بعد توكيدها

عرفنا أنَّ نقض الأيمان بعد توكيدها حرام في الشرع الإسلامي، ويجب على كل من نقض الأيمان أن يدفع الكفارة التي أوجبها الله تعالى عليه في كتابه الكريم، فقد قال تعالى في محكم التنزيل: “لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ولكن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ۚ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ۚ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ۚ كذلك يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”،[4] وقد جعل الله تعالى المسلم مخيرًا بين ثلاثة أمور إذا لم يستطع أن يقوم بأي منها ينتقل إلى الصيام وهو الخيار الرابع، وهي كما يأتي:[2]

إطعام عشرة من المساكين

يجب دفع الكفارة بإطعام عشرة من المساكين مما يأكله أهل البلد، ومما يطعِم الرجل أهل بيته، ويكون من مستوى من يُطعِم، أي من مستوى الرجل نفسه، لا من مستوى من يقدم له الطعام وخصوصًا لأنهم فقراء ومساكين ويكون طعامهم بسيطًا، ويكون مقدار الإطعام نصف صاع وهو ما يقارب مكيال مما يُكال به من الحبوب أو نحوها، وقد الفقهاء ذلك بأنه مقداره كيلو ونصف الكيلو تقريبًا، وهذا يكون من الحبوب مثلًا: الأرز أو العدس أو الذرة وما إلى ذلك من أطعمة معروفة، كما يمكن أن يكون مع الحبوب مقدارًا من الطبخ أو اللحم، ويجوز لمن يريد أن يدفع الكفارة أن يحضر عشرة من المساكين ويطعمهم ويجزئ هذا عن دفع الكفارة.

كسوة عشرة مساكين

كما يمكن للمسلم أن يدفع كفارة عن الحنث باليمين غير إطعام عشرة مساكين، وهي أن يكسو عشرة من المساكين، وذلك باختيار كسوة صالحة للصلاة وذلك من أوسط ما يلبس الرجل وأهل بيته، إذ يمكن تقديم قميص للرجل أو رداء أو إزاء وما إلى هنالك، كما يمكن تقديم ثوب طويل وفضفاض للمرأة وخمار شرعي لها وما إلى هنالك.

تحرير رقبة مؤمنة

ويمكن أيضًا للمسلم أن يقوم بغير ذلك ككفارة عن نقض اليمين غير إطعام عشرة مساكين وغير كسوتهم مما يلبس هو وأهله، وهذا الخيار الثالث هو أن يعتق رقبةً من العبيد، إذا كان عنده عبد، وهذا الخيار انتهى منذ أن انتهى زمن العبيد، وقد كانت تلك الكفارة من أجل تشجيع الناس على تحرير العبيد وإلغاء العبودية بين البشر.

صيام ثلاثة أيام

لقد جاء الإسلام تيسيرًا على الناس، ولذلك فقد جعل الله تعالى الدين يسرًا لا عسرًا على المسلمين، فإذا كان المسلم غير قادر على دفع المال لإطعام الفقراء أو كسوتهم ولم يجد عبدًا يعتقه، عند ذلك ينتقل إلى الصيام، فيجوز له أن يصوم ثلاثة أيام ومن الأفضل أن تكون متتالية، وبذلك يؤدي كفارة اليمين التي افترضها الله تعالى عليه في حال نقض الأيمان.

أقسام اليمين في الإسلام

لقد أوجب الله تعالى الوفاء باليمين وحَّر من مغبة نقض الأيمان، ومع ذلك فإنَّ اليمين تنقسم إلى ثلاثة أقسام في الإسلام، ولا تتساوى في الحكم في حال نقضها، وفيما يأتي سوف يتم التفصيل في أنواع اليمين في الإسلام وفي حكم كل منها مع الدليل:[2]

اليمين الغموس

وهي أشد وأخطر أنواع اليمين في الإسلام، وقد سمِّيت بهذا الاسم لأنها تغمس صاحبها أي من يتلفظ بها في نار جهنم والعياذ بالله تعالى، وفي هذا اليمين يحلف المسلم على أمر سابق معلوم، ويعلم صاحبه أنَّ يحلف على ذلك الأمر كذبًا، كأن يكون يعلم شهادةً معينةً رآها بعينيه، فيقسم على أنَّه لم يرها، وهذا اليمين يلزمه الاستغفار والتوبة النصوح الخالصة إلى الله تعالى، وليس لها كفارة نظرًا لخطورتها عند الله تعالى، ففي الحديث عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنَّ قال: ” جاءَ أعْرابِيٌّ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ما الكَبائِرُ؟ قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ. قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: ثُمَّ عُقُوقُ الوالِدَيْنِ. قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: اليَمِينُ الغَمُوسُ. قُلتُ: وما اليَمِينُ الغَمُوسُ؟ قالَ: الذي يَقْتَطِعُ مالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هو فيها كاذِبٌ”.[5]

يمين اللغو

وهو اليمين الذي يكون من دون قصد صاحبه، وهو أن يحلف المسلم على أمر يظنه صحيحًا ثم يظهر أنه غير صحيح، ولكن في هذه الحالة الشخص الذي يحلف لا يعلم بذلك، وهذا اليمين أيضًا ليس له كفارة بإجماع أهل العلم من الفقهاء لأنَّ الإنسان وقع فيه من دون قصد وعن غير سابق تصميم وإصرار، وقد قال تعالى في ذلك: “لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ولكن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ”،

اليمين المنعقدة

سميت هذه اليمين باسم المنعقدة لأنَّ المسلم يتلفظ بها بانعقاد القلب على فعل أمر معين يحلف عليه الحالف، ويكون عن سابق عزم وإصرار، فإذا كرر هذه اليمين فقد ألزم نفسه بها، وأوجب عليه أن يلتزم بها، فإذا نقضها وجبت عليه الكفارة عند ذلك، كأن يقول أحد ما: والله لا أزور فلانًا، ثمَّ بعد ذلك يزوره، وجبت عليه الكفارة عند ذلك، وإذا ما كرر اليمين على أمور عديدة مثل قوله: والله لا أزور أخي ولا أكلمه ولا أسمح له بدخول بيتي، فإنَّه إذا عاد وفعل تلك الأمور وجب عليه أن يدفع الكفارة لكل أمر على حدة لأنَّ كلاً منها يعد يمينًا وذلك على الراجح من أقوال العلماء، وإلى هذا ذهب الشافعية والمالكية والحنفية وغيرهم، وقد ورد التفصيل في بيان الكفارة وأنواعها.

حكم تأخير كفارة اليمين

ذهب كثير من العلماء إلى أنَّه لا يجوز تأخير كفارة اليمين ويجب على المسلم المبادرة إلى إخراجها في حال وقوعه في نقض اليمين الموجب للكفارة، وهذا ما ذهب إليه مجمع البحوث الإسلامية، وإذا عجز عن الدفع لإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، يصوم ثلاثة أيام فورًا، والأفضل أن تكون ثلاث متتالية.

حكم إخراج كفارة اليمين مالًا

يعتقد بعض الناس ممن وقع في ذلك ونقض اليمين أن يدفع الكفارة نقودًا بدلًا من الإطعام أو الإكساء، وقد ذهب معظم العلماء من أهل الفقه إلى أنَّ غير جائز، ويجب على المسلم أن يلتزم بما أمره الله تعالى به، فإذا أخرج المسلم مالًا ونقودًا كفارة عن اليمين فإنَّ ذلك غير مجزئ ويجب عليه إخراج الكفارة كما أمر بها الله تعالى، وفيما يأتي بعض أقوال العلماء في ذلك:[6]

  • قال الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى: “لا يُجْزِئُ في الكفارة إِخراج قيمة الطعام ولا الكسوة، لأن الله ذكر الطعام فلا يحصل التكفير بغيره، ولأن الله خَيَّرَ بين الثلاثة أشياء ولو جاز دفع القيمة لم يكن التَخْيِيرُ منحصراً في هذه الثلاث”.
  • قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: “على أن تكون الكفارة طعاما لا نقودا، لأن ذلك هو الذي جاء به القرآن الكريم والسنة المطهرة، والواجب في ذلك نصف صاع من قوت البلد، من تمر أو بر أو غيرهما، ومقداره كيلو ونصف تقريبا، وإن غديتهم أو عشيتهم أو كسوتهم كسوة تجزئهم في الصلاة كفى ذلك، وهي قميص أو إزار ورداء”.
  • قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: “فإن لم يجد الإنسان لا رقبة ولا كسوة ولا طعاماً فإنه يصوم ثلاثة أيام، وتكون متتابعة لا يفطر بينهما”.

خداع الناس بالأيمان الكاذبة

إنَّ خداع الناس بالأيمان الكاذبة يندرج تحت حكم اليمين الغموس في الإسلام، وهي اليمين التي تغمس صاحبها في نار جهنم إذا لم يتب توبة نصوحًا وخالصة لوجه الله تعالى، لأنَّ الشخص يحلف على شيء يعرف حقيقته، ثمَّ يقسم وهو يعلم أنَّه يقسم على أمر كذبًا، وهذا من أكبر الكبائر كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق عندما سأله الأعرابي عن أكبر الكبائر.

في نهاية مقال حكم نقض الايمان بعد توكيدها تعرفنا على الأيمان والنذور في الإسلام ومفهومها العام، كما تعرفنا على حكم نقض اليمين بعد توكيدها وعلى الكفارة التي تجب على المسلم في حال نقض اليمين، وذلك حسب ما ورد في كتاب الله تعالى،

المراجع

  1. سورة النحل , آية 91
  2. al-eman.com , الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة , 11/11/2021
  3. islamweb.net , نقض العهد كفارته كاليمين مع التوبة , 11/11/2021
  4. سورة المائدة , آية 89
  5. صحيح البخاري , البخاري، عبد الله بن عمرو، 6920، صحيح
  6. islamweb.net , حكم إخراج القيمة بدلا من الطعام في كفارة اليمين , 11/11/2021






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب