X
X



تعبير عن الصديق

تعبير عن الصديق


المقدمة: الصديقُ ملاذٌ آمن

الصديق هو أجمل ما في الوجود، وهو عَوْن صديقه وملاذه الآمن في كل الأوقات، فصديقك هو مَن يكون مخلصًا لك في الشدة قبل الرخاء، وفي الحزن قبل الفرح، وفي الموت قبل الحياة، وفي المودة، والحب، والنصيحة، والإرشاد، وهو مَن يُعزيك في أحزانك، ويقف معك في أشجانك، ويذكر محاسنك وفضائلك، ويستر هفواتك ويحافظ على أسرارك، فالصديق هو قطعة من الروح لا يمكن الاستغناء عنه بأي حالٍ من الأحوال.

العرض: الصديقُ وقت الضيق

إنّ أجمل ما قد تحصل عليه في هذه الدنيا من نِعَم الله تعالى هو الصديق، فما أجمل الحياة مع صديقي، وما أتعسها بلا صديقٍ صادقٍ أجده وقت حزني وضيقي، فالصداقة تعني مشاركة صديقك في السرّاء والضرّاء، والصديق هو مرآة صديقه، وقد قالوا قديمًا: “قل لي مَن تصاحب، أقل لكَ مَن أنت”، فالصديق الحقيقي هو الذي يرعاني في أهلي وبيتي ومالي، وهو مَن يدعو لي بظهر الغيب دون أن أطلب منه ذلك، وهو مَن يخفف من أحزاني وآلامي إذا وجدني حزينًا تائهًا، وهو الذي يحبني في الله دون أي مصالح دنيويّة زائلة، فصديقي هو مَن صَدَقني وصَدّقني، وهو من أجده وقت ضيقي، فالصديق وقت الضيق.

وحروف الصداقة هي حروف لم تأتِ عبثًا، فلكل منها معنًى خاص ًا، فالصًاد تعني الصدق في التعامل، والصّدق في الحديث، والصّدق في الدعاء، وأما الّدال فهي تعني الدّم الواحد، فصديقي بمثابة أخي الذي تجمعني به رابطة الدّم والقرابة حتى وإن لم تلده أمي، والياء تعني يدٌ واحدة؛ فأنا وصديقي يدٌ نتعاون فيها على الخير والبرّ والإحسان، والقاف معناها أنا وصديقي قلب واحدٌ في جسدين، فالصداقة حلمٌ وكيانٌ يسكن الرّوح والوجدان، وصديقي تزداد حاجتي له كلما اشتد المطر وزاد، فالصداقة لا تقدّر بأثمان، ولا يمكن وزنها بأي ميزان.

إن الصداقة من أسمى المعاني الإنسانيّة وأصدقها وأرقاها على الإطلاق، وأعظم صداقة عرفناها في التاريخ الإنساني هي الصداقة التي كانت تجمع الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع صاحبه أبو بكر الصديق وما قدّمه من تضحيات لأجله، ومن أجل الدعوة الإسلاميّة، فصارا أعظم مثال على الصداقة والإخلاص والتفاني، فمن واجب الصديق على صديقه أن يقدّم له النصح والإرشاد إذا رأى عيبًا في صديقه، ولكن دون أن يجرح مشاعره أو يؤذيه، ومن واجب الصديق على صديقه أيضًا أن يهدي صديقه لطريق الصواب والصلاح عندما يراه يضل الطريق، فالصديق يجب أن يبقى إلى جانب صديقه ويعينه على مصاعب وعثرات الحياة ولو بكلمة، فالشدّة تبيّن الصديق من العدو.

ومهما كتبت من كلمات وعبارات لا يمكن أن توفي صديقي حقه، ولا يمكن أن تعبّر عن مدى حبي له، فأنا أحبك يا صديقي الغالي يا من علمتني معنى الصداقة والعطاء، يا من زرعت في نفسي وروحي معنى الوفاء، يا من قدّمت لي عطاءك دون حدود ودون انتظار أي مردود، فأنا لم أجد أي كلمات أو حروف أو تشبيهات في وصفك، فقد تاهت كل الأبجديات وكل الكلمات، فأنت لي كالشمس تنير الحياة، وأنت لي كالقمر تضيء عتمة لياليّ، وقد فاق جمال صداقتك كل الحدود، فبمجرد الشعور بأنك تقاسمني أجمل تفاصيل حياتي من فرح وحزن وترح يكفيني لكي أشعر بطمأنينة وسعادة غامرة لا تعادلها أي سعادة.

وكلمة الصّداقة والصّديق ترتبطان ارتباطًا وثيقًا بكلمة الصّدق، لذا سمّي الصديق صديقًا، لأنه يُصدّق صديقه في كل شيء، وهذا يعني أنه من أهم شروط الصداقة الحقيقيّة أن يتسم الصديق بالصدق والوفاء والإخلاص، وأن يتبادل مع صديقه الحب والاحترام، وأن يكون سندًا له مدى الحياة مما يزيد من الترابط والثقة والحب بين الصديقين.

ومن أهم مقوّمات الصداقة لكي تبقى وتدوم وتزدهر، تقديم النصيحة الخالصة لصديقك، والبُعد عن السخرية أو الاستهزاء به أمام الآخرين، والتماس العُذر لصديقك مهما كانت الظروف، والاعتذار لصديقك إذا أخطأت بحقه، وعدم التهاون أو الترفّع عن الاعتذار فنحن بشر ونقع في أخطاء، واعتذارك لصديقك لا يقلل من شأنك بأي حالٍ من الأحوال، بل يزيد من روابط المحبة والألفة والود بينكما، ومن مقومات الصداقة الأخرى أيضًا الابتعاد عن إفشاء الأسرار، فمتى ائتمنك صديقك على سرّه، لا تفشيه مهما حصل، ويجب حفظ صديقك في غيبته، والابتعاد عن التكلّم عنه في ظهره، أو السخرية والاستهزاء به أمام الآخرين، فمتى عرف الصديق بسخريتك وكلامك عنه ستنتهي صداقتكما مهما كانت قوية وراسخة، فالصداقة سدٌ منيع لمن عرف معناها وحافظ عليها.

الصداقة حديقة جميلة، وردها الإخاء، ورحيقها التعاون، ومهما تكلمنا عن الصديق والصّداقة لا يمكننا أن نَفيها حقها، ومن الصعب جدًا شرح معنى الصداقة، فهي شيء لا يمكن تعلّمه في المدارس والجامعات والكتب، وإذا لم تتعلّم معنى الصداقة الحقيقية فأنت لم تتعلّم أي شيء، فالصداقة الحقيقيّة هي تلاحم بين شخصين، واتحادٌ بين فكرين، ولقاء بين قلبين يتمنى كل منهما الخير والسعادة للآخر، فهي تُضاعف من سعادتك، وتنقص من حُزنك وألمك، وثمار الصداقة تُجنى كل لحظة، والذي يجعل للحياة رونقها وجمالها الخاص هو الصديق المخلص الحقيقي الثابت على المبدأ.

الخاتمة: الصديق الصالح جنّةُ دنيا وآخرة

الصديق الصالح جنة دنيا وآخرة، ففي الحياة الدنيا هو بمثابة أخٍ عزيز وقريب منك، تلقي بهمومك وأتعابك عليه، فيحملها دون أدنى شعور بالتردد أو التعب أو التثاقل منها، وفي الآخرة صديقك قد يكون طريقك إلى الجنة، فعند اختيارك الصديق الصالح التقيّ النقيّ، فحتمًا سينقلك إلى الجنة، فالأخلّاء بعضهم لبعض عدو يوم القيامة إلا الأخلّاء المُتقين، فالخليل الوفي الناصح لك المتمسّك بتعاليم الله تعالى وسنة رسوله الكريم، ستتأثر به لا إراديًا ودون شعورٍ منك، فاختر جيدًا في دنياك لتنعم كثيرًا في آخرتك.







X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب