X
X


موقع اقرا » الآداب » مفاهيم ومصطلحات أدبية » تحليل قصيدة إرادة الحياة

تحليل قصيدة إرادة الحياة

تحليل قصيدة إرادة الحياة


تحليل قصيدة إرادة الحياة

مَن صاحب قصيدة إرادة الحياة؟

تُعدّ قصيدة إرادة الحياة من أشهر قصائد الشاعر أبي القاسم الشابي الخالدة، التي كتبها قبل وفاته بعامٍ تقريبًا، جزءٌ منها في النشيد الوطني التونسيّ، يبدأ الشاعر قصيدته بالحديث عن إرادة الشعوب التي تحقِّقُ المستحيل وتصنع المعجزات بالسعي والوعي والصبر، يقول في مطلعها:

إذا الشعب يومًا أرادَ الحياةَ

فلا بدَّ أن يستجيبَ القدرْ

ولا بدَّ لليلِ أن ينجلي

ولا بدَّ للقيدِ أن ينكسِرْ[١]

كان جلُّ اهتمام الشاعر مسلَّطًا على الثورة والحياة الكريمة، فقد كان يحرِّضُ الشعب على الثورة ضدّ المستعمرين، والثورة على الجهل والتخلُّف بكلّ أشكاله، بعد ذلك يخاطب الشاعر الطبيعة من حوله بنفَس الإنسان الطَّموح المندفع، الذي لا يوقف طموحه أيّ عائق ولا يُعجزه عن تحقيق غاياته شيء.[٢]

ومَن لم يعانقْهُ شَوْقُ الحياةِ

تَبَخَّرَ في جَوِّها واندَثَرْ

فويلٌ لمَنْ لم تَشُقْهُ الحياةُ

من صَفْعَةِ العَدَمِ المنتصرْ[١]

يُؤكد الشاعر في هذا البيت ضرورة حٌبّ الحياة، والتعلق والتمسك بها، لأنّ هذا التمسك هو الذي يحمي من الاندثار في عثرات الحياة، وينتقل إلى مخاطبة الطبيعة وإثبات حقائقها، مع أنّ لها صفعات شاقة، ولكن هناك في نهاية هذه الصفعات انتصار منتظر.[٢]

كذلكَ قالت لي الكائناتُ

وحدَّثني روحها المستترْ

ودمدمَت الريحُ بين الفجاجِ

ووفوق الجبال وتحتَ الشجر

إذا ما طمحتُ إلى غايةٍ

لبستُ المنى ونسيتُ الحذَر[١]

ثمَّ يُشبّه الحال التي تعيشها بلاده بالخريف الكئيب، الذي لا بدَّ أن يأتي بعده ربيع الأمل والتفاؤل، وتخرجُ البلاد من ظلمتها وعتمتها تحت نير الاستعمار إلى نور الحريَّة والسلام بعدَ ذلك الخريف الطويل، ويبني الجيل الجديد أمجاد الأمة ويستعيد حرّيتها بالعزم والإرادة والتضحية: وجـاءَ الربيـعُ بأنغامـه وأحلامـهِ وصِبـاهُ العطِـر. ويسردُ الشاعرُ أمنياتهِ التي حالَ بينها وبين بلوغها وجود المستعمر نفسه والتي يمكنُ أن تتحقَّق، وحاول أن يرسم هذه الصورة بكلماته عن حياة تملؤها السعادة والراحة والأمان.[٢]

ولم أتجنَّبْ وُعورَ الشِّعابِ

ولا كُبَّةَ اللَّهَبِ المُستَعِرْ

ومن لا يحبُّ صُعودَ الجبالِ

يَعِشْ أبَدَ الدَّهرِ بَيْنَ الحُفَرْ

فَعَجَّتْ بقلبي دماءُ الشَّبابِ

وضجَّت بصدري رياحٌ أُخَرْ[١]

يُشير في هذه الأبيات إلى أنّه لم يخفْ من وعور الأودية ومنحدراتها، ولا من نيران المستعمر، بل هو صاحب روح متمردة، لا تتخلّى عن الحياة بل تستجيب للثورة، ويعود الشاعر للحديث عن الحياة، وبأنّ لا بد للأفراد من حبّ الوصول إلى القمة، كي لا يبقى منحدرًا في الأسفل وبين الحفر، ثم يصف نفسه بعد ذلك بأن روحه أصبحت تجري بدماء الشباب، فصوّر قلبه الطموح وكأّنه امتلأ بدم الشباب وروحهم، وصوّر الآمال التي يتمنّاها بالرياح، وذلك دليل على حبه للبذل والعطاء.[٢]

في البيت نوع من الحكمة وهي: ومن يتهيّب صعود الجبال، إذ يحمل البيت حقائق الوجود والأشياء، والحكمة هنا هي القوة العقلية في اختيار الكرامة والرقي والحرية، والبعد عن الذل والعيش بين الحفر.[٢]

وأطرقتُ أُصغي لقصفِ الرُّعودِ

وعزفِ الرّياحِ وَوَقْعِ المَطَرْ

وقالتْ ليَ الأَرضُ لما سألتُ

أيا أمُّ هل تكرهينَ البَشَرْ

أُباركُ في النَّاسِ أهلَ الطُّموحِ

ومَن يَسْتَلِذُّ ركوبَ الخطرْ[١]

ينتقل الشاعر في هذه الأبيات إلى الزيادة في الوصف، فهو يصف صوت الرعود وهي تشبه صوت تكسُّر الشجر، وصوت الرياح بالعود الذي يعزف، وصوت المطر وهو يُشبه صوت العزف والرقص، كما يصف الشاعر الأرض بالأم فيسألها هل تكرهين البشر، وينتقل بعدها ليتحدّث عن من يحب صعود الجبال، وهُم أهل الطموح وكلّ شخص قوي لا يخشى من ركوب الخطر والدفاع عن الأرض بروحه، كما صوّر الخطر في هذا البيت إلى الدابة التي تركب.[٢]

وأَلعنُ مَنْ لا يماشي الزَّمانَ

ويقنعُ بالعيشِ عيشِ الحجرْ

هو الكونُ حيٌّ يحبُّ الحَيَاةَ

ويحتقرُ الميْتَ مهما كَبُرْ

فلا الأُفقُ يَحْضُنُ ميتَ الطُّيورِ

ولا النَّحْلُ يلثِمُ ميْتَ الزَّهَرْ[١]

يستمر الشاعر بالأبيات بالحديث عن إرادة الحياة والسعي في الحياة الكريمة، ومحاربة الحياة البائسة والتي شبّهها بالعيش تحت الحجر، ويصِف الكون بالإنسان الذي يحب الحياة، والإنسان الخامل كالإنسان الذي يحب الموت، ويشبّه رفض الحياة للإنسان الميت برفض الأفق من احتضان الطيور الميتة، وبرفض النحل القرب من الزهر.[٢]

سألتُ الدُّجى هل تُعيدُ الحَيَاةُ

لما أذبلته ربيعَ العُمُرْ

فلم تَتَكَلَّمْ شِفاهُ الظَّلامِ

ولمْ تترنَّمْ عَذارَى السَّحَرْ

وقال ليَ الغابُ في رقَّةٍ

محبَّبَةٍ مثلَ خفْقِ الوترْ[١]

يشرح الشاعر عن حاله وهو يسأل الليل عن الحياة وهل تعيد ما أذبله وأضعفه العُمر، إذ يصف هذا الليل بالإنسان الذي لا يتكلم، ويصف العذارى وهم الحسان في هذا الظلام بالصامتة التي لا تتكلم، كما صوّر الغاب في رقّته وعذوبة صوته بالإنسان الذي يتحدث ويقول له، كما أن هذا الغاب هو صاحب صوت جميل وكأنه يشبه الآلة الموسيقيّة بعذوبة صوته.[٢]

يجيءُ الشِّتاءُ شتاءُ الضَّبابِ

شتاءُ الثّلوجِ شتاءُ المطرْ

فينطفئُ السِّحْرُ سحرُ الغُصونِ

وسحرُ الزُّهورِ وسحرُ الثَّمَرْ

وسحْرُ السَّماءِ الشَّجيّ الوديعُ

وسحْرُ المروجِ الشهيّ العَطِرْ[١]

يصف الشاعر في هذه الأبيات فصل الشتاء بمقابل فصل الربيع، فيذكر صفات الشتاء بثلوجه وضبابه وأمطاره، ولكنه في حضوره يُخفي كل جميل كان، فينطفئ سحر الربيع بما فيه من زهور ومروج وثمر وعَطر، إنه بذلك يحمل مقارنة خفيّة بين إرادة الحياة التي تشبه الربيع بسحره، وبين الكسل عن طلب الحياة والبقاء بضباب العُمر وثلوجه المتراكمة.[٢]

وتبقَى البُذورُ التي حُمِّلَتْ

ذخيرَةَ عُمْرٍ جميلٍ غَبَرْ

وذكرى فصولٍ ورؤيا حَياةٍ

وأَشباحَ دنيا تلاشتْ زُمَرْ

معانِقَةً وهي تحتَ الضَّبابِ

وتحتَ الثُّلوجِ وتحتَ المَدَرْ[١]

يصف الشاعر البذور بالإنسان الذي يتمسك بالحياة فيحمل بين يديه سرّ وجوده، كما يحمل ذكرى الحياة وكلّ أمر حصل، وهذه البذور التي تصمد ولا تخاف من الحياة ،بل هي تبقى متمسكة بإرادتها حتى لو غطّاها وانهالت عليها الثلوج، وهو بذلك يشبّه هذه البذور بالإنسان الذي يسعى للحياة رغم كل شيء.[٢]

ظمِئْتُ إلى النُّورِ فوقَ الغصونِ

ظمِئْتُ إلى الظِّلِّ تحتَ الشَّجَرْ

ظمِئْتُ إلى النَّبْعِ بَيْنَ المروج

يغنِّي ويرقصُ فوقَ الزَّهَرْ

ظمِئْتُ إلى نَغَماتِ الطُّيورِ

وهَمْسِ النَّسيمِ ولحنِ المَطَرْ

ظمِئْتُ إلى الكونِ أَيْنَ الوجودُ

وأَنَّى أَرى العالَمَ المنتظَرْ[١]

يستمر الشاعر بوصف البذور ووصف معاناتها كلّها، فصوّر البذور بالإنسان الذي يعطش ويظمأ فصوّر النور بالماء الذي يجعلها تحيا، وصوّر الظل بالماء الذي يُحييها أيضًا، ولم يكتفِ بذلك بل بدّل وجعل الظمأ بأشكال مختلفة، وكلّها في مُجملها تعود إلى الطبيعة والحياة، وفي نهاية هذه الصورة يصبح الظمأ إلى الكون بأكمله وكأنه فقد الوجود به، وذلك تشبيهًا لمن فقد إرادة الحياة، فهو بذلك يفقد وجوده في هذا العالم.[٢]

وما هو إلاَّ كَخَفْقِ الجناحِ

حتَّى نما شوقُها وانتصَرْ

فصدَّعَتِ الأَرضُ من فوقها

وأَبْصرتِ الكونَ عذبَ الصُّوَرْ[١]

يُكمل الشاعر في إثبات حضور صورة البذور في أبيات القصيدة، فيصف البذور بالإنسان الذي يتشوّق إلى رؤية النور، كما صوّر النور بخفق أجنحة الطير، وتكتمل الصورة بالبيت الذي يليها أيضًا، وهي تشبيه البذور بالإنسان الذي يشق التراب والصخر، كما صوّرها بالإنسان الذي يُبصر فيرى بالنهاية الصور العذبة في هذا الكون.[٢]

ومَن تعْبـدُ النـُّورَ أحلامُـه

يبارِكهُ النـورُ أنَّـى ظَهرْ

إليكِ الفضاء، إليكِ الضيـاءُ

إليكِ الثَّرى الحالمِ المُزدَهِر

إليكِ الجَمالُ الذي لا يَبيـد

إليكِ الوجودُ الرحيبُ النضِر

فميدِي كما شئتِ فوقَ الحقولِ

بِحلو الثِّمار وغـضِّ الزهـرْ[١]

يُظهر الشاعر حنينه لأمجاد وطنه ولأمجاد شعبهِ، لكنَّ أمله بالتغيير رغم كلّ ذلك التشاؤم من الأوضاع التي كانت عليها كبير جدًّا، فلا بدّ في النهاية أن ينتصر الحقّ على الباطل مهما طالت جولة الباطل وهذه سنَّة الله تعالى في خلقه، وفي ختام القصيدة يؤكد الشاعر مرَّة أخرى على الحقيقة الخالدة التي بدأ بها قصيدته، وهي أنَّ إرادة الشعب هي أساس المجد والنهوض لأي أمَّة من الأمم.[٢]

ورَفْرَفَ روحٌ غريبُ الجمال

بأَجنحةٍ من ضياءِ القَمَرْ

وَرَنَّ نشيدُ الحَيَاةِ المقدَّس

في هيكلٍ حالِمٍ قدْ سُحِرْ[١]

يستمر الشاعر في الأبيات السابقة بالتحدُّث عن الطموح وإرادة الحياة، وأنّ الطموح بحضوره هو كما الطير الجميل الذي يحمل أجنحة من نور القمر وجماله، فكلّما تحقّق الحياة أصبح العمر أكثر جمالًا وترنمًا، لذلك فهو يقول أيضًا إنّ النشيد المقدس أصبح يرن في الحياة أكثر سحرًا، وهذا الجمال يتحقق عندما تتحقق الحياة وتُثبت إرادتها.[٢]

وأُعْلِنَ في الكونِ أنَّ الطّموحَ

لهيبُ الحَيَاةِ ورُوحُ الظَّفَرْ

إِذا طمَحتْ للحَيَاةِ النُّفو

سُ فلا بدَّ أنْ يستَجِيبَ القدر[١]

في آخر الأبيات يُؤكّد على أنّ الطموح هو لهيب الحياة وروحها، فكلما تمسّكت الأرواح بطموحها وبحياتها، فلا بد أن يستجيب لها القدر، وتتجلَّى في قصيدة إرادة الحياة بشكل عام الإرادة الحقيقية للتغيير، النّابعة من أعماق الشاعر كما مرَّ في كثير من أبيات القصيدة، التي تكرَّرت فيها كلمة الحياة 15 مرَّة دالَّةً على تشبُّث الشاعر بحياة الشعوب وإرادتها. [٢]

معاني المفردات في قصيدة إرادة الحياة

  • أراد: طلب.[٣]
  • القدر: ما يقدره الله ويحكم به.[٤]
  • ينجلي: ينكشف ويزول.[٥]
  • يعانق: يحضن.[٦]
  • اندثر: زال وامّحى.[٧]
  • مستتر: خفيّ وغير ظاهر.[٨]
  • دمدم: زمجر وأحدث صوتًا مُدويًا.[٩]
  • الحذر: الحرص الشديد.[١٠]
  • وعور الشعاب: الطريق الصعب من أجل السير فيه.[١١]
  • كبة اللهب: معظم النار.[١٢]
  • غاية: هدف.[١٣]
  • فِجاج: الطريق الواسع.[١٤]
  • دهر: مدة الحياة الطويلة.[١٥]
  • عجّت: اشتدت فأثارت الغبار.[١٦]
  • ضجّت: ثارت وصاحت.[١٧]
  • أطرق: مال برأسه وسكت.[١٨]
  • أصغى: استمع بدقة.[١٩]
  • وقع: أثَر.[٢٠]
  • يستلذ: يستمتع.[٢١]
  • يحتقر: يستصغر الشخص ويستهين به.[٢٢]
  • يلثم: يُقبِّل.[٢٣]
  • تترنم: تتغنى في طرب.[٢٤]
  • المروج: الأرض الواسعة ذات نبات ومرعى للدواب.[٢٥]
  • تلاشت زمر: خارت وانحطت من التعب.[٢٦]
  • المدر: الطين اللزج والمتماسك.[٢٧]
  • ظمئت: اشتقت.[٢٨]

الصور البلاغية في قصيدة إرادة الحياة

إِذا الشَّعْبُ يومًا أرادَ الحياةَ

فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ

شبّه الشاعر القدر بالإنسان الذي يستجيب لإرادة الشعوب، ونوع الاستعارة هي استعارة مكنيّة، فالقدر هو المشبّه، أما المُشبّه به المحذوف فهو الإنسان، فكانت كلمة يستجيب هي قرينة دالّة.[٢٩]

ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي

ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ

شبّه الشاعر ظلم الاحتلال بالليل الذي ينجلي، وشبّه القيد بالزجاج الذي لا بدّ أن ينكسر بالنهاية، وذلك بعدم الرضا عن الظلم والقهر، وهنا مثال على الاستعارة التصريحية، فظلم الاحتلال والزجاج هو المحذوف وهو المشبّه، وصُرح بالمشبّه به الليل والقيد.[٢٩]

ومَن لم يعانقْهُ شَوْقُ الحياةِ

تَبَخَّرَ في جَوِّها واندَثَرْ

شبّه الشاعر الشوق بالإنسان الذي يُعانق، والحياة شبّهها بالشخص المشتاق، كما شبّه الإنسان الذي لا يُعانق الحياة بالماء الفارغ الذي يتبخّر في نهايته ويختفي، ونوع الاستعارة هنا هي مكنيّة، فحذف المشبّه به وصرّح بالمشبّه.[٢٩]

كذلك قالتْ ليَ الكائناتُ

وحدَّثَني روحُها المُستَتِرْ

شّبّه الشاعر الكائنات وروحها بالإنسان الذي يتحدّث ويقول، ونوع الاستعارة هنا هي استعارة مكنيّة، فكلمة الكائنات هي المشبّه، والمشبّه به محذوف وهو الإنسان.[٢٩]

ودَمْدَمَتِ الرِّيحُ بَيْنَ الفِجاجِ

وفوقَ الجبالِ وتحتَ الشَّجرْ

شبّه الرياح بالإنسان الذي يُدمدم ويتغنى، وهنا نوع من الطباق بين كلمتي (فوق، تحت)، والاستعارة مكنيّة هنا؛ إذ ذكر المشبّه الرياح، وحذف المُشبّه به الإنسان، وكانت كلمة دمدمت هي القرينة التي تربط بين المشبّه والمشبّه به.[٢٩]

إِذا مَا طَمحْتُ إلى غايةٍ

رَكِبتُ المنى ونَسيتُ الحَذرْ

شبّه الريح بالإنسان الذي يطمح إلى الحرية، وشبّه الأمنيات بالمركب الذي يُركب عليه، كما شبّه الحذر بالمعلومة التي تُنسى، ونوع التشبيه هنا هي استعارة مكنيّة، فذكر المشبّه وهي الرياح والأمنيات، وحذف المشبّه به في الجمل وهي الحرية والمركب الذي يركب عليه.[٢٩]

ومن لا يحبُّ صُعودَ الجبالِ

يَعِشْ أبَدَ الدَّهرِ بَيْنَ الحُفَرْ

شبّه الرضا بالذل والمهانة، بالعيش بين الحفر، والاستعارة هنا هي استعارة تصريحيّة، فذكر المشبّ به بين الحفر وحذف المشبّه وهي الحياة بالذل والمهانة.[٢٩]

فَعَجَّتْ بقلبي دماءُ الشَّبابِ

وضجَّت بصدري رياحٌ أُخَرْ

في البيت نوع من الجناس بين كلمتي (عجّتو ضجّت)، وهنا شبه الشاعر القلب بكأس مملوء بماء الشباب، وشبّه الرياح بالإنسان الغاضب عالي الصوت بضجيجه، وشبّه الصدر بالمكان الذي يضجّ منه، والتشبيه في الجملة هو نوع من أنواع الكناية، وذلك كناية عن النشاط في من يجتهد في حياته.[٢٩]

وأطرقتُ أُصغي لقصفِ الرُّعودِ

وعزفِ الرّياحِ وَوَقْعِ المَطَرْ

شبّه صوت الرياح، وكأنه العزف العذب على الآلة الموسيقيّة، كما شبّه نزول المطر بالشيء الذي يقع، وهنا التشبيه هو نوع من أنواع الكناية، فالبيت هو كناية عن المشاكل التي تُواجه الإنسان.[٢٩]

وقالتْ ليَ الأَرضُ لما سألتُ

أيا أمُّ هل تكرهينَ البَشَرْ

شبّه الأرض بالإنسان الذي يتحدّث ويقول، كما شبّه الأرض بالأم التي تكره البشر، والاستعارة هنا مكنيّة؛ ذلك لأنّ الشاعر يصف الأرض بصفة من صفات الإنسان، فحذف المشبّه به وذكر المشبّه.[٢٩]

أبو القاسم الشابي

ما هو الّلقب الذي عُرف به الشابيّ؟

أبو القاسم الشابي شاعر توسيٌّ من شعراء العصر الحديث، وُلدَ في مدينة تورز في تونس عام 1909، لُقِّب بشاعرِ الخضراء وهو صاحب قصيدة إرادة الحياة الشهيرة، بدأ تلقي تعليمه في الكتاتيب في الخامسة من عمره، وأكملَ حفظ القرآن في التاسعة، ثمَّ بدأ والده بتعليمه أصول العربية ومبادئ العلومِ الأخرى حتى بلغ الحادية عشرةَ، ثمَّ التحق بكليَّة الزيتونة في 1920 وتخرَّج منها عام 1928، حائزًا على شهادة التطويع، وهي أعلى شهاداتها في ذلك الوقت.[٣٠]

التحق الشابيّ بمدرسة الحقوق التونسية وتخرّج فيها عام 1930، وتُوفّي بمرض في القلب عام 1934، عن عمر يُناهز 25 عامًا[٣٠]، كان شاعر الحب والأمل والثورة والحرية، فكانت له الكثير من القصائد التي تتناول موضوعاتها الوطنيّة وهمّ الشعب والمآسي التي يعاني منها، وأشهرها قصيدته الخالدة إرادة الحياة، والتي كانت من أشعار أبي القاسم عن الحرية، إضافة لقصيدة الجبار “هكذا غنَّى بروميثيوس”، وفيها أيضًا إصرار على الحياة وتحريض على التمسُّك بالحياة الكريمة.[٣١]

هناك قصيدة “لستُ أبكي لعَسفِ ليلٍ طويلٍ”، وفيها أيضًا يتحدَّث عن كتم أصوات الخطباء الذين يصدحون بإيقاظ الشعوب ويتغنَّى بحبّ تونس الخضراء، وقصيدة “في الليلِ ناديتُ الكواكبَ ساخطًا”، التي يتحدَّث فيها عن الليل الذي أطبَقَ على الوطن ويبشِّر بولادة فجر باسم واعد، وله قصيدة “النبيُّ المجهول”، التي يذكر فيها صفات الشعب الجبّارة، مُحرِّضًا على التغيير وانطلاق الثورة بقصيدة طويلة، وغير ذلك من القصائد الوطنية البديعة.[٣٢]

المراجع[+]

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص “إذا الشعب يوما أراد الحياة”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-04. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض “إرادة الحياة قصيدة”، ويكيبيديا، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  3. “تعريف و معنى اراد في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  4. “تعريف و معنى القدر في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  5. “تعريف و معنى ينجلي في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  6. “تعريف و معنى يعانق في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  7. “تعريف و معنى اندثر في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  8. “تعريف و معنى مستتر في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  9. “تعريف و معنى دمدم في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  10. “تعريف و معنى الحذر في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  11. “تعريف و معنى وعر في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  12. “تعريف و معنى كبة في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  13. “تعريف و معنى غاية في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  14. “تعريف و معنى فجاج في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  15. “تعريف و معنى دهر في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  16. “تعريف و معنى عجت في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  17. “تعريف و معنى ضجت في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  18. “تعريف و معنى اطرق في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  19. “تعريف و معنى اصغى في معجم المعاني الجامع”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  20. “تعريف و معنى وقع في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  21. “تعريف و معنى يستلذ في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  22. “تعريف و معنى يحتقر في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  23. “تعريف و معنى يلثم في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  24. “تعريف و معنى تترنم في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  25. “تعريف و معنى مرج في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  26. “تعريف و معنى تلاشت في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  27. “تعريف و معنى المدر في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  28. “تعريف و معنى ظمئت في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  29. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر “شرح وتلخيص وتحليل وحل أسئلة إرادة الحياة لغة عربية”، يوتيوب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  30. ^ أ ب “القصة الشعرية عند أبي القاسم الشابي”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  31. “إذا الشعب يوما أرادا الحياة قراءة في هبة شعب تونس البطل”، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.
  32. “أبو القاسم الشابي”، معرفة، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-05. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب