X
X


موقع اقرا » الحياة والمجتمع » معلومات عامة » الفرق بين الليبرالية والعلمانية

الفرق بين الليبرالية والعلمانية

الفرق بين الليبرالية والعلمانية


ما الفرق بين الليبرالية والعلمانية؟

إن الأسس الثلاثة للحداثة والتي أعلن عنها هيغل هي: الذاتية، الحرية[١] والعقلانية وبهذا تم الإعلان عن مركزية الإنسان في الحضارة ودوره فيها، وبعد ذلك بدأت مذاهب فكرية تنتشر كنتيجة لهذه الأسس التي قامت عليها الحداثة، وكان لديكارت صاحب عبارة “أنا أفكر إذن أنا موجود” دور في إبراز الذات الإنسانية في العصور الحديثة،[٢] فيما يلي الفرق بين اللبرالية والعلمانية لمعرفة علاقتها بالمقولات السابقة:

الفرق بين الليبرالية والعلمانية من حيث التعريف

الليبرالية(Liberalism) مصطلح أجنبي معرب، وتعني التحررية أو الحرية، وهي توجه فكري ركز على الحرية الفردية و يرى وجوب احترام استقلال الفرد، والحفاظ على حرياته وحمايتها والتي تعدّ الحكومة مسؤولة بدرجة أولى عن هذا الأمر، ولهذا يحاول أصحاب هذا المذهب إبعاد كل القيود التي تحول دون حرياتهم.[٣]

أما العلمانية(Secularism) فتعني فصل الدين عن الدولة، وما يترتب عليه من فصل لمؤسسات الدين السائدة في الدولة عن باقي المؤسسات الدولية الأخرى، وتضمن حرية ممارسة الشعائر الدينية والطقوس الدينية دون التدخل في الشعائر الدينية لباقي الأفراد في الدولة، ويترتب عليها أن يكون الجميع متساوون أمام القانون.[٤]

الفرق بين الليبرالية والعلمانية من حيث المؤسس

يعتبر الفيلسوف البريطاني جون لوك John Locke هو المؤسس الأول لليبرالية، كما نادى بفصل الدين عن الدولة[٥]، وهو يلقب بأبو الليبرالية، أما أهم مؤسسي ورواد العلمانية فهم توماس هوبز Thomas Hobbes وجورج هوليوك George Holyok، وقد تنبه سبينوزا Spinoza وهو فيلسوف هولندي إلى خطورة تدخل السلطة الدينية بالسلطة السياسية فكتب كتاب اسمه رسالة في اللاهوت والسياسة.[٦]

الفرق بين الليبرالية والعلمانية من حيث الإيديولوجية

يقوم المذهب الليبرالي على أساس علماني يعظم الإنسان ويرى أنه كائن مستقل بذاته في إدراك احتياجاته، بمعنى أن الليبرالية كمذهب يعزز الحرية الفردية يعتبر نتيجة للعلمانية كما أن فلسفة الليبرالية انبثقت عن العلمانية، فالفارق يكون في أن كل الفلسفات الحداثية ومن ضمنها الليبرالية لم تكن لتتم لولا فصل الدين عن الدولة أي العلمانية، فالعلمانية خطاب أنهى فلسفة العصور الوسطى وحصر دور الدين في المؤسسات الدينية، بعيذًا عن الأمور الدنيوية، وبعدها تم التأسيس لفلسفات الحداثة ومن أهمها الليبرالية، ويعود ذلك إلى فلاسفة التنوير الأوروبي.[٧]

الفرق بين الليبرالية والعلمانية من حيث العلاقة بالدين

في العصور الوسطى كانت الكنيسة متحكمة في مصير الناس على الأرض وفي السماء في ذلك قامت النهضة وبدايتها كانت من دولة إيطاليا (كانت إيطاليا في تلك الفترة مجموعة دويلات صغيرة)، والتي خرج منها العديد من المفكرين الذين حاولوا وضع أسس للإصلاح والنظرية السياسية الحديثة أهمهم الراهب مارتن لوثر بكتابه عريضة، علقها على باب الكنيسة؛ لذلك قام البابا باستدعائه لكي يناقشه في هذا الأمر ولم يتخل لوثر عن إيمانه بحتمية وضرورة إعادة النظر في المفاهيم اللاهوتية المسيحية منها، ومن أهم الأمور التي كان معترضًا عليها هي صكوك الغفران.[٨]

تخلص الثقافة العلمانية الكتب المقدسة من آثار سيطرة سلطة الكنسية والرهبانية التي كانت تتحكم في الأفراد طوال فترة القرون الوسطى، ووضع مفاهيم العقد الاجتماعي محل المعايير الأخلاقية الدينية، وذلك الوضع كان الأساس لليبرالية السياسية والتي تقوم على فكرة الحقوق الطبيعية التي كان الفرد يتمتع بها في حالة الطبيعة السابقة على العقد الاجتماعي وهي: الحرية، الحق في الحياة، والتملك، وكان للحركة اللوثرية دور كبير في الإسهام في الإصلاح.[٩]

استطاعت العلمانية في الفترة الممتدة من القرن السابع عشر حتى القرن التاسع عشرأن تكون حركة فكرية تزامنت مع انتشار التنوير في أوروبا التي أعادة صياغة النظرة التقليدية إلى السلطة وأن تعيد هيكلة العقلية الأوروبية بعيدًا عن أي تدخل لرجال الدين وبعيدًا عن خرافاتهم وأساطيرهم التي أدت إلى السيطرة على عقولهم لمدة استمرت عشرة قرون، كما ينبغي التأكيد على أن العلمانية والليبرالية لا تحاربان الدين بذاته لكنهما تحاربان كافة المظاهر الخرافية والأسطورية وترفض استغلال عقول البسطاء وحشوها بالأوهام، فالفيلسوف الألماني كانط (من أهم مؤسسي حركة التنوير في أوروبا) يقول: “تجرأ على استعمال عقلك”، وقام بدعوتنا إلى عدم الركون إلى التفسيرات التي يقدمها رجال الدين.[١٠]

بذلك يمكن اعتبار التنوير الذي انتشر في أوروبا وفي مختلف البلدان سواء بريطانيا، فرنسا أو ألمانيا كان مؤثرًا كبيرًا في عملية إعادة النظر في المفاهيم الدينية بعيدًا عن تدخل سلطة خارجية، وتقديم مفهوم للإيمان بشكل عقلاني.[١١]

الفرق بين الليبرالية والعلمانية من حيث العلاقة بالسياسة

إن كل من العلمانية والليبرالية تركز اهتمامها على الفرد وأموره الدنيوية حسب طبيعة العصر الذي يعيش فيه الفرد بعيدًا عن ما جاء في الكتب المقدسة، وغالبًا ما يتم اعتبار العلمانية فلسفة تسعى إلى الحد من تأثير الدين في الحياة العامة والخاصة، وبالتالي فإن الفرد هو الذي يحدد مصيره، وتاريخيًا أدى استمرار الممارسات الدينية لفترة طويلة في أوروبا إلى اللجوء إلى مستويات عالية من العلمانية.[١٢]

كما تؤكد الليبرالية السياسية على أنها مفهوم أخلاقي لا يهتم إلا بالبنية الأساسية للمجتمع وتقدمه بعيدًا عن كل المذاهب الشمولية، وأهم ما تؤكد عليه الليبرالية هي أن المواطنين أحرار ومتساوين.[١٣]

الفرق بين الليبرالية والعلمانية من حيث الانتشار

انتشرت العلمانية بداية في أوروبا في مطالع عصور النهضة وعصور الإصلاح الديني، حيث بدأت في بريطانيا ثم في فرنسا وبعدها في ألمانيا، ثم لحقتها الليبرالية، وهي أيضًا انتشرت بدايةً مع الفيلسوف الليبرالي جون لوك في بريطانيا، ثم انتشرت في باقي القارة الأوروبية حتى الوصول إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن حركات عربيه تدعو الى الليبرالية والعلمانية انتشرت في بعض الدول العربية.[١٤]

يمكن تلخيص العلمانية بأنها فلسفة تفصل الدين عن شؤون الدنيا، كانت ضمن إطار تاريخي معين وأثناء تواجد المسيحية، وهي حركة تنطبق على مختلف الأديان وذلك لأن احترام التعددية الدينية من أسس العلمانية بمعنى أنها على مسافة واحدة من الجميع، أما الليبرالية في فلسفة الحرية فهي تؤكد على أن للإنسان ذات حرة، ويمكن تطبيقها بغض النظر عن الدين السائد في الدولة.

ما العلاقة بين الليبرالية والعلمانية والديمقراطية؟

الديمقراطية (Democracy) هي سلطة الشعب أو حكم الشعب فإرادة الشعب يجب أن تكون أساس سلطة الحكومة، وتعلن رسميًا خضوع الأقلية لإرادة الأغلبية، وتعترف بحرية المواطنين والمساواة بينهم فمن حق الشعب اختيار السلطة التي تحكمه، وبهذا الشكل يمكن اعتبار الديمقراطية إحدى نتائج العلمانية، وذلك لعدم تدخل السلطة الدينية بالسلطة السياسية فلا يتم استغلال الدين في السياسة ولا يتدخل فيها، فيصبح الخيار للشعب فقط، وللفرد حقه في تقرير مصيره من خلال المشاركة في عملية الاقتراع.[١٥]

إذا كانت الليبرالية مذهب يعزز الحريات الفردية، فإن الحريات بمختلف أنواعها سواء حرية رأي وتعبير أو غيرها تعد من مبادئ الديمقراطية،[١٥] والديمقراطية تعتبر أحد تطلعات الليبرالية، وكلاهما يمثل أساس التفكير السياسي المعاصر، وترتبط كل منهما بالأخرى من الناحية المفاهيمية وتظهر هذه العلاقة لمحاولة التقريب بينهما.[١٦]

وبهذا نستنتج أن كل من الليبرالية والعلمانية والديمقراطية هي فلسفات تم ترسيخها في العصور الحديثة من خلال نظريات العقد الاجتماعي التي صاغها فلاسفة كبار مثل جون لوك، روسو وهوبز.

المراجع[+]

  1. “Subjective Freedom and Necessity in Hegel’s “Philosophy of Right””, www.jstor.org, 2020-11-28, Retrieved 2020-11-30. Edited.
  2. Paul Kleinman (2013), Philosophy 101, Page 128_129. Edited.
  3. “Liberalism politics”, /www.britannica.com, 2020-11-27, Retrieved 2020-12-01. Edited.
  4. “What is Secularism?”, www.secularism.org, 2020-11-29, Retrieved 2020-11-30. Edited.
  5. “John Locke”, stanford.edu, Retrieved 1/12/2020. Edited.
  6. Bertrand Russell, the history of western Philosophy, Page 629. Edited.
  7. Bertrand Russell, The history of western Philosophy, Page 522-523. Edited.
  8. Bertrand Russell, The history of western Philosophy, Page 491-495. Edited.
  9. “Protestantism A brief overview of the History of Protestant Christianity “, /americanhumanist.org, 2020-11-29, Retrieved 2020-12-01. Edited.
  10. “Enlightenment”, /www.history.com, 2020-11-29, Retrieved 2020-11-30. Edited.
  11. “enlightenment”, https://plato.stanford.edu/entries/enlightenment/, Retrieved 1/12/2020. Edited.
  12. “Secularism and Politics”, /oxfordre.com, Retrieved 1/12/2020. Edited.
  13. “Political Liberalism”, www.sciencedirect.com, Retrieved 1/12/2020. Edited.
  14. “A Short History of English Liberalism”, www.gutenberg.org, 2020-11-29, Retrieved 2020-11-30. Edited.
  15. ^ أ ب “Democracy”, www.un.org, 2020-11-28, Retrieved 2020-11-30. Edited.
  16. “Liberalism and Democracy”, www.jstor.org, Retrieved 1/12/2020. Edited.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب