X
X


موقع اقرا » إسلام » أحاديث » يا عبادي إني حرمت الظلم

يا عبادي إني حرمت الظلم

يا عبادي إني حرمت الظلم


معنى “يا عبادي إني حرمت الظلم”

قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فيما يرويه عن الله -تعالى-: (يا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا)،[١] حيث نفى الله -تعالى- عن نفسه إرادة الظلم؛ لكونه أمرا لا يليق به -سبحانه-،[٢] فالظلم يصدر ممّن حُدّت ورُسمَت له حدود متى تعدّاها وتجاوزها عُدّ ظالما، أمّا الله -تعالى- فهو مالك كل شيء، لا حاكم فوقه، ولا حاجز عليه، فهو الذي حدّ الحدود وبيّنها.[٣]

إلّا أنّه -سبحانه- بيّن أنّ لكل شيء ميزان حتى تتّضح الأمور وتُصحّح الأفهام، ومن ذلك جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب في حماية الأمّة من الآفات الإجتماعية، فإن تُرك ذلك تخبّطت الأمة وتعثّرت في الفساد،[٤] أمّا قوله: (فلا تَظَالَمُوا)؛ أي أنّ الله -تعالى- نهى عن الظلم بنوعيه وهما:[٥]

  • الظلم الذي يتعلّق بحقوق الله -تعالى- كالزكوات، والكفارات، والعبادات، والنذور ونحو ذلك.
  • الظلم الذي يتعلّق بحقوق العباد كالغصوب، وإنكار الودائع، والجنايات في النفس والأعراض ونحو ذلك.

وتجدر الإشارة إلى أمرين:[٦]

  • أوّلهما: إنّ الله -تعالى- قادر على الظلم إلّا أنّه لا يُقدِم عليه ويفعله رحمة بعباده، وإحسانا بهم، وجودا وكرما منه.
  • ثانيهما: إنّ رفع الظلم عن الناس واجب شرعي، أمّا في حقّ الإمام والخليفة الذي تُناط به مسؤولية إقامة العدل فهو واجب عيني.[٥]

المعاني الأخرى التي اشتمل عليها الحديث 

حاجة العباد إلى هداية الله تعالى

قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن الله -تعالى-: (يا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَن هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ)،[١][٧] حيث بيّن الله -تعالى- أنّ النفس تميل إلى الضلال لكثرة ما يحيط بها من أهواء وشياطين، إلّا أنّه -سبحانه- إذا أراد بالعبد الهداية صدّ عنه سبل الضلال بأسباب الهدى،[٨] لذا حثّ الله -تعالى- عباده على طلب الهداية منه والتوفيق لها بقوله: (فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ).[٩]

فقر العباد إلى الله تعالى في طعامهم وشرابهم وكسوتهم

قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن الله -تعالى-: (كُلُّكُمْ جَائِعٌ، إلَّا مَن أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ، إلَّا مَن كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ)،[١] بيّن الله -تعالى- مدى فقر العباد وحاجتهم إلى فضله وإحسانه، فكل إنسان جائع لا يمكنه رزق نفسه وإطعامها إلّا إذا أطعمه الله ويسّر له ذلك، لذا حثّ عباده على أن يطلبوا منه إطعامهم على ألا يغفلوا عن الأخذ بالأسباب في تحصيل الرزق، ثمّ بيّن -سبحانه- أنّ كل إنسان عار بحاجة إلى ستره وكسوته، ثمّ حثّ عباده على أن يطلبوا منه كسوتهم وسترهم.[١٠]

كمال غنى الله تعالى عن العباد

قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن الله -تعالى-: (يا عِبَادِي إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي، فَتَنْفَعُونِي)،[١] أشار الله -تعالى- إلى غناه عن العباد فهم لا يقدرون على أن يوصلوا إليه ضرا أو نفعا؛ لكونه -سبحانه- غنيا في نفسه، فطاعاتهم تعود بالنفع عليهم لا عليه، ومعاصيهم تعود بالضرر عليهم لا عليه -سبحانه-.[١١]

ثمّ قال تعالى-: (يا عِبَادِي لو أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا علَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنكُمْ، ما زَادَ ذلكَ في مُلْكِي شيئًا، يا عِبَادِي لو أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا علَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، ما نَقَصَ ذلكَ مِن مُلْكِي شيئًا)،[١] فبيّن -سبحانه- أنّّّّه لو كان جميع الخلق من إنس وجن، أولهم وآخرهم مهتدين وفق أتقى قلب ما زاد ذلك في ملكه شيئا، ولو كانوا على خلاف ذلك ما نقص ذلك من ملكه شيئا.[١٢]

خلاصة المقال: حرّم الله -تعالى- الظلم على نفسه وحرّمه على عباده، كما أنّ جميع الخلق بحاجة إليه -سبحانه- في الهداية، والطعام والشراب، والكسوة، وهو -سبحانه- غني عن عباده؛ فطاعتهم لا تزيد في ملكه شيئا، ومعصيتهم لا تنقص من ملكه شيئا.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:2577 ، صحيح.
  2. محمد أبو زهرة، زهرة التفاسير، القاهرة:دار الفكر العربي، صفحة 1354، جزء 3. بتصرّف.
  3. ابن الملقن (1433)، المعين على تفهم الأربعين (الطبعة 1)، الكويت:مكتبة أهل الأثر، صفحة 289. بتصرّف.
  4. محمد أبو زهرة، زهرة التفاسير، القاهرة:دار الفكر العربي، صفحة 1355، جزء 3. بتصرّف.
  5. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 1)، مصر:دار الصفوة، صفحة 128، جزء 38. بتصرّف.
  6. ابن رجب الحنبلي (1424)، جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم (الطبعة 2)، القاهرة:دار السلام، صفحة 657، جزء 2. بتصرّف.
  7. عبد المحسن العباد، شرح الأربعين النووية، صفحة 5. بتصرّف.
  8. ابن الملقن (1433)، المعين على تفهم الأربعين (الطبعة 1)، الكويت:مكتبة أهل الأثر ، صفحة 294. بتصرّف.
  9. محمد الهرري (1430)، الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (الطبعة 1)، بيروت:دار طوق النجاة، صفحة 345، جزء 24. بتصرّف.
  10. عبد المحسن العباد، شرح الأربعين النووية، صفحة 6-7. بتصرّف.
  11. ابن رجب الحنبلي (1424)، جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم (الطبعة 2)، القاهرة:دار السلام، صفحة 667، جزء 2. بتصرّف.
  12. الصنعاني (1432)، التَّنويرُ شَرْحُ الجَامِع الصَّغِيرِ (الطبعة 1)، الرياض:دار السلام، صفحة 595، جزء 7. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب