X
X


موقع اقرا » إسلام » حياة الرسول والصحابة » وصف بيت النبي صلى الله عليه وسلم

وصف بيت النبي صلى الله عليه وسلم

وصف بيت النبي صلى الله عليه وسلم


موقع بيت النبي صلى الله عليه وسلم

في أوائل أيام شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة، تُوفِّي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المدينة المنورة، تاركاً خلفه تسع زوجات، وقد كان لكُلِّ واحدةٍ منهن بيتٌ مستقل، ومع أن المصادر التاريخية ذكرت وجود هذه البيوت حول المسجد النبوي، لكنها لم تحدَّد مكانها بدقّة، وقد أُنشئ بيتان منها تزامناً مع بناء المسجد النبوي، وهما: بيت عائشة بنت أبي بكر-رضي الله عنهما-، وبيت سودة بنت زمعة-رضي الله عنها-.[١]

وقد قال ابن حجر: “توفيت سودة سنة خمس وخمسين على الصحيح وأوصت بحجرتها لعائشة، ولعلّها كانت في الجهة الشرقية من حجرة عائشة لأنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بنى هاتين الحجرتين بعد بناء المسجد في وقتٍ واحدٍ على هيئة واحدة، وكانت حجرة حفصة -رضي الله عنها- في الجهة الشمالية منها، فلم تبقَ إلّا الجهة الشرقية من حجرة عائشة فكانت بها حجرة سودة رضي الله عنهما”،[٢] وبيت سودة -رضي الله عنها- لا يطلّ على المسجد، بل ربّما يقع قبالة دار عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، والله أعلم.[١]

ويوجد بالقرب من بيوت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيت أبي أيوب الأنصاري، حيث أقام به رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سبعة أشهرحتّى بُني له مسجده ومساكنه، فانتقل إلى مساكنه، كما إن معظم بيوت أزواج رسول الله الواقعة في الجهة الشرقية هي من منازل الصحابي الجليل حارثة بن النعمان -رضي الله عنه- وقد تحوَّل عنها إكراماً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم.[٣]

يقع بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- حول المسجد النبوي في المدينة المنورة، وقد كانت كل زوجة من زوجات النبي تسكن في غرفة مستقلة عن الأخرى.

حجرات بيت النبي صلى الله عليه وسلم

قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ)،[٤] والحجرات جمع حجرة، وهي بيوت نساء النبي صلوات ربي وسلامه عليه.[٥]

وقد كانت الحجرات من جريد النخل، فلما جاء كتاب الوليد بن عبد الملك يأمر بإِدْخَالِ حُجَرِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – حزن المسلمون حزناً شديداً، قالَ عَطَاءٌ: “فَسَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ يَوْمَئِذٍ: وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّهُمْ تَرَكُوهَا عَلَى حَالِهَا يَنْشَأُ نَاشِئٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَيَقْدَمُ الْقَادِمُ مِنَ الأُفُقِ فَيَرَى مَا اكْتَفَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي حَيَاتِهِ. فَيَكُونُ ذَلِكَ مِمَّا يُزَهِّدُ النَّاسَ فِي التَّكَاثُرِ وَالتَّفَاخُرِ”.[٦] 

كانت حجرات النبي -صلى الله عليه وسلم- تتصف بالبساطة، إذ إنها كانت مبينة من جريد النخل.

أثاث بيت النبي صلى الله عليه وسلم

يحتاج كُلّ بيت للأثاث لجعل الحياة فيه أكثر يُسراً، والأثاث هو متاع البيت من فراش ونحوه،[٧] وقد توافرت بعض المعلومات عن متاع تلك بيوت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد أخبرتنا عائشة -رضي الله عنها- أن أباها زوَّجها من رسول الله على متاع بيتٍ قيمته خمسون أو نحواً من خمسين، وقد ذكرت لنا روايات أخرى بعض أنواع ذلك المتاع، سنورد ذكره هنا بالتفصيل:

الأثاث المرتفع عن الأرض

من الأثاث المرتفع عن الأرض والذي كان متواجداً في بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- الآتي:[٨][٩]

  • السرير: وهو المضطجع، حيث يجلس الإنسان وينام، وقد ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنَّه قال: (دخلت على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو على سرير مرمول بشريط وتحت رأسه مرفقة حشوها ليف).[٨]
  • الكرسي: وهو الشيء الذي يعتمد عليه ويجلس عليه، وقد وردت الإشارة إلى وجوده في بيوت النبي – صلى الله عليه وسلم- وفي مسجده.
  • النضد: وهو السرير الذي يُوضع عليه المتاع من ثياب ونحوها، وقد ورد عن ميْمُونَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْبَحَ يَوْمًا وَاجِمًا، فَقَالَتْ لَهُ مَيْمُونَةُ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ لَقَدِ اسْتَنْكَرْتُ هَيْئَتَكَ مُنْذُ الْيَوْمَ، فَقَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ وَعَدَنِي أَنْ يَلْقَانِي اللَّيْلَةَ، فَلَمْ يَلْقَنِي، أَمَا وَاللَّهِ مَا أَخْلَفَنِي» قَالَ: فَظَلَّ يَوْمَهُ كَذَلِكَ ثُمَّ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ جَرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ نَضَدٍ لَنَا، فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ).[١٠]
  • السجف: من أنواع الستور المعروفة في أيام الرسول -صلى الله عليه وسلم-، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (آخرُ نَظرةٍ نظَرتُها إلى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كشَفَ السِّتارَةَ يَومَ الاثنَينِ فَنظرتُ إلى وجهِه كأنَّهُ وَرَقةُ مُصحَفٍ والنَّاسُ خلفَ أبي بكرٍ في الصَّلاةِ فأرادَ أن يتَحرَّكَ فأشارَ إليهِ أنِ اثبُتْ وألقى السِّجفَ وماتَ من آخرِ ذلِك اليومِ).[١١]
  • القرام: وهو أحد أنواع الستور، يصنع من الصوف، ويكون صفيقاً فلا يشف، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: (دخلَ عليَّ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، وقد سَترتُ سَهْوةً لي بقِرامٍ فيهِ تماثيلُ (وفي روايةٍ : فيه الخيلُ ذواتُ الأجنِحَةِ) فلمَّا رآهُ هتَكَهُ وتلوَّنَ وجهُهُ وقالَ: يا عائشةُ أشدُّ النَّاسِ عذابًا عندَ اللَّهِ يومَ القيامةِ، الَّذينَ يُضاهونَ بخلقِ اللَّهِ).[١٢]

ما يفرش أو يبسط على وجه الأرض وما يتكىء عليه

ومن الأثاث الذي يفرش على الأرض توافر في بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الآتي:[١٣]

  • البساط والحصير: فهذه تُبسط على الأرض، وتصنع من مواد شتى، وقد روي عن بعض الصحابة أنّه دخل على رسول الله فوجده يُصلِّي على حصير.[١٤]
  • الخميلة: وهي الغطاء، فقد قالت أمّ سلمة: (بينا أنا مع رسول الله، مضطجعة في خميلة …).[١٥]
  • الفراش: وهو من المتاع الذي لا غنى عنه، ورد أنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- قالَ: (فِرَاشٌ لِلرَّجُلِ، وَفِرَاشٌ لاِمْرَأَتِهِ، وَالثَّالِثُ لِلضَّيْفِ، وَالرَّابِعُ لِلشَّيْطَانِ).[١٦]
  • القطيفة: من مكملات الفراش، وهي الدِّثار المخمل.
  • المرفقة والنمرقة: بالكسر، وهي المخدة أو الوسادة، وقد ورد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعطى أم سلمة مرفقة من أدم حشوها ليف، روى ابن عباس -رضي الله عنه-: (فإذا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى حَصِيرٍ قدْ أثَّرَ في جَنْبِهِ، وتَحْتَ رَأْسِهِ مِرْفَقَةٌ مِن أدَمٍ حَشْوُها لِيفٌ).[١٧]
  • المنبذة: وتطرح في الأرض للجلوس عليها.

احتوى بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- على الأثاث المرتفع عن الأرض، والأثاث المفروش على الأرض، وقد تم بيان أمثلة على هذين النوعين.

الطابع العام لبيت النبي صلى الله عليه وسلم

وقد تميز بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- بالأمور الآتية:[١٣]

  • بعيد عن المظاهر الدنيوية، وقد أورد ابن سعد في طبقاته وصفا دقيقاً لمنازل رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، حيث أخبرنا أنّها كانت في منتهى البساطة والبعد عن مظاهر الدنيا وزخرفها، “كَانَتْ بُيُوتًا بِاللَّبِنِ. وَلَهَا حُجَرٌ مِنْ جَرِيدٍ مَطْرُورَةٌ بِالطِّينِ. عَدَدْتُ تِسْعَةَ أَبْيَاتٍ بِحُجَرِهَا وَهِيَ مَا بَيْنَ بَيْتِ عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. إِلَى الْبَابِ الَّذِي يَلِي بَابَ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إلى منزل أسماء بنت حَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ”.[٦]
  • الزهد في الحياة الدنيا والانكفاف عنها بالرغم من مكانة الرسول -صلى الله عليه وسلم- العالية في قومه.
  • طمع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الآخرة وما عند الله تعالى، حيث إنه كان يرفض مظاهر البهرجة والتفاخر في أثاثه.
  • كانت بيوت النبي -صلى الله عليه وسلم- مبنية من جريد مطين بالطين وسقفه من الجريد.

لقد آثر النبي -صلى الله عليه وسلم- الحياة الآخرة على الحياة الدينا، وكان لهذا عظيم الأثر على شكل بيوته صلى الله عليه وسلم التي اتسمت بالبساطة والبعد عن مظاهر التفاخر.

المراجع

  1. ^ أ ب محمد بن فارس الجميل (2016)، بيوت النبي صلى الله عليه وسلم وحجراتها وصفة معيشته فيها (الطبعة 1)، لبنان:جداول للنشر والتوزيع، صفحة 21. بتصرّف.
  2. محمد إلياس عبد الغني (1999)، بيوت الصحابة حول المسجد النبوي الشريف (الطبعة 4)، صفحة 25-26.
  3. لي أبو الحسن بن عبد الحي بن فخر الدين الندوي، السيرة النبوية لأبي الحسن الندوي، صفحة 280.
  4. سورة الحجرات، آية:4
  5. ابن كثير، تفسير ابن كثير ط العلمية، صفحة 344. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ابن سعد، كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية، صفحة 387.
  7. ابن منظور، لسان العرب، صفحة 111.
  8. ^ أ ب رواه الذهبي، في ميزان الاعتدال، عن انس بن مالك، الصفحة أو الرقم:637، اسناده صالح.
  9. أحمد بن حنبل، كتاب الزهد لأحمد بن حنبل، صفحة 323.
  10. رواه النسائي، في سنن النسائي، عن ميمونة رضي الله عنها، الصفحة أو الرقم:4283، صحيح.
  11. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1326، صحيح.
  12. رواه الألباني، في آداب الزفاف، عن عائشة رضي الله عنها، الصفحة أو الرقم:113، أخرجه البخاري ومسلم.
  13. ^ أ ب خالد الشايع (2017-6-8)، “جولة بين حجرات وأثاث بيت الرسول صلى الله عليه وسلم”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2021-9-4. بتصرّف.
  14. سامح البلاح (2016-5-19)، “أثاث وآلات من بيت النبي صلى الله عليه وسلم”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2021-9-4. بتصرّف.
  15. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:26703، إسناداه صحيحان.
  16. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:2084، صحيح.
  17. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:5843 ، صحيح.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب