هل بسم الله الرحمن الرحيم اية من القرآن الكريم، وهل هي آية من سور القرآن الكريم، وهل البسملة آية من الفاتحة، كلّ هذه الأسئلة من الأمور المهمّة التي ينبغي للمسلم أن يعرفها، وقد فصّل فيها أهل العلم وبيّنوها، حيث إنّ هذه المسألة تخصّ القرآن الكريم الذي هو كلام الله ووحيه المنزل على نبيّه صلى الله عليه وسلم، والذي يتعبّد المسلمون بتلاوته، ومن خلال موقع اقرا سيتمّ بيان هل البسملة آية من الفاتحة ومن سور القرآن الكريم، وهل تصح الصلاة بغير البسملة.
معنى بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ البسملة هي تلفظ المسلم بقول بسم الله الرحمن الرحيم، ويبدأها المسلمون في أعمالهم وأقوالهم وكلّ عباداتهم، ويستجلبون بها الخير والبركة والتوفيق، وهي تحمل المعنى العظيم والكبير، فمن خلالها يطلب العبد من ربّه العون والبركات، وذلك باثنين من أعظم أسمائه الحسنى، وتعني أنّ العبد يبتدئ القول أو العمل أو الفعل مستعينًا باسم الله متلمّسًا منه العون والبركة، والله سبحانه هو المعبود الذي تتوجه إليه القلوب بالتّعظيم والطاعة، فالباء للاستعانة والتبرك، واسم هو اسمٌ مجرور بالباء بالكسرة، ولفظ الله مضاف إلى مجرور وهو أعظم أسماء الله، والرحمن والرحيم، اسمان من أعظم أسماء الله، فالرحمن هو صاحب الرحمة التي تسع الخلق جميعًا، والرحيم صاحب الرحمة بالمؤمنين.
هل بسم الله الرحمن الرحيم اية
اختلف أهل العلم في مسألة هل بسم الله الرحمن الرحيم اية، فكانت أقوالهم متباينة وعديدة، إلا أنهم اجتمعوا على أنّها جزءٌ من آية من سورة النمل في قوله تعالى: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}،
[2] وما ورد عن حكم البسلمة عن أهل العلم ما يأتي:
إنّ البسملة ليست آية من القرآن: باستثناء سورة النمل، وقد ورد هذا القول عن قرّاء المدينة والبصرة والشام، وقال أصحابه أنها كتبت في أوائل السور للتبرك بها.
البسملة آيةٌ في سورة الفاتحة فقط: وهو قول بعض السلف كسعيد بن جبير وفقهاء مكة والكوفة واستدلّوا على إثباتها في المصاحف في الفاتحة، وما روي عن النبي في تلاوتها مع الفاتحة.
البسملة آيةٌ أو بعض آية في كلّ سورة إلا سورة براءة: وقد ذكر هذا القول بعض قرّاء مكة والكوفة وفقائهما، وذكره ابن عباس وابن عمر وبعض التابعين والسلف، واستدلّوا بذلك على ثبوت البسملة في المصحف مع كل سورة، واستدلوا بعديد الأحاديث التي تشير إلى ذلك.
البسلمة آية مستقلة من القرآن: وأصحاب هذا القول يقولون أنّها ليست جزءًا من السور إنّما تنزل مع كلّ آية لتفصل بينها وبين التي سبقتها، ويحكى أنّه أصحّ الأقوال، فقد أجمع الصحابة على إثباتها في المصحف فلا يجوز الخروج عن إجماعهم، وقد روي عن ابن عباس أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف فضل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم.
بسم الله الرحمن الرحيم آية من الفاتحة فقط: وهو قولٌ لبعض أهل العلم والله أعلم.
هل بسم الله الرحمن الرحيم اية من الفاتحة
اختلف أهل العلم في هل بسم الله الرحمن الرحيم اية من الفاتحة أم لا، مع اتفّاقهم جميعًا على كتابتها، وعلى أنّ الفاتحة أمّ الكتاب سبع آيات، فالبسملة آية من الفاتحة في المصحف المكي والكوفي، وليست آية مستقلة في المصحف المدني والشامي والبصري، وهذا اختلاف القراء فيها، أمّا اختلاف أهل الفقه كان حول إن كانت من الفاتحة ولا تتم الفاتحة بدونها، ولا تصحّ الصلاة بدونها، أو في كونها ليست آية من الفاتحة وتصح الصلاة بدونها، فقد ذهب الشافعي وأحمد إلى أنّها آية مستقلة في الفاتحة ولا تتم من دونها، أمّا أبو حنيفة ومالك ذهبوا إلى أنّها ليست آية مستقلة في الفاتحة، وكلّ فريقٍ استدلّ بالشواهد والأدلة الشرعية الصحيحة والله ورسوله أعلم.
[4]
هل تصح الصلاة من دون قراءة البسملة
إنّ كثيرًا ما يشغل بال المسلمين هل بسم الله الرحمن الرحيم اية وهل تصح الصلاة بدونها، وما ورد عن أهل العلم في ذلك أنّ الاستعاذة قبل القراءة سنة بأصحّ الأقوال، أمّا البسملة قبل الفاتحة في الصلاة فهي من سنن الصلاة، فمن تركها من المسلمين متعمّدًا أو ناسيًا لم يلزمه سجود السهو، إلا أنّه من المُحبب له السجود لو تركها ناسيًا وكان من عادته أن يأتي بها، وإلا فإنّ تركها لا يُبطل الصلاة والصلاة تكون صحيحة والله ورسوله أعلم.
[5]
لماذا سورة التوبة بدون بسم الله الرحمن الرحيم
مع مسألة هل بسم الله الرحمن الرحيم اية فقد اتفق أهل العلم أنّ سورة براءة أو سورة التوبة لا تقرأ مع البسملة وهي ليست آية منها، وكان أهل العلم قد ذكروا قولين في سبب ذلك، وهما:
[6]
القول الأول: أنّ العرب كانوا إذا نقضوا عهدًا كتبوا كتابًا لم يبدأوا فيه بسم الله الرحمن الرحيم، ومن أسباب نزول سورة التوبة أنّ المشركين كانوا قد نقضوا العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم إليهم ليقرأ عليهم سورة التوبة دون أن يبسمل.
القول الثاني: أنّ الصحابة الكرام قد اختلط عليهم أمر سورة التوبة، فلم يعرفوا إن كانت مستقلة أمّ أنّها تتمة لسورة الأنفال التي تسبقها، وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: “قلتُ لعثمانَ بنِ عفَّانٍ : ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفالِ وهي من المثاني وإلى براءةَ وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطرَ بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ووضعتموها في السَّبعِ الطُّوَلِ ما حملكم على ذلك ؟ فقال عثمانُ : كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ممَّا يأتي عليه الزَّمانُ وهو ينزِلُ عليه السُّوَرُ ذواتُ العدَدِ فكان إذا نزل عليه الشَّيءُ دعا بعضَ من كان يكتُبُ فيقولُ : ضعوا هؤلاء الآياتِ في السُّورةِ الَّتي يُذكَرُ فيها كذا وكذا . وكانت الأنفالُ من أوَّلِ ما نزل بالمدينةِ وكانت براءةُ من آخرِ القرآنِ وكانت قصَّتُها شبيهةً بقصَّتِها وحسِبتُ أنَّها منها ، فقُبِض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولم يُبيِّنْ لنا أنَّها منها فمن أجلِ ذلك قرنتُ بينهما ولم أكتُبْ بينهما سطرَ بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ فوضعتُها في السَّبعِ الطُّوَلِ”.
[7]
أحاديث نبوية في بسم الله الرحمن الرحيم
كثيرةٌ هي الأحاديث النبوية الشريفة التي ذكرت بسم الله الرحمن الرحيم فيها، وكيفية قراءة النبي صلى الله عليه وسلم لها في القرآن الكريم، وممّا ورد من الأحاديث الصحيحة ما يأتي:
روت أمّ سلمة رضي الله عنها قالت: “قراءةَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (بسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ الحمدُ للَّهِ ربِّ العالمينَ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ملِكِ يومِ الدِّين) يقطعُ قراءتَهُ آيةً آيةً”.
[8]
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا قرأتم {الْحَمْدُ للهِ} فاقرؤوا {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، إنَّها أمُّ القرآنِ وأمُّ الكتابِ والسَّبعُ المثاني، و{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} أحدُ آياتِها”.
[9]
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّه قال: “صليْتُ خلف النبيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ وأبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ ، فكانوا يستفتحونَ بالحمد للهِ رب العالمين لا يذكرونَ ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) ، لا في أولِ قراءةٍ ولا آخرِها”.
[10]
أقوال العلماء في مسألة البسملة
إنّ أهل العلم كما تمّ بيانه قد اختلفوا في مسألة هل بسم الله الرحمن الرحيم اية في القرآن الكريم وفي الفاتحة وغيرها من السور، وممّا ورد من أقوال بعض أهل العلم نورده فيما يأتي:
قول ابن باز في البسملة: “الصواب أن البسملة في أول الفاتحة وفي جميع السور آية مستقلة ليست من الفاتحة ولا من غيرها، التسمية بِسْمِ اللهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ آية مستقلة، ليست من الفاتحة ولا من غيرها من السور، ولكنها آية مستقلة، وهذا الصحيح من أقوال أهل العلم، ولكنها بعض آية من سورة النمل”.
قول ابن عثيمين في البسملة: “لأن القول الراجح أنها ليست من الفاتحة، بل إنها أي البسملة آيةٌ مستقلة تكون في أوائل السور ما عدا سورة براءة، وليست من الفاتحة بدليل حديث أبي هريرة”.
بأقوال أهل العلم هذه نختتم مقال هل بسم الله الرحمن الرحيم اية، والذي بيّن معنى عبارة بسم الله الرحمن الرحيم، ووضّح الكثير من الأحكام الشرعية المتعلقة بها، وذكر عديد الأحاديث الشرعية عن البسملة التي اعتمد عليها أهل العلم في أحكامهم.
المراجع
^ islamweb.net ,
سبب عدم البداءة في سورة التوبة بالبسملة , 03/03/2022
^ سورة النمل , الآية 30
^ islamqa.info ,
حكم البسملة قبل الفاتحة في الصلاة , 03/03/2022
^ islamweb.net ,
أقوال العلماء في مسألة البسملة في الفاتحة , 03/03/2022
^ alukah.net ,
هل البسملة آية مستقلة من القرآن الكريم؟ , 03/03/2022
^ alukah.net ,
تفسير البسملة , 03/03/2022
^ فضائل القرآن , ابن كثير/عثمان ابن عفان/72/إسناده جيد قوي
^ صحيح أبي داود , الألباني/ أم سلمة أم المؤمنين/ 4001/ صحيح
^ الأحكام الصغرى , عبد الحق الإشبيلي/ أبو هريرة/ 230/ أشار في المقدمة أنّه صحيح الإسناد
^ فتح الباري لابن رجب , ابن رجب/ أنس بن مالك/ 350/4/ صحيح
