X
X



ما هي روح الصلاة

ما هي روح الصلاة


ما هي روح الصلاة

تعدُّ الصَّلاة من العبادات التي تَتضمَّن الأفعال والحركات البدنيّة، ولكنَّها أيضاً تتضمَّنُ بُعداً آخر يُعدُّ رُوحها وجَوهرها؛ ألَا وهو الخُشوع في الصَّلاة،[١] وأصلُ الخُشوع لينُ القَلب، ورِقَّته، وانكسارهُ، وخضوعهُ، وإن خشع القلب لَحِقَه سائر الجَسد بجوارحه بالخُشوع أيضاً؛ لأنَّه تابعٌ له، تصديقاً لقول الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (ألَا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً: إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألَا وهي القَلْبُ).[٢][٣]

وللخُشوع تعريفاتٌ عدَّةٌ، منها ما أورده ابن القيِّم في كتابِ مدارج السَّالكين؛ حيث عرَّف الخُشوع بأنَّه: “قَيام القلب بين يَديِ الرّب بالخضوع والذُّلّ”،[٤] وعرَّفه الجُرجانيُّ بأنّه: “الانقياد للحَقِّ، والخوف الدَّائم في القلب”.[٥] ويتَّضحُ من هذه التَّعاريف أنَّ الخُشوع يتضمَّن معانٍ عِدةٍ؛ من التَّذلُّل، والخضوع، والانكسار لله -سبحانه وتعالى-، والمحبَّة والتَّعظيم له، وفيه سُكوناً للجَوارح، وإخماداً للشَّهوات، وإشراقاً في القلب.[١]

ويُعدُّ الخُشوع في الصَّلاة من أهمِّ مَقاصدها، حتَّى أنَّ حركات الجَسد في الصَّلاة مثل وضع اليَدين على الصَّدر والسجود وغيرها يُقصد منها الوصول إلى الخشوع والانقياد والإنكسار، وإظهار الضَّعف وقِلة الحِيلة عند الوقوف بين يدي الله -سبحانه وتعالى-،[٦] ولأهميَّة الخشوع عامَّةً وفي الصَّلاة خاص َّةً، ذكره الله -عز وجل- بالمَدح والثَّناء في عدَّة آياتٍ؛ ومنها مَدحُهُ لمن اتَّصف بهذه الصِّفة من الخَاشعين والخاشعات، في قوله -تعالى-: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ…)،[٧] إلى أن قال: (أَعَدَّ اللَّـهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)،[٧] كما وصف المُؤمنين؛ بأنَّهم من يَخشع في أجَلِّ العبادات وأهمُّها ألا وهي الصَّلاة، قال -تعالى-: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ).[٨][٩]

كيف يكون الخشوع في الصلاة

إحضار القلب في الصَلاة

يُقصد بإحضار القلب في الصَّلاة: أنْ يُحاول المُصلِّي قدر استطاعته أن يُفرِّغ قلبه من كلِّ ما يَشغله من أمور الدُّنيا قبل أن يبدأ صَلاته، وأن يُوجِّه قلبه بصدقٍ لله -تعالى-، ويُعينه على فعل ذلك قوَّة الإيمان بالله -تعالى-؛ فكلَّما كان الإيمان قوياً صَغُرت الدَّنيا في قلب المؤمن، وزاد تعلُّقه وانشغاله بأُمور الآخرة ورِضى الله -سبحانه وتعالى-.[١٠]

ولا بدَّ للمُسلم أن يُصلِّي بقلبه لا بجسده فقط، لضمان الحِفاظ على رُوح الصَّلاة ألا وهي الخشوع؛ فمَهما بذل المُصلِّي من جُهدٍ في قراءة القرآن وإتقان الرُّكوع والسُّجود وجميع هيئات الصَّلاة، فإنَّ كلَّ ذلك لا يَكمل ما دام القلب غائباً، ولأنَّ حضور القلب في الصَّلاة له هذه الأهمية البالغة؛ فإنَّ الشَّيطان أحرص ما يكون على غِواية الإنسان وإلهائه إذا قام المُسلم إلى صلاته، فيَبذُل كلَّ ما يملك من جهدٍ ليشغله بأمور الدُّنيا وهمومها، يقول الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ أدْبَرَ الشَّيْطَانُ، وله ضُرَاطٌ، حتَّى لا يَسْمع التَّأْذِينَ، فَإِذَا قَضَى النِّدَاءَ أقْبَلَ، حتَّى إذَا ثُوِّبَ بالصَّلَاةِ أدْبَرَ، حتَّى إذَا قَضَى التَّثْوِيبَ أقْبَلَ، حتَّى يَخْطِرَ بيْنَ المَرْءِ ونَفْسِهِ، يقولُ: اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا، لِما لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لا يَدْرِي كَمْ صَلَّى).[١١][١٢]

تدبّر معاني القرآن وأذكار الصلاة

إنّ مِمَّا يُعين على الخُشوع في الصَّلاة أن يَبذُل المُصلِّي جُهده في فهم ما يقرأ من القرآن الكريم، وأن يتدبَّر الآيات ويتفكَّر فيها، وأن يَفهم الأدعية والأذكار الأخرى المَشروعة في الصَّلاة، وأن يَستحضر قلبه أثناء ترديدها؛ فلا تكون عبارات فَارغة يردِّدها بلسانه فقط دون فهمٍ، إذ لا بدَّ من اجتماع القلب مع اللِّسان في كلِّ ما يقول؛ فإذا قال اللِّسان “سُبحان ربي العظيم” استَشعر القلب معاني العظمة ونفيِ النَّقص وكلُّ ما لا يليق بالله -سبحانه وتعالى- في أسمائه وصفاته.[١٣]

وإذا قال اللِّسان “إيِّاك نعبد” استحضر القلب معاني العُبوديَّة لله، والانقياد، والطَّاعة المُطلقة لله -سبحانه وتعالى-، وإذا قام المُصلِّي باستحضار قلبه في كل جزئيَّة في الصَّلاة مع باقي الأعضاء؛ تحقَّق المعنى المَطلوب من الصَّلاة على الوجه الذي أراده الله -سبحانه وتعالى-.[١٣] كما يُعين تَرتيل الآيات وقراءتها بتَمهُّلٍ وتأنّي دون سرعةٍ على الخُشوع في الصَّلاة.[١٤]

ما يُعين على الخشوع في الصلاة

يُعدُّ الخُشوع في الصَّلاة من التَّكبير إلى التَّسليم لُبَّ الصَّلاة وجَوهرُها؛ ومن لم يَخشع في صلاته لم يَذق لذَّة الصَّلاة، وإنَّ للصَّلاة طعمٌ يُحَسُّ به، كما أنَّ للإيمان طعمٌ؛ يقول الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (ذاقَ طَعْمَ الإيمانِ مَن رَضِيَ باللَّهِ رَبًّا، وبالإسْلامِ دِينًا، وبِمُحَمَّدٍ رَسولًا)،[١٥] ومن لم يَجد طعم الصَّلاة في قلبه مَراجعة نَفسه لمعرفة الخَلل الذي وقع في صلاته واجتنابه؛ إذ إنَّ الصَّلاة في أصلها رحمةٌ مُهداةٌ للمُسلمين، وبها تتحقَّقُ السَّكينة لهم، وبإقامتها على الوجه المَطلوب تتحقَّق معاني العُبوديَّة لله -سبحانه وتعالى-.[١٦]

الخَشية وتَعظيم الوُقوف بينَ يديِّ الله

إن ممّا يُعين على الخُشوع في الصَّلاة معرفة آفات النَّفس وعيوبها، وجوانب التَّقصير والعَمل على إصلاحها، ونَسب الفَضل الذي يجده الإنسان في نفسه وحياته لله -سبحانه وتعالى-، ومعرفة جوانب الضعف في النفس؛ مما يُورث الخُشوع والانكسار لله -تعالى-، والابتعاد عن الكِبَر، والعُجب، والرِّياء، وقلِّة الصِّدق، وضَعف اليَقين، إذ إنَّ كلَّ ذلك يدفع إلى ذهاب الخشوع، وقد وردَ عن أحَدِ الصَّالحين أنَّه إذا توضّأ اصفرَّ وتغيَّر، فيُسأل عن السَّبب، فيجيبهم: “أتدرون بين يدي من أُريد أن أقوم”؟ خشيةً وتعظيماً منه لله -تعالى-.[١٧]

إحسانُ الوُضوء

إنَّ إحسانَ الوضوء وإتمامه على الوَجه الأمثل باستيعاب الماء لكلِّ عضوٍ من أعضاء الوضوء يعدُّ سبباً مهماً من أسباب تحقيق الخُشوع في الصَّلاة، وقد حذَّر النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- من عدم إتمام الوُضوء على الوجه المَطلوب؛ فقال -عليه الصَّلاة والسَّلام-: (ويْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ)،[١٨] ويُقصد بالأعقَاب مُؤخِّرة القَدم والتي قد يُقصِّر المُسلم في إيصال الماء لها عند الوضوء،[١٩] وربط -عليه الصَّلاة والسَّلام- بين عدم إحسان الوضوء وبين قلِّة الخُشوع في الصَّلاة، فقد جاء أنَّهُ -عليه الصلاة والسلام- صلَّى الصُّبحِ، فقرأَ الرُّومَ فالتبسَ عليهِ، فلمَّا صلَّى قالَ: (ما بالُ أقوامٍ يُصلُّونَ معَنا لا يُحسِنونَ الطُّهورَ، فإنَّما يُلبِّسُ علينا القرآنَ أولئِكَ).[٢٠][٢١][٢٢]

ويدلُّ هذا الحديث على أنّ التّقصير في الوضوء لا يُؤثِّر في المُصلِّي وحده فقط إن كان في صلاة الجَماعة، بل إنَّ أثَر تقصيره يَصل إلى الإمام، وإتمام الوضوء وإحسانه يُعين على إتمام العبادة وكمالها.[٢١][٢٢] وكما أنَّ نقصان الوضوء سببٌ لذهاب الخشوع، فإنَّ إتمامه على الوجه الأمثل سببٌ لتحقيق الخُشوع وحُضور القلب، وربط الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- بين إحسان الوضوء وحضور القلب في الحديث: (ما مِن مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، مُقْبِلٌ عليهما بقَلْبِهِ ووَجْهِهِ، إلَّا وجَبَتْ له الجَنَّةُ).[٢٣][٢٤]

اللجوء إلى الله بالدُّعاء

إنّ ممّا يُعين العبد على الخشوع في صلاته اللّجوء والتضرّع إلى الله -سبحانه- بالدعاء، فيدعو الله -تعالى- أن يوفّقه للخشوع بين يديه، وأن تكون صلاته كما يُحبّها الله ويرضاها، وقد بشّر الله -عز وجل- المسلم بإجابة دعائه، فقال -سبحانه-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ).[٢٥][٢٦] وأقرب ما يكون العبد إلى الله في سجوده، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ).[٢٧][٢٨]

سُكون الجوارح

يجدُر بالمُصلِّي أن يخفِّف من حركاته أثناء الصَّلاة، وألَّا يتحرَّك إلا لضرورةٍ أو حاجةٍ؛ وذلك لأنَّ سكون الجوارح واستقرارها يُعين على حضور القلب وخشوعه في الصَّلاة، وقد نهى النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن كثرة الحركة في الصَّلاة فقال: (ما لي أرَاكُمْ رَافِعِي أيْدِيكُمْ كَأنَّهَا أذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟ اسْكُنُوا في الصَّلَاةِ)،[٢٩] وعلَّق ابن تيمية على هذا الحديث فقال إنَّ أمر النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- في سُكون الجوارح موافقٌ لأمر الله -سبحانه وتعالى- في الخشوع في الصَّلاة؛ وذلك لأنَّ الخشوع لا يتحقَّق بدون سُكون الجَوارح، والسُّكون المطلوب هو السُّكون في الصَّلاة كلِّها والذي يتضمّن الاطمئنان.[٣٠]

عدم الالتفات بالبَصر والنظر مَوضع السجود

إنّ مِمَّا ُيعين على الخُشوع وحضور القلب في الصَّلاة إبقاء النَّظر ثابتاً قدر الإمكان على موضع السُّجود، وعدم الالتفات بالبَصر يميناً وشمالاً؛ لأنَّ ثبات البَصر واستقراره في موضعٍ واحدٍ يُعين على استقرار القلب أيضاً وخشوعه، وتَحريك البصر يُشتِّت فكر المُصلِّي بما يراه حوله، لذا كان من الأفضل النَّظر فقط في موضعٍ واحدٍ ألا وهو موضع السَّجود، وأوصى الله -سبحانه وتعالى- نبيَّه والمؤمنين من بعده بهذه الوصيَّة بعد أن كان يلتفت في صلاته يميناً وشمالاً، فأنزل الله -تعالى- قوله: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)،[٣١] فخشع الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- ولم يعُد يلتفت في الصَّلاة يميناً ولا شمالاً.[٣٢]

اجتناب ما يُشوِّش الخاطر في الصلاة

لا بدَّ للمُصلّي أن يزيل كلَّ ما يُشتِّت فكره قبل الصَّلاة؛ كيْ يخشع في صلاته، فمثلاً يُكره الصَّلاة للحاقِن -أي لحابس البول والغائط-، لأنَّ في حَبسهما إشغالٌ للفِكر وتشتيتٌ للذِّهن؛ مما يمنع الخُشوع في الصَّلاة، لذا فالأولى أن يفرِّغ المُصلِّي ما يجده في جوفه أوَّلاً قبل الدُّخول في الصَّلاة، ويُكره أن يدخل الصَّلاة وهو يدافعُ البول والغائط، وجاء النَّهي صريحاً في حديث النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (لا صَلَاةَ بحَضْرَةِ الطَّعَامِ، ولَا هو يُدَافِعُهُ الأخْبَثَانِ).[٣٣][٣٤]

كما يُكره للمُصلِّي أيضاً الصَّلاة وهو في حضرة طعام يشتهيه؛ فإن قُدِّم الطَّعام ونفسه تَتوق إليه فالأوْلى أن يَبدأ في الأكل قبل الصَّلاة، ويكره دُخوله في الصَّلاة وهو يشتهيه؛ لأنَّ فكره سيبقى مُعلّقاً به، ولكن يجدر الانتباه أنَّ هذه الحالات قيَّدها الفقهاء بقيدٍ مهم؛ ألا وهو عدم الخوف من فَوات وقت الصَّلاة، أمَّا إن خشِي المُصلِّي ذلك فعليه أن يُصلِّي أولَّاً بالرُّغم من وجود العارض الذي يشتِّته حتى لا تفوته الصلاة.[٣٤]

أمَّا فيما يتعلق بالمُشتِّتات التي تَعرُض للمُصلِّي أثناء صلاته، فيكونُ حلُّها بإبقاء النَّظر موضع السُّجود وعدم التَّلفُّت يمسناً ويساراً؛ وذلك لتَقليل المُدخلات إلى العين، ممَّا يساعد على الخُشوع وتركيز الذِّهن في الصَّلاة وحدها،[٣٥] وإذا صلَّى المصلِّي في منزله كصلاة النَّوافل وغيرها من الصَّلوات التي لا تصلَّى جماعة؛ فيجدر به اختيار بُقعةٍ من المنزل يخلو فيها بنفسهِ، ويتوفّر فيها الهُدوء وقلَّة المشتِّتات البَّصرية أو السَّمعية للمساعدة على استحضار الخشوع في الصَّلاة.[٣٦]

التّهيُّؤ والاستِعداد للصلاة

إنّ على المُصلّي قبل أن يدخل في صلاته تجريد نفسه من هموم الدُّنيا ومشاغلها، ولا يَدخل في الصَّلاة مباشرةً بدون تهيِئةٍ مناسبةٍ لها، وعليه أن يتذكَّر أنه مُقبلٌ على عبادةٍ عظيمةٍ سيقف فيها بين يديِ الله -سبحانه وتعالى- ملك المُلوك؛ فيُحسن الاستعداد لها ويعطيها كامِل حقَّها، ولا يدخلها إلا وقد استحضر قلبه وفكره وجَمعهما على الصَّلاة وحدها.[٣٧] وعليه أيضاً أن يضبط كلَّ أموره وكلَّ ما يشغل فكره، ويجتهد في حلِّها قبل الشُّروع في الصَّلاة؛ فلا يَدخل إلى صَلاته إلا وقلبه فارغٌ من كل ما سواها.[٣٨]

الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم

حذَّرنا الله -سبحانه وتعالى- من الاستجابة للشّيطان في العَديد من الآيات الكريمة في القرآن الكريم، ولأنَّ الشَّيطان يَعرف قَدرَ الصَّلاة وعِظَمها ومقدار نَفعها العائد على المُسلم في دينه ودنياه، فإنَّه يعمل جاهداً على تشتيت المُصلِّي وصرف قلبه عن الصَّلاة، ويبدأ وسوسته التي يُلقيها في صَدر المُصلِّي فور شروعه في الصَّلاة، وإحدى وسائل مَحاربة الشَّيطان في الصَّلاة هي طرد الخواطر كلَّما وردت وعدم الاسترسَال معها، والاستعاذة بالله من الشَّيطان الرَّجيم.[٣٩]

استِشعار الخضوع والتقصير وعدم العُجب بالنفس والعِبادة

إنّ ممَّا يساعد على الخُشوع في الصَّلاة أن يرى العبد جوانب تقصِيره ونَقصه، وألَّا يَستكثر عبادته مهما بلغت، بل الواجب عليه أن يستقلَّها، وأن يَنسب الفضل فيها لهداية الله -سبحانه وتعالى- له وتوفيقه إليها، وأن يَحذر من العُجب بأيِّ طاعةٍ يقوم بها، وأن يَنظر إلى مقدار النِّعم التي أنعمها الله عليه ليَعرف مدى تقصيره في شكرها، وأنَّ طاعاته جميعها لا تبلُغ شيئاً أمام النِّعم المَمنُوحة إليه، كما عليه أن يَنظر إلى ذنوبه ويعمل على إصلاحها باستمرار.[٤٠]

فوائد وآثار الخُشوع على المسلم

إنّ للخُشوع فوائد عدَّة تعود على المُسلم في دينه ودنياه، نذكر منها ما يأتي:[٤١][٤٢]

  • الخُشوع يُورث مخافة الله -تعالى-.
  • الخشوع مدعاةٌ لاستجابة الدُّعاء في الصَّلاة.
  • قبول العَمل من الله -سُبحانه وتعالى-.
  • الخشوع يعينُ على تحقيق العُبوديَّة لله -تعالى-.
  • الخشوع يكفِّر السَّيئات، ويُعظِّم الحَسنات.
  • الخشوع يرقِّق القلب ويعالج قسوته.
  • الفوز بالجنِّة والنّجاة من النِّار.
  • الخشوع من مظاهر الإيمان وحُسن الإسلام.
  • خشوع القلب يورث خُشوع الجَوارح كلِّها من السمع والبصر بل وحتَّى الكلام؛ إذ إنّها كلّها تابعةٌ للقلب، وخُشوعها من خُشوعه.[٤٣]

المراجع

  1. ^ أ ب ابن رجب الحنبلي، الخشوع في الصلاة، مصر: دار الفضيلة، صفحة 4،5. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم: 52، صحيح.
  3. ابن رجب الحنبلي، الخشوع في الصلاة، مصر: دار الفضيلة، صفحة 29-30.
  4. محمد الصباغ (1999)، الخشوع في الصلاة (الطبعة الثالثة)، السعودية: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، صفحة 15،12. بتصرّف.
  5. سعيد القحطاني، الخشوع في الصلاة في ضوء الكتاب والسنة، السعودية: مطبعة سفير، صفحة 10،11. بتصرّف.
  6. خالد اللاحم، مفاتح إقامة الصلاة وإخلاص العبودية لله، صفحة 26. بتصرّف.
  7. ^ أ ب سورة الاحزاب، آية: 35.
  8. سورة المؤمنون، آية: 1-2.
  9. ابن رجب الحنبلي (2009)، الذل والانكسار للعزيز الجبار (الطبعة الاولى)، مصر: دار الرسالة، صفحة 33. بتصرّف.
  10. ابن رجب الحنبلي، الخشوع في الصلاة، مصر: دار الفضيلة، صفحة 14. بتصرّف.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 608، صحيح.
  12. خالد اللاحم، مفاتح إقامة الصلاة وإخلاص العبودية لله، صفحة 56. بتصرّف.
  13. ^ أ ب ابن رجب الحنبلي، الخشوع في الصلاة، مصر: دار الفضيلة، صفحة 16-14. بتصرّف.
  14. خالد اللاحم، مفاتح إقامة الصلاة وإخلاص العبودية لله، صفحة 62. بتصرّف.
  15. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 34، صحيح.
  16. عادل الزرقي (2009)، ذوق الصلاة عند ابن القيم (الطبعة الثانية)، السعودية: دار الحضارة، صفحة 5-9. بتصرّف.
  17. ابن رجب الحنبلي (2009)، الذل والانكسار للعزيز الجبار (الطبعة الاولى)، مصر: دار الرسالة، صفحة 18. بتصرّف.
  18. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 60، صحيح.
  19. موقع إسلام ويب (2012-10-24)، “معنى حديث: ويل للأعقاب من النار”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2021-2-18. بتصرّف.
  20. رواه الالباني، في صحيح النسائي، عن رجل من الصحابة، الصفحة أو الرقم: 946، حسن.
  21. ^ أ ب سعيد القحطاني، الخشوع في الصلاة في ضوء الكتاب والسنة، السعودية: مطبعة سفير، صفحة 356-354. بتصرّف.
  22. ^ أ ب محمد الصباغ (1999)، الخشوع في الصلاة (الطبعة الثالثة)، السعودية: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، صفحة 54. بتصرّف.
  23. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم: 234، صحيح.
  24. ابن رجب الحنبلي (2009)، الخشوع في الصلاة (الطبعة الاولى)، مصر: دار الفضيلة، صفحة 7. بتصرّف.
  25. سورة البقرة، آية: 186.
  26. الشيخ صلاح الدق (31-5-2016)، “وسائل الخشوع في الصلاة”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-3-2021. بتصرّف.
  27. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم: 482، صحيح.
  28. أبو العون محمد بن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي (1993)، غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب (الطبعة الثانية)، مصر: مؤسسة قرطبة، صفحة 513، جزء 2. بتصرّف.
  29. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن سمرة، الصفحة أو الرقم: 430، صحيح.
  30. محمد الصباغ (1999)، الخشوع في الصلاة، السعودية: مطبعة سفير، صفحة 57. بتصرّف.
  31. سورة المؤمنون، آية: 2،1.
  32. ابن رجب الحنبلي (2009)، الذل والانكسار للعزيز الجبار (الطبعة الاولى)، مصر: دار الرسالة، صفحة 65. بتصرّف.
  33. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة، الصفحة أو الرقم: 560، صحيح.
  34. ^ أ ب ابن رجب الحنبلي، الخشوع في الصلاة، مصر: دار الفضيلة، صفحة 19،17. بتصرّف.
  35. ابن رجب الحنبلي، الخشوع في الصلاة، مصر: دار الفضيلة، صفحة 22. بتصرّف.
  36. محمد الصباغ (1999)، الخشوع في الصلاة (الطبعة الثالثة)، مصر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، صفحة 30. بتصرّف.
  37. محمد الصباغ (1999)، الخشوع في الصلاة (الطبعة الثالثة)، مصر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، صفحة 44. بتصرّف.
  38. محمد الصباغ (1999)، الخشوع في الصلاة (الطبعة الثالثة)، مصر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، صفحة 59. بتصرّف.
  39. محمد الصباغ (1999)، الخشوع في الصلاة (الطبعة الثالثة)، مصر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، صفحة 62،33. بتصرّف.
  40. محمد الصباغ (1999)، الخشوع في الصلاة (الطبعة الثالثة)، مصر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، صفحة 71. بتصرّف.
  41. ابن رجب الحنبلي (2009)، الذل والانكسار للعزيز الجبار (الطبعة الاولى)، مصر: دار الرسالة، صفحة 22. بتصرّف.
  42. محمد الصباغ (1999)، الخشوع في الصلاة (الطبعة الثالثة)، مصر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، صفحة 43-41. بتصرّف.
  43. ابن رجب الحنبلي (2009)، الذل والانكسار للعزيز الجبار (الطبعة الاولى)، مصر: دار الرسالة، صفحة 38-37. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب