X
X



كيف تقصر الصلاة

كيف تقصر الصلاة


كيفية قصر الصلاة

إنّ قصر الصلاة رخصةٌ أباحها الله -تعالى- للمُسافر، وهي أن يُصلّي المسافر الصلاة الرباعيّة ركعتين فقط، فقصر الصلاة يكون في صلاة الظهر والعصر والعشاء فقط، ولا يمكن قصر صلاتي المغرب والفجر، ويستطيع المسافر أن يقصر الصلاة إذا كان سفره طويلاً؛ وحدد جمهور العلماء المسافة المُبيحة للقصر بثمانين كيلو متراً فأكثر، حيث يستطيع المسافر أن يُصلّي الصلاة الرباعيّة ركعتين بمجرد مغادرة عمران بلدته، ولا يُشرع أن يبدأ قصر الصلاة في السفر بمجرد نيّة السّفر؛ لأنّ الله -تعالى- جعل علّة قصر الصلاة للمسافر الضرب في الأرض، ولا يكون المسافر ضارباً في الأرض إلا إذا فارق عمران بلدته، قال -تعالى-: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا).[١][٢][٣]

وقصر الصلاة ليس متعلّقاً بحالة الخوف بالسّفر فقط، بل إن قصر الصلاة جائزٌ في حالة الأمن في السفر أيضاً؛ فقد سأل يعلى بن أمية -رضي الله عنه- الصحابي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال له: ((ليسَ علَيْكُم جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ، إنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا)،[١] فقَدْ أَمِنَ النَّاسُ، فَقالَ: عَجِبْتُ ممَّا عَجِبْتُ منه، فَسَأَلْتُ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- عن ذلكَ، فَقالَ: صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بهَا علَيْكُم، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ)،[٤] وينوي المسافر نيّة قصر الصلاة ويصلّي ركعتين بدل أربع ركعاتٍ في صلاة الظهر والعصر والعشاء، ويَجْهر بصلاة العشاء، ويصلّي الظهر والعصر سرّاً، وإذا نوى المسافر الإقامة في المكان الذي وصل إليه أربعة أيام فأكثر؛ فلا يجوز له قصر الصلاة ويجب عليه الإتمام، أما إذا أقام أقل من أربعة أيام فيجوز له القصر.[٢][٣]

حكم قصر الصلاة

اتّفق العلماء على مشروعيّة قصر الصّلاة في السفر؛ للأدلة الواردة في القرآن الكريم والسنة النبويّة، فقصر الصلاة من الأمور التي أباحها الله -تعالى-؛ لأنّ فيها مراعاةً لأحوال الناس، والتّيسير عليهم، وقد تعدّدت أقوال الفقهاء في حكم قصر الصّلاة في السّفر، وبيان آرائهم فيما يأتي:[٥][٦]

  • جمهور الفقهاء: ذهب الشافعيّة والحنابلة إلى القول بأنّ قصر الصلاة للمسافر جائزٌ شرعاّ؛ لما فيه من التخفيف على الناس من المشقّة والتعب، ولأنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يفعله في سفره، وذهب المالكيّة إلى القول في المشهور عندهم أن قصر الصلاة في السفر سُنّةٌ مؤكدةٌ، ولا يأثم من أتمّ الصلاة في سفره؛ لأنّ الأمر جائزٌ ومباح عندهم، فهو رخصة.
  • الحنفيّة: ذهب الحنفيّة إلى القول بأنّ قصر الصلاة في السفر للمسافر واجبٌ شرعاً ولا يجوز له أن يُتمَّ الصّلاة الرباعيّة، واستدلوا بقول عائشة -رضي الله عنها-: (فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ في الحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ في صَلَاةِ الحَضَرِ)،[٧] وقالوا إن من أتمّ الصلاة في السفر آثم؛ لأنّ قصرها حينئذٍ أمرٌ واجبٌ شرعاً.

شروط القصر في الصلاة

يجب توفُّر عدّة شروط حتى يصحّ للمسافر قصر الصلاة في سفره، نذكرها فيما يأتي:[٨][٩]

  • يجب أن يقطع المسافر مسافة طويلة حتى يجوز له قصر الصلاة في السّفر، وتعدّدت أقوال العلماء في تحديد المسافة المُبيحة لقصر الصلاة، فذهب جمهور الفقهاء إلى أن مسافة السفر المُبيح للقصر مسيرة يومين؛ أي ما يعادل ثمانين كيلو متراً، فَمَن سافر مسافة ثمانين كيلو متراً فأكثر جاز له قصر الصّلاة في السّفر، وذهب الحنفيّة إلى القول بأن مسافة القصر هي مسيرة ثلاثة أيام، ويمكن للمسافر في الطائرة أو السيارة قصر الصّلاة إذا قطع مسافة القصر أو أكثر، فالمشقّة ليست هي علّة قصر الصلاة وإنما العلّة هي السفر.
  • يجب على المسافر أن ينوي السفر حتى يُباح له قصر الصلاة في السفر، فإن قطع مسافة القصر بدون نيّة السّفر فلا يجوز له القصر.
  • ينبغي أن ينوي المسافر قصر الصلاة عند أداء كل صلاة، فإن نوى إتمام الصلاة أو أطلق نيّته فيجب عليه الإتمام، وهذا مذهب الشافعيّة والحنابلة، أما الحنفيّة فقالوا بعدم اشتراط نيّة القصر في الصلاة واشترطوا نية السفر فقط لجواز القصر، وذهب المالكيّة إلى القول بوجوب نيّة قصر الصلاة عند أداء أوّل صلاةٍ يقصرها المسافر، ولا تلزمه بعد ذلك تجديد نيّة القصرعند كل صلاة.
  • يجب على المسافر أن يخرج من حدود بلدته التي يُقيم بها حتى يُباح له قصر الصّلاة في السّفر، ومغادرة العمران تكون بمفارقة آخر بيتٍ من بيوت بلدته ببدنه مقدار ذراع، فإن فارق المسافر بلدته بمقدار ذراعٍ جاز له قصر الصلاة.
  • يجب أن يكون السّفر مُباحاً حتى يجوز للمسافر القصر في الصلاة، والسفر المباح هو السفر الذي لا يكون لمعصية، فمن سافر ليفعل فعلاً مُحرّماً، أو سافر ليتخلّى عن قيم الإسلام العظيم، فلا يجوز له قصر الصلاة، لأنّ القصر لهم يُعدُّ إعانةً على المعصية، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الشافعيّة والمالكيّة والحنابلة، وذهب الحنفيّة إلى عدم اشتراط هذا الشرط، فالنّصوص الشرعية التي تدلّ على مشروعية قصر الصلاة عامّة لم تُفرِّق بين سفرٍ وآخر، فقصر الصلاة عندهم ليس رخصة يتم تحويل الصلاة الرباعيّة بها إلى ركعتين، بل هو الأصل في الصّلاة أنّها ركعتين في السّفر.
  • يجب على المُسافر عدم الاقتداء في صلاته بإمامٍ مُقيمٍ أو مُسافرٍ ينوي إتمام صلاته، فإن اقتدى المُسافر بإمامٍ مقيمٍ أو مسافرٍ ينوي الإتمام فلا يجوز له قصر الصّلاة ويجب عليه إتمامها.

المراجع

  1. ^ أ ب سورة النساء، آية: 101.
  2. ^ أ ب صالح السدلان (1425هـ)، كتاب رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 43. بتصرّف.
  3. ^ أ ب “كيفية قصر الصلاة”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 16-1-2021. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، صحيح الجامع، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 686، صحيح.
  5. صالح السدلان (1425هـ)، كتاب رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 40. بتصرّف.
  6. عبد الله الطيار(1432هـ-2011م)، كتاب الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، الرياض-المملكة العربية السعودية، مَدَارُ الوَطن للنَّشر، صفحة 407، جزء 1. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 350، صحيح.
  8. محمود السبكي (1397هـ – 1977 م)، كتاب الدين الحق أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (الطبعة الرابعة)، المكتبة المحمودية السبكية، صفحة 60، جزء 4. بتصرّف.
  9. عبد الله الطيار(1432/2011)، كتاب الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، الرياض- المملكة العربية السعودية، مَدَارُ الوَطن للنَّشر، صفحة 408-412، جزء 1. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب