كفاره الافطار العمدي في رمضان
كفاره الافطار العمدي في رمضان من الأحكام الفقهية التي يرغب في التّعرف على حقيقتها الكثير من المُسلمين، وخاصّةً الذين تستهويهم لذّاتهم وشهوات أنفسهم؛ حتى يفطروا، فمعرفة هذا الحكم قد يكون رادعًا لهم عما يقومون به، وفيما يلي سنتعرّف على ما هو شهر رمضان، وما هي كفّارة الإفطار العمدي في رمضان.
شهر رمضان
شهرُ رمضان شهر القرآن والصّيام والبرّ والصّلة والصّدقة، وفيه يتقرّب العبد من ربّه -عزّ وجلّ- بالخيرات التي بها يرتقي المُسلم إلى أعلى درجات الإيمان، والتي بها يدخُل جنّات النّعيم، ففيه تُفتّح أبواب الجنّة فلا يبق منها بابٌ، وتُغلّق فيه أبواب النّار؛ فلا يبق منها باب، وفيه تُصفّد الشّياطين، شهرٌ أوّله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النّار، وهو الشّهر الذي نزل فيه القرآن في ليلة هي خيرٌ من ألف شهر، وفيما تتنزّل الملائكة والرّوح فيها بإذن ربّهم من كُلّ أمرٍ، وأن رمضان شهر العزّة والنّصر؛ فالله -تعالى- قد نصر عباده وأيّدهم بملائكته في هذا الشّهر الفضيل، وعلى المرء أن يُسارع فيه إلى فعل الخيرات وترك المنكرات.
كفاره الافطار العمدي في رمضان
الإفطار عمدًا في نهار رمضان بغير عُذرٍ يُعدّ من الكبائر التي يقع فيها المرءُ في رمضان، فمتى ما استوفى الإنسان الشّروط التي تُوجب عليه الصّوم؛ فعليه أن يصوم، وإنّ لم يستوفٍ هذا الشّروط؛ فليس عليه شيءٌ إن أفطر، وعليه أن يقضي تلك الأيام في أوقات أُخر أو أيام أخرى بعد رمضان، وإليك تفصيل بمن أفطر عمدًا:
كفارة من أفطر عمدًا بالجماع في رمضان
إذا أفطر المُسلمُ في نهار رمضان عمدًا، وكان الإفطار بسبب الجماع؛ فعلى المُسلم أن يقضي هذا اليوم، وعليه أن يُقضي الكفّارة التي أمر الله -تعالى- بها، والتي بيّنها النبي-صلى الله عليه وسلّم- في الحديث الذي رواه أبو هُريرة-رضي الله عنه- أنّه قال:”بيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: ما لَكَ؟ قَالَ: وقَعْتُ علَى امْرَأَتي وأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، قَالَ: لَا، فَقَالَ: فَهلْ تَجِدُ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا. قَالَ: لَا، قَالَ: فَمَكَثَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَبيْنَا نَحْنُ علَى ذلكَ أُتِيَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ -والعَرَقُ المِكْتَلُ- قَالَ: أيْنَ السَّائِلُ؟ فَقَالَ: أنَا، قَالَ: خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ به فَقَالَ الرَّجُلُ: أعَلَى أفْقَرَ مِنِّي يا رَسولَ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ ما بيْنَ لَابَتَيْهَا -يُرِيدُ الحَرَّتَيْنِ- أهْلُ بَيْتٍ أفْقَرُ مِن أهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى بَدَتْ أنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: أطْعِمْهُ أهْلَكَ”، وعلى ذلك فالكفّارة كما ذُكرت بالتّرتيب أولاها: عتق رقبة، وإذا لم يتيسّر للمرء أن يعتق رقبة، فعليه أن يصوم ستّين يومًا مُتتابعين، وإذا لم يتيسّر له؛ فعليه إطعام ستّين مسكينًا.
كفارة من أفطر عمدًا بغير الجماع
اختلف جُمهور الفُقهاء في حكم من أفطر عمدًا في رمضان بغير الجّماع، وجاءت آراؤهم على النّحو التّالي: الشّافعية قالوا بأن من أفطر بسبب الجماع في رمضان؛ فعليه الكفّارة، وأمّا إذا كان الإفطار بغير الجماع كالأكل والشّرب وغيرها من الأشياء التي تُباح للمُسلم في العادة، وتُمنع عنه في رمضان فلا تجب عليه الكفّارة، وقال الحنفيّة: تجب الكفّارة على المُسلم سواءٌ أكان الإفطار بسبب الجماع أو بسبب غيره من المفطرات، ويُشترط أن يكون الأكل والشّرب لغرض التغذّي، أما إذا أكل حجرًا أو تُرابًا؛ فليس عليه كفّارة، وقال الملكية: إنّ من أفطر عمدًا تجب عليه الكفّارة، سواء أكانت عن طريق الأكل والشرب أو الجماع، وسواء حصل بها تغذية أم لا، وتجب أيضًا على من تعمّد القيء، أو أكل شيء منه، وقال الحنابلة: إن الإفطار العمد يوجب الكفارة إذا كان عن طريق الجماع سواء أكان في الفرج فيما دونه.