موقع اقرا » الآداب » أشعار وأدباء » قصيدة النابغة الجعدي في مدح الرسول

قصيدة النابغة الجعدي في مدح الرسول

قصيدة النابغة الجعدي في مدح الرسول


قصيدة النابغة الجعدي في مدح الرسول

تعد قصيدة النابغة الجعدي في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم من القصائد البليغة الرزينة والجميلة في الشعر العربي، وقد برزت في هذه القصيدة الروح الدينية والعديد من النواحي الأخلاقية.[١]

كلمات القصيدة (خَليلَّيَّ)

القصيدة هي من القصائد التي جمعت بين الفخر والمدح وكُتبت على البحر الطويل على قافية حرف الراء وعدد أبياتها خمسة وثمانون بيتًا، وقال فيها:[٢]

خَلِيلَيَّ عُوجا ساعَةً وَتَهَجَّرا

وَلُوما عَلى ما أَحدَثَ الدَهرُ أَو ذَرا

وَلا تَجزَعا إِنَّ الحَيَاةَ ذَمِيمَةٌ

فخِفّا لِروعَاتِ الحَوَادِثِ أَو قِرا

وَإِن جاءَ أَمرٌ لا تُطِيقانِ دَفعَهُ

فَلا تَجزعَا مِمّا قَضى اللَهُ واِصبِرا

أَلَم تَرَيا أَنَّ المَلاَمَةَ نَفعُها

قَلِيلٌ إِذا ما الشيءُ وَلّى وَأَدبَرا

تَهِيجُ البُكاءَ وَالنَدامَةَ ثمَّ لا

تُغيِّرُ شَيئاً غَيرَ ما كانَ قُدِّرا

أَتَيتُ رَسُولَ اللَهِ إِذ جاءَ بالهُدى

وَيَتلُو كِتاباً كالمجرَّةِ نَيِّرا

خَلِيلَيَّ قَد لاَقَيتُ ما لَم تُلاَقِيا

وَسَيَّرتُ في الأَحياءِ مَا لَم تُسِيِّرا

تَذَكَّرتُ والذِّكرى تَهِيجُ لِذي الهَوى

وَمِن حاجَةِ المَحزونِ أَن يَتَذَكَّرا

نَدَامايَ عِندَ المُنذِرِ بنِ مُحَرِّقٍ

أَرَى اليَومَ مِنهُمُ ظَاهِرَ الأَرضِ مُقفِرا

كُهولاً وَشُبّاناً كأَنَّ وُجُوهَهُم

دَنَانِيُر مِمّا شِيفَ فِي أَرضِ قَيصَرا

وَمَا زِلتُ أَسعَى بَينَ بابٍ وَدارَةٍ

بِنَجرانَ حَتّى خِفتُ أَن أَتَنَصَّرا

لَدَى مَلِكٍ مِن آلِ جَفنَةَ خاَلُهُ

وَجَدَّاهُ مِن آلِ اِمرىءِ القَيسِ أَزهَرا

يُدِيرُ عَلَينا كَأسَهُ وشِواءَه

مَناصِفُهُ وَالحَضرَمِيَّ المحبَّرا

حَنِيفاً عِرَاقِيّاً وَرَيطاً شآمِياً

وَمُعتَصِراً مِن مِسكِ دارينَ أَذفَرا

وَتِيهٍ عَلَيها نَسجُ رِيحٍ مَرِيضَةٍ

قَطَعتُ بحُرجُوجٍ مُسانَدَةِ القَرا

خَنُوفٍ مَرُوحٍ تُعجِلُ الوُرقَ بَعدَما

تُعَرِّسُ تَشكُو آهةً وتذمُّرا

وَتَعبُرُ يَعفُورَ الصَرِيمِ كِنَاسَهُ

وَتُخرِجُهُ طَوراً وَإِن كانَ مُظهِرا

كَمُرقَدَةٍ فَردٍ مِنَ الوَحشِ حُرَّةٍ

أَنَامَت بِذِي الذِئبَينِ بِالصَيفِ جُؤذَرا

فَأَمسى عَلَيهِ أَطلَسُ اللونِ شَاحِباً

شَحِيحاً يُسَمَّيهِ النَباطِيُّ نَهسَرا

طَوِيلُ القَرا عارِي الأَشَاجعِ مارِدٌ

كَشَقِّ العَصا فُوه إِذا ما تَضَوَّرا

فَباتَ يُذَكِّيهِ بِغَيرِ حَدِيدَةٍ

أَخُو قَنَصٍ يُمسِي ويُصبحُ مُقفِرا

فَلاَقَت بَياناً عِندَ أَوَّلِ مَربضٍ

إِهاباً وَمَعبوطاً مِن الجَوفِ أَحمَرا

وَوَجهاً كبُرقُوعِ الفَتاةِ مُلَمَّعاً

ورَوقَينِ لَمّا يَعدُوا أَن تَقَمَّرا

فَلَمّا سَقاها البأسُ واِرتَدَّ هَمُّها

إليها وَلَم يترُك لَها مُتأَخَّرا

أُتِيحَ لَها فَردُ خَلا بَينَ عالِجٍ

وَبَينَ حِبالِ الرّملِ فِي الصَيفِ أَشهُرا

كَسا دَفعُ رِجلَيها صَفيحةَ وَجهِهِ

إِذا اِنجَرَدَت نَبتَ الخُزامَي المُنَوَّرا

مُرُوجٌ كَسا القَريانُ ظَاهِرَ لَونِها

مِراراً مِنَ القُرَّاصٍ أَحوى وأَصفَرا

فَبَاهَى كَفَحلِ الحُوشِ يُنغِضُ رأسَهُ

كَما يُنغِضُ الوَضعُ الفَنِيقَ المُجَفَّرا

وَوَلَّت بِهِ روحٌ خِفافٌ كأَنَّها

خَذاريفُ تُزجي ساطِعَ اللَونِ أَغبَرا

كَأَصدَافِ هِندِيَّين صُهبُ لِحاهُمُ

يَبيعُونُ في دارينَ مِسكاً وعَنبَرا

فَباتَت ثَلاثاً بَينَ يَومٍ وَلَيلَةٍ

وَكانَ النَكيرُ أَن تُضيفَ وَتجأرا

وَباتَت كأَنَّ كَشحَها طيُّ رَيطَةٍ

إِلى راجِحٍ مِن ظَاهِرِ الرَملِ أَعفرا

تَلألأُ كالشِّعرى العبورِ تَوَقَّدَت

وَكانَ عَماءُ دُونَها فتحسَّرا

يَمُورُ النَدَى في مِدرَيَيها كأَنَّهُ

فَرِيدٌ هَوى مِن سِلكِهِ فَتَحَدَّرا

وَعادِيةٍ سَوم الجرادِ شهِدتُها

فكفَّلتُها سيداً أَزَلَّ مُصدَّراً

أشقَّ قسامِيّاً رُبَاعيَّ جانِب

وَقارحَ جَنبِ سُلَّ أَقرَحَ أشقَرا

شَديدُ قُلاتِ المِرفَقَين كَأَنَّما

بِهِ نفَسٌ أَو قَد أَرادَ لِيَزفِرا

يَمُرُّ كَمَرّيخ المُغالي اِنتحَت بِهِ

شِمالُ عُبَادِيِّ عَلى الريحِ أَعسَرا

وَيُبقي وَجيفُ الأَربَع السودِ لحمَهُ

كَما بُنِيَ التابوتُ أَحزَمَ مُجفَرا

فَلَمّا أَتَى لا ينقُصُ القَودُ لَحمَهُ

نقَصتُ المَديدَ والشّعِيرَ ليَضمُرا

وَكانَ أَمامَ القَومِ مِنهُم طَليعةٌ

فَأَربَى يَفاعاً مِن بَعيدٍ فَبَشَّرا

وَنَهنَهتُهُ حَتّى لَبِستُ مُفَاضَةً

مُضَاعَفَةً كالنِهيِ رِيحَ وَأُمطِرا

وَجمَّعتُ بَزّي فَوقَهُ ودَفعتُهُ

وَنَأنَأتُ مِنهُ خَشيةَ أَن يُكَسَّرا

وَعرَّفتُه في شِدَّةِ الجَريِ باِسمِهِ

وَأَشلَيتُهُ حَتّى أَراحَ وَأَبصَرا

فَظَلَّ يُجاريهم كَأَنَّ هُوِيَّهُ

هُويُّ قُطَامِيٍّ مِن الطيرِ أَمعَرا

أَزُجُّ بِذِلقِ الرُمحِ لَحيَيهِ سابِقاً

نَزَائِعَ ما ضَمَّ الخَميسُ وَضَمَّرا

لَهُ عُنُقٌ في كاهِلٍ غَيرُ جَأنبٍ

وَلَجَّ بِلَحيَيهِ وَنُحِّيَ مُدبرا

وَبَطنٌ كَظَهرِ التُرسِ لَو شُلَّ أَربَعاً

لأَصبَحَ صِفراً بَطنُهُ ما تَخَرخَرا

فَكفَّ أُولي شُقرٍ جياداً ضَوامِرا

فَزَحزَحَها عَن مِثِلها أَن تَصَدَّرا

فَأُرسِلَ في دُهمٍ كأَنَّ حَنِيَنها

فَحِيحُ الأَفاعِي أُعجِلَت أَن تَحجَّرا

لَها حَجَلٌ قُرعُ الرؤوسِ تَحَلَّبَت

عَلى هامَةٍ بِالصيفِ حَتّى تَمَوَّرا

إِذا هِيَ سيقَت دافَعَت ثَفِناتُها

إِلى سُرَرٍ بُجرٍ مَزاداً مُقيَّرا

وَتَغمِسُ في الماءِ الَّذي باتَ آجِنا

إِذا أَورَدَ الراعِي نَضيحاً مُجَيَّرا

حَناجِرَ كالأَقماعِ فَحَّ حَنَينُها

كَما نَفَخ الزَمّارُ في الصُبحِ زَمخَرا

وَمَهاما يَقُل فينا العَدُوُّ فَإِنَّهُم

يَقولونَ مَعروفاً وَآخَرَ مُنكِرا

فَما وَجدَتُ مِن فِرقَةٍ عَرَبِيَّةٍ

كَفيلاً دَنا مِنّا أَعَزَّ وَأَنصَرا

وَأَكثَرَ مِنّا ناكِحاً لِغَريبَةٍ

أُصيبَت سِباءً أَو أَرادت تَخَيُّرا

وَأَسرَعَ مَّنا إِن أَرَدنا اِنصِرافةً

وَأَكثَرَ مِنّا دَارِعينَ وحُسَّرا

وَأَجدرَ أَن لاَ يَترُكُوا عَانِياً لَهُم

فَيَغبُرُ حَولاً في الحَديدِ مُكفَّرا

وَأَجدَرَ أَن لاَ يَترُكُوا مِن كَرَامةٍ

ثوِبّاً وَإِن كانَ الثوايَةُ أغضرا

وَقَد آنَسَت مِنّا قُضَاعَةُ كَالِئاً

فَأَضحَوا بِبُصرَى يَعصِرونَ الصَنوبرا

وَكِندةُ كانت بِالعَقِيقِ مُقيمَةً

وَنَهدٌ فَكُلاًّ قَد طَحَرناهُ مَطحَرا

كِنانُة بينَ الصّخرِ وَالبَحرِ دارُهُم

فَأَحجَرَها أَن لَم تَجِد مُتَأَخّرا

وَنَحنُ ضَرَبنا بِالصَفَا آلَ دارمٍ

وَحَسّانَ وَاِبنَ الجَون ضَرباً مُنكَّرا

وَعَلقمَةَ الجعفيَّ أَدرَكَ رَكضُنا

بِذِي النَخلِ إِذ صامَ النَهارُ وَهَجَّرا

ضَرَبنا بُطونَ الخيلِ حَتّى تَناوَلَت

عميدَي بَني شيبانَ عَمروًا وَمُنذرا

أَرَحنا مَعدّاً مِن شَراحيلَ بَعدَما

أَرَاها مَعَ الصُبحِ الكَواكِبَ مُظهِرا

تَمَرَّنَ فيهِ المَضرَحِيَّةُ بَعدَما

رَوَينَ نَجيعاً مِن دَمِ الجَوفِ أَحمَرا

وَمِن أَسَدٍ أَغوى كُهُولاً كَثيرَةً

بِنَهي غُرابٍ يَومَ ما عَوَّجَ الذُرا

وَتُنكُر يَومَ الرَوعِ أَلوانُ خيلِنا

مِن الطَعنِ حَتّى تَحسِبَ الجونَ أشقَرا

وَنَحنُ أُناسٌ لا نَعَوِّدُ خَيلَنا

إِذا ما التقينا أَن تَحيدَ وَتَنفِرا

وَما كانَ مَعروفاً لَنا أَن نَرُدَّها

صِحاحاً وَلا مِستَنكراً أَن تُعقَّرا

بَلَغنَا السّماء مَجدنا وَجدودنا

وَإِنّا لَنرجُو فَوقَ ذَلِكَ مَظهَرا

وَكُلَّ مَعدٍّ قَد أَحَلَّت سُيوفُنا

جَوانِبَ بَحرٍ ذِي غَوَارِبَ أَخضَرا

لَعَمري لَقَد أَنذَرتُ أَزداً أُناتَها

لِتَنظُرَ في أَحلامِها وَتُفكِّرا

وَأَعرضَتُ عَنّها حِقبةً وَتَرَكتُها

لأَبلُغَ عُذراً عِندَ رَبِّي فَأُعذَرا

وَما قُلتُ حَتّى نالَ شَتمُ عَشيرَتي

نُفَيلَ بِنَ عَمرٍو وَالوَحيدَ وَجَعفَرا

وَحَيَّ أَبي بَكرٍ وَلا حَيَّ مِثلُهُم

إِذا بَلَغَ الأَمرُ العَماسَ المُذَمَّرا

وَلا خَيرَ فِي جَهلٍ إِذَا لَم يَكُن لَهُ

حَلِيمٌ إِذَا ما أَورَدَ الأَمرَ أَصدَرا

وَلا خيرَ فِي حِلمٍ إِذَا لَم تَكُن لَهُ

بَوَادِرُ تَحمي صَفوَهُ أَن يُكَدَّرا

فَفِي الحِلمِ خَيرٌ مِن أُمورٍ كَثيرةٍ

وفِي الجَهلِ أَحياناً إِذا ما تَعَذَّرا

كَذاكَ لعمرِي الدَهرُ يَومانِ فاعرِفوا

شُرورٌ وَخيرٌ لا بَلِ الشَرُّ أَكثَرا

إِذَا اِفتَخَرَ الأَزدِيُّ يوماً فَقُل لَهُ

تأَخّر فَلَن يَجعَل لَكَ اللَهُ مَفخرا

فَإِن تَرِد العَليا فَلَستَ بِأَهلِها

وَإِن تَبسُطِ الكفَّينِ بِالمَجدِ تُقصَرا

إِذَا أَدلَجَ الأَزدِيُّ أَدلَجَ سارِقاً

فَأَصبَحَ مَخطُوماً بِلَومٍ مُعَذَّرا

نبذة عن الشاعر النابغة الجعدي

النابغة الجعدي هو قيس بن عبدالله بن عدس بن ربيعة الجعدي العامري أبو ليلى، وهو شاعر مخضرم شهد العصرين الجاهلي والإسلامي، وقد وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلم، ومن الجدير بالذكر أنّه كان من الشعراء المرموقين؛ فقد عدّ من الطبقة الثالثة من شعراء الجاهلية وفقًا لابن سلام الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء.[٣]

المراجع

  1. ابن قتيبة، الشعر والشعراء، صفحة 280. بتصرّف.
  2. واضح الصمد، ديوان النابغة الجعدي، صفحة 78. بتصرّف.
  3. “النابغة الجعدي”، تاريخكم. بتصرّف.






مقالات ذات صلة

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب