X
X


موقع اقرا » الآداب » أشعار وأدباء » قصيدة الطغرائي في رثاء زوجته

قصيدة الطغرائي في رثاء زوجته

قصيدة الطغرائي في رثاء زوجته


قصيدة الطغرائي في رثاء زوجته

للشاعر الطغرائي المملوكي عدة قصائد في رثاء زوجته، وهي على النّحو الآتي:

قصيدة ولم أنسها والموت يقبض كفها

يقول الطغرائي:[١]

ولم أنسَها والموتُ يقبِضُ كفَّها

ويبسُطُها والعينُ ترنُو وتُطْرِقُ

وقد دمِعَتْ أجفانُها وكأنها

جَنَى نرجسٍ فيه النَّدى يترقْرَقُ

وحلَّ من المحذورِ ما كنتُ أتَّقِي

وحُمَّ من المقدورِ ما كنتُ أفْرَقُ

وقيل فِراقٌ لا تلاقِيَ بعدَهُ

ولا زادَ إلّا حسرةٌ وتَحرُّقُ

ولو أنَّ نفساً قبلَ محتومِ يومِها

قضَتْ حسراتٍ كادتِ النفسُ تزهَقُ

هلالٌ ثوى من قبلِ أن تَمَّ نورُه

وغصنٌ ذوى فينانُه وهو مورِقُ

فواعجَباً أنّى أُتيحَ اجتماعُنَا

ويا حسرَةً من أينَ حُمَّ التفرُّقُ

ولم يبقَ فيما بينَنا غيرُ حثْوةٍ

على العين تُحْثَى أو على القلب تُطبِقُ

أحِنُّ إليها إنْ تراخَى مزارُهَا

وأبكي عليها إنْ تدانَى وأشهَقُ

وأُبلِسُ حتى ما أبينُ كأنَّما

تدورُ بيَ الأرضُ الفضاءُ وأُصْعَقُ

وأُلصِقُها طَوراً بصدري وأشتِفي

وأمسحُهَا حِيناً بكفي فتعبَقُ

وما زُرْتُها إلّا توهمتُ أنَّها

بثوبيَ من وجدي بها تتعلَّقُ

وأحسَبُهَا والحُجْبُ بيني وبينَها

تعي من وراء التُّرْبِ قولي فتنطِقُ

وأُشعِرُ قلبي اليأسَ عنها تصبُّراً

فيرجِعُ مرتاباً به لا يُصَدِّقُ

قصيدة بنفسي من أودعتها الترب راغما

يقول الطغرائي:[٢]

بنفسيَ من أودعتُها التُرْبَ راغِماً

أغضّ من الغُصنِ الرطيبِ وأنعما

وجُدتُ بها لا عن ملالٍ وإنَّما

غُلبتُ عليها مُكْرَهاً متهضَّما

ألا ليتَ أَنَّا ما اصطحبنا ولم نَبِتْ

قرينَينِ في خَفْضٍ من العيشِ توأَمَا

ولم نُرزَقِ الوصلَ الذي عادَ فُرْقةً

ولم نعهدِ العُرسَ الذي صار مأتما

مضتْ حين لم أصغُرْ فأجهَلَ قَدْرَها

ولم أَعْمُرِ الدهرَ الطويلَ فأحلُما

وعِشتُ صحيحاً سالماً بعد يومِها

وحسبيَ داءً أن أصِحَّ وأسلَمَا

ولو خيَّروني بين كفِّي وبينَها

لآثرتُ أن تبقَى وأُصبِحَ أجذمَا

قصيدة يا بؤس منتزع من ثدي والدة

يقول الطغرائي:[٣]

يا بُؤسَ منتزَعٍ من ثَدْي والدةٍ

حفيَّةٍ مالَهُ من دونِها والي

يستخبرُ الريحَ عنها ثم يُنكِرُها

لفقدِ ما اعتادَ من بِرٍّ وإفضالِ

وبؤسَ منفردٍ عمَّنْ يُضاجِعُهُ

مشرّدِ النومِ بين الأهلِ والمالِ

يزيدُ حَرَّ حشاهُ بَردُ مضجَعِهِ

ويملأ القلبَ شجواً ربعُه الخالي

يبكي ويندُبُ طولَ الليلِ أجمعِهِ

فما يَقَرُّ ولا يهدَا على حالِ

قصيدة بنفسي أنت ظاعنة تولت

يقول الطغرائي:[٤]

بنفسيَ أنتِ ظاعنةً تولَّتْ

وخلَّت في الحشى وجداً مُقيما

بَنَيْتُ بها فما استكملتُ عُرْسِي

إِلى أن قيلَ مأتمُها أُقِيما

يعزُّ عليَّ أنْ آنستِ قبراً

حللتِ به وأوحشتِ الحريما

فيا لَكَ منزلاً قد عادَ قَفْراً

ويا لكِ جنّةً صارت جحيما

وكنتُ إِذا اعتراني الهمُّ آوي

إِلى بيتي فيُنْسيني الهُموما

فصِرتُ إِذا أوَيتُ على نشاطٍ

إليهِ هاجَ لي وجداً قديما

فلو أنَّ الدموعَ كلمنَ خَدَّاً

تركن بصفحتَيْ خدِّي كُلوما

ولو أنَّ الهمومَ جلبنَ حَتْفَاً

بعيداً كنتُ مُذْ زمنٍ رَمِيما

قصيدة أفدي التي استودعتها بطن الثرى

يقول الطغرائي:[٥]

أفدي التي استودَعْتُها بَطْنَ الثَّرى

وأبَنْتُها عنِّي برغمي مجبَرا

تاللهِ ما اخترتُ التوقُّفَ ساعةً

من بعدِ يومِكِ لو خُلِقْتُ مُخَيَّرا

يا ليتَ أنكِ بالضِيَا من ناظِري

وسوادُهُ لكِ موطِئٌ دونَ الثَّرى

غُصنانِ مؤتلفانِ أَفْرَدَ واحِداً

ريبُ المنيَّةِ منهما فتهصَّرا

ما ضرَّهُ فيما جَنَاهُ عليهما

لو كانَ قدَّم منهما ما أخَّرَا

هيهاتَ أنْ يبقى الحُطَامُ بِحَالِه

من بعدِما هصرَ الأغضَّ الأنضرا

قصيدة حرمتك إذ رزقتك بعد حرص

يقول الطغرائي:[٦]

حُرِمْتُكِ إذ رُزِقْتُكِ بعدَ حِرْصٍ

كذاكَ يكون حِرمانُ الحريصِ

وقُمتِ عليَّ بالغالي ولكن

تناولَكِ المنيةُ بالرخيصِ

لقد سبقَ القضاءُ برغمِ أنفي

وليس على المقدَّرِ من محيصِ

يقولون اصطبِرْ وتعزَّ عنها

وكيف عزاءُ مطعونِ الفريصِ

ولو أني قدرتُ شققتُ قلبي

فكيف أُلامُ في شَقِّ القميصِ

قصيدة أقول وقد غال الردى من أحبه

يقول الطغرائي:[٧]

أقولُ وقد غالَ الرَّدَى من أُحِبُّهُ

ومن ذا الذي يُعْدِي على نُوَبِ الدَّهْرِ

أأبقَى حُطاماً بالياً فوقَ ظهرِها

ومن تحتِها خُرعوبةُ الغُصُنِ النَّضْرِ

أعينيَّ جُوداً بالدماءِ وأسْعِدا

فقد جلَّ قدْرُ الرُّزِء عن عَبْرةٍ تجري

أذُمُّ جفوني أن تضِنَّ بذُخْرِها

وأمقتُ قلبي وهو يهدأُ في صدري

بنفسيَ من غاليتُ فيها بمهجتي

وجاهي وما حازتْ يدايَ من الوَفْرِ

وغايظتُ فيها أهلَ بيتي فكلُّهمْ

بعيدُ الرِّضَا يطوي الضُّلوعَ على غَمْرِ

وفُزْتُ بها من بعدِ يأسٍ وخَيْبَةٍ

كما استخرجَ الغَوَّاصُ لُؤلؤةَ البحرِ

فجاءتْ كما شاء المُنْى واشتَهى الهَوى

كمالاً ونُبلاً في عَفافٍ وفي سِتْرِ

فصارتْ يدي ملأى وعيني قريرةً

بها كيفما أصبحتُ في العُسْرِ واليسرِ

فنافسني المِقدارُ فيها ولم يَدَعْ

سوى مقلةٍ مطروفةٍ ويَدٍ صِفرِ

وما كنت أخشى أن يكونَ اجتماعُنَا

قصيرَ المدى ثم البِعادُ مدَى العُمْرِ

لقد أسلمتني صحبةٌ سلفتْ لنا

يُرَدُّ بها بعضُ الغليلِ إِلى الجَمْرِ

ألا ليتنا لم نصطحبْ عُمْرَ ليلةٍ

ولم نجتمعْ من قبلِ هذا على قَدْرِ

فيا نومُ لا تعمُرْ وِسادي ولا تَطُر

بمقلةِ مرهوم الإزارين بالقَطْرِ

وما لكما يا مقلتيَّ وللكَرى

ونورُكما قد غاب في ظُلمةِ القبرِ

فما عثرة الساقي بكأس رويَّةٍ

بأغزرَ فيضاً من دمائِكما الغُزْرِ

ويا موتُ ألحقِني بها غيرَ غادرٍ

فإن بقائي بعدَها غايةُ الغَدْرِ

ويا صبرُ زُلْ عنِّي ذميماً وخَلِّني

ولوعةَ وجدي والدموعَ التي تَمْرِي

ولا تَعِدَنِّي الأجرَ عنها فإنَّها

ألذُّ وأحلى في فؤادي من الأجرِ

أَتُبذَلُ لي حُورُ الجِنانِ نَسِيئَةً

وتُؤخذُ نَقْداً من ورائي وفي خِدْري

وأقنعُ بالموعودِ وهو كما تَرى

وأصبرُ للمقدورِ وهو كما تَدرِي

ومن ذا الذي يرضَى إن اعتاضَ كفُّهُ

يواقيتَ حُمْراً من أنامِلهَا العشْرِ

بلَى إنْ يكنْ حظِّي من الخُلْدِ وحدَها

صبرتُ فكانت نِعْمَ عاقبةُ الصَّبرِ

بنا أنتِ من مهجورةٍ لم أُرِدْ لَها

فِراقاً ولم تَطْوِ الضلوعَ على هَجْرِي

طلعتِ طلوعَ البدرِ ليلةَ تَمِّهِ

وفُقْتِ كما أربَى على الأنجُم الزُّهْرِ

وآنستِنَا حتى إِذا ما بَهَرْتِنَا

سناً وسناءً غِبْتِ غَيبوبةَ البَدْرِ

فقد كان رَبْعِي آهِلاً بكِ مدَّة

أحِنُّ إليه حَنَّةَ الطيرِ للوَكْرِ

وآوي إليهِ وهو رَوْضَةُ جَنَّةٍ

بدائِعُها يَخْتَلْنَ في حُلَلٍ خُضْرِ

فمُذْ بِنْتِ عنهُ صارَ أوحشَ من لظَىً

وأضيقَ من قبرٍ وأجدبَ من قَفْرٍ

وما كنتِ إلا نعمةَ اللّهِ لم تدُمْ

عليَّ لعجزِي عن قيامِيَ بالشُّكْرِ

وما كنتِ إلا شطرَ قلبيَ حافظاً

ذمامي وهل يبقى الفؤادُ بلا شَطْرِ

فانْ سكنتْ نفسي إِلى سكَنٍ لها

سواكِ مدى عُمْري فقد بُؤْتُ بالكُفْرِ

وإنْ أسْلُ يوماً عنكِ أسْلُ ضرورةً

وإلّا فإنّي عن قريبٍ على الأِثْرِ

عسى اللهُ في دارِ القَرارِ يضُمُّنَا

ويجمعُ شملاً إنَّه مالكُ الأَمْرِ

فيا أسفا أنْ لا تزاورَ بينَنا

ويا حسرتا أنْ لا لقاءَ إِلى الحَشْرِ

برغمي خلا رَبْعِي وأُسْكِنتِ خاطري

وغُيِّبْتِ عن عيني وأُحضِرْتِ في فكري

المراجع

  1. “ولم أنسها والموت يقبض كفها”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 12/2/2022.
  2. “بنفسي من أودعتها الترب راغما”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 12/2/2022.
  3. “يا بؤس منتزع من ثدي والدة”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 12/2/2022.
  4. “بنفسي أنت ظاعنة تولت”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 12/2/2022.
  5. “أفدي التي استودعتها بطن الثرى”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 12/2/2022.
  6. “حرمتك إذ رزقتك بعد حرص”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 12/2/2022.
  7. “أقول وقد غال الردى من أحبه”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 12/2/2022.






مقالات ذات صلة

X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب