X
X



قصة قارون

قصة قارون


من هو قارون؟

هو واحد من قوم موسى أي من بنيإسرائيل، وهو قارون بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب، وهو واحد من أقرباء موسى وعشيرته، وتقول بعض الروايات إنَّه كان ابن عم موسى لأبيه وأمه، فيلتقيان في النسب عند قاهث.[١]

حياة قارون قبل تكبره

من الذي أغوى قارون؟

كان قارون واحدًا من أتباع موسى -عليه السلام- وكان شديد العبادة وقد فاق جميع بني إسرائيل في عبادته، حتى إنَّه اعتزل في أحد الجبال يتعبد ربه أربعين عامًا، وحاول إبليس أن يفتنه بالشياطين لكنهم لم يقدروا عليه، فتمثل إبليس نفسه على صورة رجل ودأب يتعبد معه حتى فاقه في العبادة، فأصبح قارون يتواضع لإبليس أشد التواضع، وبدأ يستدرج قارون فقال له لا نشهد للقوم لا جماعة ولا جنازة فوافقه قارون، ثم جعل بنو إسرائيل يحملون الطعام إليه، فقال له إبليس إنّنا صرنا عالة على القوم، فالرأي أن نخرج في يوم نكسب فيه وباقي الجمعة نعبد الله.[٢]

ثم استدرج إبليس قارون أكثر فقال لقارون: صرنا لا نتصدق على أحد ولا نساعد أحد، فالرأي أن نعمل يومًا ونتعبّد يومًا، فلمَّا وصل قارون إلى هذه الدرجة تمكَّن منه الشيطان وتركه وانصرف عنه، وفُتحت لقارون الدنيا فنسي ما كان عليه من الزهد والعبادة.[٢]

حياة قارون بعد الجاه والمال

ما صفة كنوز قارون؟

سميت أموال قارون كنوزًا؛ لأنَّه اكتنزها ولم يُخرج منها شيئًاللزكاة، حتى إنَّ مفاتيح كنوزه كان يعجز عن حملها الرجال الأشداء الأقوياء، وقد صنعت مفاتيح كنوزه من جلود الإبل، وكان كل مفتاحٍ من المفاتيح لكنز من الكنوز، ولقد كان قارون يحمل مفاتيح كنوزه أين ما ذهب، فكانوا يضعون المفاتيح على سبعين بغل من البغال الشديدة القوة.[٣]

وقد كان يخرج على قومه متكبرًا تعلوه بهرجة الحياة وزينتها ومعه المراكب والخدم والحشم وهو يمشي في خيلاء ويستعرض ما عنده من المُلك أمام النَّاس حتى تمنى طائفة من القوم أن لو كانوا مثله ومعهم ما معه من متاع الحياة الدنيا.[٤]

إرسال نبي الله موسى إلى قارون

علام اشتملت نصيحة موسى إلى قارون؟

لمَّا طغى قارن بمال الله -تعالى- الذي آتاه إياه قال له الصَّالحون من بني إسرائيل لا تبغِ يا قارون، ولا تفخر بنعم الله -تعالى- التي آتاك إياها، ولا تتكبر بما منحك إيّاه الله -تعالى- من الأموال، فالله لا يحب هذه الصفات في عباده، وفي رواية أنَّ المراد بالقوم الذين دعوا قارون هو نبي الله موسى عليه السلام، وقد نبهه موسى من أن يبخل بمال الله الذي امتنَّ به عليه، وأن يطلب رضا الله -تعالى- في هذه الأموال التي استودعها عندك، فأعطِ المحتاجين وأنفِق عليهم وأطعِم الجياع واكسُ العراة؛ فهذا ديدن الرجل المؤمن في أمواله التي أعطاه إيّاها الله تعالى.[٥]

كيف استقبل قارون دعوة موسى عليه السلام؟

لمَّا سمع قارون كلام موسى -عليه السلام- أو قومه في تذكيره بنعم الله -تعالى- عليه فإنّه قد جحدَ واستكبر أكثر وعلا في الأرض أكثر وقال: بل أوتيته على عِلمٍ عندي، وليس تفضّلًا من الله -تعالى- عليّ؛ أي إنّه نسب الرزق لذاته وليس لإنعام الله -تعالى- عليه في تلك الأموال، وربما قصد بالعلم الذي عنده علم الكيمياء الذي علّمه موسى -عليه السلام- له وليوشع ولكالب، فعلّم كلّ منهما ثلث العلم، فاحتال قارون على يوشع وكالب وضم علمهما إلى علمه، أو ربّما كان لقارون باع طويل وعلم في علوم التجارة والزراعة والاقتصاد، فكان يجتهد في ذلك اجتهادًا عظيمًا لتحصيل الأموال.[٦]

ما صحة قصة قارون ودفع المال للمرأة؟

لمَّا أنزل الله -تعالى- حكم الزكاة على موسى -عليه السلام- كان قارون من أكثر النَّاس أموالًا فأتى قارون وصالَحَ موسى -عليه السلام- على أن يعطيه دينارًا عن كل ألف دينار ودرهمًا عن كل ألف درهم، وشاة عن كل ألف شاة فوافقه موسى -عليه السلام- على تلك العطية، فلمَّا رجع قارون إلى بيته وجد أنَّ ذلك كثير ولم تطاوعه نفسه على إخراج شيء من أمواله، فعمد إلى القوم الذين اعتادوا القدوم إليه والسهر عند وقالو لهم: إنَّ موسى أمركم بكثير من الأمور وأطعتموه ويريد الآن أخذ أموالكم فماذا نفعل؟ فقالوا له أنت كبيرنا ولك أن تأمرنا بما تشاء، فقال لهم: نأتي بامرأة بغي ونعرض عليها المال حتى تتهمه بنفسها.[٧]

وأعطاها قارون ألف دينار وألف درهم، وقيل طستًا من الذهب، فلمَّا كان اليوم التالي قال قارون لموسى عليه السلام: إن القوم ينتظرونك خارجًا حتى تعظهم، فلمَّا خرج موسى وهو يعظهم قال لهم موسى: من زنا وليس له امرأة جلدناه مئة جلدة، ومن زنى وله امرأة رجمناه حتى الموت.[٧]

فقال له قارون: وإن كنت أنت، فقال له موسى: وإن كنت أنا، فقال قارون: إنّ القوم يزعمون أنّكَ فَجَرتَ بامرأة، فقال: أحضروا المرأة، فلمَّا أحضروها سألها موسى -عليه السلام- باللله الذي فلق البحر وأنزل التوراة أن تقول الصدق، فتكلمت الصدق وقد تبادرت التوبة إلى نفسها، فخرَ موسى ساجدًا وهو يبكي ويقول اللهم إن كنت رسولك فاغضب لي، وقد نقل تلك القصة المفسررون عن ابن عباس.[٧]

كيف كانت نهاية قارون؟

فلمَّا غضب موسى -عليه السلام- من قارون وناشد الله -تعالى- أن يغضب له، أمر الله -تعالى- الأرض أن تُطيع موسى بما يشاء، وذهب إلى قومه وقال لهم إنَّ الله بعثني إلى قارون كما بعثني إلى فرعون ومن أراده فليبق معه ومن أرادني فليعتزلهم، فاعتزلهم القوم إلا رجلان، ثم أمر موسى الأرض أن تأخذهم فأخذتهم إلى أقدامهم، ثم أمرها أن تأخذهم فأخذتهم إلى الركب، ثم قال يا أرض خذيهم فأخذتهم إلى الوسط، ثم قال يا أرض خذيهم فأخذتهم إلى أعناقهم وهم يرجون موسى -عليه السلام- أن يكف عنهم ويتوبون إلى الله.[٨]

وقارون يناشد موسى بالله -تعالى- وبالرحم التي بينهم حتى ناشده سبعين مرة، وكان موسى لا يلتفت إلى كلامه من شدة غضبه على قارون، وقالها أخيرًا يا أرض خذيه فأخذتهم عن آخرها وأطبقت عليهم.[٨]

ما هي العبر المستفادة من قصة قارون؟

كثيرة هي العبر في قصة قارون ومنها:[٧]

  • يجب على المؤمن أن يتصدق من أمواله فلا يكتنزها لأنَّها كلها من الله وبأمر الله.
  • يؤدي الكبر إلى العواقب الوخيمة، وخير دليل على ذلك ما حصل مع قارون.
  • ينصر الله عباده المؤمنين ولا يتركهم في محنتهم، كما نصر الله -تعالى- نبيه موسى عليه السلام.

المراجع[+]

  1. أبو جعفر الطبري، تفسير الطبري، صفحة 309. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ابن أبي الدنيا، كتاب مكائد الشيطان، صفحة 78. بتصرّف.
  3. صديق حسن خان، فتح البيان في مقاصد القرآن، صفحة 148. بتصرّف.
  4. أحمد فريد، دروس الشيخ أحمد فريد، صفحة 6. بتصرّف.
  5. صديق حسن خان، فتح البيان في مقاصد القرآن، صفحة 149. بتصرّف.
  6. النويري، كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب، صفحة 234. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت ث محمد الأمين الهرري، تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن، صفحة 298. بتصرّف.
  8. ^ أ ب محمد الأمين الهرري، تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن، صفحة 299. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب