X
X


موقع اقرا » إسلام » قصص إسلامية » قصة النبي إسماعيل للأطفال

قصة النبي إسماعيل للأطفال

قصة النبي إسماعيل للأطفال


من هو سيدنا إسماعيل؟

تعدُّ قصَّة النبي إسماعيل -عليه السلام- من القصص التي ورد ذكرها في القرآن الكريم في أكثر من موضع، فمن هو سيدنا إسماعيل -عليه السَّلام-؟ وماذا سنتعلم من قصته؟ هذا ما سيجيب عنه المقال.

وإسماعيل -عليه السلام- هو ابن سيدنا إبراهيم -عليه السلام- وزوجته هاجر، وقد تأخَّر سيدنا إبراهيم في إنجابه لابنه إسماعيل -عليه السلام-؛ لأنَّ سارة زوجته الأولى كانت عاقراً، وكان ذلك سببًا في شعوره بالفرح الشَّديد حين جاءه نبأ حمل سيدتنا هاجر بولدٍ يحمل اسمه، ويكون صالحاً من بعده.[١]

ولادة سيدنا إسماعيل

كانت سارة زوجة سيدنا إبراهيم -عليه السلام- عاقراً؛ -أي لا تنجب-، فوهبت له جاريةً اسمها هاجر، وقالت له: “خدها لعلَّ الله يرزقك منها بولد”، فلمَّا تزوجها سيدنا إيراهيم -عليه السلام- حملت وولدت له سيدنا إسماعيل -عليه السلام-.[٢]

النّبي إسماعيل مع والدته في الصحراء!

جاء أمر الله -تعالى- بأن يذهب سيدنا إبراهيم -عليه السلام- بابنه الرَّضيع وزوجته، فسار بهما حتى وقف عند البيت العتيق بمكَّة، ومن ثم قام بتركهما هناك، وكان هذا الأمر صعبًا عليهما، وحزنت سيدتنا هاجر على تركها وحدها، فدعا لها زوجها إبراهيم -عليه السلام-، وأخبرها بأنَّ هذا أمر من الله -تعالى-، وأنَّ الله لن يضيّعهما؛ إذ إنَّهما استجابا لأمره -عزَّ وجل-،[٣] وقد ذكر الله -تعالى- دعاء سيدنا إبراهيم في قوله: (رَبَّنا إِنّي أَسكَنتُ مِن ذُرِّيَّتي بِوادٍ غَيرِ ذي زَرعٍ عِندَ بَيتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقيمُوا الصَّلاةَ فَاجعَل أَفئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهوي إِلَيهِم وَارزُقهُم مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُم يَشكُرونَ).[٤]

تفجّر ماء زمزم من تحت قدميه

وبعد أن رحل سيدنا إبراهيم -عليه السلام- عن زوجته وابنه، أخذت هاجر تبحث عن مصدرٍ للماء تروي به عطشها وعطش ابنها، وبدأت تسعى بين الصفا والمروة سبعَ مراتٍ مذعورةً، باحثةً عن مصدرٍ للماء أو الغذاء، وهنا جاء الفرج من الله -تعالى-، فإذْ بالماء يتدفَّق من تحت سيدنا إسماعيل -عليه السلام-، وهو بئر زمزم الذي سيبقى معجزةً خالدةً إلى يوم الدِّين، وليبقى السَّعي بين الصفا والمروة من شعائر أمَّة محمد -صلى الله عليه وسلم- في الحجِّ و العمرة،[٥] روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم قال: (يرحمُ اللهُ أمَّ إسماعيلَ، لو تَرَكَتْ زمزمَ أو قال: لو لم تغرِفْ من الماءِ لكانتْ عينًا مَعِينًا).[٦]

قدوم الأعراب إلى الصحراء

وبعد ذلك جاء ركبٌ من اليمن من قبيلةٍ تُسمَّى جرهم، كانت تقطع الصَّحراء باحثةً عن مصدرٍ للماء تعيش منه، فرأى أفراد هذه القبيلة الطُّيور تحوم في المنطقة التي يوجد فيها النبيُّ إسماعيل -عليه السلام- وسيدتنا هاجر، وقاموا بالاستئذان منها للإقامة في ذات المنطقة فأذنت لهم هاجر بذلك، وهكذا آنسَ الله وحشة هاجر وابنها وسط الصَّحراء القاحلة، وأنعمَ عليهما بمصدرٍ للماء كان سببًا في أن تعيش مع ابنها في ظلِّ قبيلةٍ تحميهما وتراعاهما حتى يعود إليها سيِّدنا إبراهيم -عليه السلام- مرةً أخرى، فكبر سيدنا إسماعيل -عليه السلام- بين أفراد القبيلة، وتعلَّم من لغتهم، وتزوَّج من بناتهم.[٧]

قدوم سيدنا إبراهيم بعد طول مدّة

وبعد مدَّة من الزَّمن عاد سيدنا إبراهيم -عليه السَّلام- من الشَّام إلى المكان الذي ترك فيه زوجته هاجر وابنه إسماعيل -عليهما السلام- بمكَّة،[٨] وما إن عاد مرةً أخرى حتى جاء الابتلاء والامتحان الصَّعب على سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل -عليهما السلام- وسيدتنا هاجر.

رؤيا سيدنا إبراهيم والقرار المصيري!

رأى نبيُّ الله إبراهيم -عليه السلام- في منامه أنَّه يذبح النبيَّ إسماعيل -عليه السلام-، ورؤيا الأنبياء حقٌّ، وكان الإبتلاء في ذبح ابنه الذي لم يأتِه إلَّا في آخر العمر وبعد طول انتظار، فعلم سيدنا إبراهيم -عليه السلام- أنَّ هذا أمر الله -تعالى-، حيث قال -تعالى-: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ).[٩]

وأخبر إبراهيم -عليه السلام- ابنه وزوجته بذلك، واستشار سيِّدنا إسماعيل -عليه السلام- بما أمره الله -تعالى- به، فقال له إسماعيل -عليه السلام-: “يا أبتِ افعل ما أمرك الله به”، قال -تعالى-: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)،[١٠] فسلَّمَ إبراهيم -عليه السلام- أمره لله -تعالى-، وجاءت اللحظة الفاصلة وتلَّ ابنه لجبينه -أي وضع جبينه على الأرض- حتى لا يرى وجهه وهو يذبحه، وعندما وضع سيدنا إبراهيم -عليه السلام- السكين ليذبحه، تغيَّرت الأحداث وهنا تجلَّت رحمة الله، وجاء الفرج العظيم.[١١]

الفداء بالكبش العظيم

وبعد أن كان سيدنا إبراهيم -عليه السلام- على وشك أن يذبح ابنه، جاء النِّداء من ربِّ العالمين بأنَّ هذه الرُّؤيا لم تكن إلَّا امتحانًا له واختباراً لهما؛ فالله جلَّ جلاله- ابتلى سيدنا إبراهيم -عليه السلام-، وعندما وجد سيدنا إبراهيم وابنه -عليهما السلام- قد سلَّما أمرهما لله -تعالى- وصبرا على قضائه؛ فداه بكبشٍ عظيمٍ، وذبحه سيدنا إبراهيم -عليه السلام-، ليتخذ المسلمون من بعده سنَّة الذَّبح في عيد الأضحى اقتداءً بقصَّة النبيِّ إسماعيل -عليه السلام-،[١٢] قال -تعالى-: (وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ* وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ).[١٣]

بناء الكعبة المشرفة

بعد أن منَّ الله على سيدنا إبراهيم – عليه السلام- بكبش عوضاً عن ذبح ابنه، أمر الله سيدنا إبراهيم -عليه السلام ببناء الكعبة في مكَّة المكرَّمة؛ فقال لابنه إسماعيل -عليه السلام-: “إنَّ الله أمرني بأمر، فقال له: افعل ما أمرك الله به، فقال له: تعينني على ذلك، فقال له: أعينك عليه، فقال له: إنَّ الله أمرني أن أبني له بيتًا هنا، أي بمكَّة”،[١٤] فرفع سيدنا إبراهيم -عليه السلام- القواعد من البيت بوحيٍ من الملائكة، وكان يبني وإسماعيل -عليه السلام- يناوله الحجارة، فنُسب البناء لهما لتعاونهما في بنائه.[١٥]

ودعا الله أن يجعل هذه البقعة من الأرض وما حولها مباركةً وآمنةً، وأن يبعث فيها رسولاً يعلِّم النَّاس الإيمان بالله، ويرشدهم إلى الدِّين الصَّحيح، قال -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ* وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ* رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).[١٦]

والملخّص من هذه القصَّة، أنَّ الله رزق سيدنا إبراهيم -عليه السلام- بولدٍ منه بعد طول انتظار، وكان عندها كبيراً في العمر، وقد ذهب بأهله إلى مكَّة وتركهم بأمر من الله -تعالى-، ثمَّ عاد إليهم بعد مدَّةٍ، وبعدها امتحنه الله -تعالى- بذبحه لابنه، وكان صادقًا مُسلِّماً أمره لله، فعوَّضه الله مقابل صبره بكبشٍ ليذبحه عِوضاً عن ابنه إسماعيل -عليه السلام- ، وبعدها أمره ببناء الكعبة.

ماذا تعلمنا اليوم من قصة سيدنا إسماعيل؟

الدروس المستفادة من قصة النبي إسماعيل -عليه السلام- عديدة، ينبغي للمسلم معرفتها والتفكّر فيها، ومن هذه الدروس ما يأتي:[١٧]

  • تجلَّت دروسٌ تربويةٌ بليغةٌ في قصَّة سيدنا إسماعيل مع أبيه إبراهيم -عليهما السلام-؛ فعلى الابن الانصياع لطلب والده، فهو أعلم منه بمصلحته.
  • في إشراك سيدنا إبراهيم -عليه السلام- لابنه في أمر الرؤيا واستشارته نوع من تحمَّل المسؤوليَّة، ولم يتقصر على أخذ الردِّ منه.
  • على الإنسان أن يستجيب لأوامر الله مهما كانت؛ فهو لا يعلم أين الخير فيها.
  • أنَّ الله -سبحانه وتعالى- يبتلي من يحبُّ من عباده المؤمنين حتى يرى مدى صبرهم، واتِّباعهم لأوامره.
  • أحيانًا قد يكون هذا الابتلاء واقعاً في أحبِّ الأشياء أو الأشخاص إلى نفس الإنسان، وعلى المسلم أن يصبر، وأن يعلِّم أنَّ فرج الله قريب.
  • الكروب والشَّدائد مهما طال بها الأمد فلا بدَّ من أن يأتي يومٌ تنكشف فيه عن أصحابها، فبعد الَّليل الطَّويل يأتي النَّهار، وما بعد الصَّبر إلَّا الفرج.
  • كما يُستفاد من هذه القصَّة أنَّ الله يُسخِّر الأسباب التي يمكن أن تساعد الإنسان في كثيرٍ من الظروف التي يحتاج فيها إلى وجود من يسانده كما حدث في هذه القصَّة؛ وذلك عندما جاءت القبيلة اليمنيَّة إلى سيدتنا هاجر.
  • البشارة تأتي بعد البلاء وصدق النيَّة والإخلاص مع الله؛ فالله بشَّر سيدنا إبراهيم -عليه السلام- بابنٍ آخر بعد امتحانه بابنه إسماعيل.
  • بالصَّبر على البلاء تحدث المعجزات، وكلَّ ما زاد الرِّضا في البلاء، عَظُم حجم العطاء.
  • مقتضى التَّوحيد هو طاعة الله فيما يأمر به، مهما كان الظَّاهر منه صعباً وشاقَّاً على النَّفس.[١٨]

المراجع[+]

  1. عبد الكريم يونس الخطيب، التفسير القرآني للقرآن، صفحة 741. بتصرّف.
  2. ابن الأثير، ابو الحسن، الكامل في التاريخ، صفحة 92. بتصرّف.
  3. أ. د. عبدالحليم عويس (24\12\2015)، “قصة إسماعيل عليه السلام (للأطفال)”، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 16\7\2021. بتصرّف.
  4. سورة إبراهيم، آية:37
  5. إسماعيل حقي، روح البيان، صفحة 428. بتصرّف.
  6. رواه الألباني ، في الصحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:8079، صحيح.
  7. أبو اليُمن العليمي، فتح الرحمن في تفسير القرآن، صفحة 529. بتصرّف.
  8. عبد الكريم يونس الخطيب، التفسير القرآني للقرآن، صفحة 141. بتصرّف.
  9. سورة البقرة، آية:124
  10. سورة الصافات، آية:102
  11. الشعراوي، تفسير الشعراوي، صفحة 4562. بتصرّف.
  12. الكتاني، محمد المنتصر، تفسير المنتصر الكتاني، صفحة 5. بتصرّف.
  13. سورة الصافات، آية:104-107
  14. الواحدي، التفسير الوسيط للواحدي، صفحة 211. بتصرّف.
  15. ابن عجيبة، البحر المديد في تفسير القرآن المجيد، صفحة 165. بتصرّف.
  16. سورة البقرة، آية:126-129
  17. د عبد المنعم مجاور (4\7\2019)، “قصة فداء إسماعيل عليه السلام: قيم تربوية ودروس عملية “، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 16\7\2021. بتصرّف.
  18. سعيد حوّى، الأساس في التفسير، صفحة 4725. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب