موقع اقرا » إسلام » قصص إسلامية » صلح الحديبية وفتح مكة

صلح الحديبية وفتح مكة

صلح الحديبية وفتح مكة


ما هو صلح الحديبية؟

هو هدنة حصلت ما بين المسلمين وقريش، اقتضي بموجبها التزام الطرفين بعدد من البنود، وقد ظن المسلمون بأنها بنود لصالح المشركين، وما إن انقضى الوقت حتى أدرك الصحابة الكرام أنها بنود ساعدتهم على فتح مكة المكرمة، وكان سببها عدم السماح للمسلمين بالدخول لمكة لأداء مناسك العمرة، على أن يأتوا السنة القادمة، ووضعوا شروطًا للصلح بين الطرفين، فكان الصحابي الجليل علي بن أبي طالب هو من كتب بنود الصلح،[١] وهي:[٢]

  • الهدنة لمدة عشر سنوات بين الفريقين.
  • من أحب أن يدخل في حلف محمد -صلى الله عليه وسلم – فله ذلك، ومن أراد الدخول في حلف قريش فله ذلك.
  • من أتى محمدًا -صلى الله عليه وسلم- مسلمًا من قريش، يرجعه النبي -صلى الله عليه وسلم- لقريش، ومن ارتد من المسلمين لقريش، فقريش غير ملزمة برده لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
  • تأجيل تأدية مناسك العمرة للعام القادم، ودخولهم مكة بلا سلاح.

نقض المشركين صلح الحديبية

ما الفعل الذي أقدمت عليه قريش الذي اقتضى بموجبه هدم اتفاقية الصلح؟

جاء نقص الصلح بين المسلمين والمشركين من ثغرة البند الثاني، فقامت قبيلة بني بكر باستغلال اشتغال المسلمين بالسرايا، واعتدت على قبيلة خزاعة المحالفة لرسول الله -صلى الله عله وسلم- بمعاونة قريش لها، فقامت قريش بتدبير الاعتداء ليلًا، لئلا يعرف بهم رسول الله -صلى الله عله وسلم- وقتلوا ثلاثةً وعشرين شخصًا من بني خزاعة، ففرت خزاعة للحرم واحتمت به، فأوصل عمرو بن سالم الخزاعي الخبر لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ليستنجد به،[٣] وفي هذا إعلان صريح من قريش على نقضهم للصلح، فما كان من رسول الله إلا اتخاذ القرار بالسير لفتح مكة.[٤]

تجهز المسلمين للحرب

ما ردة فعل المسلمين بفعل قريش؟

أرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقريش بأن يختاروا أحد الأمور التالية؛ فإمّا دفع دية قتلى خزاعة، وإمّا أن يبرؤوا من حلف من تولى الحملة على بني خزاعة، وإمّا أن ينبذ إليهم على سواء بمعنى الحرب، فجاءه الجواب من بعض زعماء قريش بأن ينبذ إليهم على سواء.[٥]

محاولة أبي سفيان الصلح

ماذا فعلت قريش للتراجع عن نقضها للصلح؟

ندمت قريش على الجواب الذي بدر من بعض سفهائها، فبعثت أبي سفيان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليشد وثاق العقد والصلح،[٥] فأتى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكلمه، فلم يجبه بشيء، فذهب إلى أبي بكر ليطلب منه تكليم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفض ذلك وقال بأن قراره هو قرار رسول الله -صلى الله عليه والسلام- وأيما وجد من يقاتلهم إلا أعانه عليهم،[٦] وطلب الطلب ذاته من عمر وعلي وفاطمة فلم يلق أي استجابة منهم، وعاد إلى مكة المكرمة مخفقًا، وبسماع قريش لما حدث مع أبي سفيان، قالت إنه لم يأت بما ينفعهم.[٧]

خروج النبي متوجهًا إلى مكة

أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الناس بالتجهز للقتال، واستعان على تجهيز الجيش بالكتمان،[٨] وأمر عائشة -رضي الله عنها- بالتجهز للسفر، وأمرها بكتمان الأمر، حتى إن أباها دخل عليها حين تجهزها للسفر، فسألها أبو بكر الصديق بشأن الغزو، فأجابت بأنها لا تعلم شيئًا، فحين رآه النبي، أمره بالتجهز للجهاد، وأمره بكتمان الأمر، وبدأ المسلمون بالتجهز للقتال بسرية تامة، وأخذت القبائل بإرسال رجالها إلى المدينة المنورة، وقام بتعيين عمر بن الخطاب على أطراف المدينة؛ ليتحفظ على من ياتي المدينة المنورة من غير اهلها ويراقب الحركة.[٩]

خيانة حاطب

ما موقف النبي من خيانة حاطب؟

عندما أجمع رسول الله بالخروج إلى مكة المكرمة، كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابًا إلى قريش ليخبرها ما أجمع عليه رسول الله، ثم أعطاه لامرأة لتوصله لقريش مقابل مبلغ من المال، وقيل أنها من مزينة، وقيل أنها مولاة لبعض بني عبدالمطلب، فخرجت بالرسالة لإيصالها.[١٠]

وصل إلى رسول الله ما صنع حاطب من السماء، فأرسل علي بن أبي طالب والزبير بن العوام للّحاق بالمرأة قبل وصولها مكة، فحين وصلاها التمساه في رحلها فلم يجداه، فلما رأت الجد في كلام علي بن أبي طالب، حلّت قرون رأسها فأخرجت منه الكتاب المبعوث لقريش.[١٠]

ثم أرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحاطب ليسأله عن سبب قيامه بهذا، فأكد له حاطب أنه على دين الإسلام ولم يبدل دينه،[١١] ولكن له أهلًا عند قريش وليس لهم من يحميهم، فأراد أن يتخذ عندهم يدًا فيحمون أهله وعشيرته، فطلب عمر بن الخطاب من النبي بأن يضرب عنقه، فمنعه رسول الله وغفر له -صلى عليه وسلم- فقال: {إنّه شهد بدرا، وما يدريك يا عمر! لعلّ الله قد اطّلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم}.[١٢][١٣]

الوصول إلى مكة

ما الاحداث التي حصلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خلال ذهابه لمكة المكرمة؟

خرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- من المدينة المنورة في رمضان من السنة الثامنة للهجرة، متجهًا إلى مكة المكرمة مباشرة، وبطريقه بدأت البشارات تهل على رسول الله؛ مبتدئه بمجيء عمه العباس لرسول الله -صلى الله عله وسلم- مهاجرًا إليه، فانضم لجيش المسلمين، ثم أتى لجيش المسلمين رجلان، وهما؛ أبو سفيان بن الحارث وعبدالله بن أمية، لكن رفض رسول الله ملاقتهما؛ لشدة ما لاقاه منهما قبل الهجرة من إيذاء، فتوسطت لهما أم سلمة عند رسول الله، فقابلهما وأعلنا إسلامهما، بعد توبتهما بين يدي الرسول،[١٤] وكان الجيش حينئذ صيام فشق عليهم الصيام.[١٥]

خرج إليهم رسول الله بقدح من الماء، فشربه أمامهم ليزرع أكثر من أمر في نفوس المسلمين، منها؛ أن الصيام ممكن أن يؤخر فيقضى، أما الجهاد فلا يؤخر، وفيه ترتيب للأولويات فيقدم الفاضل على المفضول، وبعض الصحابة لم يفطر، فقال عنهم الرسول: {أولئك العصاة أولئك العصاة}،[١٦] لأن من شأن ذلك أن يضعف قوتهم على القتال،[١٧] وصل الجيش لمنطقة الظهران تبعد بمقدار عشرين كيلومترًا عن مكة، اجتمع فيها مع جنود القبائل التي ساندت الرسول، فبلغ عدد الجيش الإسلامي عشرة آلاف مقاتل، فأمر الرسول الجنود بإشعال النيران لإيصال الخوف في نفوس مشركي قريش، تحقيقًا للهزيمة النفسية لهم.[١٨]

برؤية العباس للعدد الهائل لجيش المسلمين، رأى أن إسلام قريش أفضل من إبادتها، وعلى ذلك رأى بأن دخول الرسول لمكة قبل أن يستأمنوه على أنفسهم، سيكون هلاكًا لقريش إلى آخر الدهر.[١٩]

مجيء أبي سفيان للاطلاع على جيش المسلمين

ما موقف أبي سفيان برؤية الجيش المعد لغزو مكة؟

كان أبو سفيان ممن رأوا منظر جيش المسلمين وهم يشعلون شعل النيران متجهين نحو مكة، فحين حمله العباس على بغلة رسول الله ليستأمنه عنده، لم يتردد وانصاع لطلبه على الفور؛ ذلك لصعوبة موقفه ولهول ما رآه، فانطلقا للرسول عليه الصلاة والسلام، فعرض عليه الإسلام، بصيغة التهديد، فقال له: “ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟”،[٢٠] فأسلوب الحوار انتهى، فأجاب بطريقة تجمع بين الموافقة وعدم الاقتناع الكامل بنبوة محمد، فتدخل العباس قائلًا: “ويحك يا أبا سفيان أسلم، واشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله قبل أن تضرب عنقك”،[٢٠] فنطق بالشهادتين فورًا.[٢١]

وحين رأى كتائب الجيش تسير خاطب العباس قائلًا: “ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة، والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما”.[٢٠][٢١]

أبو سفيان يحذّر أهل مكة مما رأى

بماذا نصح أبو سفيان أهل مكة؟

ذهب أبو سفيان، فدخل مكة المكرمة وحذر أهلها من الجيش القادم، وذكر أن رسول الله أعطاهم الأمان على أرواحهم، ونصحهم بالاختباء في ما استأمنوا من أماكن، فكان بيته من ضمنها، لاستئمان أبي سفيان لروحه عند رسول الله، فاستجاب أهل مكة لإنذار أبي سفيان، ودخلوا الأماكن الآمنة، فمنهم من دخل بيته، ومنهم من دخل المسجد الحرام، ومنهم دخل دار أبي سفيان، إلا جمع من سادة قريش.[٢٢]

وذلك حسبما نقل عن أبي سفيان: “قام أبو سفيان فصرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش! هذا محمد، قد جاءكم فيما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، فتفرّق الناس إلى دورهم وإلى المسجد”.[٢٠][٢٣]

دخول النبي وجيشه مكة المكرمة

كيف قسم النبي -صلى الله عليه وسلم- الجيش؟

تمثلت صفة دخول النبي لمكة برده على سعد بن عبادة الذي قال: “اليوم يوم الملحمة”، فرد عليه بـ: “اليوم يوم المرحمة، هذا يوم يعظّم الله فيه الكعبة ويوم تكسى فيه الكعبة”،[٢٤][٢٥]فدخل الرسول مكة وهي تخلو من المارة، فكانت رغبته بألّا يحدث قتال، وخاص ة في البلد الحرام، على الرغم من أن القتل في ذاك الوقت كان شرعيًا في حالة الاضطرار، فأمر بقتال من قاتل فقط، وأعطى الأمان لأهل مكة، وبدخول الفرق لمكة، لم يحصل قتال إلا في المنطقة التي يترأسها عكرمة بن أبي جهل،[٢٦] وقسم الرسول عليه الصلاة والسلام جيشه لأربع فرق وهي:[٢٦]

  • الفرقة الأولى: برئاسةخالد بن الوليد، وهم من أقوى الفرسان، وتدخل هذه الفرقة من جنوب مكة.
  • الفرقة الثانية: برئاسة الزبير بن عوام، وهي فرقة فرسان قوية، وتدخل هذه الفرقة من شمال مكة.
  • الفرقة الثالثة: برئاسةأبي عبيدة الجراح، تتألف من الرجّالة المشاة.
  • الفرقة الرابعة: برئاسة سعد بن عبادة، وهي فرقة الأنصار، ومع هذه الفرقة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم.

طواف المسلمين بالبيت وتحطيم الأصنام

ماذا فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أول دخوله لمكة المكرمة؟

دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة متواضعًا خاشعًا لله تعالى وهو يتلو سورة النصر، مذكّرًا نفسه والمؤمنين أن النصر من عند الله تعالى، ومع دخوله لمكة المكرمة أمر بتكسير جميع الأصنام، فكسرها وهو يتلو قوله تعالى: {جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً}،[٢٧] فدخل صحن الكعبة وبدأ الطواف حولها طواف المحرر، بادئًا إعلان الدولة الإسلامية، بالطواف حول الكعبة المشرفة.[٢٨]

خطبة النبي لأهل مكة

ماذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهل مكة؟

وقف الرسول – عليه الصلاة والسلام- في صحن الكعبة، ودعا أهل مكة للإتيان إلى صحن الكعبة المشرفة، فما تخلف أحد، وهم خجلون من موقفهم أمام من عادوه طوال هذه السنين من مصادرة للأموال وقتل لمعتنقي دين محمد وتعذيب، فبدأ قوله بتوحيد الله، ثم أكمل قائلًا لهم أنه بإسلامهم قد أذهب الله تعالى عنهم رجز الشرك ونخوة الجاهلية، ثم سألهم رسول الله عن ظنهم فيما سيفعله بهم؛ قال: “ما تظنون أني فاعل بكم”، فأجابوا: “خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم” فقال: “فإنّي أقول لكم كما قال يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم اذهبوا فأنتم الطلقاء”.[٢٩][٣٠]

بلال يؤذن بالناس!

كيف أدى رسول الله صلى الله عليه وسلم شكر الله تعالى على الفتح؟

وبعد إعلان العفو العام، وبعد أن قال كلمته الشريفة- صلى الله عليه وسلم- أمر بلال بن رباح بأن يصعد على الكعبة، ويؤذن بأعلى صوت، على مسمع أشراف ورؤساء قريش، الذين كانوا يمنعون نشر كلمة الله تعالى، فتوضأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وصلّى ثماني ركعات، شكرًا لله تعالى على الفتح.[٣٠]

المراجع[+]

  1. راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 3-4. بتصرّف.
  2. احمد غلوش، كتاب السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني، صفحة 492. بتصرّف.
  3. أحمد غلوش، السيرة النبوية في العهد النبوي، صفحة 571. بتصرّف.
  4. راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 1. بتصرّف.
  5. ^ أ ب أبو الحسن الندوي، السيرة النبوية، صفحة 445. بتصرّف.
  6. أحمد غلوش، السيرة النبوية، صفحة 574. بتصرّف.
  7. أبي الحسن الندوي، السيرة النوية، صفحة 446. بتصرّف.
  8. أبي الحسن لندوي، السيرة النبوية، صفحة 446-447. بتصرّف.
  9. أحمد غلوش، السيرة النبوية في العهد المدني، صفحة 576. بتصرّف.
  10. ^ أ ب عبدالرحمن السهيلي، الروض الانف، صفحة 203-204. بتصرّف.
  11. عبدالرحمن السهيلي، الروض الأنف، صفحة 203-204. بتصرّف.
  12. رواه محمد بن اسماعيل، في صحيح البخاري، عن علي بن ابي طالب، الصفحة أو الرقم:4274، صحيح.
  13. أبو الحسن الندوي، السيرة النبوية، صفحة 448. بتصرّف.
  14. راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 3. بتصرّف.
  15. راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 5. بتصرّف.
  16. رواه مسلم بن الحجاج، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:1114، صحيح.
  17. [راغب السرجاني]، كتاب السيرة النبوية، صفحة 5. بتصرّف.
  18. راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 5-6. بتصرّف.
  19. راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 6. بتصرّف.
  20. ^ أ ب ت ث رواه الطحاوي، في شرح معاني الآثار، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3/312، صحيح.
  21. ^ أ ب راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 7. بتصرّف.
  22. راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 8. بتصرّف.
  23. أبو الحسن الندوي، السيرة النبوية، صفحة 451. بتصرّف.
  24. رواه محمد بن اسماعيل، في صحيح البخاري، عن عروة بن الزبير، الصفحة أو الرقم:4280، صحيح.
  25. [راغب السرجاني]، كتاب السيرة النبوية راغب السرجاني، صفحة 9. بتصرّف.
  26. ^ أ ب راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 8. بتصرّف.
  27. سورة الإسراء، آية:81
  28. راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 8-10. بتصرّف.
  29. رواه ناصر الدين الألباني، في السلسلة الضعيفة، عن بعض أهل العلم، الصفحة أو الرقم:1163، ضعيف.
  30. ^ أ ب أبي الحسن الندوي، السيرة النبوية، صفحة 456. بتصرّف.






اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب