X
X



شعر انتظار

شعر انتظار


قصيدة في الانتظار

يقول محمود درويش:[١]

في الانتظار، يُصيبُني هوس برصد
الاحتمالات الكثيرة: ُربَّما نَسِيَتْ حقيبتها
الصغيرة في القطار، فضاع عنواني
وضاع الهاتف المحمول، فانقطعت شهيتها
وقالت: لا نصيب له من المطر الخفيف
وربما انشغلت بأمر طارئٍ أو رحلةٍ
نحو الجنوب كي تزور الشمس، واتَّصَلَتْ
ولكن لم تجدني في الصباح، فقد
خرجت لأشتري غاردينيا لمسائنا وزجاجتينِ
من النبيذ
وربما اختلفت مع الزوجِ القديم على
شؤون الذكريات، فأقسمت ألا ترى
رجلاً يُهدِّدُها بصُنع الذكريات
وربما اصطدمت بتاكسي في الطريقِ
إليَ، فانطفأت كواكب في مَجَرّتها.
وما زالت تُعالج بالمهدئ والنعاس
وربما نظرت إلى المرآة قبل خروجها
من نفسها، وتحسَّست أجاصَتَيْن كبيرتينِ
تُموِّجان حريرَها، فتنهَّدت وترددت:
هل يستحقُّ أنوثتي أحد سوايَ
وربما عبرتْ، مصادفةً، بِحُبٍّ
سابقٍ لم تَشْفَ منه، فرافقته إلى
العشاءِ
وربَّما ماتَت،
فإن الموت يعشق فجأة، مثلي،
وإن الموتَ، مثلي، لا يحبُّ الانتظار

يا حنانا كيد الآسي الرؤوم

يقول: إبراهيم ناجي

يا حناناً كيدِ الآسي الرؤومِ

وشُعاعاً يُشتَهى بعد الغُيومِ

أنا في بُعدِكَ مفقودُ الهُدَى

ضَائعٌ أعشو إلى نورٍ كريمِ

أشتري الأحلامَ في سُوق المُنى

وأبيعُ العُمرَ في سُوق الهُمومِ

لا تقل لي في غدٍ موعدُنا

فالغدُ الموعُودُ ناءٍ كالنجومِ

أغداً قلت فعلِّمني اصطبارا

ليتني أختصرُ العُمرَ اختِصارَا

عَبَرَت بي نَشوةٌ مِن فَرَحٍ

فَرَقصنا أنا والقلبُ سُكارَى

وعَرَانا طَائِفٌ مِن خَبَلٍ

فاندَفَعنا في الأماني نتبارَى

سنَذمُّ النور حتى يتَلاشى

ونذمُّ الليلَ حتى يتوارَى

انفَردنا أنا والقلب عشيا

ننسج الآمالَ والنَّجوى سويَّا

فركبنا الوهمَ نبغي دارَها

وطوينا الدهر والعالَم طَيَّا

فبلغناها وهللنَا لها

ونزَلنَا الخُلدَ فينَاناً نَدِيَّا

ولقينا الحسنَ غَضّاً والصّبا

وتملَّينَا الجلالَ الأبدِيَّا

قال لي القلبُ أحقّاً ما بلغنا

كيف نام القَدرُ السَّاهر عنَّا

أتراها خِدعةً حاقت بنا

أتراها ظِنةً مما ظَنَنَّا

قلتُ لا تجزع فكم من منزلٍ

عزَّ حتى صار فوق المتمنى

أذِنَ اللهُ به بَعد النوى

فثوينا واسترحنا وأمِنَّا

يا جِنانَ الخُلدِ قَدَّمتُ اعتِذاري

إذ يَطوف الخلدَ سقمي ودَماري

أيها الآمرُ في مُلكِ الهوى

اعفُ عن لهفةِ روحي وأواري

أشتهي ضَمَّكَ حتى أشتفي

فكأني ظامئٌ آخذ ثاري

غير أني كلَّما امتدت يدي

لعناقٍ خِفتُ أن تؤذيكَ ناري

أيها النورُ سَلاماً وخشوعا

أيها المعبَدُ صَمتاً ورُكُوعَا

ملكت قلبي ولُبي رهبة

عصفت بالقلب واللُّبّ جميعَا

رُبَّ قول كنتُ قد أعددتُه

لكَ إذ ألقاك يأبى أن يطيعَا

وحبيسٍ من عتابٍ في فمي

قد عصاني فتفجَّرتُ دموعَا

لذعتني دمعة تلفح خدي

نبهتني من ضلالٍ ليس يُجدِي

واختفت تلك الرُّؤَى عن ناظري

وطَواها الغيبُ في سِحري بُردِ

وتَلفَّتُّ فلا أنت ولا

جنةُ الخلد ولا أطيافُ سَعدِ

وإذا بي غارقٌ في محنَتي

وبلائي أقطعُ الأيامَ وَحدِي

هاتِ قيثاري ودَعني للخيالِ

واسقني الوهمَ وعَلِّل بالمحالِ

ودَع الصدق لمن ينشده

الحجى خصميَ فاغمر بالضلالِ

وخُذ الأنوار عنّي ربما

أجدَ الرحمةَ في جوفِ الليالي

خلِّني بالشوقِ أستدني غداً

فغداً عندي كآبادٍ طوالِ

بانتظار سيدتي

يقول نزار قباني:[٢]

أجلس في المقهى.. منتظرا
أن تأتي سيدتي الحلوة
أبتاع الصحف اليومية
أفعل أشياء طفولية
“أفتش عن “برج الحمل
” .. ساعدني يا “برج الحمل
” .. طمئني يا “برج الحمل”
هل تأتي سيدتي الحلوة ؟
هل ترضى أن تتزوجني
هل ترضى سيدتي الحلوة ؟
يخبرني برجي عن يوم
يشرق بالحب وبالأمل
يخبر .. عن خمسة أطفال يأتون
وعن شهر العسل
أبقى في المقهى .. منتظرا
عشرة أعوام قمرية
منتظرا .. سيدتي الحلوة
تقرأني الصحف اليومية
ينفخني غيم سجاراتي
يشربني .. فنجان القهوة
ينفخني غيم سجاراتي
يشربني .. فنجان القهوة

حلم اللقاء

يقول عبد الرحمن العشماوي:[٣]

قرِّبْ خُطاكَ فإنَّني مُشْتاقُ

عندي الحنينُ وعندكَ الإشفاقُ

أتُراكَ لم تعلمْ بحالي، بعدم

عصفتْ براحة قلبيَ الأشواقُ؟

قرِّب إليَّ الماءَ ، إنِّي لظاميءٌ

ولديكَ أنتَ الماءُ والترياقُ

مهما تطاولَ عنكَ ليلُ صبابتي

فأنا إلى فجر المُنى توَّاقُ

ما دام لي حُلُمُ اللِّقاءِ فإنَّني

أحيا بهِ، مهما يطولُ فِراقُ

إلام انتظاري بالوصال ولا وصل

يقول ابن النحاس:

إلام انتظاري بالوصال ولا وصل

وحتام لا تدنوإليّ ولا أسلو

وبين ضلوعي زفرة لو تبوّأت

فؤادك ما أيقنت أن الهوى سهل

جميلا بصب زاده الناي صبوة

ورفقا بقلب مسه بعدك الخبل

إذا طرفت منك العيون بنظرة

فأيسر شيء عند عاشقك القتل

امنعمة بالزورة الظبية التي

بخلخالها حلم وفي قرطها جهل

ومن كلما جردتها من ثيابها

كساها ثيابا غيرها الفاحم الجثل

سقى المزن أقواما بوعساء رامة

لقد قطعت بيني وبينهم السبل

وحبا زماناً كلما جئت طارقا

سليمى أجابتني إلى وصلها جمل

تود ولا اصبو وتوفي ولا أفي

وأنأى ولا تنأى واسلوا ولا تسلو

إذ الغصن غضر والشباب بمائه

وجهد الرضا من كل نائبة عطل

ومن خشية النار التي فوق وجنتي

تقاصران بدنو بعارضي النمل

بروحي من ودعتها ومدامعي

كسقط جمان جذ من سمطه الحبل

كأن قلاص المالكية نوخت

على مدمعي فارفض مذثورا الإبل

وما ضربت تلك الخيام بعالج

لقصد سوى أن لا يصاحبني العقل

وخرق كأن العيس فيه إذا خطت

تسابق ظلا أو يسابقها الظل

يسمن بنا الأنضاء حتى كأننا

حبارى دجا أو أرضنا معنا قفل

إذا عرضت لي من بلاد مذلة

فأيسر شيء عندي الوخد والرحل

وليس اعتساف البيد عن مربع الأذى

بذل ولكن المقام هو الذل

ولا أنا ممن أن جهلت خلاله

أقامت به القامات والأعين النجل

فكل رياض جئتها لي مرتع

وكل أناس اكرموني هم الأهل

ولي باعتماد الأبلج الوجه راشد

عن الشغل في آثار هذا الورى شغل

همام رست للمجد في جنب عزمه

جبال جبال المجد في جنبها سهل

وليث هياج ما غنين جفونه

من الكحل إلا والعجاج لها كحل

يقوم مقام الجيش إن غاب جيشه

ويخلف حد النصل إن غمد النصل

زكت شرفا أعراقه وفروعه

وطابت لنا منه الفضائل والفعل

إذا لم يكن فعل الكريم كأصله

كريما فما تغني المناسب والأصل

من النفر الغر الذين تأففوا

مدى الدهر أن يأتي ديارهم البخل

كرام إذا راموا فطام وليدهم

على الثدى خطوا البخل فانفطم الطفل

ليوث إذا صالوا غيوث إذا هموا

بحور إذا جادوا سيوف افاسلوا

وان خطبوا مجدا فإن سيوفهم

مهور وأطراف القنا لهم رسل

إذا قفلوا تنأى العلا حيثما نأوا

وإن نزلوا حل الندى أينما حلوا

توالت على كسب الثناء طباعهم

فاعراضهم حرم وأموالهم حل

أمولاي إني مضوا ففيك سما العلا

وقامت قناة الدين وانتشر الفضل

وإن يك قد أقضي الزمان بسالم

فانك روض الوبل إن ذهب الوبل

إليك ارتمت فينا قلوص كأنها

قسي بأسفار كأنهم نبل

وما زجر الأنضاء سوطى وإنما

إليك بلا سوق تساوقت الإبل

يمينك لا أقضي الزمان بها حيا

وكهفك لا أودى الزمان به ظل

وكل لحاظ لست إنسانها قذى

وكل بلاد لست صيبها محل

المراجع

  1. “في الانتظار”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 28/4/2022. بتصرّف.
  2. “بانتظار سيدتي”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 28/4/2022.
  3. “حلم اللقاء “، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 28/4/2022.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب