X
X


موقع اقرا » الآداب » أشعار وأدباء » شعر المديح في العصر الاندلسي

شعر المديح في العصر الاندلسي

شعر المديح في العصر الاندلسي


شعر المديح في العصر الأندلسي

حافظ الشعراء في العصر الأندلسي على الأسلوب المعتاد للعرب في الشعر، وقد اعتنوا باستهلال قصائدهم بوصف الطبيعة أو الخمر أو الغزل، ولم يتجهوا إلى استعمال الأساليب أو الألفاظ الغريبة باستثناء الشاعر ابن هانئ الذي حاول تقليد أسلوب المتنبي في قصائده،[١] وفيما يلي أبرز قصائد المديح في العصر الأندلسي:

قصيدة: كتابك راق الوشي من خط كاتبه

يقول الشاعر ابن حميدس:[٢]

كتابك راق الوشيُ من خطِّ كاتبِهْ

أم الرّوْض فيه راضياً عن سحائبهْ

أم الفلك الأَعلى وفيه دليلُه

نقلتَ إلى الأسطارِ زُهرَ كواكِبه

فإنّي كَحَلْتُ العَينَ منه بفرقد

توَقّدَ نوراً وهو جار لصاحبه

طلعتَ على مصر ونورك ساطع

فقالوا هلالٌ طالعٌ من مغاربه

وفي المَغرب البَحر المُحيط وقد عَلا

على نيلِ مصرٍ منه مدّ غواربه

ولمّا انْثنى بالجَزرِ أبقى لديهِمُ

أحاديثَ تُرْوى من صنوفِ عجائبه

فيا فارس الشعر الذي ماتَ قِرْنُه

بموتِ زهيرٍ في ارتجالِ غرائبه

لأصبحتَ مثل البَحر يَزخَر وَحدَه

وإن كثُرَ الأنهار مِن عن جوانِبه

قصيدة: أفدتني من نفائس الدرر

يقول الشاعر ابن زيدون:[٣]

أَفَدتَني مِن نَفائِسِ الدُرَرِ

ما أَبرَزَتهُ غَوائِصُ الفِكَرِ

مِن لَفظَةٍ قارَنَت نَظيرَتَها

قِرانَ سُقمِ الجُفونِ لِلحَوَرِ

أَبدَعَها خاطِرٌ بَدائِعُهُ

في النَظمِ حازَت جَلالَةَ الخَطَرِ

العِطرُ مِنهُ سَرى لَهُ نَفَسٌ

مِن نَفَسِ الرَوضِ رَقَّ في السَحَرِ

يا راقِمَ الوَشيِ زانَهُ ذَهَبٌ

رَقرَقَ إِذ رَفَّ مِنهُ في الطُرَرِ

وَناظِمَ العَقدِ نَظمَ مُقتَدِرٍ

يَفصِلُ بَينَ العُيونِ بِالغُرَرِ

لي بِالنِضالِ الَّذي نَشِطَت لَهُ

عَهدٌ قَديمٌ مُعَجَّمُ الأَثَرِ

هَل أُنصِلُ السَهمَ في الجَفيرِ وَقَد

تَعَطَّلَت فوقُهُ مِنَ الوَتَرِ

ما الشِعرُ إِلّا لِمَن قَريحَتُهُ

غَريضَةُ النورِ غَضَّةُ الثَمَرِ

تَبسِمُ عَن كُلِّ زاهِرٍ أَرِجٍ

مِثلَ الكِمامِ اِبتَسَمنَ عَن زَهَرِ

إِنَّ الشَفيعَ الهُمامَ سَوَّغَهُ اللَ

هُ اِتّصالَ التَأييدِ بِالظَفَرِ

الفاضِلُ الخُبرِ في المُلوكِ إِذا

قَصَّرَ خُبرٌ عَن غايَةِ الخَبَرِ

نَجلُ الَّذي نُصحُهُ وَطاعَتُهُ

كَالحَجِّ تَتلوهُ بَرَّةُ العُمَرِ

شاهِدُ عَهدي لَكَ الصَحيحُ بِإِخ

لاصٍ نَأى صَفوُهُ عَنِ الكَدَرِ

مَشَيتُ في عَذلِيَ البَرازَ لِمَن

لَم يَرضَ في العُذرِ مِشيَةَ الخَمَرِ

وَقُلتُ مَطلُ الغَنِيِّ وِردٌ مِنَ ال

ظُلَمِ يُلَقّى مُلاوِمَ الصَدَرِ

وَلي مَعاذيرُ لَو تَطَلَّعُ في

لَيلِ سِرارٍ أَغنَت عَنِ القَمَرِ

مَنها اِتِّقائي لِأَن أَكونَ أَنا ال

جالِبَ ما قُلتُهُ إِلى هَجَرِ

لَكِن سَيَأتيكَ ما يُجَوِّزُهُ

سَروُكَ دَأبَ المُسامِحِ اليَسَرِ

فَاِكتَفِ مِنهُ بِنَظرَةٍ عَنَنٍ

لا حَظَّ فيهِ لِكَرَّةِ النَظَرِ

قصيدة: يا رب كل كتيبة شهباء

يقول الشاعر ابن هانئ الأندلسي:[٤]

يا ربّ كلّ كتيبةٍ شَهْباءِ

ومآبَ كلّ قصيدَةٍ غرّاءِ

يا ليْثَ كلّ عرِينةٍ يا بدرَ كل

لِ دُجُنّةٍ يا شمسَ كلِّ ضَحاء

يا تارِكَ الجبّارِ يعْثُرُ نَحرُهُ

في قِصْدَةِ اليَزَنيّةِ السّمراء

ذو الضرْبة النجلاء إثرَ الطعنة ال

سلْكاءِ والمَخلوجةِ الخرقاء

فالنّظرَةِ الخزْراءِ تحتَ اللامةِ ال

بَيْضاء تحتَ الرّايةِ الحمراء

أهْدِ السلامَ إلى الكؤوسِ فطالما

حَثّثْتَها صِرْفاً إلى النُّدَماء

فشرِبْتُها ممزوجةً بصنائعٍ

وشرِبْتُها ممْزُوجَةً بدِماء

حاشيتُ قدرَك من زيارة مجْلسٍ

ولَوَ اَنّ فيهِ كواكبَ الجَوزاء

إنا اجتمعنا في النديّ عصابةً

تثني عليكَ بألسن النعماء

أرواحُها لكَ والجسومُ وإنّما

أنفاسُها منْ فِطنةٍ وذكاء

إنّ الذي جمَعَ العلى لك كلّها

ألقى إليكَ مقالدَ الشُّعَراء

قصيدة: في حسن رأي عبيد الله لي عوض

يقول الشاعر ابن وهبون:[٥]

في حسن رأي عبيد الله لي عِوَضٌ

وفضلُهُ بَدَلٌ من كلِّ مطلوب

وإن صحبتُ فتأميلي لغرَّتِهِ

وَذِكرُهُ خَيرُ مألوفٍ ومصحوب

بذلك الوجه تُجلى كلُّ غاشية

عن ناظرٍ بوجوه اللوم محصوب

عاد المصلَّى بوضّاحٍ أسِرَّتُهُ

تنبيك عن خَلَدٍ بالفهم مشبوب

فاستقبلت قبلةُ الإسلام بدرَ عُلاً

يُمسي له البدر نجماً غير محسوب

وغرةً تطلبُ الآمال قبلتها

بين المحارب طرّاً والمحاريب

أدنى المؤيد إذ شطَّت منازله

فضلاً بفضلٍ وتهذيباً بتهذيب

كالطَّرفِ والقلبِ فيما بين ذاك وذا

مسرى الضمير وتبعيدٌ كتقريب

فبتُّ من وصفه في غايةٍ قَذَفٍ

والطبعُ ينجدني والفكرُ يسري بي

كأنني واجدٌ من عَرفِ سؤدده

ريحَ القميص سَرت في نفس يعقوب

قصيدة: يوم تضاحك نوره الوضاء

يقول الشاعر ابن سهل الأندلسي:[٦]

يَومٌ تَضاحَكَ نورُهُ الوَضّاءُ

لِلدَهرِ مِنهُ حُلَّةٌ سيَراءُ

وَالبَحرُ وَالمَيثاءُ وَالحَسَنُ الرِضا

لِلناظِرينَ ثَلاثَةٌ أَكفاءُ

فَإِذا اِعتَبَرنا جودَهُ وَعُلاهُ لَم

يَغرِب عَلَينا البَحرُ وَالمَيثاءُ

وَاليَمُّ رَهوٌ إِذ رَآكَ كَأَنَّهُ

قَد قَيَّدتَهُ دَهشَةٌ وَحَياءُ

لَقِنَ الوَقارُ إِذ اِرتَقى مِن فَوقِهِ

نَدبٌ أَشَمُّ وَهَضبَةٌ شَمّاءُ

لاقى نَداهُ نَبتَها فَتَرى يَداً

بَيضاءَ حَيثُ حَديقَةٌ خَضراءُ

فَذٌّ تَغَرَّبَ في المَكارِمِ أَوحَداً

فَتَأَنَّسَت في ظِلِّهِ الغَرباءُ

يَدعو الوُفودَ إِلى صَنائِعِهِ الَّتي

شَرُفَت فَشَأناهُ نَدى وَنِداءُ

أَيّامُهُ مَصقولَةٌ أَظلالُها

سَدِكَت بِها الأَضواءُ وَالأَنداءُ

أَورَقنَ أَو أَشرَقنَ حَتّى إِنَّهُ

تَجري الصِلادُ وَتُقبَسُ الظَلماءُ

هَديٌ وَجودٌ وَهوَ مِثلُ النَجمِ عَن

هُ تَحَدَّثُ الأَنواءُ وَالأَضواءُ

أَعطى وَهَشَّ فَما لِنَشوَةِ جودِهِ

صَحوٌ وَلا لِسَمائِهِ إِصحاءُ

كَفلَ الوَرى فَلَهُ إِلى خَلّاتِهِم

نَظَرٌ وَعَن زَلّاتِهِم إِغضاءُ

آمالُهُم شَتّى لَدَيهِ تَخالَفَت

وَقُلوبُهُم بِالحُبِّ فيهِ سَواءُ

يا مَن أَنا وَمَديحُهُ وَنَوالُهُ

أَلطَوقُ وَالتَغريدُ وَالوَرقاءُ

بِكرٌ أَتَتكَ عَلى اِحتِشامٍ فَليَجِد

مِنكَ القَبولَ العُذرُ وَالعَذراءُ

تُجلى بِفَخرِكَ فَالسَماءُ مِنَصَّةٌ

وَالشُهبُ حَليٌ وَالصَباحُ رِداءُ

فَاسلَم وَكُلُّ الدَهرِ عِندَكَ مَوسِمٌ

أَبَداً وَكُلُّ الشِعرِ فيكَ هَناءُ

وَاِخلُد مُعافى الجِسمِ مَمدوحاً إِذا

حُرِمَ الأَطِبَّةُ يُرزَقُ الشُعَراءُ

المراجع

  1. “تاريخ الشعر العربي في الأندلس”، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 7/9/2022. بتصرّف.
  2. “كتابك راق الوشي من خط كاتبه”، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 7/9/2022.
  3. “أفدتني من نفائس الدرر”، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 7/9/2022.
  4. “يا رب كل كتيبة شهباء”، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 7/9/2022.
  5. ” في حسن رأي عبيد الله لي عوض”، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 7/9/2022.
  6. ” يوم تضاحك نوره الوضاء”، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 7/9/2022.






مقالات ذات صلة

X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب