X
X


موقع اقرا » الآداب » أشعار وأدباء » ديوان البحتري

ديوان البحتري

ديوان البحتري


التعريف بديوان البحتري

ديوان البحتري هو الديوان الذي جُمِع فيه شعر الشاعر العباسي الوليد بن عبيد الطائي البحتري، ولد في منبج بين حلب ونهر الفرات سنة206هـ الموافق821م، ويعود نسبه إلى قبيلة طيِّئ العربية المعروفة، فقد عاش في زمان الخلافة العباسية وتنقّل بين أقطارها، لا سيّما بغداد والعراق، واتّصل بالخلفاء والوزراء والقادة ومدح كثيرًا منهم.[١]

عاد أخيرًا إلى منبج حيث توفي فيها سنة 284هـ الموافق 898م، وقد كان البحتريّ من شعراء زمانه الثلاثة وهم: المتنبي وأبو تمام والبحتري، وقد فضّله المعرّي على أقرانه وجعله رأس الشعراء،[١] حيثُ بلغ عدد قصائده نحو 545 قصيدة و388 مُقطّعة، وبلغ مجموع أبياته 15950 بيتًا.[٢]

للديوان طبعات كثيرة حسب دور النشر التي قد نشرته، فمنها نسخة مطبعة الجوائب في القسطنطينية وهي بدون تحقيق، وقد نُشرت سنة 1300هـ الموافق 1882م،[٣] وهناك طبعة بتحقيق الشيخ رشيد عطية وطباعة المطبعة الأدبية سنة 1911م.[٤]

لعلّ أشمل طبعة وأتقنها من حيث التحقيق والتفصيل والضبط وتقسيم الفهارس هي للمُحقق حسن كامل الصيرفي، والتي قد صدرت عن دار المعارف بمصر سنة 1963م.[٥]

البحور الشعرية في ديوان البحتري

كتب البحتري على كثير من البحور الشعرية، فقد كان شاعرًا مُجيدًا مُتفنِّنًا، ومن تلك البحور التي كتب عليها ما يأتي:

قَطَعتُ أَبا لَيلى وَما كُنتُ قَبلَهُ

قَطوعًا وَلا مُستَقصِرُ الوُدِّ جافِيا[٦]

ميلوا إِلى الدارِ مِن لَيلى نُحَيِّيها

نَعَم وَنَسأَلُها عَن بَعضِ أَهليها[٧]

رَحَلَت وَأَودَعَتِ الفُؤادَ لَواحِظًا

توهي القُوى وَإِشارَةً بِبِنانِ [٨]

يا أَخا الفَضلِ وَالنَدى يا أَبا الـ

ـعَبّاسِ زَينَ الكُهولِ وَالشُبّانِ[٩]
  • البحر المنسرح

يا نازِحًا قَد نَأى عَنِ الوَطَنِ

أَوحَشتَ طَرفي مِن وَجهِكَ الحَسَنِ[١٠]

الكتب التي شرحت ديوان البحتري

شرح كثير من النقّاد والباحثين والشعراء وغيرهم ديوان البحتري قديمًا وحديثًا، ومنهم ما يأتي:

  • شرح أبي العلاء المعري

كتاب سمّاه أبو العلاء المعرّي “عبث الوليد” وهو شرح لديوان البحتري، ومن طبعاته طبعة الشركة المتحدة في بيروت سنة 1978م.[١١]

  • شرح ديوان البحتري

كتاب فيه شرح للمفردات في الديوان وفيه دراسة لبعض أشعاره وذكر لسيرته ونحو ذلك، وهو بعناية الباحث محمد عبد الرحيم، وصدر عن دار الراتب الجامعية سنة 2008م.[١٢]

  • حول ديوان البحتري

دراسة نقدية أدبية لغوية في ديوان البحتري، وقد ألّف هذا الكتاب العالم المُحقق المصري عبد السلام هارون، وصدرت عن المؤسسة العربية الحديثة سنة 1964م.[١٣]

قصائد من ديوان البحتري

كان البحتري من الشعراء ذوي الإنتاج الغزير للشعر، ومن أبرز قصائد البحتري ما يأتي:

قصيدة: أحمد هل لأعيننا اتصال

قالها معاتبًا أحمد بن سليمان بن وهب:

أَأَحمَدُ هَل لِأَعيُنِنا اِتِّصالٌ

بِوَجهٍ مِنكَ أَبيَضَ حارِثِيِّ

غَداتُكَ لِلخُمارِ إِذا غَدَونا

وَلَم يُطلَق لَنا أُنسُ العَشِيِّ

فَأَحسِن يا فَتى كَعبٍ فَإِنّي

رَأَيتُ البُعدَ مِن فِعلِ المُسِيِّ

تَعَصَّب لِلقَريبِ أَبا وَوُدّاً

فَقَد يَجِبُ التَعَصُّبُ لِلكَنِيِّ

أَما وَالأَربَعينَ لَقَد أُريغَت

بِلا واني النُهوضِ وَلا وَطِيِّ

تَحَمَّل ثِقلَ مَطلَبِها كَريمًا

عَنِ القَرمِ الكَريمِ أَبي عَلِيِّ

فَإِنَّ العودَ رُبَّتَما أُحيلَت

عِلاوَتُهُ عَلى الجَذعِ الفَتِيِّ

وَضَوءُ المُشتَري صِلَةٌ مُعانٌ

بِبَهجَتِها سَنا القَمَرِ المُضِيِّ

هُوَ الوَسمِيِّ جادَ فَكُن وَلِيًّا

فَما الوَسمِيُّ إِلّا بِالوَلِيِّ[١٤]

قصيدة: فدتك يدي من عاتب ولسانيا

قال مخاطبًا أحد أبناء يزيد بن المهلبي:

فَدَتكَ يَدي مِن عاتِبٍ وَلِسانِيا

وَقَولِيَ في حُكمِ العُلا وَفَعالِيا

فَإِنَّ يَزيدَ وَالمُهَلَّبَ حَبَّبا

إِلَيكَ المَعالي إِذ أَحَبّا المَعالِيا

وَلَم يورِثاكَ القَولَ لا فِعلَ بَعدَهُ

وَما خَيرُ حَليِ السَيفِ إِن كانَ نابِيا

تَرى الناسَ فَوضى في السَماحِ وَلَن تَرى

فَتى القَومِ إِلّا الواهِبَ المُتَغاضِيا

وَإِنّي صَديقٌ غَيرَ أَن لَستُ واجِدًا

لِفَضلِكَ فَضلًا أَو يَعُمَّ الأَعادِيا

وَلا مَجدَ إِلّا حينَ تُحسِنُ عائِدًا

وَكُلُّ فَتىً في الناسِ يُحسِنُ بادِيا

وَما لَكَ عُذرٌ في تَأَخُّرِ حاجَتي

لَدَيكَ وَقَد أَرسَلتُ فيها القَوافِيا

حَرامٌ عَلَيَّ غَزوُ بَذٍّ وَأَهلِها

إِذا سِرتُ وَالعِشرونَ أَلفًا وَرائِيا

فَلا تُفسِدَن بِالمَطلِ مَنًّا تَمُنُّهُ

فَخَيرُ السَحابِ ما يَكونُ غَوادِيا

فَإِن يَكُ في المَجدِ اِشتِراءٌ فَإِنَّهُ اِش

تِراؤُكَ شُكري طولَ دَهري بِمالِيا[١٥]

قصيدة: باكرتنا بواكر الوسمي

قال مادحًا الخليفة المتوكل:

باكَرَتنا بَواكِرُ الوَسمِيِّ

ثُمَّ راحَت وَأَقبَلَت بِالوَلِيِّ

وَأَرى الغَيثَ لَيسَ يَنفَكُّ يَهمي

في غَداةٍ مُخضَلَّةٍ وَعَشِيِّ

فَسَقى الأَرضَ رَيَّها مِن نَداهُ

فَاِسقِني مِن سُلافَةِ الراحِ رَيِّ

أَصبَحَت بَهجَةُ النَعيمِ وَأَمسَت

بَينَ قَصرِ الصَبيحِ وَالجَعفَرِيِّ

في البِناءِ العَجيبِ وَالمَنزِلِ الآ

نِسِ وَالمَنظَرِ الجَميلِ البَهِيِّ

وَرِياضٍ تَصبو النُفوسُ إِلَيها

وَتُحَيّا بِوَردِهِنَّ الجَنِيِّ

دارُ مُلكٍ مُختارَةٌ لِإِمامٍ

أَحرَزَت كَفُّهُ تُراثَ النَبِيِّ

وَهَبَ اللَهُ لِلرَعِيَّةِ مِنهُ

سيرَةَ الفاضِلِ النَقِيِّ الزَكِيِّ

فَهيَ مَحبُوَّةٌ بِإِحسانِهِ الضا

في عَلَيها وَحُكمِهِ المَرضِيِّ

يَإِمامَ الهُدى وَيا صاحِبَ الحَقْ

قِ وَيا اِبنَ الرَشيدِ وَالمَهدِيِّ

لِيَدُم دَهرُكَ المُحَبَّبُ في النا

سِ بِعُمرٍ باقٍ وَعَيشٍ رَضِيِّ[١٦]

قصيدة: أما ترى العارض المنهل دانيه

قال في وصف الطبيعة:

أَما تَرى العارِضَ المُنهَلَّ دانيهِ

قَد طَبَّقَ الأَرضَ وَاِنحَلَّت عَزاليهِ

فَالريحُ تُزجيهِ تاراتٍ وَتَحدُرُهُ

وَالرَعدُ يُنجيهِ طَورًا أَو يُناجيهِ

يَبكي فَيَضحَكُ وَجهُ الأَرضِ عَن زَهَرٍ

كَالوَشيِ بَل لا تَرى وَشيًا يُدانيهِ

مازالَ يَسكُبُ سَحًّا مُسبِلًا غَدَقًا

لا يَستَفيقُ وَلي عَينٌ تُباريهِ

سَحًّا بِسَحٍّ وَإِسبالًا بِمُسبَلَةٍ

دَمعٌ يَبوحُ بِشَجوٍ كُنتُ أُخفيهِ

ثُمَّ اِنجَلى وَدُموعي غَيرُ راقِأَةٍ

وَالقَلبُ فيهِ مِنَ الأَشجانِ ما فيهِ

شَوقًا إِلى رَشَإٍ لا الشَمسُ تُشبِهُهُ

وَلا الهِلالُ إِذا تَمَّت لَياليهِ

لَكِنَّهُ فِتنَةٌ في الأَرضِ عارِضَةٌ

يُبلي فُؤادي بِلا جُرمٍ وَيُضنيهِ

وَقَد تَبَيَّنَ أَنّي مُغرَمٌ كَلِفٌ

فَاِستَشعَرَ العُجبَ في ضَنٍّ وَفي تيهِ[١٧]

قصيدة: يا ابن من طاب في المواليد حرًا

قال مادحًا أحد أحفاد موسى بن جعفر الطالبي:

يا اِبنَ مَن طابَ في المَواليدِ حُرًّا

مِن بَني جَعفَرٍ إِلى اِبنِ أَبيهِ

أَنا بِالقُربِ مِنكَ عِندَ صَديقٍ

قَد أَلَحَّت عَليَه شُهبُ سِنيهِ

عِندَهُ قَيتَةٌ إِذا ما تَغَنَّت

عادَ مِنّا الفَقيهُ غَيرَ فَقيهِ

تَزدَهيهِ وَأَينَ مِثلِيَ في الفَهـ

ـمِ تُغَنّيهِ ثُمَّ لا تَزدَهيهِ

مَجلِسٌ كَالرِياضِ حُسنًا وَلَكِن

لَيسَ قُطبُ السُرورِ وَاللَهوِ فيهِ

فَأَغِثني بِما بِهِ يُشتَرى دُنْ

نُ عَجوزٍ خَمّارُهُ مُشتَريهِ

وَبِأَشياخِكَ الكِرامِ أَولي الـ

ـأَفضالِ موسى اِبنِ جَعفَرٍ وَبَنيهِ

أَن تَخَّجمَتُهُ وَإِن كانَ إِلّا

مِثلَ ما يَأنَسُ الفَتى بِأَخيهِ[١٨]

قصيدة: سرى الغمام وغادتنا غواديه

قال مادحًا عبد الله بن داود:

سَرى الغَمامُ وَغادَتنا غَواديهِ

كَأَنَّهُ نائِلٌ بِتنا نُرَجّيهِ

حَكى نَدىً مِن أَبي العَبّاسِ يُشبِهُهُ

إِذا تَهَلَّلَ وَاِنتَلَّت عَزاليهِ

قَد أَلبَسَ اللَهُ عَبدَ اللَهِ أُبَّهَةً

مِن سَعيِ داوُدَ زادَت في مَساعيهِ

إِنَّ الخَراجَ بِقِنِّسرينَ يَجمَعُهُ

تَدبيرُ يَقظانَ يَدري كَيفَ يُحيِيهِ

أَعجَلَ بَعضًا بِضَربٍ مِن تَقَدُّمِهِ

وَاِقتادَ بَعضًا بِضَربٍ مِن تَأَتّيهِ

إِذا تَكَلَّمَ لَم يَدخُل صَريمَتَهُ

هَزلٌ وَلا كانَ غَيرَ الجِدِّ يَعنيهِ

لا يَنقُصُ الطَمَعُ الغالي عَزيمَتَهُ

وَلا سَبيلَ إِلى عَيبٍ يُدانيهِ

عُلُوُّ هِمَّتِهِ عَن ذاكَ يَرفَعُهُ

وَفَضلُ ثَروَتِهِ عَن ذاكَ يُغنيهِ[١٩]

قصيدة: ربع خلا من بدره مغناه

قال في مدح الشاه بن ميكال:

رَبعٌ خَلا مِن بَدرِهِ مَغناهُ

وَرَعَت بِهِ عينُ المَها الأَشباهُ

بَدَلًا شَنيئًا مِن مَحاسِنِ صورَةٍ

وَصَلَ القُلوبَ بِناظِرَيها اللَهُ

كانَت مُرادَ عُيونِنا فَرَمى الهَوى

رَيبُ الزَمانِ فَشَتَّ صَرفَ قُواهُ

وَلَرُبَّما أَرتَعتُ رَوضَةَ حُسنِها

طَرفي وَأَعطَيتُ الفُؤادَ مُناهُ

ماكانَ عَهدُ وِصالِها لَمّا نَأَت

إِلّا كَحُلمٍ طارَ حُلوُ كَراهُ

فَتَناسَ مَن لَم تَرجُ رَجعَةَ وُدِّهِ

وَوَصالِهِ وَتَعَزَّ عَن ذِكراهُ

بِمُجَنَّبٍ رَحبِ الفُروجِ مُشَذَّبٍ

نابي القَذالِ حَديدَةٍ أُذُناهُ

ضافي السَبيبِ مُقَلِّصِن لَم تَنخَزِل

مِنهُ القَطاةُ وَلَم يَخُنهُ شَظاهُ

صافي الأَديمِ كَأَنَّ غُرَّةَ وَجهِهِ

فَلَقُ الصَباحِ انجابَ عَنهُ دُجاهُ

يَجري إِذا جَرَتِ الجِيادُ عَلى الوَنى

فَيَبُذُّ أولى جَريِها أُخراهُ

يُدنيكَ مِن مَلِكٍ أَغَرَّ سَمَيدَعٍ

يُدنيكَ مِن أَقصى مِناكَ رِضاهُ

لَو قيلَ مَن حازَ السَماحَةَ وَالنَدى

يَومَ الفَخارِ لَقيلَ ذاكَ الشاهُ

الشاهُ شاهُ المَجدِ غَيرَ مُدافَعٍ

حازَ المَكارِمَ كُلَّها بُرداهُ

ما البَحرُ مُلتَطِمُ العُبابِ يُمِدُّهُ

بَحرٌ يَفيضُ بِسَيبِهِ عَبراهُ

يَومًا بِأَسمَحَ مِن أَسِرَّةِ كَفِّهِ

في حالَتَيهِ بِما حَوَتهُ يَداهُ

كَلّا وَلا غَيثٌ تَهَلَّلَ مُزنُهُ

بِحَيا الوَرى إِلّا كَبَعضِ نَداهُ

وَلَما أُسامَةُ وَهوَ يَحمي غيلَهُ

وَوَراءَهُ مَعَ عُرسِه شِبلاهُ

بِأَشَدَّ مِنهُ في الزَعازِعِ مُقدِمًا

وَالمَوتُ مُحتَدِمٌ يَشُبُّ لَظاهُ

يا كاهِلَ المَجدِ الَّذي بِفَعالِهِ

أَرسى قَواعِدَ طَودِهِ رُكناهُ

وَسَنامَ مَفخَرِهِ وَشَمسَةَ تاجِهِ

وَنِظامَهُ وَمَكانَ قُطبِ رَحاهُ

لَم يَبقَ حُرٌّ لَم تَسِمهُ نِعمَةٌ

جُلِيَت لَها يَومَ الفَخارِ حُلاهُ

إِلّا وَلِيَّكَ فَاِعتَبِدهُ بِشاحِجٍ

لِطَريقِهِ لَم يَحوِهِ شَطَناهُ

أَو مُقرَبٍ رَحبِ المَناخِرِ سابِحٍ

يَشجى بِهِ يَومَ اللِقاءِ عِداهُ

لَكَ هامَةُ المَجدِ التَليدِ وَهَضبُهُ

وَشِعابُهُ وَنُجودُهُ وَرُباهُ

مازِلتَ لِلأَحرارِ أَحرَزَ مَلجَأٍ

يَحتَلُّ مِنكَ الأَكرَمونَ ذُراهُ[٢٠]

قصيدة: يكاد عاذلنا في الحب يُغرينا

قال في مدح أبي الجيش خمارويه:

يَكادُ عاذِلُنا في الحُبِّ يُغرينا

فَما لَجاجُكَ في لَومِ المُحِبّينا

نُلحى عَلى الوَجدِ مِن ظُلمٍ فَدَيدَنُنا

وَجدٌ نُعانيهِ أَو لاحٍ يُعَنّينا

إِذا زَرودُ دَنَت مِنّا صَرائِمُها

فَلا مَحالَةَ مِن زَورٍ يُواقينا

بِتنا جُنوحًا عَلى كُثبِ اللِوى فَأَبى

خَيالُ ظَمياءَ إِلّا أَن يُحَيِّينا

وَفي زَرودَ تَبيعٌ لَيسَ يُمهِلُنا

تَقاضِيًا وَغَريمٌ لَيسَ يَقضينا

مَنازِلٌ لَم يُذَمَّم عَهدُ مُغرَمِنا

فيها وَلا ذُمَّ يَومًا عَهدُها فينا

تَجَرَّمَت عِندَهُ أَيّامُنا حِجَجًا

مَعدودَةً وَخَلَت فيها لَيالينا

إِنَّ الغَواني غَداةَ الجِزعِ مِن إِضَمٍ

تَيَّمنَ قَلبًا مُعَنّى اللُبِّ مَحزونا

إِذا قَسَت غِلظَةً أَكبادُها جَعَلَت

تَزدادُ أَعطافُها مِن نِعمَةٍ لينا

يَلومُنا في الهَوى مَن لَيسَ يَعذِرُنا

فيهِ وَيُسخِطُنا مَن لَيسَ يُرضينا

وَما ظَنَنتُ هَوى ظَمياءِ مَنزِلُنا

إِلى مُواتاةِ خِلٍّ لا يُواتينا

لَقَد بَعَثتُ عِتاقَ الخَيلِ سارِيَةً

مِثلَ القَطا الجونِ يَتبَعنَ القَطا الجونا

يُكثِرنَ عَن دَيرِ مُرّانَ السُؤالَ وَقَد

عارَضنَ أَبنِيَةً في دَيرِ مارونا

يَنشُدنَ في إِرَمٍ وَالنُجحُ في إِرَمٍ

غِنىً عَلى سَيِّدِ الساداتِ مَضمونا

يُلفى النَدى مِنهُ مَلموسًا وَمُدَّرَكًا

وَكانَ يُعهَدُ مَوهومًا وَمَظنونا

بادٍ بِأَنعُمِهِ العافينَ يُزلِفُهُم

عَلى الأَشِقّاءِ فيها وَالقَرابينا

نَيلٌ يُحَكَّمُ فيهِ المُجتَدونَ إِذا

شِئنا أَخَذنا اِحتِكامًا فيهِ ماشينا

وَمُملِقينَ مِنَ الأَحسابِ يَفجَؤُهُم

ساهينَ عَن كَرَمِ الأَفعالِ لاهينا

إِن لَم يَكُن في جَداهُم نَزرُ عارِفَةٍ

تَكُفُّنا كانَ غُزرٌ مِنهُ يَكفينا

وَغابِنٍ إِن شَرى حَمدًا بِمَرغَبَةٍ

رَآهُ فيها بَخيلُ القَومِ مَغبونا

مُظَفَّرٌ لَم نَزَل نَلقى بِطَلعَتِهِ

كَواكِبَ السَعدِ وَالطَيرَ المَيامينا

يُمسي قَريبًا مِنَ الأَعداءِ لَو وَقَعوا

بِالصينِ في بُعدِها ما اِستَبعَدَ الصينا

تَشميرَ يَقظانَ ما اِنفَكَّت عَزيمَتُهُ

تَزيدُ أَعداءَهُ ذُلًّا وَتَوهينا

إِنّي رَأَيتُ جُيوشَ النَصرِ مُنزَلَةً

عَلى جُيوشِ أَبي الجَيشِ بنِ طولونا

يَومَ الثَنِيَّةِ إِذ يَثني بِكَرَّتِهِ

في الرَوعِ خَمسينَ أَلفًا أَو يَزيدونا

وَالحَربُ مُشعَلَةٌ تَغلي مَراجِلُها

حينًا وَيَضرَمُ ذاكي جَمرِها حينا

يَغدو الوَرى وَهُمُ غاشو سُرادِقِهِ

صِنفَينِ مِن مُضمِري خَوفٍ وَراجينا

وَالناسُ بَينَ أَخي سَبقٍ يَبينُ بِهِ

وَفاتِرينَ مِنَ الغاياتِ وأنينا

كَما رَأَيتُ الثَلاثاءاتِ واطِئَةً

مِنَ التَخَلُّفِ أَعقابَ الأَثانينا

عَمَّرَكَ اللَهُ لِلعَلياءِ تَعمُرُها

وَزادَكَ اللَهُ إِعزازًا وَتَمكينا

ما اِنفَكَّتِ الرومُ مِن هَمٍّ يُحَيِّرُها

مُذ جاوَرَت عِندَكَ العَزّاءَ وَاللينا

تَدنو إِذا بَعُدوا عِندَ اِشتِطاطِهُمُ

كَيدًا وَتَبعُدُ إِن كانوا قَريبينا

حَتّى تَرَكتَ لَهُم يَومًا نَسَختَ بِهِ

ما يَأثُرُ الناسُ مِن أَخبارِ صِفّينا

مَصارِعٌ كُتِبَت في بَطنِ لُؤلُؤَةٍ

مِن ظَهرِ أَنقَرَةِ القُصوى وَطِمّينا

فَاِسلَم لِتَجهَدَهُم غَزوًا وَتُغزِيَهُم

جَيشًا وَتُتبِعَهُ المَأمولَ هارونا

أَمّا الحُسَينُ فَما آلاكَ مُجتَهِدًا

وَلَيسَ تَألوهُ تَفخيمًا وَتَزيِينا

تَرضى بِهِ حينَ لا يُرضيكَ مُدبِرُهُم

مُبارَكًا صادِقَ الإِقبالِ مَيمونا

أَدّى الأَمانَةَ في مالِ الشَآمِ فَما

تَلقاهُ إِلّا أَمينَ الغَيبِ مَأمونا

تَسمو إِلى الرُتبَةِ العُليا مَحاسِنُهُ

فَما تَرى وَسَطًا مِنها وَلا دونا[٢١]

مقطوعات من ديوان البحتري

كانت المقطوعات كثيرة جدًّا في ديوان البحتري، ومنها ما يأتي:

مقطوعة: قطعت أبا ليلى وما كنت قبله

قال يستبطئ أبا ليلى الحارث بن عبد العزيز بن دلف:

قَطَعتُ أَبا لَيلى وَما كُنتُ قَبلَهُ

قَطوعًا وَلا مُستَقصِرُ الوُدِّ جافِيا

أَغُبُّ السَلامَ حينَ تَكثيرِ مَعشَرٍ

يَعُدّونَ تَكريرَ السَلامِ تَقاضِيا

وَحَسبي اِقتِضاءً أَن أُطيفَ بِواقِفٍ

عَلى خَلَّتي أَو عالِمٍ بِمَكانِيا

مَتى تَسأَلِ السِجزِيَّ عَن غَيبِ حاجَتي

يُبَيِّن لَكَ السِجزِيُّ ما كانَ خافِيا

فِداءٌ لَهُ مُستَبطَءُ النُجحِ أَخدَجَت

مَواعيدُهُ حَتّى رَجَعنَ أَمانِيا[٢٢]

مقطوعة: وكان الشلمغان أبا ملوك

قال يهجو أبا يزيد المادرائي:

وَكانَ الشَلمَغانُ أَبا مُلوكٍ

فَصارَ أَبًا لِسوقَةِ ما دَرايا

أَكُلُّ بَني دَساكِرِها بَنوهُ

لَأَوشَكَ أَن يَكونَ أَبا البَرايا

يُحَلِّأُنا عُقوقُ أَبي يَزيدٍ

عَنِ الصَهباءِ صافِيَةَ العَشايا

فَباتَ الخَسفُ مَنزِلَنا وَبِتنا

يُغَنّينا البَعوضُ بِجَرجَرايا

بَنو الأُطروشِ لَو حَضَروا لَكانوا

أَخَصَّ مَوَدَّةً وَأَعَمَّ رايا

أُناسٌ لا صَلاتُهُمُ لِماني

تُقامُ وَلا نَبِيُّهُمُ بنُ بايا[٢٣]

مقطوعة: غناؤك يورثك التزنيه

قال يهجو أحد المغنّين:

غِناؤُكَ يورِثُكَ التَزنِيَه

وَشَتمًا وَطَردًا مِنَ الأَفنِيَه

وَفَقدُكَ أَجدَرُ مِن أَن تُبَرَّ

وَشَتمُكَ أَولى مِنَ التَكنِيَه

وَيَومُ وِلادِكِ لِلتَعزِياتِ

وَيَومُ وَفاتِكِ لِلتَهنِيَه

إِذا المَرءُ فيكَ نَوى سَيِّئًا

أُثيبَ عَلى حُسنِ تِلكَ النِيَه[٢٤]

مقطوعة: أترى هيثما يطيق ترضّى

قال يهجو الهيثم الغنوي:

أَتَرى هَيثَمًا يُطيقُ تَرضّى

حاجِبٍ جامِعٍ لَنا حاجِبَيهِ

أَم تَرى المَطلَ مُبقِيًا لِيَ فَضلًا

مِن نَوالٍ أَنفَقتُ مِنهُ عَلَيهِ

لَستُ أَشكو إِلّا شَفيعي فَهَل لي

مِن شَفيعٍ إِلى شَفيعي إِلَيهِ[٢٥]

المراجع

  1. ^ أ ب الزركلي، الأعلام، صفحة 121. بتصرّف.
  2. البحتري، ديوان البحتري _ تحقيق حسن كامل الصيرفي، صفحة 37. بتصرّف.
  3. البحتري، ديوان البحتري، صفحة 7. بتصرّف.
  4. البحتري، ديوان البحتري _ تحقيق رشيد عطية، صفحة 5. بتصرّف.
  5. البحتري، ديوان البحتري _ تحقيق حسن كامل الصيرفي، صفحة 1. بتصرّف.
  6. الديوان (8/6/2021)، “قصيدة قطعت أبا ليلى “، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 8/12/2021.
  7. الديوان (24/11/2017)، “ميلوا إلى ليلى “، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 8/12/2021.
  8. الديوان (7/12/2021)، “رحلت وأودعت”، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 8/12/2021.
  9. الديوان (11/8/2021)، “يا أخا الفضل والندى “، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 8/12/2021.
  10. الديوان (8/12/2021)، “يا نازحا “، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 8/12/2021.
  11. أبو العلاء المعري، عبث الوليد، صفحة 1. بتصرّف.
  12. محمد عبد الرحيم، ديوان البحتري مع السيرة والأقوال والنوادر، صفحة 1. بتصرّف.
  13. عبد السلام هارون، حول ديوان البحتري، صفحة 1. بتصرّف.
  14. “أأحمد هل لأعيننا اتصال”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021.
  15. “فدتك يدي من عاتب ولسانيا”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021.
  16. “باكرتنا بواكر الوسمي”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021.
  17. “أما ترى العارض المنهل دانيه”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021.
  18. “يا ابن من طاب في المواليد حرا”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021.
  19. “سرى الغمام وغادتنا غواديه”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021.
  20. “ربع خلا من بدره مغناه”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021.
  21. “يكاد عاذلنا في الحب يغرينا”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021.
  22. “قطعت أبا ليلى وما كنت قبله”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021.
  23. “وكان الشلمغان أبا ملوك”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021.
  24. “غناؤك يورثك التزنيه”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021.
  25. “أترى هيثما يطيق ترضى”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب