X
X


موقع اقرا » إسلام » تأملات قرآنية » خواص سورة الرحمن

خواص سورة الرحمن

خواص سورة الرحمن


خواص عامة في سورة الرحمن

سورة الرحمن هي سورة مكية، وعدد آياتها ثمان وسبعون آية، وهي السورة الخامسة والخمسون بحسب ترتيب المصحف العثماني، وهي من أوائل السور نزولًا، واشتملت السورة على العديد من الموضوعات والمعاني الجليلة.[١]

وتحتوي هذه السورة على مجموعة من الخصائص التي تميزت بها عن السور الأخرى في القرآن الكريم، بيّنها لنا العلماء، ومنها ما يأتي:

تسمية السورة بعروس القرآن

ذُكر في بعض كتب التفسير والسنة النبوية، تسمية السورة بعروس القرآن؛ استنادًا لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لِكلِّ شيءٍ عروسٌ وعروسُ القرآنِ الرَّحمنُ)،[٢]وقال العلماء هذا ليس من التسمية للسورة بهذا الاسم، وإنما من باب المدح والثناء.[٣]

والاسم الصحيح كما جاء في المصاحف والسنة النبوية الشريفة؛ هو سورة الرحمن،ولعل سبب تسمية البعض للسورة بعروس القرآن هو أسلوب السورة المتميز في الحديث عن أصول العقيدة الإسلامية، وما تحتويه الآيات من أسلوب لغوي فريد وجميل له تأثير على النفوس.[٤]

واسمها عروس القرآن واضح البيان في ذلك، لأنها الحاوية لما فيه من حلى وحلل، وجواهر وكلل، والعروس بجميع النعم والجمال، والبهجة من نوعها والكمال).[٤]

ابتداء سورة الرحمن باسم من أسماء الله

ابتدأت السورة باسم الله (الرحمن)، وهي السورة الوحيدة التي بدأت باسم من أسماء الله الحسنى دون أن تسبق بكلام، فاسم الله الرحمن له أثر طيب في النفوس.

وهو الاسم الذي لا يشاركه سبحانه فيه أحد، فعندما نصف أحدهم نقول: رحيم، ولا نقول: رحمن؛ لأنه اسم خاص بالله -تعالى- وحده، وهو من أجمل أسماء الله -جل جلاله-؛ فهو يُشعر العبد بلطف الله، ورحمته، ورأفته، وعفوه، وإحسانه.[٥]

ومن جمال وبديع هذه السورة وتناسق نظمها؛ المناسبة بين بداية السورة ونهايتها؛ فابتدأت السورة بقوله -تعالى-: (الرحمن)،[٦] واختتمت بقوله -تعالى-: (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ).[٧][٥]

وجود جواب لكل سؤال في آيات سورة الرحمن

إنّ مما يميّز سورة الرحمن أيضاً تنوّع الأساليب اللّغوية بشكلٍ واضحٍ فيها، ومنها السؤال والجواب، فكل سؤالٍ في هذه السورة له جواب.

ومثال ذلك قوله -تعالى-: (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ)،[٨] وفي مواضع أخرى، قوله -تعالى-: (مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ)،[٩] وقوله -تعالى-: (مِنْ طِينٍ لازِبٍ)،[١٠] وقوله -تعالى-: (من تراب).[١١]

وإن سأل سائل: لمَ ورد في سورة الرحمن أن الإنسان خُلق من صلصال وفي مواضع أخرى خلق من تراب ومن طين لازب؟ والجواب أنّ كل هذه المواضع متّفقة في المعنى، ولا تعارض بينها.

فالله -تعالى- خلق الإنسان على مراحل، فخلقه من تراب، ثمّ جعله طينًا، ثم حمأً مَسنوناً، ثم صلصالًا، فسورة الرحمن تجيب على كثير من الأسئلة فيها.[١٢]

خواص في معاني سورة الرحمن

تشتمل سورة الرحمن في آياتها على العديد من الموضوعات والمعاني الجليلة التي تبيّن لنا عظمة الخالق -جل في علاه- ومظاهر عظمة الله -تعالى- في الخلق، ومنها ما يأتي:

اشتمالها على أصل خلق الإنسان 

تتحدث الآيات في سورة الرحمن عن أصل خلق الإنسان، وأن الله -تعالى- خلقه من صلصال، فقال -تعالى-: (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ)،[١٣] والصّلصال هو الطين اليابس الذي لم يُطبخ، وله صوت الصَّلْصلة، أي: صوت النّقْر.

ووفّق علماء التفسير بين هذه الآية التي تبيّن أن الإنسان خُلق من صلصال وبين الآيات في مواضع أخرى التي تذكر أنّ الإنسان خلق من تراب ومن طين، فالآيات جميعها متّفقة في المعنى، فالله -عزوجل- خلق الإنسان من تراب، ثم من طين، ثم من صلصال كالفخار.[١٤]

اشتمالها على أعظم النعم الإلهية الدنيوية والأخروية

تتحدّث سورة الرحمن عن كثير من النعم التي أكرم الله تعالى عباده بها، ومن هذه النعم: القرآن الكريم الذي أنزله الله هداية للنّاس، فهو أساس الدين والعلم، بالإضافة إلى ما خلقه الله من المخلوقات التي سخّرها للإنسان لينتفع بها.

فوضع الله السماء بغير عمدٍ، والغيوم المحمّلة بالأمطار التي تسقي الأرض، فتُنبت الزرع من نخيل، وفاكهة، وحبّ، وعَصْف، وريحان.[١٥]

تأكيد السورة على بقاء وجه الله وفناء الخلائق

قال تعالى: (كل من عليها فان* ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)،[١٦] فالآية الكريمة تؤكّد على أنّ كل المخلوقات مصيرها الفناء والزوال، والله -عز وجل- هو الباقي، فهو الأول والآخر، قال -تعالى-: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).[١٧][١٨]

بيان جزاء المتقين في الآخرة

تبيّن الآيات جزاء المتقين الذين علموا الصالحات في الآخرة، فقال -تعالى-: (ولِمَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ)،[١٩] وورد لفظ “جنّتان” فقط في سورة الرحمن؛ تأكيداً على النعيم الذي أعدّه الله للمتّقين، ثم تعمّقت الآية في الحديث عن النعيم الذي أعدّه الله في الجنة، فقال -تعالى-: (ذَوَاتَا أفنان).[٢٠][٢١]

والأفنان: هي أغصان الأشجار الجميلة الممتدّة المظلّلة، وقال -تعالى-: (فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ)،[٢٢] وقال -تعالى-: (فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زوجان)،[٢٣] أي : نوعان من الفاكهة؛ نوع رطب ويابس، ففي الجنة كل ما يشتهي الإنسان من الفاكهة وغير ذلك ممّا أعده الله للمتقين في الجنة الذي ذكر في سورة الرحمن.[٢١]

خواص في فضل سورة الرحمن

ورد في السنة النبوية أحاديث عن فضل سورة الرحمن، ومنها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج على أصحابه، فقرأَ عليهم سورةَ الرَّحمنِ من أوَّلِها إلى آخرِها، فسَكَتوا، فقالَ: (لقد قرأتُها على الجنِّ ليلةَ الجنِّ فَكانوا أحسَنَ مردودًا منكم، كنتُ كلَّما أتيتُ على قولِهِ فَبِأيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ قالوا: لا بشَيءٍ من نِعَمِكَ ربَّنا نُكَذِّبُ فلَكَ الحمدُ).[٢٤]

المراجع

  1. “مقاصد سورة الرحمن”، إسلام ويب، 8/4/2019، اطّلع عليه بتاريخ 25/12/2021. بتصرّف.
  2. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:7301، ضعيف.
  3. مجموعة من المؤلفين (2009)، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 168، جزء 2. بتصرّف.
  4. ^ أ ب برهات البقاعي، كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، صفحة 139، جزء 19.
  5. ^ أ ب عادل محمد خليل (2017)، أول مرة أتدبر القرآن (الطبعة 13)، الكويت:شركة إس بي، صفحة 215. بتصرّف.
  6. سورة الرحمن، آية:1
  7. سورة الرحمن، آية:78
  8. سورة الرحمن، آية:14
  9. سورة الحجر، آية:26
  10. سورة الصافات، آية:11
  11. سورة الروم، آية:20
  12. جعفر شرف الدين (1999)، الموسوعة القرآنية خصائص السور (الطبعة 1)، لبنان:دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، صفحة 101، جزء 9. بتصرّف.
  13. سورة الرحمن، آية:14
  14. عبد الكريم الخضير، التعليق على تفسير الجلالين، صفحة 23، جزء 20. بتصرّف.
  15. وهبة الزحيلي (1991)، التفسير المنير (الطبعة 1)، سورية:دار الفكر، صفحة 195-200، جزء 27. بتصرّف.
  16. سورة الرحمن، آية:26-27
  17. سورة الشورى، آية:11
  18. ابن العثيمين (2004)، تفسير العثيمين (الطبعة 1)، السعودية:دار الثريا للنشر والتوزيع، صفحة 312. بتصرّف.
  19. سورة الرحمن، آية:46
  20. سورة الرحمن، آية:48
  21. ^ أ ب عبد الكريم الخضير، التعليق على تفسير الجلالين، صفحة 27-30، جزء 21. بتصرّف.
  22. سورة الرحمن، آية:50
  23. سورة الرحمن، آية:52
  24. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:3291، حسن.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب