X
X


موقع اقرا » إسلام » أحكام شرعية » حكم الكلام أثناء الوضوء

حكم الكلام أثناء الوضوء

حكم الكلام أثناء الوضوء


تعريف الوضوء

الوُضوء لغةً من الوَضاءة وهي “الحُسْنُ والبَهَجة والنّضارة”، إذ يقال: فلانٌ وضيءُ الوجه والهيئة أي “نَضِر الوجه حَسَنُ الهيئة”، وتطلقُ شرعًا على اسم للفعل وهو “استعمال الماء الطّهور في أعضاءٍ معينةٍ مع النيّة”، ويُشرع وجوبًا على المسلم إن قصد الصّلاة، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ}،[١]وقوله -عليه الصّلاة والسّلام-: “لا تُقْبَلُ صَلاةُ أحَدِكُمْ إذا أحْدَثَ حتَّى يَتَوَضَّأَ”،[٢]كما يُشرع لمن قصد الطّواف حول الكعبة، إذ يُعدّ الطّواف كالصّلاة وتجب فيه الطّهارة، وفي ظلال التّعريف يتناول المقال فرائض الوضوء وأهمّ سننه، إضافةً إلى ذكر نواقضه، وحكم الكلام أثناء الوضوء وهو جوهر المقال.[٣]

فرائض الوضوء

ويُقصد بفرائض الوضوء أركانه التي يتكوّن منها، إذ لا يَصحّ الوضوء إلّا بها، وقد تتعدّد المصطلحات وتتنوع والمقصود منها واحدٌ، فأركان الوضوء وواجباته هي ذاتها الفروض والعكس صحيح، وفروض الوضوء المتّفق عليها أربعةٌ بالإجماع، وهي مستنبطةٌ من قوله تعالى في سورة المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ}،[١]وقد اختلف الفقهاء فيما زاد عنها وفق الآتي -والله تعالى أعلم-:[٤]

  • غسل جميع الوجه: ويتخلل غسل الوجه غسل الفَم والأنف، وحدوده من منبت الشّعر إلى أسفل الذّقن طولًا، ومن شحمة الأذن الأولى إلى الثّانية عرضًا.[٤]
  • غسل اليدين إلى المرفقين: والمِرفق هو “مجتمع السّاعد مع العضد”، والمقصود في الآية “إِلَى الْمَرَافِقِ” أي مع المرافق، ويجب تعميم الغسل على جميع الشّعر والبشرة.[٤]
  • مسح الرّأس: وقد اتّفق الفقهاء الأربعة على فرض المسح واختلفوا في مقداره، فذهب أبو حنيفة إلى أنّ الفرض هو مقدار النّاصية أيْ ربع الرّأس من أيّ جهةٍ كانت أو مقدار ثلاث أصابع، وقال الشّافعي: المقدار هو ما يقع عليه اسم المسح، وذهب مالك وأحمد إلى أنّ استيعاب المسح جميع الرّأس هو الفرض.[٥]
  • غسل الرّجلين إلى الكعبين: والكعب هو “العظم النّاتئ من كل جانب عند مفصل السّاق مع القدم”، والمقصود في الآية “إِلَى الْكَعْبَينِ” أي مع الكعبين.[٤]
  • التّرتيب: ويُقصد به “غسل فرائض الوضوء المذكورة مرتّبةً”، وقال بوجوبها كلًّا من “الشّافعي وأحمد” فقط من المذاهب الأربعة.[٥]
  • الموالاة: ويُقصد به “غسل فرائض الوضوء المذكورة بالتّتابع دونما انقطاعٍ أو فاصلٍ زمنيٍّ طويلٍ”، وقال بوجوبها الإمام مالكٌ دون سواه، وزاد على الفرائض في رواية “الدّلك”.[٥]
  • النّيّة: وقال بوجوبها من الفقهاء كلًّا من “مالك والشّافعيّ وأحمد”، وذهب أبو حنيفة إلى أنّ “النّيّة والتّرتيب والموالاة” سنّةٌ أو مستحبٌّ،[٥]والنيّة محلّها القلب فلا يُتَلفّظ بها، إذ لا يُتَلفّظ إلّا بالأذكار الواردة في سنن الوضوء، وقد اختلف الفقهاء في حكم الكلام أثناء الوضوء كما سيأتي لاحقًا.[٦]

سنن الوضوء

ويُقصد بسنن الوضوء “ما نُقِل عن النّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- فعله عند الوضوء، ممّا يُؤجر على فِعلِه واتّباعه، ولا يَلزم عند تركه سهوًا أو قصدًا بطلان الوضوء”، ومن أهمّ هذه السّنن ذكرًا -والله تعالى أعلم-:[٧]

  • التّسمية في بداية الوضوء: لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: “لا صلاةَ لمَن لا وُضوءَ لهُ، و لا وُضوءَ لمَن لَم يذْكرِ اسمَ اللهِ علَيهِ”.[٨][٧]
  • غسل الكفّين ثلاثًا: لمَا رَوى البخاريّ من حديث عبد الله بن زيدٍ -رضي الله عنه- عندما سُئل عن وضوء النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، “فَدَعَا بتَوْرٍ مِن مَاءٍ، فَتَوَضَّأَ لهمْ وُضُوءَ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فأكْفَأَ علَى يَدِهِ مِنَ التَّوْرِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ أدْخَلَ يَدَهُ في التَّوْرِ، فَمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ واسْتَنْثَرَ، ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ، ثُمَّ أدْخَلَ يَدَهُ فَغَسَلَ وجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ إلى المِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ أدْخَلَ يَدَهُ فَمَسَحَ رَأْسَهُ، فأقْبَلَ بهِما وأَدْبَرَ مَرَّةً واحِدَةً، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ إلى الكَعْبَيْنِ”.[٩][٧]
  • استعمال السّواك: لقوله -عليه الصّلاة والسّلام-: “لولا أن أشقَّ على أمتّي لأمرتُهُم بالسواكِ مع كلّ وضوءٍ”.[١٠][٧]
  • المضمضة والاستنشاق باليد اليمنى، والاستنثار باليد اليسرى: لحديث عبد الله بن زيدٍ -رضي الله عنه- “فَمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ واسْتَنْثَرَ، ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ”.[٩][٧]
  • تخليل اللّحية الكثّة: لحديث أنس بن مالكٍ -رضي الله عنه- “أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- كانَ إذا تَوضَّأ أخذَ كفًّا من ماءٍ فأدخلَهُ تحتَ حنَكِهِ فخلَّلَ بهِ لِحيتَهُ وقالَ: هَكَذا أمرَني ربِّي عزَّ وجَلَّ”.[١١][٧]
  • التّخليل ما بين أصابع اليدين والرّجلين: لحديث لقيط بن صبرة -رضي الله عنه- قال: قلتُ يا رسولَ اللهِ أخبرنِي عن الوضوءِ قال: “أسبغِ الوضوءَ، وخلّلْ بينَ الأصابعِ، وبالغْ في الاستنشاقِ، إلا أن تكونَ صائمًا”.[١٢][٧]
  • مسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما: لحديث عبد الله بن عباسٍ -رضي الله عنه- “أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- مسح برأسِه وأُذُنَيه: ظاهرَهما وباطنَهما”.[١٣][١٤]
  • ترك الكلام أثناء الوضوء: حيث ذكر الإمام النووي -رحمه الله-، من سنن الوضوء ومستحباته “أن لا يتكلم فيه لغير حاجة”.[١٥]
  • التّكرار مرّتين أو ثلاثًا في غسل العضو: لما ورد من فعل النّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- حيث “كان يتوضَّأُ واحِدةً واحِدةً، واثنتينِ اثنتينِ، وثلاثًا ثلاثًا، كلَّ ذلِك يفعلُ”.[١٦][٧]
  • تقديم اليمنى على اليسرى في اليدين والرّجلين: لحديث أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: “كانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ، في تَنَعُّلِهِ، وتَرَجُّلِهِ، وطُهُورِهِ، وفي شَأْنِهِ كُلِّهِ”.[١٧][١٨]
  • التّشهّد عند الانتهاء من الوضوء والدّعاء: لحديث عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: “ما مِنْكم من أحدٍ يتَوضَّأُ، فيُسبغُ الوضوءَ، ثمَّ يقولُ حينَ يفرُغُ من وضوئِه: أشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ لهُ، وأنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه، إلَّا فُتِحتْ لهُ أبوابُ الجنَّةِ الثَّمانيةِ ، يدخلُ مِن أيِّها شاءَ”،[١٩]وورد بزيادةِ “اللَّهمَّ اجعلني من التَّوَّابينَ واجعلني من المتطَهِّرينَ”.[٢٠][٢١]

نواقض الوضوء

ويُقصد بنواقض الوضوء “كلّ ما يُفسد الوضوء ويوجب تجديده”، وتنحصرُ نواقض الوضوء في أمورٍ ثمانيةٍ بعضها متفقٌ عليها بنصّ الكتاب والسنّة، وبعضها مختلفٌ فيها عند أهل العلم، ومن الجدير بالذّكر بأنّه لم يرد ضمن مبحث النّواقض، الكلام أثناء الوضوء، إذ لا يعتبره العلماء من نواقض الوضوء الثّمانية، وهي -والله تعالى أعلم-:[٢٢]

  • ما خرج من أحد السبيلين “القُبُلُ والدُّبُرُ”: وينحصرُ في البول والغائط والرّيح والمذيّ وهو “ماءٌ رقيق ليس كماء المنيّ ولا رائحته، يخرج حال الشّهوة أو عند فتورها دون تدفق”، ويلحق بالمذي الودي وهو “عصارة على هيئة نقط بيضاء تخرج في آخر البول” وينطبق عليه حُكم البول.
  • سيلان الدّم الكثير: وهو من المسائل الخِلافيّة، إلّا أن الرّاجح بأنّه ليس من نواقض الوضوء إن خرج من غير السبيلين، لعدم ورود الدّليل من الكتاب والسنّة على ذلك، وبهذا الرّأي قال الإمام ابن عثيمين -رحمه الله-.
  • زوال العقل: ويكون زوال العقل بصفةٍ دائمةٍ كالجنون أو عارضةٍ كالإغماء والنّوم العميق المُستغرق الطّويل، أمّا النّوم اليسير أو النّعاس الذي لا يُفقِد النّائم شعوره بمن حوله فلا ينقض الوضوء، كما ذكر الإمام ابن بازٍ -رحمه الله-، وذلك لحديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-: “كانَ أصْحَابُ رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يَنَامُونَ ثُمَّ يُصَلُّونَ ولَا يَتَوَضَّؤُونَ”.[٢٣]
  • الأكل من لحم الإبل: وهذا صريحٌ في الحديث أنَّ رجلًا سأَل النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فقال: يا رسولَ اللهِ أنتوضَّأُ مِن لحومِ الغَنمِ؟ قال: “إنْ شِئْتَ فتوضَّأْ وإنْ شِئْتَ فلا تتوضَّأْ، قال: أتوضَّأُ مِن لحومِ الإبلِ ؟ قال: نَعم توضَّأْ مِن لحومِ الإبلِ”.[٢٤]
  • مسّ المرأة: استنادًا لقوله تعالى: {أَو لاَمَسْتُمُ النِّسَاء}[٢٥]، والرّاجح أنّ المقصود باللّمس هنا هو الجِماع، إذ لا ينتقض الوضوء بمجرد اللّمس سواءً كان ذلك بشهوةٍ أو بغير شهوةٍ، إلّا إذا أدّى إلى خروج المنيّ أو المذيّ، والدّليل على هذا حديث أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: “كُنْتُ أنَامُ بيْنَ يَدَيْ رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- ورِجْلَايَ في قِبْلَتِهِ، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي، فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ”.[٢٦]
  • مسّ القُبُل أو الدّبر باليد بدون حائل: لقوله -صلى الله عليه وسلم-: “مَن مَسَّ فرْجَهُ، فلْيتَوَضَّأْ”،[٢٧]وقد يرى البعض تعارضًا بين هذا الحديث وحديث طلق بن علي الحنفي -رضي الله عنه- حيث قال: “سألَ رَجُلٌ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أيتوضَّأُ أحدُنا إذا مَسَّ ذَكرَهُ؟ قال: إنَّما هو بِضعةٌ منكَ”،[٢٨] والصّحيح بأنّه لا تعارض بين الحديثين، إذ أنّ الرّاجح بأن مس الذّكر لا يَنقض الوضوء بل يستحبّ الوضوء منه استحبابًا، وإلى هذا الرّأي ذهب الإمام ابن تيمية من المتقدمين، ووافقه فيه من المعاصرين الإمام ابن عثيمين -رحمهما الله-.
  • غسل الميت: والرّاجح بأن ّ تغسيل الميّت لا يوجب الوضوء ولا ينقضه،إذ لم يَرد دليلٌ صريحٌ بهذا الخصوص، وبهذا الرأي قال جمهور العلماء.
  • الرّدة عن الإسلام: وذلك لعموم الأدلّة الواردة في القرآن، ومنها قوله تعالى في سورة الزمر: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.[٢٩]

حكم الكلام أثناء الوضوء

اختلف الفقهاء في مسألة حكم الكلام أثناء الوضوء بين الكراهة والإباحة، وقد أورد كلٌّ منهم أدلّته المعتبرة شرعًا، حيث سيلخّص هذا المبحث أدلّة كلّ فريقٍ من الفقهاء المتقدّمين، ويسلّط الضّوء على الرأي الرّاجح في مسألة حكم الكلام أثناء الوضوء، مدعّمًا بفتاوى أهل العلم من المعاصرين، وفق الآتي:[٣٠]

الرأي الأول “الكراهة”

وبهذا الرّأي ذهب المالكيّة في أحد أقوالهم، وهو الرّاجح من مذهب الحنابلة، ووجه استدلالهم حديثٌ ضعيفٌ جدًّا عن عثمانَ بنِ عفانَ -رضي الله عنه- “أنّه توضأ بالمقاعدِ والمقاعدُ بالمدينةِ حيث يصلَّى على الجنائزِ عند المساجدِ…، وسلّم عليه رجلٌ وهو يتوضَّأ فلم يردَّ عليه حتى فرغ فلما فرغ كلمَّه معتذرًا إليه وقال: لم يمنعْني أنْ أردَّ عليك إلا أني سمعتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يقولُ: من توضأ هكذا ولم يتكلمْ ثم قال: أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريكَ له وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه غُفر له بين الوضوءين”.[٣١][٣٠]

كما يذكر أصحاب هذا الرّأي حديث المهاجر بن قنفذ -رضي الله عنه- “أتيتُ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- وَهوَ يتوضَّأُ فسلَّمتُ عليهِ فلم يردَّ عليَّ السَّلامَ فلمَّا فرغَ من وضوئِه قالَ إنَّهُ لم يمنعني من أن أردَّ إلَّا أنِّي كنتُ علَى غيرِ وضوءٍ”،[٣٢]إلّا أنّ ظاهر الحديث لا يدلّ على كراهة الكلام أثناء الوضوء، بل يؤكد أنّ المانع من ردّ السلام، أنّ النبّيّ -عليه الصّلاة والسّلام- لم يكن على وضوءٍ حين ألقى الصّحابيّ السّلام عليه، وأمّا ما نُقل عن إجماع العلماء في حكم كراهة الكلام أثناء الوضوء، فهو محمولٌ على ترك الأَوْلى كما ذكر الإمام النووي في المجموع، إذ لم يثبت فيه نهي ولا يُسمّى مكروهًا إلا بمعنى ترك الأَوْلى، فقد سبق وأن عدّ النووي ترك الكلام من غير حاجة من سنن الوضوء، والله تعالى أعلم.[٣٠]

الرأي الثاني “الإباحة”

وقد استدلّ أصحاب هذا الرّأي، بعدم وجود دليلٍ صريحٍ من الكتاب والسنّة فيه حكمٌ شرعيٌ ينهى عن الكلام أثناء الوضوء، إذ أنّ الأصل في الأفعال الإباحة، كما استدلوا بحديث أم هانئ بنت أبي طالب -رضي الله عنها- المؤكّد على أنّ حكم الكلام أثناء الوضوء الإباحة وعدم الكراهة، إذ قالت:”ذَهَبْتُ إلى رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- عَامَ الفَتْحِ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ، فَسَلَّمْتُ عليه، فَقَالَ: مَن هذِه فَقُلتُ: أنَا أُمُّ هَانِئٍ بنْتُ أبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بأُمِّ هَانِئٍ”.[٣٣][٣٠]

الرأي الراجح في حكم الكلام أثناء الوضوء “الإباحة”

وممّا تقدّم يتبيّن بأن الرأي الرّاجح هو الإباحة لعدم ورود دليلٍ شرعي يصرف حكم الكلام أثناء الوضوء من الإباحة إلى الكراهة أو إلى استحباب ترك الكلام أثناء الوضوء، فلا يوجد مانعٌ شرعيٌ من الكلام أثناء الوضوء، فإذا كان المتوضِّئ في مكان خارج قضاء الحاجة، وسَلّم وسُلِّمَ عليه وأجاب عن أسئلة في محل الوضوء لا في محل قضاء الحاجة، فلا حرج في ذلك كما ذكر الإمام ابن باز -رحمه الله-،[٣٤]وبهذا الرّأي أفتى الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- إذ قال: أن حكم الكلام أثناء الوضوء ليس بمكروه، إلّا أن الأولى عدم الكلام حتى لا ينشغل المتوضّئ أو يُشَوَّش عليه عند استحضار نيّة الوضوء وامتثال أمر الله تعالى فيه، فإن تكلّم فلا شيء عليه، والله تعالى أعلم.[١٥]

فيديو عن حكم الكلام أثناء الوضوء

يُنصح بمشاهدة المقطع التّالي، والذي يتناول فيه فضيلة الدّكتور بلال إبداح مسألة حكم الكلام أثناء الوضوء:[٣٥]

المراجع[+]

  1. ^ أ ب سورة المائدة، آية: 6.
  2. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 225 ، صحيح.
  3. “الوضوء في اللغة والشرع”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-09-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث “فرائض الوضوء وسننه”، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 26-09-2019. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت ث “كتاب: زبدة الأحكام في مذاهب الأئمة الأربعة الأعلام”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 26-09-2019. بتصرّف.
  6. “صفة الوضوء”، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 26-09-2019. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت ث ج ح خ د “سنن الوضوء”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-09-2019. بتصرّف.
  8. رواه الألباني ، في صحيح الترغيب، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 203 ، حسن لغيره.
  9. ^ أ ب رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن زيد، الصفحة أو الرقم: 186 ، صحيح.
  10. رواه النووي ، في المجموع ، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 1/273 ، صحيح .
  11. رواه الألباني ، في صحيح أبي داود، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم: 145 ، صحيح.
  12. رواه الترمذي ، في سنن الترمذي، عن لقيط بن صبرة ، الصفحة أو الرقم: 142، حسن صحيح.
  13. رواه الترمذي ، في سنن الترمذي، عن عبدالله بن عباس ، الصفحة أو الرقم: 36 ، حسن صحيح.
  14. “كيفية مسح الأذنين في الوضوء وهل يلزم أخذ ماء جديد لهما”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-09-2019. بتصرّف.
  15. ^ أ ب “حكم الكلام أثناء الوضوء”، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 27-09-2019. بتصرّف.
  16. رواه السيوطي ، في الجامع الصغير، عن معاذ بن جبل و أبو رافع، الصفحة أو الرقم: 6964 ، حسن.
  17. رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم: 168 ، صحيح.
  18. “شروح الأحاديث”، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-09-2019. بتصرّف.
  19. رواه الألباني ، في صحيح الجامع، عن عمر بن الخطاب ، الصفحة أو الرقم: 5803 ، صحيح.
  20. رواه ابن باز، في مجموع فتاوى ابن باز، عن عقبة بن عامر ، الصفحة أو الرقم: 24/11، الزيادة إسنادها حسن.
  21. “إحياء – (10) سُنَّة التشهد بعد الوضوء”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-09-2019. بتصرّف.
  22. “نواقض الوضوء”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-09-2019. بتصرّف.
  23. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم: 376 ، صحيح.
  24. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن جابر بن سمرة، الصفحة أو الرقم: 1156 ، أخرجه في صحيحه.
  25. سورة النساء، آية: 43.
  26. رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم: 513 ، صحيح.
  27. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن بسرة بنت صفوان، الصفحة أو الرقم: 27294 ، صحيح.
  28. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن طلق بن علي الحنفي ، الصفحة أو الرقم: 16286 ، حسن.
  29. سورة الزمر، آية: 65.
  30. ^ أ ب ت ث “الكلام أثناء الوضوء”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-09-2019. بتصرّف.
  31. رواه ابن دقيق العيد، في الإمام ، عن عثمان بن عفان | المحدث : | المصدر : | الصفحة أو الرقم 😐 ، الصفحة أو الرقم: 2/55 ، فيه صالح بن عبد الجبار ذكر ابن القطان أنه مجهول الحال.
  32. رواه الألباني ، في صحيح ابن ماجه، عن المهاجر بن قنفذ ، الصفحة أو الرقم: 285 ، صحيح.
  33. رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن أم هانئ بنت أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 6158 ، صحيح.
  34. “حكم رد السلام والكلام أثناء الوضوء”، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 27-09-2019. بتصرّف.
  35. “حكم الكلام أثناء الوضوء”، www.youtube.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-09-2019. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب