X
X



تعريف العدل

تعريف العدل


الضوابط الاجتماعية

إنّ التنظيمات والضوابط الاجتماعية من أهمّ مَهمات الحياة البشرية، التي تجعل المجتمع روحًا واحدةً، وجسدًا واحدًا، تذوب فيه الفوارق بين البشر؛ فوارق الجنس واللون والوطن، وتطارد الشهوات والشبهات التي تستقر في دقائق النفس الإنسانية، لتعيد صهر المجتمعات، وتصل إلى القمة المنشودة السامقة التي اعتلاها الأبطال، ومن أهم الضوابط الاجتماعية مسألة العدالة الاجتماعية، التي يكون الناس سواسيةً في ظلها، وسيتمّ التعرف في هذا المقال عن تعريف العدل.[١]

تعريف العدل في الإسلام

تعريف العدل لغةً: ضدّ الجور، وشرعًا: “هو فصل الحكومة على ما في كتاب الله -سبحانه وتعالى- وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-” وهو أيضًا: “بذل الحقوق الواجبة وتسوية المستحقين في حقوقهم، وإعطاء كلِّ ذي حقٍّ حقَّه” ويجب التنبيه على عدم الخلط بين المصطلحات، أو تبديل كلمة وضعها الله تعالى في كتابه؛ بكلمة من بنات أفكار الناس وتجاربهم، ومنها أن الله -سبحانه وتعالى- أمر بالعدل، فقال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}[٢][٣]

ومن خلال تعريف العدل، يتّضح أنه لا يعني المساواة أبدًا، فوضع أناس كلمة مساواة بدل كلمة عدل، فأصبحوا يقولون الإسلام دين المساواة وهذا تغيير لجوهر الدين، لأن المساواة قد تقتضي التسوية بين شيئين، تقتضي الحكمة التفريق بينهما، مثلًا أصبحوا يقولون بالتسوية بين المرأة والرجل في كل شيء؛ مع أن الله -سبحانه وتعالى- فطر المرأة والرجل وجعل لكل منهما ما يناسبه من الحقوق، وبهذا يسير الركب حتى وصلوا إلى قولهم بالمساواة بين الحاكم والمحكوم بمعنى أن ليس لأحد حقوق على أحد.[٤]

تعريف العدل في القانون

العدالة هي قاعدة اجتماعية أساسية؛ لاستمرار حياة البشر مع بعضهم البعض، فالعدالة محور أساسي في الأخلاق، وهي الحلم الذي حاولت البشرية تحقيقه؛ جيلًا بعد جيل لتنعم بالاستقرار، وهي تعني التوافق مع القانون، ولكن من جهة أخرى ينبغي أن يكون القانون متفقًا مع العدالة، فقد يكون القاضي يحكم في بعض الأحيان بروح العدالة، ولم يتقيد بالقوانين الوضعية والأصول القانونية، وفسر ابن القيم -رحمه الله- تعريف العدل بأنه: “ما يراه القلب بعد فكر وتأمل وطلب لمعرفة وجه الصواب”.[٥]

أهمية العدل

العدل هو القاعدة الراسخة التي تبنى الأرض على أساسها ويعيش كل الناس في محبة وتفاهم، من مؤمن وكافر، عربي وأعجمي، لذلك كان من حول كسرى مسرورين لقدوم المسلمين لتخليصهم من -الإله المزعوم- كسرى شيرويه، فما أن سمعوا بكلمة “العدل” حتى فتحت أبواب قلوبهم قبل أبواب حصونهم، وبعد تعريف العدل، فإن أهمية العدل تظهر في نقاط منها:[١]

  • إن صاحب العدل قريب من ربه -سبحانه وتعالى-: مستجابةٌ دعوته، يسعى لتحقيق تعريف العدل في كل شيء؛ فيعدل بين أولاده في العطايا، ويعدل في الرعية إن كان واليًا.[٦]
  • بالعدل يستتب الأمن في البلاد، ويشعر الناس بالاستقرار: وبذلك يُقضى على المشكلات الاجتماعيّة والاضطرابات التي تحدث في الدول، بسبب الظلم، فيحصل الخير والبركة.[٧]
  • ظهور رجحان العقل به: فقد قيل لبعضهم: مَن أرجح الملوك عقلًا، وأكملهم أدبًا وفضلًا؟ قال: “من صحب أيامه بالعدل، وتحرَّز جهده من الجور”.[٧]
  • العدل أساس الدّول والملك وبه دوامهما: فبالتزام تعريف العدل يدوم الملك، ويستقر الحاكم في حكمه، وفي بعض الحِكم: “أحقُّ الناس بدوام الملك وباتصال الولاية، أقسطهم بالعدل في الرعية، وأخفهم عنها كلًّا ومؤونة”.[٧]

صور من العدل

  • سئلت عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: “كان قرآنا يمشي على الأرض” ولما أمر الله تعالى بالعدل؛ كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصدق من امتثل هذا الخلق العظيم وطبق تعريف العدل، فقد ورد أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- عدَّلَ صفوفَ أصحابِه يومَ بدرٍ، وفي يدِه قدحٌ يعدِّلُ به القومَ، فمرَّ بسوادِ بنِ غَزيَّةَ -حليفَ بني عدي بنِ النَّجارِ- وهو مُسْتنتِلٌ من الصفِّ؛ فطعن في بطنِه بالقدحِ، وقال: استوِ يا سوادُ، فقال: يا رسولَ اللهِ، أوجَعْتَني وقد بعثك اللهُ بالحقِّ والعدلِ فأقِدْني، قال: فكشف رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- عن بطنِه، وقال: استقِدْ، قال: فاعتنقَه فقبَّل بطنَه، فقال: ما حملكَ على هذا يا سوادُ؟ قال: يا رسولَ اللهِ، حضَر ما ترى فأردتُ أن يكون آخرُ العهدِ بك أن يمَسَّ جلدي جلدَك، فدعا له رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- بخيرٍ، وقال له: استوِ يا سوادُ”.[٨]
  • وقد التزم الصحابة تعريف العدل وانتهجوه، فعن عطاء: قال: كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يأمر عماله أن يوافوه بالموسم، فإذا اجتمعوا قال: “أيها الناس، إني لم أبعث عمالي عليكم ليصيبوا من أبشاركم ولا من أموالكم، إنما بعثتهم ليحجِزوا بينكم، وليقسموا فيئكم بينكم، فمن فعل به غير ذلك فليقم، فما قام أحد إلا رجل واحد قام، فقال: يا أمير المؤمنين، إنَّ عاملك فلانًا ضربني مائة سوط، قال: فيم ضربته؟ قم فاقتص منه، فقام عمرو بن العاص، فقال: يا أمير المؤمنين إنك إن فعلت هذا يكثر عليك ويكون سنةً يأخذ بها من بعدك، فقال: أنا لا أُقيد وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقيد من نفسه، قال: فدعنا فلنرضه، قال: دونكم فأرضوه، فافتدى منه بمائتي دينار، كل سوط بدينارين”[٩]
  • عدل علي -رضي الله عنه-: افتقد علي -رضي الله عنه- درعًا له في يوم من الأيام، ووجده عند يهودي، فقال لليهودي: الدرع درعي لم أبع ولم أهب، فقال اليهودي: درعي وفي يدي، فقال: نصير إلى القاضي، فقال شريح: قل يا أمير المؤمنين، فقال: نعم، هذه الدرع التي في يد هذا اليهودي درعي لم أبع ولم أهب، فقال شريح: إيش تقول يا يهودي؟ قال: درعي وفي يدي، فقال شريح: ألك بينة يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم: قَنْبَر والحسن يشهدان أنَّ الدرع درعي، فقال شريح: شهادة الابن لا تجوز للأب، فقال علي: رجل من أهل الجنة لا تجوز شهادته؟ سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنة” فقال اليهودي: أمير المؤمنين قدَّمني إلى قاضيه، وقاضيه قضى عليه، أشهد أنَّ هذا هو الحقُّ، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمدًا رسول الله، وأنَّ الدرع درعك.[٩]

المراجع[+]

  1. ^ أ ب “يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-12-2019. بتصرّف.
  2. سورة النحل، آية: 90.
  3. “العدل”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-11-2019. بتصرّف.
  4. ” دين العدل لا دين المساواة”، www.ahlalhdeeth.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-11-2019. بتصرّف.
  5. “عدالة”، www.marefa. بتصرّف.
  6. “العدل: فضله وأهميته”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-12-2019. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت “فوائد العدل”، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 03-12-2019. بتصرّف.
  8. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن أشياخ من قوم حبان بن واسع، الصفحة أو الرقم: 6/808، إسناده حسن.
  9. ^ أ ب “نماذج من عدل الصحابة رضي الله عنهم”، dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-11-2019. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب