X
X


موقع اقرا » الآداب » أشعار وأدباء » المدح في العصر الأموي

المدح في العصر الأموي

المدح في العصر الأموي


المدح في العصر الأموي

منذ العصر الجاهليّ كان المديح من أغراض الشعر العربيّ إلى جانب الهجاء والغزل وغيرها من الأغراض الشعرية، وكان استعمال المدح مع بداية الإسلام لمدح من يستحق المدح والثناء فقد كان المدح حقيقيًّا نابعاً من القلب وغرضه تأييد الحق ونصرته، ولم يكن فيه كذب أو مغالاة أو تصنّع.[١]

ولكن عندما جاء العصر الأمويّ اختلف الأمر كلياً، فقد عمد الشعراء إلى مدح الحكام والأمراء والولاة وغيرهم لغرض التّكسب وتحقيق المنفعة المادية لهم غير آبهين بصدق كلماتهم تجاه هذا الممدوح سواء أكان يستحق المدح والتعظيم أم لا، فأصبح الهمّ الشاغل لهم هو التقرب من الخليفة لتحقيق المصلحة الذاتيّة.[٢]

ومن أبرز الشعراء الذين مالوا في شعرهم إلى المديح في العصر الأموي: جرير، الأخطل، أبو الشمقمق، الفرزدق، النابغة الشيباني.[٣]

الغرض من المدح في العصر الأموي

تعددت أسباب المدح في العصر الأموي، ولكن يمكننا أن ذلك كان بسبب شيئين وهما :[٤]

  • الانقسامات بين المذاهب والصراعات بين القبائل، وكان العديد من الخلفاء يشجعون الشعراء لإلقاء القصائد المدحيّة فيهم، فكان الشعراء يتغنون بهم وبأفضالهم وأمجادهم.
  • طلب المال؛ فكلما جاد الشاعر في المدح كان نصيبه من المال أكبر، وإلى جانب ذلك الخوف من السلطة الحاكمة؛ فإذا لم يمدحها الشاعر تعرض لبطشهم وسخطهم.

نماذج من المديح لبني أمية

اختارت بنو أمية الشاعر غياث بن غوث التغلبي المعروف بالأخطل ليكون شاعراً لهم، يمدحهم بأحسن الألفاظ والصفات، حتى إنه بعد ذلك أصبح نديمًا للخليفة يزيد بن معاوية وملازماً له في معظم الأوقات،[٤]ومن القصائد التي مدح فيها الأخطل الخليفة يزيد بن معاوية واصفاً إيّاه بالشجاعة والإقدام، ويصف والده معاوية بالوفاء والمجد:[٥]

وَما وَجَدَت فيها قُرَيشٌ لِأَمرِها

أَعَفَّ وَأَوفى مِن أَبيكَ وَأَمجَدا

وَأَصلَبَ عوداً حينَ ضاقَت أُمورُها

وَهَمَّت مَعَدٌّ أَن تَخيمَ وَتَخمُدا

وَأَورى بِزَندَيهِ وَلَو كانَ غَيرُهُ

غَداةَ اِختِلافِ الأَمرِ أَكبى وَأَصلَدا

فَأَصبَحتَ مَولاها مِنَ الناسِ بَعدَهُ

وَأَحرى قُرَيشٍ أَن يُهابَ وَيُحمَدا

وَفي كُلِّ أُفقٍ قَد رَمَيتَ بِكَوكَبٍ

مِنَ الحَربِ مَخشِيٍّ إِذا ما تَوَقَّدا

وَتُشرِقُ أَجبالُ العَويرِ بِفاعِلٍ

إِذا خَبَتِ النيرانُ بِاللَيلِ أَوقَدا

وَمُنتَقِمٍ لا يَأمَنُ الناسُ فَجعَهُ

وَلا سَورَةَ العادي إِذا هُوَ أَوعَدا

وَما مُزبِدٌ يَعلو جَزائِرَ حامِزٍ

يَشُقُّ إِلَيها خَيزُراناً وَغَرقَدا

تَحَرَّزَ مِنهُ أَهلُ عانَةَ بَعدَ ما

كَسا سورَها الأَعلى غُثاءً مُنَضَّدا

يُقَمِّصُ بِالمَلّاحِ حَتّى يَشُفُّهُ ال

حِذارُ وَإِن كانَ المُشيحُ المُعَوِّدا

مدح جرير لبني أمية عند لقائه الأول بالخليفة عبدالملك بن مروان:[٦]

أَلَستُم خَيرَ مَن رَكِبَ المَطايا

وَأَندى العالَمينَ بُطونَ راحِ

وَقَومٍ قَد سَمَوتَ لَهُم فَدانوا

بِدُهمٍ في مُلَملَمَةٍ رَداحِ

أَبَحتَ حِمى تِهامَةَ بَعدَ نَجدٍ

وَما شَيءٌ حَمَيتَ بِمُستَباحِ

لَكُم شُمُّ الجِبالِ مِنَ الرَواسي

وَأَعظَمُ سَيلَ مُعتَلِجِ البِطاحِ

دَعَوتَ المُلحِدينَ أَبا خُبَيبٍ

جِماحاً هَل شُفيتَ مِنَ الجِماحِ

فَقَد وَجَدوا الخَليفَةَ هِبرِزِيّاً

أَلَفَّ العيصِ لَيسَ مِنَ النَواحي

فَما شَجَراتُ عيصِكَ في قُرَيشٍ

بِعَشّاتِ الفُروعِ وَلا ضَواحي

رَأى الناسُ البَصيرَةَ فَاِستَقاموا

وَبَيَّنَتِ المِراضُ مِنَ الصِحاحِ

قول النابغة الشيباني مادحاً بني أمية:[٧]

نَحوُ عَبدِ العَزيزِ ما تَطعَمُ النَو

مَ وَمِنها بَعدَ الرَواحِ البُكورُ

وَهُوَ الثالِثُ الخَليفَةُ لِلُّ

هِ إِمامٌ لِلمُؤمِنينَ أَميرُ

إِن أَرادوا التُقى فَعَدلٌ تَقِيٌّ

أَو أَرادوا عَدلاً فَلَيسَ يَجورُ

جَدُّهُ مُرَّتَينِ جَدُّ أَبيهِ

فَإِلى العيصِ يَنتَمي وَيَصيرُ

وَلَدَتهُ المُلوكُ مَلكاً هُماماً

فَهُوَ بَدرٌ غَمَّ النُجومَ مُنيرُ

حَكَمِيّاً يَراحُ لِلمَجدِ فَرعاً

مُؤفِياً بِالعُهودِ حينَ يُجيرُ

مَعشَرٌ مَعدِنُ الخِلافَةِ فيهِم

بَدؤُها مِنهُمُ وَفيهُم تَحورُ

لا يَرومَنَّ مُلكَهُم آدَمِيٌّ

إِنَّ من رامَ مُلكَهُم مَغرورُ

المراجع

  1. شوكت المصري ، محاضرات في الأدب العربي، صفحة 51. بتصرّف.
  2. أحمد بسج، ابن هانئ الأندلسي، صفحة 37. بتصرّف.
  3. مأمون الجنان ، الكميت بن زيد الأسدي، صفحة 81. بتصرّف.
  4. ^ أ ب أحمد بسج، الأخطل شاعر بني أمية، صفحة 38. بتصرّف.
  5. “وما وجدت فيها قريش لأمرها”، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 15/1/2022.
  6. “ألستم خير من ركب المطايا”، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 15/1/2022.
  7. “نحو عبدالعزيز “، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 15/1/2022.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب