X
X


موقع اقرا » إسلام » وضوء الصلاة والطهارة » الحكمة من مشروعية التيمم

الحكمة من مشروعية التيمم

الحكمة من مشروعية التيمم


التيمّم هو التعبد لله تعالى بمسح الوجه واليدين بالتراب بكيفية معينة قصد رفع الحدث مؤقتًا حتى يُوجد الماء،[١] وفيما يلي بيانٌ للحكمة من تشريعه، وتوضيحٌ لأحكامٍ متَّصلةٍ به.

الحكمة من مشروعية التيمّم

إنّ للتيمم حِكمًا استنبطها أهل العلم باستقرائهم للنّصوص الشّرعية، وآتيًا بيانٌ لبعضها.

أولًا: تعويد النّفس على النّشاط وترك الكسل

لمّا كانت النّفس مجبولةً على حبّ الكسل وطول الأمل؛ شرع الله التيمّم لإبعاد النّفس عن ذلك كلّه، ولكي تتعود النفس على أداء الصلوات في أوقاتها تحت أيّ حالٍ وظرفٍ، ولا تتكاسل عند فقد الماء بحجّة عدم وجوده، بل تتيمّم لأداء الصلاة.[٢]

ثانيًا: أخذ المسلم للعبرة

ففي التيمّم يستشعر العبد قيمة وجود المياه في حياته، ويتذكّر بالتراب أصل خِلقته، وأنّ مرجعه إليها؛ فيمتثل بذلك لأوامر الله تعالى ويستسلم لها، كما أنّ في التيمّم بالتراب استشعارٌ من المسلم للمذلة والافتقار لله تعالى؛ بوضع التراب على وجهه، وهذه أحبّ العبادات وأنفعها للعبد.[٢]

ثالثًا: توفر التراب وتواجده بكثرة

لما شرع الله التيمّم حصره بالتراب؛ لتواجده ووفرته في كلّ مكانٍ بسهولةٍ ويسرٍ؛ رفعًا للحرج والمشقّة عن النّاس، فإنّ الله تعالى كذلك خفّف في التيمّم عدد الأعضاء التي تحصل بها الطهارة، خلافًا للوضوء بالماء.[٢]

رابعًا: تفضيل أمّة الإسلام

فالتيمّم لم يكن مشروعًا لغير أمّة الإسلام قبلها؛ فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ مِنَ الأنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وجُعِلَتْ لي الأرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا، وأَيُّما رَجُلٍ مِن أُمَّتي أدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وأُحِلَّتْ لي الغَنَائِمُ، وكانَ النبيُّ يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ كَافَّةً، وأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ).[٣][٢]

مشروعيّة التيمّم في الكتاب والسنّة

وردت أحاديث عدَّةٌ تدلّ على مشروعية التيمّم لرفع الحدث، نذكر منها ما يلي:[٤]

  • فمن الكتاب قوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).[٥]
  • ومن السنّة ما رُوي عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: (فُضِّلْنا علَى النَّاسِ بثَلاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنا كَصُفُوفِ المَلائِكَةِ، وجُعِلَتْ لنا الأرْضُ كُلُّها مَسْجِدًا، وجُعِلَتْ تُرْبَتُها لنا طَهُورًا، إذا لَمْ نَجِدِ الماءَ وذَكَرَ خَصْلَةً أُخْرَى).[٦]

كيفيّة التيمّم

وكيفيّة التيمّم تكون بأن ينوي المسلم رفع الحدث الأصغر أو الأكبر، ثمّ يضرب بباطن يديه على التراب مرَّةً واحدةً وينفضهما، فيمسح بهما وجهه، ثمّ يعيد الضرب على التراب مرَّةً واحدةً، ويمسح ظهر كفّه اليمنى بباطن اليسرى، ثم يمسح ظهر كفّه اليسرى بباطن اليمنى، ودلّ على هذه الكيفية فعل النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ فعن عمّار بن ياسر -رضي الله عنه- قال: (جَاءَ رَجُلٌ إلى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، فَقالَ: إنِّي أجْنَبْتُ فَلَمْ أُصِبِ المَاءَ، فَقالَ عَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ لِعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ: أما تَذْكُرُ أنَّا كُنَّا في سَفَرٍ أنَا وأَنْتَ، فأمَّا أنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وأَمَّا أنَا فَتَمَعَّكْتُ فَصَلَّيْتُ، فَذَكَرْتُ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّما كانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا فَضَرَبَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَفَّيْهِ الأرْضَ، ونَفَخَ فِيهِمَا، ثُمَّ مَسَحَ بهِما وجْهَهُ وكَفَّيْهِ).[٧][٨]

نواقض التيمم

أشار أهل العلم إلى أنّ التيمّم ينتقض بأمرين، بيانهما آتيًا.[٩]

أولًا: نواقض الوضوء

فإنّ التيمّم ينتقض بكلّ ما ينتقض به الوضوء من الحدث الأصغر أو الأكبر وغيرها، ومن النواقض المتفق عليها: خروج البول والغائط من السبيلين أو خروج الريح، وينتقض الوضوء كذلك بخروج المذيّ والمنيّ، أو زوال العقل، أو شرب المنكرات، أو الاستغراق في النوم، والرجل والمرأة في انتقاض الوضوء سواءٌ في ذلك كلّه.[١٠]

ثانيًا: وجود الماء

فإذا تيمّم المسلم ثم وجد ماءً بعد ذلك؛ فيلزمه تجديد الطهارة بالماء وينتقض تيمّمه، وذلك لازمٌ إذا لم يؤدِّ الصلاة بعد تيمّمه؛ لما رُوي عن أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- أنّه قال: “خرجَ رجلانِ في سفَرٍ، فحضرتِ الصَّلاةُ وليسَ معَهُما ماءٌ، فتيمَّما صَعيدًا طيِّبًا فصلَّيا، ثمَّ وجدا الماءَ في الوقتِ، فأعادَ أحدُهُما الصَّلاةَ والوضوءَ ولم يُعدِ الآخرُ، ثمَّ أتيا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فذَكَرا ذلِكَ لَهُ فقالَ للَّذي لم يُعِد: أصبتَ السُّنَّةَ، وأجزَأتكَ صلاتُكَ. وقالَ للَّذي توضَّأَ وأعادَ: لَكَ الأجرُ مرَّتينِ”.[١١]

المراجع

  1. رائد بن حمدان الحازمي، أحكام التيمّم دراسة فقهية مقارنة، صفحة 27. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث رائد بن حمدان الحازمي، أحكام التيمم دراسة فقهية مقارنة، صفحة 47-50. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:438، حديث صحيح.
  4. “الفصل الأوَّل: تعريف التيمم، ومشروعيَّته، وأحكامه”، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 10/2/2022.
  5. سورة المائدة، آية:6
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم:522، حديث صحيح.
  7. رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن عمار بن ياسر، الصفحة أو الرقم:338، حديث صحيح.
  8. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 52. بتصرّف.
  9. “أحكام التيمم”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 10/2/2022. بتصرّف.
  10. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 72-73. بتصرّف.
  11. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:338، حديث صحيح.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب