X
X


موقع اقرا » إسلام » القرآن الكريم » الإعجاز العلمي في والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون

الإعجاز العلمي في والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون

الإعجاز العلمي في والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون


القرآن الكريم

يمكن أن يُعرّف القرآن الكريم على أنَّه كلام الله تعالى الذي أنزله على نبيِّه محمد -صلى الله عليه وسلم- عن طريق رسولِ السماء جبريل -عليه السلام- حتى يُخرجَ الناس بهِ من الظلمات إلى النور ويهديهم إلى سواء السبيل ويأخذ بأيديهم إلى الطريق المستقيم، قال تعالى في حكم التنزيل: {الر كتابٌ أنزَلناهُ إليكَ لتُخرجَ النَّاسَ من الظُّلماتِ إلى النُّور} [١]، وفي القرآن الكريم جملةٌ من القواعد والضوابط التي تقوِّم سلوكَ البشر وتصلح لهم أمور دينهم ودنياهم وتهذِّب أخلاقهم وتطهر قلوبهم، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول الإعجاز العلمي في القرآن الكريم وحول الإعجاز العلمي في والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون.

الإعجاز في القرآن الكريم

أرسل الله تعالى رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- بالهدى ودين الحقّ، وأنزل عليه الكتاب الكريم المُعجز، والذي كانت بمثابةِ تحدٍّ للكافرين والمشركين حتّى يؤمنوا بالله ورسوله، وجعله معجزةً خالدة للدين القويم والإسلام الحنيف وأمر رسولَ الله -صلّى الله عليه وسلم- أن يتحدى بها كلَّ من خالفَه وادَّعى بطلان دعوته، قال تعالى: “أمْ يقُولُونَ افترَاهُ قلْ فأتُوا بعَشْرِ سوَرٍ مثلِهِ مفتَرَيَاتٍ وادعُوا منِ استَطَعتُمْ منْ دونِ اللَّه إنْ كنتُمْ صادِقِينَ” [٢]، وبما أنَّ القرآن كلام الله تعالى فقد حملَ في طيَّاته الكثير من وجوه الإعجاز والتي لا تنضب ولا تنتهي، وفيما يأتي سيتم الحديث عن وجوه الإعجاز في القرآن الكريم قبل الحديث عن الإعجاز في والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون: [٣]

  • الإعجاز البياني واللغوي: وهو كلام القرآن ونَظْمه من حيث اللغة والتراكيب، لأن دقة الكلام والمعاني في القرآن تجعله فريدًا، ولا يمكن فيه استبدال كلمة مكان كلمة، فهو يجمع بين فخامة وعذوبة وسلاسة ودقة في التعبير لا متناهية، قال تعالى في آي الذكر الحكيم: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [٤].
  • الإعجاز في التشريع: لقد جاء القرآن بتشريعات عظيمة تعمل على تنظيم علاقات البشر مع بعضهم ومع خالقهم، فهو يتناول العقائد وقوانين المجتمع وتهذيب الأخلاق والتي هي من ثمار العقيدة، وشبه الله تعالى العقيدة بالنبتة الصالحة والجذور العميقة في الأرض وشبه التشريعات بالأغصان والأعمال الصالحة والأخلاق بالثمار الناضجة، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [٥].
  • الإعجاز في الإخبار بالغيب: يُقصد به أنَّ القرآن قد أخبر عن أمور غيبيّة كثيرة، إمَّا التي تتناول الماضي البعيد وقصص خلق السماء والأرض وخلق الإنسان، وقصص الأقوام السابقة، أو التي تتناول ما حدث في عصر الرسول من أحداث كانت مخفية عن الرسول ولم يحضرها وأخبر عنها، أو التي تتناول الأحداث التي ستقع في المستقبل، مثل الإخبار عن انتصار الروم بعد هزيمتهم، قال تعالى: {الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [٦]، وأحداث نهاية العالم وقيام الساعة، قال تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ} [٧].
  • الإعجاز العلمي: وهو ما أشار إليه الله تعالى في كتابه الكريم لإظهار عظمة الله تعالى وقدرته، فصور كثيرًا من المعلومات والحقائق التي تأكد العلم من صحتها فيما بعد، مثل الإعجاز العلمي في والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون، وفي الفقرة التالية سيتم الحديث عن الإعجاز العلمي في القرآن بشكل مفصل.

الإعجاز العلمي في القرآن الكريم

لم يزل القرآن الكريم معجزة الإسلام الخالدة أبدَ الدهر، وما زال العلم الحديث كل يوم يكتشف المزيد من الاكتشافات العلمية والتي تتطابق مع ما جاء به القرآن الكريم على لسان النبي الأميِّ محمد -صلى الله عليه وسلم- قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا من الزمن مثل الإعجاز العلمي في والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون والتي سيتمُّ تسليط الضوء عليها فيما بعد، والإعجاز العلمي يُقصد به الإشارات واللفتات التي جاء بها كتاب الله تعالى مصوِّرًا الكثير من الحقائق التي تتعلق بما يدور في الكون أو الطبيعة أو الحيوان والإنسان، وكل ذلك ليدل على عظمة الخالق تبارك وتعالى وقدرته ودقة صنعه، وإلى الآن لم يحدث أن استطاع أحد إبطالَ أي من الحقائق التي وردت في القرآن الكريم.

وقد تعهد الله في كتابه أن يظهر آياته في هذا الكون حتى يقيم الحجة الدائمة على عباده جيلًا وراء جيل، قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [٨]. وجميع هذه الحقائق الكونية التي وردت في القرآن لا يمكن لأحد من البشر أن يحيط بها مهما بلغ من العلم وسعة العقل والاطلاع وهي التي نزلت على نبيٍّ أميٍّ قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا وهذا دليل لا يمكن ردُّه أبدًا على أنَّ هذا الكتاب هو من عند الله، قال تعالى: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً} [٩]. [٣]

تفسير والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون

قبل الحديث عن الإعجاز العلمي في والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون، لا بدَّ من المرور على بعض التفاسير لهذه الآية الكريمة والتي وردت في سورة الذاريات، قال سبحانه وتعالى: {والسماءَ بنيناها بأيد وإنا لموسعون * والأرض فرشناها فنعم الماهدون} [١٠]، وقد ذكر العديد من المفسرين تفسير: والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون قبل قرون من الزمن وقبل ظهور الكشوفات العلمية الحديثة، فيروى في تفسير الطبري عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنَّه قال: في والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون أي بنيناها بقوةٍ، وكذلك قال مجاهد وقتادة وابن زيد -رحمهم الله تعالى-، أمَّا قوله: {وإنا لموسعون} فقد وردَ في تفسير الطبري: أي ذو سعةٍ بخلقها وخلق ما شئنا أن خلقه ونقدر عليه، ومنه قوله: {على الموسع قدره وعلى المقتر قدره} [١١]، وعن ابن زيد أيضًا في هذه الآية {وإنا لموسعون} أنه قال: أوسعها الله جلا جلاله، والله تعالى أعلم. [١٢]

الإعجاز العلمي في والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون

أنزل الله تعالى كتابه الكريم معجزةً وجعله آيةً للعالمين إلى قيام الساعة، وفي كثيرٍ من الآيات الكريمة مثل والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون وردت الإشارة إلى عظمة وقدرة الله في هذا الكون، وأشارت كثير من الآيات إلى أن هذا الكون في توسّع مستمرٍّ، وإذا عاد الزمن إلى الوراء فإنّ الكون سيتضاءل ثمّ يتجمّع على شكل جرم واحد أو رتق كما كان أول مرة، قال تعالى: {والسماءَ بنيناها بأيد وإنا لموسعون} [١٣]، ففي هذه الآية أشار الله تعالى إلى أنَّ السماء بنيت بقوة وإحكام وتماسك عجيب في قوله والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون وأن هذا السماء التي تشير إلى الكون في توسع دائمٍ ومستمر بقدرة الله تعالى، وهذا التصوير لمرحلة التوسع ثم الانطواء يعطي صورة مجملةً عن مراحل خلق الكون، ولم يستطع الإنسان إدراك هذه الحقيقة العملية عن توسع الكون إلا في نهاية القرن العشرين في العصر الحديث، وقد بدأ إدراك الإنسان لهذه الحقيقة العلمية التي تقول والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون من خلال التجارب التي بدأ العلماء بالقيام بها في القرن العشرين، حيثُ ظلَّ الفكر السائد عن ثبات الكون منتشرًا إلى هذه الفترة من الزمن في محاولة فاشلة لإبطال الخلق والتنكر لله تعالى.

ولكن بعد أن جاء العالم النمساوي دوبلر وقام بمراقبة حركة المجرات خارج مجرتنا تغيرت الأمور، حيثُ لاحظَ في أول نصف من القرن التاسع عشر بأن مرور قطار سريع يطلق صفارته يسمع الراصد له صوتًا متصلًا ثابت الطبقة، وكلما اقترب القطار من الراصد ارتفعت الطبقة الصوتية، وفسر ذلك بأن الصفارة تطلق عددًا من الموجات المتلاحِقة الصوتية في الهواء، وهذه الموجات الصوتية تنضغطُ بشدة كلما اقترب مصدر الصوت، فترتفع طبقة الصوت والعكس صحيح، ولاحظَ أن هذه الظاهرة تنطبق على الموجات الضوئية، فعندما يصل الضوء إلى عين الراصد من منبع متحرّك بسرعة كافية يحدث تغير في تردد الموجات الضوئية، فإذا كان المصدر يقترب من الراصد تتضاغط الموجات وينزاح الضوء باتجاه التردد العالي وتسمى هذه الظاهرة بالزحزحة الزرقاء، وإذا كان المصدر يبتعد عن الراصد تتمدّد الموجات الضوئية وينزاح الضوء نحو التردد المنخفض وتسمى هذه الظاهرة بالزحزحة الحمراء. واستخدم الفلكيون هذه الظاهرة وأسلوب التحليل الطيفي للضوء القادم من النجوم، وفي عام 1914م أثبت الفلكي الأمريكي سلايفر بتطبيق ظاهرة دوبلر على الضوء القادم من النجوم في العديد من المجرات حولنا أثبتَ أنَّ المجرات التي راقبها تبتعد عنا وتباعد عن بعضها، بسرعة كبيرة جدًّا، ومنذ ذلك الوقت بدأ الفلكيون بالنظر في هذه الظاهرة العجيبة.

وفي عام 1925م تمكَّن سلايفر نفسه من إثبات أن أربعين مجرة رصدها تتحرك في سرعة فائقة متباعدة عن مجرتنا وعن بعضها، وفي عام 1929م استطاع الفلكي الأمريكي إدوين هابل من الوصول إلى النتيجة الفلكية الدقيقة وهي: أن سرعة تباعد المجرات عنا تتناسب طردًا مع بُعدها عنا، وعرف هذا باسم قانون هابل وبهذا القانون تمكن هابل من قياس أبعاد العديد من المجرات وسرعة تباعدها عنا.

وأشارت تلك التجارب والكشوفات إلى حقيقة توسُّع هذا الكون، وانقسم العلماء بين مؤيدٍ ومعاؤض إلى أن جاء ألبرت أينشتاين عام 1917م بظريته عن النسبية العامة والتي يشرح فيها طبيعة الجاذبية، وأشارت النظرية النسبية إلى أن الكون غير ثابت، وفي نفس العام قام العالم الهولندي وليام دي سيتر بنشر بحث مستنتجًا فيه أنّ الكون يتمدّد إنطلاقًا من النظرية النسبية نفسها، وبعد ذلك بدأت فكرة تمدد الكون تلقّى قَبولًا عامًّا بين العلماء، وهذا ما أخبر به الله تعالى على لسان النبي الأميِّ -صلى الله عليه وسلم- قبل أربعة عشر قرنًا في إعجاز والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون، قال تعالى: {والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون} [١٣]، فسبحان الله على بديع خلقه ودقَّة تصويره. [١٤]

المراجع[+]

  1. {إبراهيم: الآية 1}
  2. {هود: الآية 13}
  3. ^ أ ب إعجاز القرآن الكريم, ، “www.alukah.net”، اطُّلع عليه بتاريخ 10-2-2019، بتصرف
  4. {النساء: الآية 82}
  5. {إبراهيم: الآيات 24-25}
  6. {الروم: الآيات 1-5}
  7. {الانفطار: الآيات 1-2}
  8. {فصلت: الآية 53}
  9. {الفرقان: الآية 6}
  10. {الذاريات: الآيات 47-48}
  11. {البقؤة: الآية 236}
  12. تفسير القرطبي, ، “www.islamweb.net”، اطُّلع عليه بتاريخ 10-2-2019، بتصرف
  13. ^ أ ب {الذاريات: الآية 47}
  14. كتاب الحاوي في تفسير القرآن الكريم, ، “www.al-eman.com”، اطُّلع عليه بتاريخ 10-2-2019، بتصرف






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب