X
X


موقع اقرا » الآداب » أشعار وأدباء » اتعلم ام انت لا تعلم

اتعلم ام انت لا تعلم

اتعلم ام انت لا تعلم


أبيات قصيدة: أتعلم أم أنت لا تعلم

قصيدة “أتعلم أم أنت لا تعلم” هي قصيدة كتبها الشاعر محمد مهدي الجواهري يرثي أخاه، يقول فيها:[١]

أتَعْلَمُ أمْ أنتَ لا تَعْلَمُ

بأنَّ جِراحَ الضحايا فمُ

فَمٌّ ليس كالمَدعي قولةً

وليس كآخَرَ يَسترحِمُ

يصيحُ على المُدْقِعينَ الجياعِ

أريقوا دماءكُمُ تُطعَموا

ويهْتِفُ بالنَّفَر المُهطِعيــنِ

أهينِوا لِئامكمُ تُكْرمَوا

أتعلَمُ أنَّ رِقابَ الطُغاةِ

أثقَلَها الغُنْمُ والمأثَمُ

وأنّ بطونَ العُتاةِ التي

مِن السُحتِ تَهضِمُ ما تهضمُ

وأنَ البغيَّ الذي يدعي

من المجد ما لم تَحُزْ مريمُ

ستَنْهَدُّ إن فارَ هذا الدمُ

وصوَّتَ هذا الفمُ الأعجمُ

فيا لكَ مِن مَرهمٍ ما اهتدَى

إليه الأُساة وما رهَّموا

ويا لكَ من بَلسمٍ يُشتَفى

به حينَ لا يُرتجى بَلسمُ

ويا لكَ من مَبسِمٍ عابسٍ

ثغور الأماني به تَبسِمُ

أتعلمُ أنّ جِراحَ الشهيــدِ

تظَلُّ عن الثأر تستفهِمُ

أتعلمُ أنّ جِراحَ الشهيــدِ

مِن الجُوعِ تَهضِمُ ما تَلهمُ

تَمُصُّ دمًا ثُم تبغي دمًا

وتبقى تُلِحُ وتستطعِمُ

فقُلْ للمُقيمِ على ذُلّهِ

هجينًا يُسخَّرُ أو يُلجَمُ

تَقَحَّمْ، لُعِنْتَ، أزيزَ الرَّصاصِ

وَجرِّبْ من الحظّ ما يُقسَمُ

وخُضْها كما خاضَها الأسبقونَ

وَثنِّ بما افتتحَ الأقدمُ

فإِمَّا إلى حيثُ تبدو الحياةُ

لِعينيْكَ مَكْرُمةً تُغْنَمُ

وإمَّا إلى جَدَثٍ لم يكُن

ليفضُلَه بيتُكَ المُظلِمُ

تَقَحَّمْ، لُعِنْتَ، فما تَرتجي مِن

العيش عن وِرده تُحرَمُ

أأوجعُ مِن أنَّك المُزدرى

وأُقتَلُ مِن أنَّك المُعدِمُ

تقحَّمْ فمَنْ ذا يَخوضُ المَنونَ

إذا عافَها الأنكدُ الأشأمُ

تقحَّمْ فمَنْ ذا يلومُ البطيــنَ

إذا كان مِثلُكَ لا يَقْحَمُ

يقولون مَن هم أولاءِ الرَّعاعُ

فأفهِمْهُمُ بدَمٍ مَنْ هُمُ

وأفهِمْهُمُ بدمٍ أنّهمْ

عَبيدُكَ إنْ تَدْعُهمْ يَخدُموا

وأنَّك أشرفُ من خيرِهمْ

وكعبُك مِن خدهِ أكرمُ

أخي جعفرًا يا رُواء الربيــعِ

إلى عَفِنٍ باردٍ يُسلَمُ

ويا زَهرةً من رياض الخُلودِ

تَغوَّلها عاصفٌ مُرزِمُ

ويا قبَسًا من لهيب الحياةِ

خَبا حين شبَّ له مَضْرَمُ

ويا طلعةَ البِشر إذ ينجلي

ويا ضِحكةَ الفجر إذ يَبسِمُ

لَثَمْتُ جراحكَ في فتحةٍ

هي المُصحَف الطُهرُ إذ يُلثَمُ

وقبَّلتُ صدرَك حيثُ الصَّميــمُ

مِن القلب، مُنْخَرقًا، يُخرَمُ

وحيثُ تَلوذُ طيورُ المُنى

به فهيَ، مُفزعَةً، حُوَّمُ

وحيثُ استقرَّت صِفاتُ الرجالِ

وضَمَّ معادِنَها مَنجَمُ

وَرَّبتُّ خدًّا بماءِ الشبابِ

يرفُّ كما نوّر البُرعُمُ

ومَّسحتُ مِن خُصَلٍ تَدَّلي

عليه كما يَفعلُ المُغرمُ

وعلَّلتُ نفسي بذوب الصديــدِ

كما علَّلتْ واردًا زمزمُ

ولقَّطتُ مِن زَبدٍ طافحٍ

بثَغرك شهدًا هو العَلْقَمُ

وعوَّضتَ عن قُبلتي قُبلةً

عَصَرْتَ بها كلَّ ما يؤلِمُ

عَصَرْتَ بها الذكرياتِ التي

تقَضَّتْ كما يَحْلُمُ النُوَّمُ

أخي جعفرًا إنّ رجعَ السنيــنَ

بَعْدَك عندي صَدىً مُبْهمُ

ثلاثونَ رُحْنا عليها معًا

نُعذَّبُ حِينًا ونستنعِمُ

نُكافحُ دهرًا ويستَسْلِمُ

ونُغلبُ طَورًا ونَسْتَسلِمُ

أخي جعفرًا لا أقولُ الخَيا

لُ وذو الثأرِ يَقْظانُ لا يَحلُمُ

ولكنْ بما أُلهِمَ الصابرونَ

وقد يقرأُ الغيبَ مُستَلهِمُ

أرى أُفُقًا بنجيع الدماءِ

تَنوّرَ واختفتِ الأنجُمُ

وحبلًا من الأرض يُرقى به

كما قذفَ الصاعدَ السُلَّمُ

إذا مدَّ كفّاً له ناكث

تصدَّى ليقطَعها مُبْرِمُ

تكوَّر من جُثَثٍ حوله

ضِخامٍ وأمجادُها أضخمُ

وكفّاً تُمدُّ وراء الحجابِ

فترسُمُ في الأفْقِ ما ترسُمُ

وجيلًا يَروحُ وجيلًا يجيء

ونارًا إزاءَهما تُضرَمُ

أُنبِّيكَ أنّ الحِمى مُلْهَبٌ

وواديه من ألمٍ مُفعَمُ

ويا وَيْحَ خانقةٍ مِن غدٍ

إذا نَفَّسَ الغدُ ما يَكظمُ

وأنّ الدماءَ التي طلَّها

مُدِّلٌّ بشُرطتهُ مُعرمُ

تَنَضَّحُ من صدرِك المُستطابِ

نزيفًا إلى الله يَستظلِمُ

ستبقى طويلًا تَجُرُّ الدماءَ

ولَنْ يُبرِدَ الدمَ إلاّ الدمُ

وأنَّ الصدورَ التي فلَّها

وأبدعَ في فلِّها مُجْرمُ

ونَثَّرَ أضلاعها نَثْرةَ

شَتاتًا كما صُرِّفَ الدرهمُ

ستَحْضُنُها من صُدور الشبابِ

قُساةٌ على الحقِ لا ترحمُ

أخي جعفرًا إنّ عِلَم اليقيـنِ

أُنبِّيكَ إنْ كنتَ تستعلِمُ

صُرِعْتَ فحامتْ عليك القلوبُ

وخفَّ لك الملأُ الأعظَمُ

وسُدَّ الروُُاقُ، فلا مَخرجٌ

وضاقَ الطريقُ، فلا مَخرمُ

وأبلغَ عنك الجَنوبُ الشَّمال

وعزَّى بك المُعرِقَ المُشئِمُ

وشَقَّ على الهاتفِ الهاتفونَ

وضجَّ من الأسطُرِ المرِقَمُ

تعلَّمتَ كيف تَموتُ الرجالُ

وكيف يُقامُ لهمْ مأتَمُ

وكيف تُجرُّ إليك الجموعُ

كما انجرَّ للحَرمِ المُحرِمُ

ضحِكتُ وقد هَمْهَمَ السائلونَ

وشقَّ على السمعِ ما همهموا

يقولون مِتَّ وعند الأساةِ

غيرَ الذي زَعَموا مَزعَمُ

وأنتَ مُعافى كما نرتجي

وأنت عزيزٌ كما تعلَمُ

ضحِكتُ وقلتُ هنيئًا لهم

وما لفَّقوا عنك أو رجَّموا

فهم يبتغون دمًا يشتفي

به الأرمدُ العينِ والأجذمُ

دمًا يُكذِبُ المخلصونَ الأباةُ

به المارقينَ وما قسَّموا

وهم يبتغونَ دمًا تلتقي

علية القُلوب وتستَلئمُ

إلى أنْ صَدَقْتَ لهمْ ظَنَّهم

فيا لكَ من غارِمٍ يَغنَمُ

فهمْ بك أولى فلمَّا نَزَل

كَجِذْرٍ على عَددٍ يُقسمُ

وهم بك أولى، وإن رُوِّعت

عجوزٌ على فِلذةٍ تلطِمُ

وتكفُرُ أنَ السما لم تعد

تُغيثُ حَريبًا، ولا تَرْحَمُ

وأُختٌ تشقُّ عليك الجيوبَ

فيغرَزُ في صدرها مِعصَمُ

تناشِدُ عنك بريقَ النُّجوم

لعلَّك مِن بينها تنجُمُ

وتَزْعُمُ أنَّك تأتي الصَّباحَ

وقد كذَّبَ القبرُ ما تَزْعُمُ

لِيَشْمَخْ بفقدِكَ أنفُ البلادِ

وأنفي وأنفُهم مُرغمُ

أخي جعفرًا بعُهود الإخاءِ

خالصةً بيننا أُقسِمُ

وبالدمع بَعدَكَ لا يَنثني

وبالحُزنِ بَعدَكَ لا يُهزمُ

وبالبيتِِ تَغمرُهُ وحشةٌ

كقبركَ يَسأل هل تقدَمُ

وبالصحب والأهلِ يستغربونَ

لأنَّك منحرفٌ عنهمُ

يمينًا لتَنهَشُني الذكرياتُ

عليك كما يَنهش الأرقمُ

إذا عادني شبحٌ مفرحٌ

تصدَّى له شبحٌ مؤلِمُ

وأنّي عُودٌ بكفِّ الرياحِ

يسأل منها متى يُقصَمُ

أخي جعفرًا وشجونُ الأسى

ستَصرِم حبلي ولا تُصرَمُ

أزحْ عن حَشاك غُثاء الضميــرِ

ولا تكتُمَنّي، فلا أكتُمُ

فإنْ كانَ عندكَ مِن مَعتَبٍ

فعندي أضعافُه مَنْدَمُ

وإن كنتَ فيما امتُحِنَّا به

وما مسّنا قَدَرٌ محْكَمُ

تُخَرِّجُ عُذرًا يُسلّي أخًا

فأنت المدِلُّ به المُنعِمُ

عصارةُ عُمرٍ بشتّى الصنُو

فِ مليءٍ كما شُحِنَ المُعْجمُ

به ما أُطيقُ دفاعًا به

وما هو لي مُخْرِسٌ مُلجِمُ

أسالتْ ثراك دموعُ الشبابِ

ونوَّر منك الضريحَ الدمُ

شرح قصيدة أتعلم أم أنت لا تعلم

قصيدة أتعلم أم أنت لا تعلم هي قصيدة كتبها الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري في رثاء أخيه “جعفر” الذي سقط قتيلًا في معركة الجسر أيّام ما كان يُعرف بـ “وثبة العراق” في العهد الملكي،[٢] ردًّا على معاهدة بورتسموث التي تجعل العراق -فعليًّا- تحت رحمة بريطانيا العظمى.[٣]

هذه القصيدة من أشهر أشعار الجواهري، وهو شاعر نجفيّ المولد كربلائيّ الإقامة، عاش ما بين عامي 1899م و1997م، فقد عُمِّرَ زهاء مئة عام،[٤] ألقى الجواهري القصيدة أوّل مرة بعد مرور ثلاثة أيّام على وفاة أخيه من على سطح جامع الحيدر خانة عبر مكبّرات الصوت، فقطع السير واحتشدت الناس لسماعه.

بعد مرور سبعة أيّام ألقاها مرة أخرى بمناسبة مرور سبعة أيّام على وفاة أخيه ورفاقه في معركة الجسر، نُشرت هذه القصيدة في جريدة الرأي العام[٢] التي كان يمتلكها الجواهري نفسه في عدد 15 – شباط/فبراير – 1948م،[٣] عدد أبياتها 99 بيتًا نظمها الشاعر على البحر المتقارب، وهو أحد أنواع بحور الشعر، يقول فيها:[١]

شرح الأبيات من 1 – 4

أتَعْلَمُ أمْ أنتَ لا تَعْلَمُ

بأنَّ جِراحَ الضحايا فمُ

فَمٌّ ليس كالمَدعي قولةً

وليس كآخَرَ يَسترحِمُ

يصيحُ على المُدْقِعينَ الجياعَ

أريقوا دماءكُمُ تُطعَموا

ويهْتِفُ بالنَّفَر المُهطِعيــنَ

أهينِوا لِئامكمُ تُكْرمَوا

في هذا المقطع يبدأ الجواهري قصيدته بخطاب لأخيه الشهيد، يسأله سؤالًا استنكاريًّا يريد منه تقرير الإجابة وإثباتها، فيقول سائلًا الشهيد إن كان يعلم أنّ لجراح الضحايا لسانٌ وصوتٌ يصرخ بالأحرار لكي يتخلصوا من المتخاذلين والمتآمرين والجبناء.

مرّ في المقطع السابق بعض الكلمات التي تحتاج إلى شرح، ومنها:

المفردة

شرح المفردة

المدقعين

المدقع هو الشخص الحقير ليس له قيمة.[٥]

المهطعين

المهطع هو الذليل الخاضع.[٦]

من الصور الفنية في المقطع السابق:

  • جِراحَ الضحايا فمُ

تشبيه بليغ، شبّه الجراح بالفم، وحذف وجه الشبه وأداة التشبيه.

شرح الأبيات من 5 – 8

أتعلَمُ أنَّ رِقابَ الطُغاةِ

أثقَلَها الغُنْمُ والمأثَمُ

وأنّ بطونَ العُتاةِ التي

مِن السُحتِ تَهضِمُ ما تهضمُ

وأنَ البغيَّ الذي يدعي

من المجد ما لم تَحُزْ مريمُ

ستَنْهَدُّ إن فارَ هذا الدمُ

وصوَّتَ هذا الفمُ الأعجمُ

يتابع الجواهري حديثه هنا مخاطبًا الشهيد أنّ الطغاة قد جاوزوا في ظلمهم، والناس قد أكلوا حقوق بعضهم بعضًا، وأنّ الأدعياء صاروا يدعون شرفًا ليس لهم، ولا سبيل لتغيير الواقع سوى ببذل الدماء.

مرّ في المقطع السابق بعض الكلمات التي تحتاج إلى شرح، ومنها:

المفردة

شرح المفردة

الغُنم

هو الفوز بالشيء من دون مشقّة، ومنه الغنيمة.[٧]

البغي

هو الزانية التي تتكسّب من الزنا.[٨]

من الصور الفنية في المقطع السابق:

  • رقاب الطغاة أثقلها الغُنم

شبّه الغُنم بشيء ماديّ يُعلَّق بالرقبة، فحذف المشبّه به وأبقى على شيء من لوازمه؛ لذا تعد الاستعارة هنا مكنيّة.

  • فارَ هذا الدمُ

شبّه الدم بماء يفور، فحذف المشبّه به وأبقى على شيء من لوازمه فالاستعارة مكنيّة.

شرح الأبيات من 9 – 14

فيا لكَ مِن مَرهمٍ ما اهتدَى

إليه الأُساة وما رهَّموا

ويا لكَ من بَلسمٍ يُشتَفى

به حينَ لا يُرتجى بَلسمُ

ويا لكَ من مَبسِمٍ عابسٍ

ثغور الأماني به تَبسِمُ

أتعلمُ أنّ جِراحَ الشهيــدِ

تظَلُّ عن الثأر تستفهِمُ

أتعلمُ أنّ جِراحَ الشهيــدِ

مِن الجُوعِ تَهضِمُ ما تَلهمُ

تَمُصُّ دمًا ثُم تبغي دمًا

وتبقى تُلِحُ وتستطعِمُ

يعدّد الجواهري هنا مزايا الشهيد، ويقول له إنّ الطغاة والمخرّبين لو تعلّموا منكَ لما وصل الحال إلى ما وصل إليه، ولكنّ دماء الشهداء يجب أن يُستقاد لها من دماء المعتدين الطغاة والمجرمين.

مرّ في المقطع السابق بعض الكلمات التي تحتاج إلى شرح، ومنها:

المفردة

شرح المفردة

مرهم

المرهم هو طلاء يوضع على الجرح أو الجلد عمومًا.[٩]

بلسم

البلسم هو الدواء الشافي.[١٠]

من الصور الفنية في المقطع السابق:

  • جِراحَ الشهيدِ تظَلُّ عن الثأر تستفهِمُ

شبه الجراح بالإنسان الذي يستفهم، فحذف المشبّه به وأبقى على شيء من لوازمه فالاستعارة مكنيّة.

  • جِراحَ الشهيدِ مِن الجُوعِ تَهضِمُ ما تَلهمُ

شبه الجراح بالإنسان الذي يأكل ويهضم ما يأكله، فحذف المشبّه به وأبقى على شيء من لوازمه فالاستعارة مكنيّة.

شرح الأبيات من 15 – 23

فقُلْ للمُقيمِ على ذُلّهِ

هجينًا يُسخَّرُ أو يُلجَمُ

تَقَحَّمْ، لُعِنْتَ، أزيزَ الرَّصاصِ

وَجرِّبْ من الحظّ ما يُقسَمُ

وخُضْها كما خاضَها الأسبقونَ

وَثنِّ بما افتتحَ الأقدمُ

فإِمَّا إلى حيثُ تبدو الحياةُ

لِعينيْكَ مَكْرُمةً تُغْنَمُ

وإمَّا إلى جَدَثٍ لم يكُن

ليفضُلَه بيتُكَ المُظلِمُ

تَقَحَّمْ، لُعِنْتَ، فما تَرتجي

مِن العيش عن وِرده تُحرَمُ

أأوجعُ مِن أنَّك المُزدرى

وأُقتَلُ مِن أنَّك المُعدِمُ

تقحَّمْ فمَنْ ذا يَخوضُ المَنونَ

إذا عافَها الأنكدُ الأشأمُ

تقحَّمْ فمَنْ ذا يلومُ البطيــنَ

إذا كان مِثلُكَ لا يَقْحَمُ

يخاطب الجواهري الشهيد ويقول له أن يُخبر الجبناء أن يتقحّموا ساحات الوغى كي يفوزوا بشرف الحياة بكرامة، وإلّا فالموت أشرف لهم من حياة ذليلة يكونون فيها عملاء للأعداء بأجرٍ رخيص.

مرّ في المقطع السابق بعض الكلمات التي تحتاج إلى شرح، ومنها:

المفردة

شرح المفردة

هجينًا

للهجين معانٍ كثيرة، هنا أراد الشاعر الفرس غير الأصيل أو البغل.[١١]

المنون

المنون حوادث الدهر أو الموت.[١٢]

من الصور الفنية في المقطع السابق:

  • المقيم على ذلّه

شبّه الذل بشيء يُقام عليه ويُجلَس عليه، فحذف المشبّه به وأبقى على شيء من لوازمه فالاستعارة مكنيّة.

شرح الأبيات من 24 – 30

يقولون مَن هم أولاءِ الرَّعاعُ

فأفهِمْهُمُ بدَمٍ مَنْ هُمُ

وأفهِمْهُمُ بدمٍ أنّهمْ

عَبيدُكَ إنْ تَدْعُهمْ يَخدُموا

وأنَّك أشرفُ من خيرِهمْ

وكعبُك مِن خدهِ أكرمُ

أخي جعفرًا يا رُواء الربيــعِ

إلى عَفِنٍ باردٍ يُسلَمُ

ويا زَهرةً من رياض الخُلودِ

تَغوَّلها عاصفٌ مُرزِمُ

ويا قبَسًا من لهيب الحياةِ

خَبا حين شبَّ له مَضْرَمُ

ويا طلعةَ البِشر إذ ينجلي

ويا ضِحكةَ الفجر إذ يَبسِمُ

في هذا المقطع يقول الجواهري إنّ جواب الشهيد عن أسئلة الجبناء يجب أن تكون الدماء الزكيّة التي من دونها لا قيامة للأوطان، وأنّ الشهداء أشرف من العبيد الذين يرضَون بالذل، ثمّ يعدّد سجايا شقيقه الشهيد ويتحسّر عليه وعلى شبابه الذي قد سُلبَ منه بيد الجبناء.

مرّ في المقطع السابق بعض الكلمات التي تحتاج إلى شرح، ومنها:

المفردة

شرح المفردة

الرعاع

سفلة الناس والغوغاء منهم.[١٣]

قبسًا

القبَس هو الشعلة من النار.[١٤]

من الصور الفنية في المقطع السابق:

شبّه الحياة بالنار التي لها لهيب، فحذف المشبّه به وأبقى على شيء من لوازمه فالاستعارة مكنيّة.

شبّه الفجر بالإنسان الذي له ابتسامة، فحذف المشبّه به وأبقى على شيء من لوازمه فالاستعارة مكنيّة.

شرح الأبيات من 31 – 36

لَثَمْتُ جراحكَ في فتحةٍ

هي المُصحَف الطُهرُ إذ يُلثَمُ

وقبَّلتُ صدرَك حيثُ الصَّميــمُ

مِن القلب، مُنْخَرقًا، يُخرَمُ

وحيثُ تَلوذُ طيورُ المُنى

بِهِ فهيَ، مُفزعَةً، حُوَّمُ

وحيثُ استقرَّت صِفاتُ الرجالِ

وضَمَّ معادِنَها مَنجَمُ

وَربت خدًّا بماءِ الشبابِ

يرفُّ كما نوّر البُرعُمُ

ومَّسحتُ مِن خُصَلٍ تَدَّلي

عليه كما يَفعلُ المُغرمُ

يشير الجواهري هنا إلى لقائه بأخيه حينما أحضروه على السرير النقّال في الإسعاف، حينها رأى في صدره فتحة كبيرة سببها اختراقها بالرصاص، فيصف هنا حاله حينما رأى أخاه، فيمتدحه بأسمى معاني الرجولة والشجاعة وغير ذلك.

مرّ في المقطع السابق بعض الكلمات التي تحتاج إلى شرح، ومنها:

المفردة

شرح المفردة

منجَم

المنجم هو مكان استخراج المعادن، وغلب على أماكن استخراج الذهب والفضة.[١٥]

البرعم

هو النبات حين يكون صغيرًا قبل أن يُزهر.[١٦]

شرح الأبيات من 37 – 43

وعلَّلتُ نفسي بذوب الصديــدِ

كما علَّلتْ واردًا زمزمُ

ولقَّطتُ مِن زَبدٍ طافحٍ

بثَغرك شهدًا هو العَلْقَمُ

وعوَّضتَ عن قُبلتي قُبلةً

عَصَرْتَ بها كلَّ ما يؤلِمُ

عَصَرْتَ بها الذكرياتِ التي

تقَضَّتْ كما يَحْلُمُ النُوَّمُ

أخي جعفرًا إنّ رجعَ السنيــنَ

بَعْدَك عندي صَدىً مُبْهمُ

ثلاثونَ رُحْنا عليها معًا

نُعذَّبُ حِينًا ونستنعِمُ

نُكافحُ دهرًا ويستَسْلِمُ

ونُغلبُ طَورًا ونَسْتَسلِمُ

يكمل الشاعر خطابه لشقيقه الذي شاهده وهو يُحتَضر بأنّه سيعاني من بعده الآلام والأحزان، وأنّ الحياة ستكون قاسية عليه جدًّا، وهذا نابع من شعور الجواهري بتأنيب الضمير كونه من الذين أشعلوا لهيب الثورة في ذلك الوقت.

مرّ في المقطع السابق بعض الكلمات التي تحتاج إلى شرح، ومنها:

المفردة

شرح المفردة

شهدًا

الشهد هو عسل النحل الذي ما يزال في شمعه ولم يُعصر.[١٧]

العلقم

العلقم هو كلّ شيء مر، وهو نبات الحنظل.[١٨]

من الصور الفنية في المقطع السابق:

  • عَصَرْتَ بها الذكرياتِ

شبّه الذكريات بشيء يُعصَر، فحذف المشبّه به وأبقى على شيء من لوازمه فالاستعارة مكنيّة.

  • نُكافحُ دهرًا

شبّه الدهر بإنسان يُحارب ويُكافَح، فحذف المشبّه به وأبقى على شيء من لوازمه فالاستعارة مكنيّة.

شرح الأبيات من 44 – 49

أخي جعفرًا لا أقولُ الخَيالُ

وذو الثأرِ يَقْظانُ لا يَحلُمُ

ولكنْ بما أُلهِمَ الصابرونَ

وقد يقرأُ الغيبَ مُستَلهِمُ

أرى أُفُقًا بنجيع الدماءِ

تَنوّرَ واختفتِ الأنجُمُ

وحبلًا من الأرض يُرقى به

كما قذفَ الصاعدَ السُلَّمُ

إذا مدَّ كفّاً له ناكث

تصدَّى ليقطَعها مُبْرِمُ

تكوَّر من جُثَثٍ حوله

ضِخامٍ وأمجادُها أضخمُ

يُخبر الجواهري أخاه أنّه يرى الغد أفضل من بعد دمائهم التي ستتمكّن من تغيير الواقع وجعله أفضل، وهذا فيه عهدٌ منه ومن الشرفاء على مواصلة المسيرة من بعدهم حتى النهاية وهي الحصول على الحرية والكرامة.

مرّ في المقطع السابق بعض الكلمات التي تحتاج إلى شرح، ومنها:

المفردة

شرح المفردة

يقظان

اليقظان هو الحاد الانتباه اليقظ الحاضر البديهة.[١٩]

ناكث

الناكث هو الذي ينقض العهود.[٢٠]

من الصور الفنية في المقطع السابق:

شبّه الغيب بشيء يُقرأ، فحذف المشبّه به وأبقى على شيء من لوازمه فالاستعارة مكنيّة.

شرح الأبيات من 50 – 55

وكفّاً تُمدُّ وراء الحجابِ

فترسُمُ في الأفْقِ ما ترسُمُ

وجيلًا يَروحُ وجيلًا يجيء

ونارًا إزاءَهما تُضرَمُ

أُنبِّيكَ أنّ الحِمى مُلْهَبٌ

وواديه من ألمٍ مُفعَمُ

ويا وَيْحَ خانقةٍ مِن غدٍ

إذا نَفَّسَ الغدُ ما يَكظمُ

وأنّ الدماءَ التي طلَّها

مُدِّلٌّ بشُرطتهُ مُعرمُ

تَنَضَّحُ من صدرِك المُستطابِ

نزيفًا إلى الله يَستظلِمُ

يقول الجواهري هنا إنّه يرى أفقًا مشرقًا سيطلع من دماء الشهداء، وسيكون وجه الأرض غير ما هو عليه اليوم، وستأتي أجيال تحمل راية الشهداء وتُعلي من شأن الحرية والكرامة، وأخيرًا يجعل هذه الدماء عند الله -تعالى- يعاقب فيها المخطئين والمذنبين الذين تسببوا بموت الشهداء.

مرّ في المقطع السابق بعض الكلمات التي تحتاج إلى شرح، ومنها:

المفردة

شرح المفردة

الحِمى

هو المكان الذي يُحمى ويُدافَع عنه.[٢١]

يكظم

يقولون كظم الرجل غيظه إذا حبسه وكتمه.[٢٢]

من الصور الفنية في المقطع السابق:

شرح الأبيات من 56 – 64

ستبقى طويلًا تَجُرُّ الدماءَ

ولَنْ يُبرِدَ الدمَ إلاّ الدمُ

وأنَّ الصدورَ التي فلَّها

وأبدعَ في فلِّها مُجْرمُ

ونَثَّرَ أضلاعها نَثْرةَ

شَتاتًا كما صُرِّفَ الدرهمُ

ستَحْضُنُها من صُدور الشبابِ

قُساةٌ على الحقِ لا ترحمُ

أخي جعفرًا إنّ عِلَم اليقيــنِ

أُنبِّيكَ إنْ كنتَ تستعلِمُ

صُرِعْتَ فحامتْ عليك القلوبُ

وخفَّ لك الملأُ الأعظَمُ

يقول الجواهري في هذه الأبيات إنّ دماء الشهيد سيبقى أثرها طويلًا ولن يأخذ حقّ هذه الدماء إلّا الدماء، ويخبر أخاه أنه سيكون لدمائه شأن عظيم عند الله تعالى، وأنّه قد جمع حوله كل الناس من مختلف انتماءاتهم وحتى الملائكة اجتمعت لاستقباله.

مرّ في المقطع السابق بعض الكلمات التي تحتاج إلى شرح، ومنها:

المفردة

شرح المفردة

حامَت

الحَوْم أساسًا هو دوران الطائر حول الشيء.[٢٣]

الملأ

الملأ الأعلى هنا يُقصد به الملائكة.[٢٤]

الأفكار الرئيسة في قصيدة أتعلم أم أنت لا تعلم

مرّ في القصيدة كثير من الأفكار الرئيسة، ومنها ما يأتي:

  • دماء الشهداء قنديل يُضيء طريق الثائرين نحو الكرامة.
  • الجبناء والمتآمرون هم الداء الأكبر لأيّ وطن.
  • لا يمكن تعويض دماء الشهداء بغير دماء الجبناء.
  • وجوب الالتزام بالنهج الذي سار عليه الشهداء لتحرير البلاد والعيش بحياة كريمة.

المراجع

  1. ^ أ ب محمد مهدي الجواهري، الأعمال الشعرية الكاملة، صفحة 486 – 491. بتصرّف.
  2. ^ أ ب محمد مهدي الجواهري، الجواهري في العيون من أشعاره، صفحة 261 – 265. بتصرّف.
  3. ^ أ ب محمد مهدي الجواهري، مذكراتي ج2، صفحة 15 – 31. بتصرّف.
  4. محمد مهدي الجواهري، مذكراتي ج1، صفحة 29 – 37. بتصرّف.
  5. “تعريف و معنى مدقع في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/11/2021. بتصرّف.
  6. “تعريف و معنى مهطع في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/11/2021. بتصرّف.
  7. “تعريف و معنى الغُنم في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/11/2021. بتصرّف.
  8. “تعريف و معنى البغي في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/11/2021. بتصرّف.
  9. “تعريف و معنى مرهم في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/11/2021. بتصرّف.
  10. “تعريف و معنى بلسم في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/11/2021. بتصرّف.
  11. “تعريف و معنى الهجين في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/11/2021. بتصرّف.
  12. “تعريف و معنى المنون في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/11/2021. بتصرّف.
  13. “تعريف و معنى الرعاع في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/11/2021. بتصرّف.
  14. “تعريف و معنى القبس في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/11/2021. بتصرّف.
  15. “تعريف و معنى المنجم في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/11/2021. بتصرّف.
  16. “تعريف و معنى البرعم في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/11/2021. بتصرّف.
  17. “تعريف و معنى الشهد في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/11/2021. بتصرّف.
  18. “تعريف و معنى العلقم في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/11/2021. بتصرّف.
  19. “تعريف و معنى يقظان في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/11/2021. بتصرّف.
  20. “تعريف و معنى الناكث في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/11/2021. بتصرّف.
  21. “تعريف و معنى الحمى في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/11/2021. بتصرّف.
  22. “تعريف و معنى الكظم في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/11/2021. بتصرّف.
  23. “تعريف و معنى حامَ في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/11/2021. بتصرّف.
  24. “تعريف و معنى الملأ في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/11/2021. بتصرّف.






X
X
X

اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب