أنواع الدستور

أنواع الدستور


قانون الدولة

تتنوّع القوانين في الدول، حيث إنّ كلّ قانون يختصّ بتنظيم شأن معيّن من شؤون الدولة، لكن دائمًا ما يبقى هناك قانون يسمو على جميع القوانين العادية واللوائح والأعراف، وهذا القانون يسمى الدستور، ويعرف الدستور على أنّه: “مجموعة من القواعد التي تحدّد نُظُم الحكم في الدولة، وتبيّن السلطات العامّة فيها كالسلطة التشريعيّة والتنفيذيّة والقضائيّة”، حيث تختصّ هذا القواعد بتنظيم شؤون الدولة فيما يتعلّق بأعمال السلطات الثلاث، وتنصّ على حقوق الأفراد وحرياتهم، وفي هذا المقال سيتم توضيح مفهوم الدستور، وأنواع الدستور العامّة، وأنواع الدستور من حيث تعديلها، ومبدأ سمو الدستور.[١]

مفهوم الدستور

يُعرّف الدستور بناءً على وجهة نظر لافرير على أنّه: “مجموعة من القواعد التي تتعلق بنظام الحكم في الدولة، فتحدد شكل الدولة إن كانت موحّدة أم اتحادية، كما تبين شكل الحكومات، وما إن كانت ملكية أم جمهوريّة، كما تتضمّن المبادئ الأساسية التي تتعلق بتكوين السلطتين التشريعية والتنفيذية، واختصاصاتهما وكيفية ممارستهما، وما ينشأ بينهما من علاقات”، أمّا فيديل فقد عرّفه بالآتي: “مجموعة من القواعد التي تحدد كيفية تنظيم ومباشرة السلطة السياسية، أي تحدد مجموعة القواعد المنظمة”.[٢]

وفي التطرّق إلى رأي بوردو أنّ مضمون الدستور لا يقتصر على القواعد التي تتصل بتنظيم السلطات الحاكمة وكيفية ممارستها لوظائفها فحسب، إنّما يتضمن الدستور أيضًا قواعد تقوم على تحديد الاتجاه الذي يجب أن تعمل من خلاله هذه السلطات، وكذلك الأهداف التي يُناط بها تحقيقها، وذلك في ضوء الإطار الذي حدّده الدستور.[٢]

أنواع الدستور من حيث تدوينها

يُنظر إلى أنواع الدستور بالعديد من الجوانب، حيث يُقسم الدساتير إلى نوعين وذلك حسب تكوينها، أي أن تكون النصوص الدستورية مدرجة في وثيقة رسمية، وبالتالي فإن أنواع الدستور من حيث شكلها أو تدوينها ينقسم إلى:[٢]

الدساتير العرفية

يعدّ هذا النوع من أنواع الدستور غيرَ مدوّن، أمّا عن طريقة نشأة هذا الدستور فتعود إلى العادات والتقاليد التي درجت عليها الهيئات الحاكمة في الدولة، وذلك فيما يتعلّق بالمسائل الدستوريّة، وهذا النوع من الدساتير أحكامه وقواعده لم توضع من قبل المشرّع الدستوري، بل من قِبَل العادات والتقاليد التي استمدّت قوة العرف الدستوري، وذلك عن طريق استمرار الهيئات الحاكمة في تطبيقها والسير على مقتضاها والاعتقاد بإلزامها، ممّا أصبحت قواعد أساسية واجبة الاتباع، تلغى أو تعدل بعُرف دستوري مماثل، ومن الأمثلة على هذا النوع من الدساتير الدستور الإنجليزي، والذي يعد الدستور الوحيد غير المدوّن في العصر الحديث.

الدساتير المكتوبة

يُعرف هذا النوع من أنواع الدستور على أنّه: “الدستور الذي يصدر من المشرع الدستوري في أحكامه، ويضمن هذه الأحكام وثيقة مكتوبة أو وثائق متعددة”، وتعدّ الغالبية العظمى لدساتير دول العالم مدونة، كما صدر معظمها في وثيقة كالدستور الأردني والمصري والأمريكي، كما صدر معظمها في عدة وثائق، كما هو الحال في دستور الجمهورية الثالثة الفرنسي لسنة 1875، والذي صدر في ثلاث وثائق، ولكن قد لا تتضمن هذه الدساتير كافة القواعد المتعلقة بممارسة السلطة، لذلك دائمًا ما يكون بجانبها العديد من القوانين والوثائق التي تعدّ مُتمِّمة للوثيقة الدستورية، ومن الأمثلة عليها قوانين المجالس التشريعية وأنظمتها الداخلية.

أنواع الدستور من حيث تعديلها

هناك دول أخرى لم تقسم الدساتير من حيث تدوينها، بل نظرت إلى أنواع الدستور من حيث الإمكانية في تعديل الأحكام والقواعد التي يتصمنها الدستور، وبالتالي فإن أنواع الدستور تقسم من حيث تعديلها إلى ما يأتي.[٢]

الدساتير المرنة

يُعرف الدستور المرن على أنه: “ذلك النوع من الدساتير الذي يُعدل بنفس الإجراءات اللازمة لتعديل القوانين العادية”، وبالتالي فإن الدستور المرن يتصف بالمرونة، أي بأمكانية تعديله باتباع الإجراءات ذاتها التي يمكن تعديل بها القوانين العادية، ويترتب على ذلك أن الدستور المرن لا يتمتع بأي سمو شكلي على القوانين العادية، فلو أصدر المشرع أيّ قانون عادي تتضمن أحكامه مخالفة لأي قاعدة موجودة في القانون الدستوري، تعدّ هذه المخالفة تعديلًا للنص الدستوري المرن.

الدساتير الجامدة

يُعرف الدستور الجامد على أنه: “الدستور الذي يشترط لتعديله اتباع إجراءات خاص ة تختلف عن تلك المتّبعة في تعديل القواعد القانونية، وغالبًا ما تكون تلك الإجراءات أشد وأكثر تعقيدًا من تلك المتبعة في تعديل التشريعات العادية”، وبالتالي لو أصدر المشرِّع قانونًا جديدًا يتضمّن في فحواه يتعارض مع أيّ قاعدة دستورية، فلا يعدّ ذلك تعديلًا للنص الدستوري الجامد بل مخالفةً له؛ والسبب في ذلك أن الدستور الجامد يحتاج إلى تعديله قواعد معقّدة عمّا هو متبع في تعديل القوانين العادية، وفي هذه الحالة لا يمكن لقاعدة دنيا مخالَفة قاعدة تعلوها في المرتبة استنادًا إلى مبدأ تدرّج القوانين.

مبدأ سمو الدستور

يتعلق مبدأ سمو الدستور بمضمون وفحوى النصوص والقواعد الدستورية التي توضّح من خلالها كيفية تنظيم ممارسة السلطة في الدولة، أيضًا تحدّد الفلسلفة والأساس الأيديولوجي الذي يقوم عليه النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الدولة، وبالتالي لا بُدّ من أن يكون نشاطُ الحكام وجميع الهيئات بالدولة محكومًا بتلك القواعد الدستورية؛ لأن خروج الحكام والهيئات عن القواعد الدستورية يعدّ مخالفةً لسند وجود تلك الهيئات، وللأساس القانوني لاختصاصها، وهذا بالتأكيد يعدّ مساسًا بجوهر الدستور وانتهاكًا لسموه الموضوعي أو المادي.[٣]

كما يتضمن مبدأ سمو الدستور أن الدستور يعلو على جميع القوانين العادية واللوائح والأنظمة والأعراف، فلا يجوز لأيّة قاعدة قانونية دُنيا أن تخالف أي من القواعد الدستورية، فهذا يعدّ بالتأكيد خرقًا لمبدأ سمو الدستور الواجب التطبيق في الدولة، وأخيرًا من الممكن القول إنّ ما يترتب على هذا المبدأ هو أن الدستور مصدر جميع السلطات العامة في الدولة، بما في ذلك رئيس الدولة والمجالس البرلمانية والتنفيذية والقضائية.[٣]

المراجع[+]

  1. عباس الصراف، جورج حزبون (2014)، المدخل إلى علم القانون (الطبعة الخامسة عشرة)، عمان-الأردن: دار الثقافة، صفحة 37. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث هاني الطهراوي (2014)، النظم السياسية والقانون الدستوري (الطبعة الرابعة)، عمان-الأردن: دار الثقافة، صفحة 393. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ماجد راغب الحلو (1997)، القانون الدستوري، الإسكندرية: دار المطبوعات الجامعية، صفحة 17. بتصرّف.






اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب