موقع اقرا » إسلام » أحكام شرعية » هل يجوز تقبيل الزوجة في رمضان

هل يجوز تقبيل الزوجة في رمضان

هل يجوز تقبيل الزوجة في رمضان


حكم التقبيل في نهار رمضان

يختلف حُكم تقبيل الرجل لزوجته في نهار رمضان بحسب الحالة، وفيما يأتي تفصيل ذلك:

  • الجواز: حيث يُباح ذلك لمن يملك نفسه ويستطيع ضبط شهوته وعدم تحرّكها الذي يوقعه في المحظور، لحديث عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُقَبِّلُ ويُبَاشِرُ وهو صَائِمٌ، وكانَ أمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ)؛[١] أي لشهوته، وكان بعض الصحابة يُرخّص فيها للكبير دون الشاب؛ كابن عبّاس -رضي الله عنه-، فلمّا سُئل عن القُبلة للصائم قال: أُرخّص فيها للكبير وأكرهها للشاب، ولكن العبرة في الجواز بضبط النفس والشهوة.[٢]
  • الكراهة والتحريم: فالكراهة تكون في حقّ من لا يقدر على ضبط شهوته، حتى وإن كانت لا تُفسد الصيام، وذهب بعض العُلماء من الشّافعية على أنها مكروهةٌ كراهةً تحريميّة*، وفي قولٍ آخر أنّ الكراهة تنزيهيّة*، والأوْلى تركها حتى وإن كان الشخص قادراً على ضبط نفسه وشهوته، ولا فرق في ذلك بين الكبير والشاب؛ لأن العبرة بضبط تحرّك الشهوة من عدمه، وهذا ما ذهب إليه الجمهور من الشافعيّة والحنابلة والحنفيّة، أمّا المالكية فكرهوها مُطْلقاً، وهذا الحُكم في حالة عدم خُروج المذيّ*، فإن تبِعها خُروجٌ للمذْي فهو مُحرّم عند الإمامين أحمد ومالك، بخلاف الإمامين الشافعيّ وأبي حنيفة.[٣]

أثر تقبيل الزوجة على صحة الصوم

يختلف أثر تقبيل الزوجة على الصيام بحسب الحال، وفيما يأتي تفصيلٌ لهذه الحالات عند الفقهاء:

  • أثر الإنزال بسبب التقبيل على الصوم: اتّفق الفُقهاء على أن نزول المنيّ* سواءً كان باللّمس أم القُبلة أم المُعانقة مُفسدٌ للصوم؛ لأن نزوله كان بمباشرة الزوجة، فأشبه الجماع في غير الفرج.[٤]
  • أثر الإمذاء بسبب التقبيل على الصوم: تعدّدت آراء الفُقهاء في أثر نزول المذيّ بسبب القُبلة على الصيام على قولين، وهي كما يأتي:
    • القول الأول: المذي مُفسِدٌ للصوم؛ وهو قول الحنابلة والمالكية، حيث قالوا إن نزول المذيّ يُفسد عبادة الصيام،[٥] ويرى الإمام أحمد أن خروج المذي تحقيقٌ للشهوة وناتجٌ عن طريق المُباشرة، فأشبه المنيّ، واختلف عن البول،[٦] وجاء عن المالكية جواز القُبلة للصائم ما لم يَنزل منه المذيّ، فإن خرج وجب إمساك باقي اليوم، وقضاءه في يومٍ آخر.[٧]
    • القول الثاني: خروج المذيّ لا يفسد الصوم؛ وهو قول الشافعية والحنابلة، فقد قال الشافعية: لو قبّل الزوج أو لمس زوجته وهو صائمٌ فأمذى، فلا غُسل عليه؛ لأنه كالبول،[٨] وورد عن الحنفيّة أن إنزال المذي بسبب القُبلة لا يؤثر على صحّة الصيام؛[٤] لأن المذيّ عندهم ليس بشيء،[٩] واستدلّ القائِلون بأن القُبلة لا تُفطّر ولو كانت بشهوةٍ بقول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- للنبي -عليه الصلاة والسلام-: (هششتُ فقبَّلتُ وأنا صائمٌ، فجئتُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقلتُ: لقد صنعَتُ اليومَ أمرًا عظيمًا، قال: وما هو؟ قلتُ: قبَّلتُ وأنا صائمٌ، قال: أرأيتَ لَو تمَضمَضْتَ من الماءِ؟ قلتُ: إذًا لا يضرُ؟ قال: ففيمَ)؟[١٠][٣]

الاحتياط في الطاعات

تُبنى العبادات والطاعات على الاحتياط، والقيام بها على أكمل صورة؛ ليكون المُكلّف بريء الذمّة، ويحصل بها على الأجر والثواب، ومن هذه العبادات؛ عبادة الصيام، فقد أوجب الله -تعالى- علينا الاحتياط في أدائها في عددٍ من الآيات، قال -تعالى-: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)،[١١] فالمُسلم مُطالبٌ بالمُحافظة على صيامه، والبُعد عن كُل ما يُفسده،[١٢] وسُنبيّن في هذا المقال كيفية الأخذ بمبدأ الاحتياط حال الصيام بين الزّوجين لتجنّب أيّ أمرٍ مفسدٍ لهذه العبادة.

__________________________________________

الهامش

* كراهة التحريم: ما ثبت فيه نهي الشّرع دون وجود ما يصرف الحكم عن التحريم.[١٣]
* كراهة التنزيه: ما نهى عنه الشرع نهياً خفيفاً على صورةٍ غير ملزمةٍ للترك.[١٤]
* المذيّ: ماء أبيض رقيق يخرج عقب شهوةٍ بعد المداعبة دون تدفّق، ولا يجب فيه الغُسل، بل يجب له الوضوء.[١٥]
* المنيّ: ماءٌ أبيض غليظ عند الرجل أو أصفر رقيق عند المرأة يخرج بدفقٍ عقب الشّهوة.[١٦]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1927، صحيح.
  2. يوسف القرضاوي، تيسير الفقه في ضوء الكتاب والسنة، بيروت – لبنان: مؤسسة الرسالة، صفحة 105-106. بتصرّف.
  3. ^ أ ب محمد حسن هيتو (1988)، فقه الصيام (الطبعة الأولى)، بيروت – لبنان: دار البشائر الإسلامية، صفحة 102-104. بتصرّف.
  4. ^ أ ب وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 268، جزء 26. بتصرّف.
  5. علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان بن أحمد المَرْداوي (1995)، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (الطبعة الأولى)، القاهرة: هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، صفحة 410، جزء 7. بتصرّف.
  6. منصور بن يونس بن صلاح الدين ابن حسن بن إدريس البهوتي (1993)، دقائق أولي النهى لشرح المنتهى المعروف بشرح منتهى الإرادات (الطبعة الأولى)، الرياض: عالم الكتب، صفحة 481-482، جزء 1. بتصرّف.
  7. خليل بن إسحاق بن موسى، ضياء الدين الجندي (2008)، التوضيح في شرح المختصر الفرعي لابن الحاجب (الطبعة الأولى)، سراييفو: مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث، صفحة 413، جزء 2. بتصرّف.
  8. كمال الدين، محمد بن موسى بن عيسى بن علي الدَّمِيري (2004)، النجم الوهاج في شرح المنهاج (الطبعة الأولى)، جدة: دار المنهاج، صفحة 305، جزء 3. بتصرّف.
  9. أبو عبد الله محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني، الأصل المعروف بالمبسوط، كراتشي: دارة القرآن والعلوم الإسلامية، صفحة 238، جزء 2. بتصرّف.
  10. رواه ابن حجر العسقلاني، في موافقة الخبر الخبر، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 2/359، حسن.
  11. سورة البقرة، آية: 187.
  12. هاني خليل عابد (25-07-2012)، “الاحتياط في مسائل الصيام”، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 9-9-2020. بتصرّف.
  13. “الكراهة التنزيهية والكراهة التحريمية”، www.islamweb.net، 4-10-2004، اطّلع عليه بتاريخ 13-9-2020. بتصرّف.
  14. “ما معنى الكراهة التنزيهية؟”، www.islamqa.info، 9-12-2009، اطّلع عليه بتاريخ 13-9-2020. بتصرّف.
  15. “تعريف ومعنى المذي في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 13-9-2020. بتصرّف.
  16. “تعريف ومعنى المني في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 13-9-2020. بتصرّف.






اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب