موقع اقرا » الآداب » كتب وروايات ومؤلفات » نبذة عن رواية موسم الهجرة إلى الشمال

نبذة عن رواية موسم الهجرة إلى الشمال

نبذة عن رواية موسم الهجرة إلى الشمال


الأدب السوداني

الأدب على حد تعبير طه حسين هو فن جميل يتوسل بلغة، ويُقصد بذلك اشتراكه في حقيقته مع بقية الفنون كالفنون التشكيلية، والغنائية، والتمثيلية، وقبل عرض نبذة عن رواية موسم الهجرة إلى الشمال لا بد من وقفة عند الأدب السوداني الذي تنتمي إليه هذه الرواية، حيث يتذبذب حضور الأدب السوداني في المحافل الأدبية، فتارةً يظهر بجلاء، وتارة يختفي عن الأنظار، إضافة إلى فتور الاهتمام به في الآونة الأخيرة، بسبب شهرة رواية موسم الهجرة إلى الشمال التي طغت على كثير من الأعمال الأدبية الأخرى وصعوبة النشر في السودان بسبب التحولات الاقتصادية والاجتماعية، وستركز هذه المقالة على إعطاء نبذة عن رواية موسم الهجرة إلى الشمال أهم الروايات السودانية في العصر الحديث وأبرزها.[١]

الطيب صالح

قبل عرض نبذة عن رواية موسم الهجرة إلى الشمال، لا بد من وقفة عند عبقري الرواية العربية الطيب صالح، حيث وُلد الطيب محمد صالح سنة 1929 في السابع من كانون الأول، وهو كاتب سوداني درس في جامعة الخرطوم وجامعة لندن، وقد تسلّم مجموعة من المناصب منها منصب مدير عام وكالة الأخبار والإعلام القطرية، كما عمل في الإذاعة البريطانية، ومن أشهر رواياته موسم الهجرة إلى الشمال، وقد ترجمت إلى ثلاثين لغة تقريبًا.[٢]

جاء الطيب صالح من بيئة زراعية سودانية بسيطة، وبدأ الكتابة في مجلة ( المجلة) التي كانت تصدر عن لندن، كما اعتاد كتابة عمود كل أسبوع، معظم كتاباته تدور حول الريف السوداني، وقد تزوّج الطيب صالح سنة 1965 من جوليا ماكلين التي كانت تسكن جنوب غرب لندن وهي اسكتلندية الأصل، وقد رُزقا بثلاثة بنات سارة وسميرة وزينب، وللطيب صالح مكانته في قلوب الكثيرين، ومن أوجه تكريمه قيام مدرسة المجتمع في عاصمة السودان الخرطوم بتسليم جائزة الطيب صالح السنوية لدعم مواهب الطلاب ومكافئتهم، وقد توفي في لندن سنة 2009 عن عمر ثمانين عامًا بعد معاناة مع مرض الفشل الكلوي، ودُفن في أم درمان في 20 شباط 2009.[٢]

أبرز أعمال الطيب صالح

سبقت الإشارة إلى رواية موسم الهجرة إلى الشمال وقيمتها الأدبية، وقد تميّز الطيب صالح بإنتاجه الأدبي الغزير، وتركيزه على البيئة السودانية، ومن أعمال الطيب صالح المشهورة رواية عُرس الزين التي حُوّلت إلى فيلم سينمائي في ليبيا، وقبل استعراض نبذة عن رواية موسم الهجرة إلى الشمال لا بد من الإشارة إلى أشهر أعمال الطيب صالح ومنها المؤلفات الآتية:[٢]

  • رواية نخلة على الجدول.
  • كتاب للمدن تفرد وحديث الغرب.
  • كتاب خواطر الترحال.
  • كتاب وطني السودان.
  • رواية دومة ود حامد.
  • كتاب في صحبة المتنبي ورفاقه.
  • كتاب المضيئون كالنجوم من أعلام العرب والفرنجة.
  • رواية منسي إنسان نادر على طريقته.
  • كتاب للمدن تفرد وحديث الشرق.

رواية موسم الهجرة إلى الشمال

ستعرض هذه الفقرة نبذة عن رواية موسم الهجرة إلى الشمال، فهذه الرواية واحدة من أشهر روايات الأدب العربي الحديث، نُشِرَت في مجلة حوار سنة 1966، ثم نُشرت لاحقًا في كتاب صادر عن دار العودة في لبنان في السنة نفسها، وقد صُنّفت كواحدة من أفضل الروايات في القرن العشرين في الوطن العربي، كما لاقت قَبولًا على مستوى العالم، وتحولت لاحقًا إلى فيلم في السينما، وتُصنّف رواية موسم الهجرة إلى الشمال كواحدة من أبرز روايات أدب ما بعد الاستعمار أو ما بعد الكولونيالية، وتتناول علاقة الشرق بالغرب، كما تُعالج نظرة الشرقي إلى الغربي المُستعمِر المختلف، ونظرة الغربي إلى الشرقي القادم من أفريقيا من الصحراء والشمس الحارقة بهوية وأفكار مختلفة.[٣]

وقد جسّد الطيب صالح العلاقة بين الشرق والغرب من خلال شخصية مصطفى سعيد بطل الرواية السوداني المجتهد، والمتميز، والذكي، الذي سافر إلى بريطانيا وعمل في جامعة بريطانية، وقد حاول مصطفى سعيد إثبات رجولته من خلال علاقاته المتعددة مع نساء بريطانيا، ويصور الطيب صالح علاقة مصطفى سعيد بآن همند، وإيزابيلا سيمور، وجين مورس بشكل مفصّل.[٣]

وقد عرض الطيب صالح علاقات مصطفى سعيد النسائية بتفاصيل وإسهاب في محاولة لرصد نقاط الاختلاف والالتقاء بين الشرق والغرب وتوضيح الصورة النمطية التي يحملها كل طرف عن الآخر، حيث ينظر الشرقي إلى الغربي على أنه الغرب المتقدّم المتطور، نساؤه جميلات شقراوات فاتنات، كل ما فيه يوحي بالتجدد، في المقابل يحمل الغرب عن الشرق صورة أخرى تتمثل في ظنهم بأن العربي بعيون سوداء، وبشرة سمراء يعيش في الصحراء بين الجِمال والفيلة، في بلاد متأخرة علميًا وتكنولوجيًا، ولم يغفل الطيب صالح عن ذكر الملامح التي يتميز بها المجتمع السوداني، ويتضح ذلك من خلال الحوارات بين بنت مجذوب، وود الريس، وأهل البيئة السودانية.[٣]

وتجدر الإشارة إلى أن رواية موسم الهجرة إلى الشمال من أكثر الروايات التي نُقدت وكتبت حولها دراسات وأبحاث نقدية في العصر الحديث، وقد رأى عبد الله إبراهيم أن رواية موسم الهجرة إلى الشمال فتحًا روائيًا لمدرسة أدب ما بعد الاستعمار، وقد اتسمت الرواية بالبوح الذي عدّه بعض الدارسين خروجًا عن تابو الأخلاق، وهذا سبب منع تدريسها في بعض الجامعات السودانية، وهناك من رأى أن سبب المنع هو السياسة، وقد اهتم كثير من النقاد والدارسين بإعداد الدراسات النقدية والمقارنة عن الرواية، وتعددت المقالات التي تعرض نبذة عن رواية موسم الهجرة إلى الشمال، وذلك لأهميتها وقيمتها الأدبية، التي أوصلتها إلى العالمية.[٤]

اقتباسات من رواية موسم الهجرة إلى الشمال

أُشير في الفقرة السابقة إلى نبذة عن رواية موسم الهجرة إلى الشمال واتضحت المكانة الأدبية التي حظيت بها الرواية، وقد تراوحت لغة الرواية بين السرد والوصف والحوار، إضافة إلى الحديث مع النفس “المونولوج”، واسترجاع الذكريات “الفلاش باك”، وقد كثرت الجمل التي تصلح لأن تكون اقتباسات جميلة ومعبّرة منها:[٥]

  • “إنني أريد أن آخذ حقي من الحياة عنوة أريد أن أعطي بسخاء، أريد أن يفيض الحب من قلبي فينبع ويثمر، ثمة آفاق كثيرة لا بدّ أن تُزار، ثمة ثمار يجب أن تقطف، كتب كثيرة تقرأ، وصفحات بيضاء في سجل العمر، سأكتب فيها جملاً واضحة بخط جريء”.
  • “يا للسخرية، الإنسان لمجرد أنه خُلِق عند خط الاستواء، بعضُ المجانين يعتبرونه عبداً، وبعضُهم يعتبره إلهاً، أين الاعتدال؟ أين الاستواء؟”.
  • “والكون بماضيه وحاضره ومستقبله اجتمع في نقطة واحدة ليس قبلها ولا بعدها شيء”.
  • “إنني أقرر الآن أنني أختار الحياة، سأحيا لأن ثمة أناس قليلين أحب أن أبقى معهم أطول وقت ممكن، ولأن عليّ واجبات يجب أن أؤديها، لا يعنيني إن كان للحياة معنى أو لم يكن لها معنى، وإذا كنت لا أستطيع أن أغفر فسأحاول أن أنسى، سأحيا بالقوة والمكر”.
  • “أنا الآن، على أي حال، أدرك هذه الحكمة، لكن بذهني فقط، إذ إن عضلاتي تحت جلدي مرنة مطواعة وقلبي متفائل”.
  • “ونظرت إليهم، ثلاثة شيوخ وامرأة شيخة، ضحكوا برهة على حافة القبر، وفي غدٍ يرحلون، غداً يصير الحفيد أبًا والأب جد، وتستمر القافلة”.

المراجع[+]

  1. “ما الأدب؟”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-12-06. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت “من هو الطيب صالح – Tayeb Salih؟”، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-12-06. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت “موسم الهجرة إلى الشمال”، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2019-12-06. بتصرّف.
  4. “«ما بعد الكولونيالية»: البحث عن الزمن المفقود”، www.ida2at.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-12-06. بتصرّف.
  5. “من هو الطيب صالح”، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-12-06. بتصرّف.






اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب