مفهوم الافتراش والتورك في الصلاة

الصلاة

الصلاة هي الركن الثاني من أركان الدِّين الإسلامي، وهي الفريضة التي أنزلها الله على عباده المسلمين، والصلاة هي الدعاء في اللغة، وهي العبادة المخصوصة المبيَّنة أوقاتها في الإسلام،[١] ويُقال عن الرَّجل صلَّى إذا دعا، وفُرضت الصلوات في ليلة الإسراء والمعراج فكانت في بدايتها خمسون صلاة في اليوم والليلة ومن ثم خُفِّفت إلى الخمس صلوات وهي الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، وقد روي أنَّه: “جاء رجُلٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن أهلِ نَجْدٍ ثائرُ الرَّأسِ يُسمَعُ دُويُّ صوتِه ولا يُفقَهُ ما يقولُ حتَّى دنا مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فإذا هو يسأَلُ عنِ الإسلامِ فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: خَمسُ صلواتٍ في اليومِ واللَّيلةِ، قال: هل علَيَّ غيرُهنَّ؟ قال: لا إلَّا أنْ تطَّوَّع”[٢] فكان للصلاة العديد من الضوابط والآداب والسنن، ومن بين تلك السنن جلستي الافتراش و التورك، وفيما يأتي تفصيلٌ وشرحٌ لمفهوم الافتراش والتورك في الصلاة.[٣]

مفهوم الافتراش والتورك في الصلاة

وبعد أن تمَّ التَّعريف بالصلاة في ضوء معجم المعاني وكتاب الجامع لأحكام الصلاة للشيخ محمود عبد اللطيف عويضة، لا بدَّ أن يتمَّ الحديث عن مفهوم الافتراش والتورك في الصلاة والتَّفريق بينهما في ضوء آراء العلماء والأحاديث النبوية، فأمَّا الافتراش فهو واحدٌ من المصطلحات الفقهية التي تدلُّ على افتراش المصلي لرجله اليسرى تحته ونصبه لقدمه اليمنى ويكون ذلك في جلسة التشهد،[٤] والافتراش لا يكون إلا في الصلاة الرباعية؛ وذلك لأنَّ الافتراش يكون في التشهُّد الأخير وبذلك يكون في الصلاة التي فيها أكثر من تشهد، وأمَّا الصلاة الثنائية مثل صلاة الفجر فلا يصح فيها الافتراش،[٥] وأمَّا التَّورك فهو الاعتماد على الورك في الجلوس وهو ما فوق الفخذين ويُقال هذا الرَّجل جلس متورِّكًا أي متكئًا ومستندًا على أحد وركيه، والتَّورك يكون في التَّشهد الأخير بتنحية الرِّجلين وإلصاق المقعدة بالأرض في جلوس الصلاة،[٦] والتَّورك في أصله هو وضع الورك اليمنى على الرجل اليُمنى وتكون أصابعها متجهةً نحو القبلة، وأمَّا وركه اليسرى فتكون ملتصقةً بالأرض والرجل اليسرى خارجةً من اليمين.[٧]

واختلفت أحكام الفقهاء في توقيت الافتراش والتورك وذهب جمهور الفقهاء إلى أنَّ الافتراش سنة عند التشهد الأول في الصلاة الثلاثية أو الرباعية، وأمَّا التَّورُّك فهو مسنونٌ في الصلاة الثلاثية أو الرباعية،[٨] وأمَّا الأحناف فذهبوا إلى التَّفريق بين الرجل والمرأة في كيفية الجلوس، فأمَّا الافتراش فيكون للرَّجل وأمَّا التَّورُّك فيكون للمرأة، وفي ذلك تفصيلٌ لمفهوم الافتراش والتورك وحكمهما، والله في ذلك هو أعلى وأعلم.[٩]

مفهوم جلسة الاستراحة في الصلاة

وبعد أن تمَّ الحديث عن جلسة الافتراش والتورك في الصلاة لا بد من الحديث عن جلسة الاستراحة، وهي الجلسة التي تكون بعد السجود الثاني من كلِّ ركعة، وهي عند المذهب الشافعي سنَّة واستشهدوا على ذلك بحديثٍ مرويٍّ عن مالك بن الحويرث “أنَّه قال: “جاءَنَا مَالِكُ بنُ الحُوَيْرِثِ -في مَسْجِدِنَا هذا- فَقَالَ: إنِّي لَأُصَلِّي بكُمْ وما أُرِيدُ الصَّلَاةَ، أُصَلِّي كيفَ رَأَيْتُ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يُصَلِّي، فَقُلتُ لأبِي قِلَابَةَ: كيفَ كانَ يُصَلِّي؟ قَالَ: مِثْلَ شيخِنَا هذا، قَالَ: وكانَ شيخًا، يَجْلِسُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ، قَبْلَ أنْ يَنْهَضَ في الرَّكْعَةِ الأُولَى.”[١٠] وأما باقي المذاهب -أي الحنفية والمالكية والحنابلة- فقد كرهوها كراهةً تنزيهيَّةً لمن لم يملك عذرًا لفعلها، وفي ذلك تفصيلٌ لمفهوم الافتراش والتورك وجلسة الاستراحة، والله هو أعلى وأعلم.[١١]

المراجع[+]

1. ↑ “الصلاة”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 7-04-2020.
2. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن طلحة بن عبيد الله، الصفحة أو الرقم: 1724، أخرجه في صحيحه.
3. ↑ محمود عبد اللطيف عويضة، الجامع لأحكام الصلاة (الطبعة 1)، صفحة 24، جزء 2.
4. ↑ “الافتراش في الصلاة”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 07-04-2020. بتصرّف.
5. ↑ أسامة علي محمد سليمان، التعليق على العدة شرح العمدة ، موقع على الإنترنت: إسلام ويب، صفحة 13، جزء 14. بتصرّف.
6. ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية في الكويت، الكويت: دار السلاسل، صفحة 148، جزء 14. بتصرّف.
7. ↑ “التورك في الصلاة”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 07-04-2020. بتصرّف.
8. ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية في الكويت (الطبعة 2)، الكويت: السلاسل، صفحة 148، جزء 14. بتصرّف.
9. ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية في الكويت، مصر: دار الصفوة، صفحة 99، جزء 27.
10. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن مالك بن الحويرث، الصفحة أو الرقم: 677، صحيح.
11. ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية في الكويت (الطبعة 1)، مصر: دار الصفوة، صفحة 100، جزء 27. بتصرّف.