مفهوم التطوع

مفهوم التطوع


العمل الصالح

يُعرّف العمل على أنّه: “الجهد الذي يُبذَل في خدمةٍ معيّنة للغير”، لكنْ لا يتعيّن أن يقوم الإنسان بأي عملٍ كان وبغض النظر عن آثاره، إذ إنّ كلّ شخص ملزم بأن يقوم بالعمل المقرون مع المنفعة كالعمل الصالح، ومن فوائد هذا الأخير أن الله تعالى جعله جسرًا للتمكين في الأرض، وجعله سببًا للحصول على الأمن في الدنيا قبل الآخرة، ويعدّ العمل التطوعي نوعًا من أنواع العمل الصالح، وفي هذا المقال سيتم التعرف على مفهوم التطوع، وأهميته، بالإضافة إلى تأثيره على الجانب النفسي للفرد، ومجالات العمل التطوعي.[١]

مفهوم التطوع

يعدّ التطوع من الأعمال الخيرية التي يقوم بها الفرد تجاهَ الغير وتجاه المجتمع، وقد ذكر اللحياني في مفهوم التطوع أنّه: “الجهد الذي يبذله أي إنسان بلا مقابل لمجتمعه بدافع منه للإسهام في تحمّل مسؤولية المؤسسة التي تعمل على تقديم الرعاية الاجتماعية”، وعرف العلي مفهوم التطوع على أنه: “بذل مالي أو عيني أو بدني أو فكري يقدمه المسلم عن رضا وقناعة، بدافع من دينه، دون مقابل بقصد الإسهام في مصالح معتبرة شرعًا، يحتاج إليها قطاع من المسلمين”، ومن الممكن تعرف مفهوم التطوع كالآتي: “شخص يسخر نفسه عن طواعية ودون إكراه أو ضغوط خارجية لمساعدة ومؤازرة الآخرين بقصد القيام بعمل يتطلب الجهد وتعدد القوى في اتجاه واحد”.[٢]

وبالتالي، فإنّ التطوع هو من أمر الله تعالى، يقول الله -سبحانه وتعالى-: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[٣]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[٤]، ويعد العمل التطوعي من صفات الأنبياء جميعهم عليهم السلام، قال تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ}[٥]، وخير الأشخاص من يمتثل لأوامر الله عز وجل، ويقتدي بصفات الرسل عليهم السلام، وهذا هو مفهوم التطوع بإيجاز.[٢]

مجالات العمل التطوعي

بعد معرفة مفهوم التطوع يجب معرفة مجالاته، حيث يدخل العمل التطوعي في العديد من مجالات الحياة المختلفة والمتنوعة، سواء أكانت هذه المجالات اقتصادية أم اجتماعية أم إدارية، فتتنوع المجالات ويبقى العمل التطوعي واحدًا، وفي الآتي مجالات العمل التطوعي:[٦]

  • مجال العبادة: فالمسلم غير مقصورة عبادته على الصلاة والصيام فقط، بل يُضاف إلى تلك العبادات التطوع بالنوافل والسنن.
  • المجالات العلمية: وذلك عن طريق إنشاء المكتبات والمدارس والجامعات وسائر المؤسسات العلمية التي لا تقوم على الربح المالي.
  • المجالات المالية: من الممكن استثمار العمل التطوعي من خلال دفع المال وتقديمه بسخاء من أجل نفع الناس ومساعدتهم.
  • المجالات الحرفية: من خلال التطوع فيما يتقن من أنواع الحرف المفيدة النافعة.
  • المجالات الإدارية: حيث يدخل العمل التطوعي في هذه المجالات بشتى الأنواع، فالإدارة صارت فن وجودة وإتقان، والإداري الناجح في عمله إن تطوع أفاد وقدم الكثير.
  • المجالات الفكرية: وذلك من خلال الآراء الصائبة والنصائح القيمة والخطط الرائدة.

أهمية العمل التطوعي

بعد التطرّق لمفهوم التطوع يجب معرفة أهميته، حيث يعد العمل التطوعي من الأمور العظيمة التي يجب على كل فرد مسلم وغير مسلم التمسّك به؛ وذلك لما فيه من آثار عظيمة تعود على الفرد ذاته وعلى مجتمعه، ومن الممكن تلخيص أهمية العمل التطوعي في الآتي:[٢]

  • العمل التطوعي إيمان صادق بالله: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صل الله عليه وسلم-: “الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ”.[٧]
  • محبة النبي -صل الله عليه وسلم-: عن أبي هريرة رضي الله عنه: “أنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ المَسْجِدَ، أَوْ شَابًّا، فَفَقَدَهَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَسَأَلَ عَنْهَا، أَوْ عنْه، فَقالوا: مَاتَ، قالَ: أَفلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي قالَ: فَكَأنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا، أَوْ أَمْرَهُ، فَقالَ: دُلُّونِي علَى قَبْرِهِ فَدَلُّوهُ، فَصَلَّى عَلَيْهَا”.[٨]
  • وجوب العمل التطوعي: “عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ – قَالَ – تَعْدِلُ بَيْنَ الاِثْنَيْنِ صَدَقَةٌ وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، قَالَ: وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ وَكُلُّ خَطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ وَتُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ”.[٩]
  • من أسباب إعانة الله للعبد: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَن نَفَّسَ عن مُسلِمٍ كُرْبةً من كُرَبِ الدُّنيا، نَفَّسَ اللهُ عنه كُرْبةً من كُرَبِ يومِ القيامةِ، ومَن يسَّرَ على مُعسِرٍ، يسَّرَ اللهُ عليه في الدُّنيا والآخِرةِ، ومَن سَتَرَ على مُسلِمٍ، سَتَرَ اللهُ عليه في الدُّنيا والآخِرةِ، واللهُ في عَونِ العَبدِ ما كان العَبدُ في عَونِ أخيهِ”.[١٠]
  • فيه الخير الكثير: قال تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}.[١١]
  • أفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة: عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ – وَأَحْسِبُهُ قَالَ – وَكَالْقَائِمِ لاَ يَفْتُرُ وَكَالصَّائِمِ لاَ يُفْطِرُ”.[١٢]

تأثير العمل التطوعي على الجانب النفسي للفرد

بعد توضيح مفهوم العمل التطوعي وأهميته، يجب التعرف على أهميته على الجانب النفسي للفرد، حيث يحمل الإنسان بالعادة طاقة هائلة في نفسه، وهذه الطاقة تكون حيوية محايدة تصلح للخير وفي نفس الوقت قد تصلح للشر، كما إنّها تصلح للبناء وتصلح للهدم، والمهم عدم خزن هذه الطاقة بداخل الشخص وعدم تسخيرها لشيء معين، فالحبس داخل النفس مضر بشكلٍ كبير في كيان الإنسان، وبالتالي خير الأعمال لتفريغ هذه الطاقات هي العمل التطوعي، حيث يحرص العمل التطوعي على تفريغ الطاقات عبر مجالاته المختلفة والمتنوعة، فالعمل التطوعي قد يُسهم بمصرف طبيعي لتفريغ الطاقة؛ وهو ما يجعل المتطوع يعيش سكينة النفس، وطمأنينة القلب، ويتنعم بالصحة النفسية؛ فليس ثَمَّةَ طاقة مختزَنة تعكِّر سعادته.[١٣]

المراجع[+]

  1. “ما العمل الصالح؟ “، www.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-11-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت “أهمية العمل التطوعي “، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-11-2019.
  3. سورة المائدة، آية: 2.
  4. سورة الحج، آية: 77.
  5. سورة الأنبياء، آية: 73.
  6. “العمل التطوعي”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-11-2019. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 35، صحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 956، صحيح.
  9. رواه الألباني، في صحيح الجامع ، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 4528، صحيح.
  10. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سنن أبي داود، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 4946، إسناده صحيح.
  11. سورة النساء، آية: 114.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 5353، صحيح.
  13. “العمل التطوعي وأثره في الصحة النفسية”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-11-2019.






اللهم اجعلنا ممن ينشرون العلم ويعملون به واجعله حجه لنا لا علينا

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب