معلومات عن الشيخ سعود الشريم

أئمة الحرم المكي

إنّ للحرم المكّيّ مكانة وقدسيّة عند المسلمين كونه الحرم الذي يضمّ قبلة المسلمين في صلواتهم في الكعبة المشرّفة،[١] وإنّ إمامته لا تنبغي لأيّ مسلم ما لم تتوفّر فيه شروط خاص ّة تجعل منه رجلًا يرتضيه المسلمون للإمامة؛ فقد تناوب عليه منذ فجر الإسلام وإلى اليوم أئمّة كثر، وبعضهم اكتسب لقبًا مُضافًا إلى اسمه بسبب إمامته للحرم، كالإمام الجوينيّ رحمه الله تعالى،[٢] وفي العصر الحديث تناوب على إمامة الحرم أئمّة كثر منهم من ذاع صيته وصار اسمه علَمًا يعرفه القاصي والدّاني، كالشيخ عبد الرحمن السديس، والشيخ محمد علي الصابوني، ومنهم كذلك الشيخ سعود الشريم الذي سيتحدث عنه هذا المقال.[٣]

الشيخ سعود الشريم

الشيخ سعود الشريم الذي ذاع صيته بسبب صوته الشجيّ في قراءة القرآن الكريم، وبسبب إمامته للحرم المكيّ الشريف، واسم الشيخ سعود الشريم هو سعود بن إبراهيم بن محمد الشريم، إمام وخطيب المسجد الحرام في مكّة المكرّمة، من مواليد الرياض سنة 1386هـ، حفظ القرآن صغيرًا وأكمل دراسته العالية في جامعة الإمام محمد بن سعود وتخرّج فيها في كليّة الدّعوة وأصول الدّين، ثمّ تابع بعدها دراسته بالمعهد العالي للقضاء التابع للجامعة نفسها وتخرّج فيه بعد أن حاز على شهادة الماجستير سنة 1413هـ، وتابع أثناء دراسته الجامعيّة تحصيله العلميّ على العلماء في المساجد بالطريقة التّقليديّة كالشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ عبد الله بن جبرين والشيخ عبد العزيز الراجحي وغيرهم.[٤]

ثمّ تابع دراسته بكلية الشريعة التابعة لجامعة أم القرى، ونال فيها درجة الدكتوراه بتقدير امتياز وكانت أطروحته للدكتوراه بعنوان: “المسالك في المناسك” للإمام أبي منصور محمد بن مكرم بن شعبان الكرماني، وهي مخطوط في الفقه المقارن للكرماني، وكان من المناقشين له مفتي المملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، وقد أوصت اللجنة المناقِشة له بطباعة رسالته، وذلك يعني نشرها وتبادلها بين الجامعات التي لها صلة مع تلك الجامعة، وقد عُيّن قاضيًا في بالمحكمة الشرعيّة بمكّة المكرّمة، ثمّ ترك ذلك المنصب بناء على رغبته ليتفرّغ لعمله في الجامعة؛ إذ عُيّن فيما بعد عميدًا لكليّة الشّريعة في جامعة أمّ القرى التي حاز فيها شهادة الدكتوراه.[٥]

جوانب من سيرة الشيخ سعود الشريم

بعد الوقوف مع لمحة عن حياة الشيخ سعود الشريم من حيث نسبه ومسيرته العلميّة بقي أن يُوقف على جوانب من حياته العلميّة والأدبيّة، فقد صدر عام 1412هـ أمر ملك السعوديّة آنذاك الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود القاضي بتعيين الشيخ سعود الشريم إمامًا في الحرم المكّيّ الشّريف، أعقبه مرسوم عام 1414هـ يُخوّل الشّيخ التّدريس في الحرم المكّيّ، وله مؤلّفات عدّة بين التّأليف والتّحقيق، ومنها: “كيفيّة ثبوت النّسب”، و”كرامات الأولياء”، و”المهدي المنتظر عند أهل السنّة والجماعة”، و”المنهاج للمعتمر والحاج”، و”وميض من الحرم”، وكتاب “خالص الجمان تهذيب مناسك الحج من أضواء البيان”، و”أصول الفقه: سؤال وجواب”، و”التحفة المكيّة شرح حائيّة ابن أبي داود العَقَديّة”، وحاشية على لاميّة ابن القيم،[٦] والشيخ سعود الشريم هو شاعرٌ مُجيد له قصائد في نصرة الدين ورثاء العلماء وغير ذلك، وممّا قاله شِعرًا في نصرة أهل أفغانستان وأطفالهم اليتامى وتوضيح رأيه بشأن تحطيم تماثيل بوذا التي يقدّسها أهل الديانة البوذيّة، ويستشهد فيها لصحّة عقيدته وما ذهب إليه بفعل نبيّ الله إبراهيم عليه السلام، وبأفعال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وصحابته في الأصنام، فيقول في قصيدته التي بعنوان ” وانكسر الصّنم”:[٧]قــالـوا لِــمـاذا حـطَّـمُـوا الـتِّـمـثالا؟

إنَّـــا نـــرى هـــذا الـصَّـنـيعَ خــبـالا

قـالـوا لـمـن صــان الـعـقيدةَ إنَّـكُـم

أخــلــفـتُـم الــتّــاريــخَ والأجـــيــالا

وتـتـابـعَـتْ أقــــلامُ أمّـتِـنـا حــمًـى

بــثــقــافــةٍ مـــمـــلــوءةٍ أثــــقـــالا

زادوا الـــقــروحَ يُــعـلِّـلـونَ تَــطَـبُّـبًـا

وأذاقـــنـــا الـمُـتـفَـيـقِـهونَ وبـــــالا

يـسـعَونَ فــي إبـقـاءِ (بـوذا) شـامخًا

نـــصــروا لـــــهُ الآثــــارَ والأطــــلالا

والله مـــا كُــنَّــا نَـــخـــالُ عــيــونـنـا

يــومًـا تـــرى مــن يُـعْـظِمُ الـتِّـمثالا

هَـــلّا تـركـتُـم نــصـرَ بــوذا -ويْـحـكم-

يـكـفـي اكْـتِـتَـابًا -فـيـهِ- واسـتـرسالا

مـن كانَ يسعى جاهدًا في كسرِهِ

قـــالــوا تَــنَــكَّـرَ لـلـجُـمـوعِ ومــــالا

أو مــن يـهـذّ الـشِّـعرَ مـثلي نُـصرَةً

سـيُـقـالُ شـــطَّ -مُـحَـمْـلِقينَ- وغــالا

إنِّي سأُعمِلُ في القصيدِ مشاعري

نَـــصــرًا لــربّــي لا لأرقُــــبَ مــــالا

يـاكـاتـبـينَ عـــن الـتّـمـاثيلِ الــتـي

صــــالَ الــزَّمــانُ بـمِـثـلِـهِنَّ وجـــالا

صــــالَ الــزمــانُ بـمِـثـلِـهِنَّ وجـــالا

تُـحـيِـي الــمَـواتَ وتــوقِـظُ الـجُـهَّالا

ثمّ يقول بعد ذلك في نهاية قصيدته الطويلة:

ولـقد رأَوا فـي الـمُسلمينَ تـجاهُلًا

فــتـجَـرَّعُـوا الإقـــــلالَ والإغـــفــالا

حـتّـى إذا مــا مَــسَّ بــوذا -ويْـحَهُم-

فــاهـت لـــه الأفـــواهُ قـيـلَ وقــالا

مــاذا أقــولُ؟ وفــي الـرِّعـاعِ لـهازمٌ

واخَــجــلَـتَـاهُ نُــعــانِــقُ الأغـــــلالا

واخَــجــلَـتَـاهُ بــمـلْءِ فِـــيَّ أقـولُـهـا

بـالـشِّـعر أهــجـو الــخِـزْيَ والإِذْلالا

حـتّى مـتى تـُعطي الـدَّنيَّةَ أُمَّـتي؟

والــقـيـدُ فــيـهـا مــاثـلٌ سِـلـسَـالا

فـلِأجـلِ مَــن صـرنـا قـطـيعَ حـظيرةٍ

ولأجــلِ مَــن نـبـقى دُمًــى وعِـيالا

هــــذا مــصـيـرُ الـلاهـثـينَ تـخـبُّـطًا

مـــا أبــقَـت الأوجـــاعُ -بَــعـدُ- مـقـالا

هـــذا كــتـابُ اللهِ بــعـضُ نُـصـوصِـهِ

ضَرَبَـت لــنـا فـــي الأنـبـياءِ مِـثـالا

قــومُـوا إلـــى نَـهـجِ الـخـليلِ فـإنَّـهُ

مـــا كــانَ يــرجــو مِــنـحَـةً ونَــــوالا

بــل حـطَّـم الأصـنـامَ غـيرَ كـبيرِهِم

حــتّــى غـــدَت أنـصـابُـهم أوصـــالا

الـرُّسلُ تَحْطِمُ كلّ نُصبٍ في الورى

صــخـرًا يـكـونُ الـنَّـصبُ أو صَـلـصالا

يـدعـو الـجـميعُ إلــى عـبادةِ واحـدٍ

مــاصـدَّهُـم ســــوءٌ يــكــونُ مــــآلا

مـاصـدَّهُـم كــفـرُ الـجـمـيعِ وإنَّـهُـم

قـــــد زَلــزَلُــوا أصـنـامَـهُـم زِلــــزالا

أيـــن الـجـميعُ؟ ألا يَـعُـون مُـحـمَّدًا

بـالـعـودِ جـــزَّ الـنُّـصـبَ أن تـتـعالى

وبـهـدي أحـمدَ فـي الـعبادِ صـحابةً

هــدمـوا مــنـاةً بـالـسُّـيوفِ رِجـــالا

فــاذكــر جــريـرًا إن تُــريـدُ وخــالِـدًا

واذكـــــر عــلـيًّـا شــامِـخًـا وبِــــلالا

مـاكـان فـعـلُ الـكُـلِّ إفـكًـا مُـفـترًى

أو كــــان طــيـفًـا عــابــرًا وخــيــالا

بــل كـان ضـربًا مـن صـميمِ عـقيدةٍ

أضـحَـوا بـهـا فــوقَ الـجـبالِ جِـبـالا

بـذلوا الـنَّفيسَ لـنصرِ شِـرعةِ أحـمدٍ

والــدّيــنُ يـبـقـى لـلـولـيّ تـعـالـى

وهذه القصيدة تُعبّر عن عقيدة الشّيخ تجاه ما حدث وقتها من تحطيم لتماثيل بوذا وموقف العالم من تلك التماثيل، مستشهدًا بفعل الأنبياء والصحابة في تحطيم الأصنام أينما وجدوها، والله أعلم.

المراجع[+]

1. ↑ “الحرم المكي ومضاعفة الأجر فيه”، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-01-2020. بتصرّف.
2. ↑ “الإمام الجويني”، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 31-01-2020. بتصرّف.
3. ↑ “أسماء أئمة المسجد الحرام في العهد السعودي”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-01-2020. بتصرّف.
4. ↑ “الشيخ سعود الشريم”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-01-2020. بتصرّف.
5. ↑ “سعود بن إبراهيم آل شريم”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 31-01-2020. بتصرّف.
6. ↑ “نبذة عن أئمة الحرم السديس والشريم”، www.ahlalhdeeth.com، اطّلع عليه بتاريخ 31-01-2020. بتصرّف.
7. ↑ “قصيدة: وانكسر الصنم”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-01-2020. بتصرّف.